«6» ردود مفحمة على فتوى شيوخ ابن سلمان بشأن توصيف جريمة قتل خاشقجي

أسس محمد بن سلمان، ولي العهد في بلاد الحرمين، بعد انقلابه على ابن عمه وولي العهد السابق محمد بن نايف منتصف 2017م، عدة تنظيمات من أجل تكريس سلطاته الشمولية: أولا ما يسمى بالذباب الإلكتروني عبر  تجنيد  طائفة من المغردين الإلكترونين، كان هؤلاء المغردون مدفوعين بالمال والتجنيد تارة، وبالشعور بالولاء والانتماء أحيانا أخرى، وشكّل الخيط الناظم لهم بالسير على خط التبرير للسلطة، وتهيئة الشعب السعودي لقبول أي توجه سياسي اجتماعي ثقافي.

التنظيم الثاني هو تشكيل تنظيم من شيوخ السلطة المشهورين، لا دور لهم إلا التسبيح بحمد ولي الأمر وتبرير سقطاته وجرائمه  بالمطلق وإيجاد مخرج شرعي لها حتى لو تطلب الأمر لي النصوص أو تأويلها على غير ما أنزلت ومن هؤلاء عائض القرني وصالح المغامسي ومحمد العريفي وعبدالرحمن السديس إمام الحرم المكي.

وفي أزمة خاشقجي دار هؤلاء المشايخ مع مواقف السلطة حيث دارت، وليس مع الحق حيث دار كما يتوجب عليهم، وهو الأمر الذي أصابنا بحزن كبير إشفاقا على هؤلاء الذين كنا نحبهم ونجلهم ونقدر إسهاماتهم في حقل الدعوة والصحوة الإسلامية، لكن للأسف تنكبوا طريق الحق ودارت بوصلتهم مع السلطان حيث دار حتى لو خالف نصوص الشرع وأحكام الشريعة الغراء.

المغامسي وقتل الخطأ

في الرابع من أكتوبر، وبعد نفي ابن سلمان لوكالة بلومبيرغ اختطاف أو قتل خاشجقي في مبنى قنصلية بلاده وأنه غادر بعد 20 دقيقة من دخوله؛ غرد صالح المغامسي معلقا على هذه التصريحات: «دراية المسئول، وثقة القائم على أمور الدولة، والاعتزاز بالدِّين، والافتخار بالبعد الزمني والمكاني للوطن، ثمّ التغافل عن الجعجعة والهرطقة العارضة لمصلحة أكبر. سلمّك الله يا أبا سلمان».

لكن هذه التطبيل من جانب المغامسي لم يدم طويلا حيث اعترفت السلطة السعودية بقتل خاشقجي في مقر القنصلية كما جاء في الرواية التركية منذ البداية؛ أما وولي العهد؛ فتؤكد الدلائل تورطه بشدة في هذه الجريمة المنكرة؛ فأين هي دراية المسئول وهو نفسه لكي يهرب من جريمة التورط في القتل يدعي أنه كان مغفلا لا يدري شيئا؟!

طاشت كلمات المغامسي ولم يتوقف مع نفسه بعد هذا الاعتراف  يراجع مواقفه ويوجه بوصلته نحو الحق والانتصار للحقيقة والعدالة؛ لكنه للأسف مضى كالحمار يحمل أسفارا  وبقيت بوصلته تدور مع السلطة حيث دارت حتى لو تنكبت الحق وارتكبت أبشع الجرائم التي حرمها  الله في كتابه.

ومع اعتراف السعودية بالجريمة،  ظلت بوصلة المغامسي نحو قبلة السلطة تسبح بحمدها بكرةوعشيا، وفي اتصال هاتفي من قناة العربية أدلى فيه المغامسي برأيه حول مقتل خاشقجي، صرح بأن محمد بن سلمان لم يأمر بقتله، وإنما أراد من بعض رجاله احتجاز خاشقجي ومفاوضته للرجوع إلى بلده، واصفا فعل ابن سلمان بالرسول حينما كان يُرسل قادته. ولم يكتف المغامسي بهذا الحد، وإنما واصل المغامسي تبريره لقتلة خاشقجي أن فعلهم كان مثل فعل خالد بن الوليد حين أخطأ في قتل خالد بن نويرة  في حروب الردة دون إذن من القيادة السياسية!!

