التسجيلات وثّقت اغتيال خاشقجي.. هل حصل عليها الأتراك من ساعة “أبل” أم بواسطة أجهزة تنصت؟

بعدما أكدت صحف “صباح” و”يني شفق”، وكذا قناة CNN، وديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع Middle East Eye الإخباري، أن المخابرات التركية تملك بالفعل تسجيلا يمثل دليلا قاطعا وموثقا على اغتيال الإعلامي السعودي بقنصلية بلاده، وأن التسجيل الصوتي – الذي تم إطلاع مخابرات دول الناتو عليه- يشير لأن خاشقجي حاول الاستغاثة والصراخ، لكن فريق الاغتيال واصل الاعتداء عليه ثم قام بتخديره وإسقاطه على الأرض، ثم سحبه إلى غرفة ثالثة، وقام بقتله وتقطيع جثته بمنشار عظام، بات السؤال الذي يحير الجميع هو كيف حصلت السلطات التركية على هذا التسجيل؟

الصحف والمصادر التركية ركزت على رواية “ساعة أبل” الخاصة بجمال خاشقجي، والتي تتميز بالقدرة على تسجيل ما يجري بضغط زر، وإرساله عبر تطبيقات تكنولوجية إلى موبيل خاشقجي “آيفون” الذي كان قد تركه مع خطيبته قبل أن يدخل القنصلية.

ولكن خبراء غربيين في تكنولوجيا ساعة أبل، قالوا لوكالة رويترز وCNN وعلى حساباتهم على موقع التواصل إن الساعة “أبل” يمكنها بالفعل أن تسجل ما جري، ولكن المعضلة ونقطة الخلاف هي كيفية نقل هذه التسجيلات والمعلومات من داخل إلى خارج السفارة.

وتوقع هؤلاء الخبراء صعوبة ذلك لعدم وجود إمكانية فنية لاتصال ساعات أبل في تركيا بالهواتف، وقصرها على دول بعينها، مرجحين أن تكون تركيا حصلت على التسجيلات الخاصة بوقوع مشادات وصراخ داخل القنصلية أثناء عملية الاعتداء على الصحفي السعودي واغتياله عبر وسائل تنصت غير شرعية زرعتها داخل القنصلية، وربما هي السبب وراء عدم إعلان تركيا ما بيدها رسميا حتى الآن والاكتفاء بالتسريب للصحف التركية.

ومع هذا لم يستبعد هؤلاء الخبراء إمكانية التحايل لخلق هذه الاتصالات بين الساعة والموبيل الذي تركه خاشقجي مع خطيبته خارج القنصلية، مرجحين أن يكون هذا هو الهدف من ترك خاشقجي هاتفه مع خطيبته كأداة حماية له لكشف ما يحدث معه.

وقال خبير مصري في مجال تكنولوجيا المعلومات إن “التقنيات الإلكترونية الموجودة بساعة خاشقجي من الجيل الثالث، تسمح بتحويل ساعته إلى “ناقل على الهواء مباشرة” لما جرى معه، ورجح أن يكون الصحفي السعودي تأكد من قدرة الساعة على الارسال بالفعل إلى الموبيل لأنه “يضعف تصور مغامرته بالدخول للقنصلية وهو يتوقع خطرا على حياته دون ان يكون قام بتجربة عملية لنقل تسجيلات من ساعته الي موبيله”.

ونستعرض هنا وجهتي نظر الطرفين حول كيفية الحصول على التسجيلات: عبر ساعة أبل جمال خاشقجي، أم عبر وسائل أخرى لا ترغب تركيا في كشفها، وربما تكون اجهزة تنصت موضوعة داخل او قرب القنصلية سجلت الاصوات التي جرت وكشفت الجريمة:

أولا: التسجيل تم من داخل القنصلية بأجهزة تنصت

كان أبرز من شككوا في الرواية الاعلامية التركية هو محلل قناة CNN للشؤون الأمنية والاستخباراتية والعميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA”روبرت باير” الذي استبعد وصول هذه التسجيلات عبر ساعة أبل خاشقجي، ووصف الحديث عن تسريب المعلومات عبر ساعة خاشقجي بأنها “محاولة لتغطية تجسس تركيا على القنصلية السعودية”.

