التعليم في عهد الاحتلال السيساوي.. حشيش ومخابرات!

“مصر جاهزة الآن لقيادة الدول المحيطة في الفكر والتعليم”، تصريح متكلف خرج من براثن دماغ عالية على أكتاف الدكتور طارق شوقي، وزير التعليم في حكومة الانقلاب، قابله مقطع فيديو يقطع مواقع السوشيال في سرعة البرق، لمجموعة من الطالبات في أحد الفصول أثناء يوم تعليمي، وهنّ يتبادلن تدخين سيجارة اغلب الظن أنها تحتوي على نوع الحشيش الذي تتعاطاه حكومة الانقلاب وليس وزير التعليم وحده.

وبعد أن كان يزهو ويقول إن رؤية مصر الخاصة بتطوير المنظومة التعليمية لاقت استحسان العالم، عاد “طارق شوقي” منكس الرأس قائلاً: “المدارس في مصر غير مؤهلة لتطبيق نظام التعليم الجديد، ليرد عليه احد النشطاء بالقول:”مش هي دي المنظومة اللي كان العالم منتظرها عشان يسرقها ويطبقها”، ولم تتوقف تصريحات شوقي المضحكة عند انتظار العالم للتجربة المصرية الجديدة في التعليم، وكانت آخر تصريحاته: “العالم ينتظر بدء نظام التعليم الجديد في مصر”!

أما السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي؛ فكعادته في تخصيص الأعوام لقضايا بعينها 2016 عام الشباب, 2017 عام المرأة, 2018 عام ذوي الإعاقة، أعلن أن 2019 سيكون عام التعليم، وتلك عبارة لا يقل فيها تأثير الحشيش عن تصريحات طارق شوقي، وتستعد سلطات الانقلاب لإطلاق النظام التعليمي الجديد في سبتمبر القادم، والذي سيتضمن تعديل نظام الثانوية العامة بإلغاء الامتحان القومي الموحد واستبداله بـ12 امتحانا خلال المرحلة.

اختراق شبيبه السيسي

وفق المؤشر الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2017-2018، حصلت مصر على مراكز متأخرة في جودة التعليم الأساسي والعالي، فمن أصل 137 دولة، نالت مصر المركز 129 في جودة التعليم، و130 في جودة تعليم العلوم والرياضيات، و124 في جودة إدارة المدارس، و119 في توصيل المدارس بالإنترنت، بينما حصلت على المركز 134 من إجمالي 139 في مؤشر جودة التعليم الابتدائي خلال العام 2016-2017.

يقول كمال مغيث الخبير التربوي، إن مصر تحتل المرتبة الأخيرة بين جميع الدول العربية من حيث التنافسية في جودة التعليم وقبل الأخيرة على مستوى العالم، مؤكدًا أن المُعلم الذي يقوم بشرح المناهج للطلاب داخل الفصول، وأمامه أكثر من 80 طفلًا وطالبًا، يتقاضى مبلغ 1500 جنيه، بينما يجلس البعض على المكاتب، ويحصلون على مرتبات تضاهي المليون جنيه، وذلك منذ المخلوع مبارك، موضحًا أن التعليم في مصر تعرض لعملية تدمير ممنهج في زمن العسكر.

 

ووفق مراقبين يبدو نظام التعليم الجديد الذي تسعى إليه سلطات الانقلاب وسيلة جديدة لتكريس ظاهرة أخرى تكتسب بعدا سياسيا لا تعليميا، هي الاعتماد المتنامي في المؤسسات الحكومية على “شبيبة السيسي”، وهم خريجو ما يسمى بـ”البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة”، والذين ينخرطون في الدراسة بالأكاديمية الجديدة لتأهيل الشباب في مدينة أكتوبر، والتي أنشئت منذ عام واحد، وكذلك في أكاديمية الدفاع الوطني التابعة للجيش.

مصادر كشفت أن دائرة السفيه السيسي دفعت بالفعل بنحو 10 من خريجي البرنامج الرئاسي كمساعدين لوزير التعليم ومشرفين على برنامج التطوير، سيختصون بالتنسيق بين الوزارة والجهات الحكومية الداعمة للمشروع، وهي الجيش الذي يتولى الملف اللوجيستي والإنفاق على تصنيع وتوفير الأجهزة وبناء المدارس الجديدة على الطرازين المصري والياباني، ووزارة الاتصالات مديرًا تقنيًا للمشروع، والشركات التي ستتولى صيانة الأجهزة والشبكات المدرسية المرتبطة بالشبكة الأم، وقطاعا المناهج والامتحانات في وزارة التعليم.

وأضافت المصادر أنه في مرحلة تالية سيتولى عدد أكبر من خريجي البرنامج الرئاسي إدارة المدارس التي ستؤسَس على الطراز الياباني بمنحة من طوكيو، فضلا عن الدفع بهم كمساعدين لوزير التعليم لقطاعات مختلفة، باعتبار أن وزارة التعليم ستكون أول وزارة سيتم تمكين شبيبة السفيه السيسي من إدارتها خلال 5 سنوات على سبيل التجربة، بالتوازي مع تعميم التجربة تدريجياً على وزارات أخرى.

المخابرات تدير التعليم

وأوضحت المصادر أن وزير التعليم الذي كان قبل تولّيه الوزارة مديرا لما يسمى بالمجالس التخصصية الاستشارية للرئاسة، وأحد واضعي نظام البرنامج الرئاسي، لا يجد غضاضة في إبعاد كبار الموظفين والتربويين في الوزارة لصالح خريجي البرنامج، تلبية لأهداف السيسي، بإحلال مجموعة من الكوادر التابعة له سياسيًا والمدينة له ودائرته الاستخباراتية الرقابية، بدلاً من الكوادر الوظيفية القديمة التي تكوّن معظمها ودخلت دواوين الوزارات في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وإلى جانب السيطرة الإدارية على الوزارات من خلال الدفع بكوادر شابة مأمونة إلى جانب توسيع سلطات هيئة الرقابة الإدارية داخل الدواوين؛ يسعى السيسي حاليًا إلى الدفع بالمميزين من خريجي البرنامج للعمل في رئاسة الجمهورية وهيئة الاستعلامات، في إطار برنامج لإعادة هيكلتهما، وكمرحلة ثالثة يهدف السيسي إلى توزيع خريجي البرنامج الأقل كفاءة وأصحاب التخصصات غير النادرة للعمل بدواوين المحافظات.

وبحسب المصادر فإن برنامج السفيه السيسي لتأهيل الشباب تقاطع، في الأشهر الأخيرة، مع الدورات العسكرية والإستراتيجية التي يخضع لها المرشحون للعمل في وزارة الخارجية، ومُنحت الأفضلية في التعيينات الجديدة وكذلك في الترقي في الهيئة الدبلوماسية لخريجي البرنامج الرئاسي، الذي بدوره يعطي أولوية الالتحاق للدبلوماسيين الشباب وخريجي كليات السياسة والإعلام والحاصلين على دورات من أكاديمية ناصر العسكرية.

وتكرّس هذه الإجراءات تكوين جيل من القيادات الوسطى في البيروقراطية المصرية استقت تعليماً موحّداً في مرحلة عمرية متقاربة، وأُجيزت أمنياً واستخباراتياً، وتدين بالولاء للسفيه السيسي والمؤسسة العسكرية، بعيداً عن المعارضة أو التفكير النقدي لسياساته، ومن بين المناهج التي يدرسها “شبيبة السيسي” قبل التخرج؛ دراسات عن حروب الجيل الرابع، واستهداف القوى العالمية لمصر، ومكافحة الإرهاب، ومحاربة الإسلام.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...