استدلال فاسد و6 ردود مفحمة

وبحسب الباحث الإسلامي عصام تليمة فإن توصيف المغامسي للجريمة بالقتل الخطأ هي  محاولة لفتح باب العفو عن القتلة. وفي مقاله “مقتل خاشقجي وتوظيف الدين في تبرير جرائم السلطة!” يقول تليمة: «حاول المغامسي الاستدلال لرأيه، بأن جريمة قتل خاشقجي خطأ وارد، وأنه سبق وقد فعلها خالد بن الوليد رضي الله عنه، في قتل مالك بن نويرة، وآخرين، وعالج أبو بكر الصديق رضي الله عنه خطأ خالد بدفع الدية لأهل مالك، وقد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من خطأ لخالد، فقال: “اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد”، وأن هناك وجه شبه بين فعل خالد، وفعل مجموعة القتلة الذين قتلوا خاشقجي في القنصلية.

وبحسب تليمة “قد وقع المغامسي في أخطاء كبيرة هنا، فأولا: كان خالد بن الوليد في حالة حرب، وهو القائد العام للجيش وقتها، ومالك بن نويرة كان ممن منعوا الزكاة، ولما ناقشه خالد قال له: لماذا لا تدفع الزكاة، فرد عليه مالك وقال: كنا نعطيها لصاحبكم. فقال خالد: أوليس لك بصاحب؟!! وبدت له علامات ارتداد الرجل، وقد أقر أخوه متمم فيما بعد لعمر بن الخطاب بذلك. ولا يقبل في حالة حرب أن يتركه خالد ويكون من خلفه، ولا يأمن جانبه، وخالد عسكري محنك، فقام بقتله. فهل كان خاشقجي مرتدا في حالة حرب يعلنها على السعودية، والقنصلية ساحة حرب، أم كانت ساحة تخليص أوراق رسمية، للمواطن جمال خاشقجي؟!

ثانيا: يخلط المغامسي بين أحكام الحرب وأحكام السلم، فالحرب تقوم على الظن والشك، ووضع الاحتمال الأقرب للحماية، بينما تقوم أحكام السلم على حسن الظن، والخطأ فيها في العفو خير من الخطأ في العقوبة، بينما الحرب الخطأ فيها بهزيمة كبرى لجيش بالكامل، وهو ما لا يتوافر أبدا في حالة خاشقجي. ولذا كان قياس المغامسي هنا قياسا فاسدا، لا يقبل علميا، ولا شرعا.

قتل الغيلة

ثالثا: حالة خاشقجي تسمى في الفقه الإسلامي: قتل الغيلة، أي قتل الغدر، وذلك: أن تعطي إنسانا الأمان، سواء بالقول أو ضمنيا، فيأمن جانبك، ثم تقوم بقتله، وهذا في الشرع الإسلامي عقوبته مغلظة، وسبحان الله هناك فيديو قديم للمغامسي نفسه، يتحدث فيه عن قتل الغدر، وأنه يجب القصاص على القاتل، ولا يقبل في هذه الحالة عفو أولياء الدم، ولا الحاكم، وأن هذا هو مذهب الإمام مالك، وأن محكمة سعودية طبقته، والمغامسي يؤيد هذا الحكم!

رابعا: ينسى المغامسي ومن يبرر من شيوخ السلاطين هذه الجريمة، أنها جريمة تدخل في باب الحق العام، والذي لا يملك فيها أولياء الدم، ولا الحاكم إسقاط العقوبة عن القاتل، مهما كان موقع القتلة، لأن الجريمة التي تروع المجتمع، وتصبح حقا عاما تتحول من حق خاص إلى حق عام للأمة والمجتمع، لا يملك أحد إسقاطه.

خامسا: إن مثل هذه الجرائم تدخل في باب إساءة استخدام السلطة، واستغلال مقومات الأمة والمجتمع في مصالح شخصية، وهنا يعاقب فاعلها عقوبة مغلظة، ولا يقبل فيها العفو، وهو ما يعلمه علم اليقين المغامسي والسديس وكل المشايخ، بل يدرسونه في معاهد القضاء، وكليات الشريعة، ولا يجهله أحد من دارسي الشريعة، صغر أم كبر، لكنها الحيل التي يبحث بها عن مخرج للقاتل، وهو ما لا يقبله الشرع.

سادسا: كنت أتمنى من المشايخ الذين بحثوا عن مبررات لإعفاء من قاموا بقتل خاشقجي من العقاب، أن يصمتوا، فقد كان يسعهم الصمت، فمنذ بداية الأزمة وهم صامتون، وصمتهم وإن كان لا يليق بهم، ولا يحق لهم إلا النطق بكلمة الحق، عملا بقوله تعالى: (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا) الأحزاب: 39. لكن الصمت عن قول الحق، خير من النطق بالباطل، فضلا عن البحث عن مبررات له، تعفيه من العقاب.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...