وكانت صحيفة “صباح” التركية، الموالية للحكومة، ذكرت أن خاشقجي شغل وظيفة التسجيل في ساعته الذكية من طراز “أبل” قبل أن يدخل إلى القنصلية، وجرى تسجيل لحظات “التحقيق معه وتعذيبه وقتله عبر ساعة أبل وتم إرسال التسجيل إلى هاتفه وتطبيق iCloud” الذي ينقل التسجيل لهاتف خاشقجي الايفون.

لذلك استبعد “روبرت باير” في حديث مع CNN أن تكون الساعة الذكية للإعلامي السعودي جمال خاشقجي قد نقلت التسجيلات التي تقول المصادر التركية أنها تثبت مقتله بالقنصلية السعودية في إسطنبول.

وقال “باير” الذي عمل سابقا في منطقة الشرق الأوسط، إن خاشقجي كان بعيدا جدا على مدى اتصال “البلوتوث” بين ساعته وهاتفه، مرجحا أن “السلطات التركية كانت قدر زرعت أجهزة تجسس في القنصلية السعودية وبهذه الطريقة عرفوا أن خاشقجي قُتل، “ولكن الأتراك يكرهون الاعتراف بذلك، وتقرير صحيفة “صباح” عن الوصول إلى التسجيلات عبر ساعة خاشقجي هي محاولة تغطية تجسس تركيا على القنصلية السعودية في إسطنبول” بحسب قوله.

الاتصال بالإنترنت مشكلة

لكي تعمل ساعة خاشقجي على نقل التسجيلات التي قام بها – وعلى فرض عدم تجريد خاطفيه داخل القنصلية له من أي متعلقات شخصية كما يجري غالبا في التحقيقات – يجب أن تتصل ساعة خاشقجي بالإنترنت سواء شبكة واي فاي داخل القنصلية أو شبكة خارجية.

أيضا تركيا من الدول التي لا تدعم الاتصال لساعة أبل الا في حالة واحدة وهو اتصال عبر البلوتوث أو الواي فاي.

هنا يرى “جون باكووسكي” محرر شؤون التكنولوجيا والأعمال بموقع “باز فيد نيوز Buzz Feed News، إن ساعة “آبل ووتش” يجب أن تتعرف على كلمة المرور الخاصة بالواي فاي (WiFi) داخل القنصلية لكي تعمل، كما أن هاتفه الذي بحوزة خطيبته يجب أن يتصل بنفس شبكة الواي فاي.

وقال عبر تغريده على حسابه على “تويتر” إن ساعة “آبل ووتش” انه يجب ان تكون المسافة بين ساعة خاشقجي وهاتفه الذي كان مع خطيبته خارج القنصلية، لا يجب أن تزيد عن 30 قدماً (9 أمتار) ونفى ما قالته صحيفة “صباح” أن المحققين السعوديين مع خاشقجي داخل القنصلية حاولوا الدخول على الساعة بعد اكتشاف تسجيلها ما يجري، لمسح التسجيلات عبر بصمة الاصبع، لأن الساعة لا يتم غلقها أو فتحها باستخدام بصمة الإصبع.

عرض الصورة على تويتر

John Paczkowski

@JohnPaczkowski

Pulling together a bunch of earlier tweets on this Apple Watch thing 👇

خدمة اتصال الساعة بالهاتف معطلة في تركيا!

كذلك شكك خبراء تكنولوجيا التقنية بالرواية التركية عن تسجيل ساعة أبل جمال خاشقجي ما جري، وقالوا لـ “رويترز” إنه من غير المرجح أن تسجل الساعة إجراءات داخل السفارة وتحملها إلى حساب على iCloud، اذ تتطلب معظم طرازات الساعة أن تكون في نطاق 30 إلى 50 قدمًا (9 إلى 15 مترًا) من جهاز iPhone مقترنًا بتحميل البيانات على Apple iCloud، على حد قولهم.

وأضاف الخبراء الذين لم تذكر الوكالة أسماءهم: “حتى النماذج الأحدث من الساعة التي يمكنها الاتصال بنظام السحابة iCloud مباشرة عبر اللاسلكي تتطلب إما الاتصال بشبكة Wi-Fi قريبة أو نوع من الاتصال الخلوي غير متوفر في تركيا.

وطالما رجح هؤلاء الخبراء صعوبة وجود اتصال بين ساعة جمال خاشقجي من داخل السفارة وموبيله الذي كان مع خطيبته في الخارج، فقد اعتبروا هذا مؤشر لأن التسجيلات تمت بطريقة اخري من داخل القنصلية مباشرة، وغالبا عبر اجهزة تنصت غير معلنة.

أما معلومة تسجيل الساعة نفسها ما يجري فيؤكدها الجميع وهذا فيديو يوضح كيف يقوم التطبيق على ساعة “أبل” بالتسجيل وحفظ المعلومات:

إذ يقوم هذا التطبيق بضغطة واحدة بالتسجيل والنسخ، وهذا ما فعله خاشقجي الذي كان يخشى من دخوله السفارة ولهذا حرص على توثيق ما يجري عبر الة التسجيل في ساعته.

ويمكن كذلك إخفاء عمل التطبيق في الخلفية رغم قيامه بالتسجيل، وفي هذه الحالة لن ينتبه الأشخاص الذين قاموا باستجواب وتعذيب وقتل الصحافي السعودي إلى أن الأصوات يتم تسجيلها في الخلفية.

ثانيا: التسجيل تم من خارج القنصلية

الترجيح الاخر الذي يؤيده ايضا خبراء تكنولوجيا ببعض التحفظ هو أن تكون ساعة خاشقجي قد نجحت في رفع التسجيل الذي قام به على شبكة الإنترنت وليس جهاز الآيفون المرتبط بالساعة فقط، عبر التحايل بوسائل تقنية على منع “أبل” الاتصال بين ساعاتها والايفون في تركيا.

وأنه قد يكون الصحفي السعودي قد قام بالفعل بمزامنة التسجيل مع iCloud الخاص به، وفي هذه الحالة يمكن الوصول إليه من خلال هاتفه الآيفون المتواجد مع خطيبته خارج القنصلية.

ويقول خبير مصري في تكنولوجيا المعلومات أن مشكلة الاجيال الجديدة من ساعة آبل الذكية Apple Watch ومنها الجيل الثالث الذي كان يرتديه خاشقجي بحسب ما ظهر في تسجيلات سابقة له، لا يسمح بالاتصال بين الساعة والموبيل إلا في دول محددة وفق شبكات هذه الدولة.

ويوضح الخبير المصري أنه لو تم مثلا شراء ساعة أبل من متجر على الإنترنت في الولايات المتحدة أو تشغيله في أي دولة غير الدول التي تُفعل تطبيق LTE من الساعة الذكية فلن يعمل إلا مع الشبكات التي توفرها شركات خدمات المحمول الموجودة في الولايات المتحدة مثلا، ولن تعمل على الصعيد الدولي.

يوضح أن “الجيل الجديد Series 3 من ساعة آبل الذكية لا تدعم التجوال خارج منطقة تغطيةالخ شبكة مزود الخدمة؛ مما يعني أن ميزة التجوال عند السفر من بلد إلى آخر غير معتمدة، وعلى عكس أجهزة آيفون، تدعم طرازات آبل Series 3 عدداً محدوداً من نطاقات وترددات LTE، وهو عامل آخر لا يساهم في وجود دعم لعمل الساعة بين كل البلدان”.

يشير لتوافر نماذج LTE من الساعة الذكية حالياً في: أستراليا وكندا والصين وفرنسا وألمانيا واليابان وبورتوريكو وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وسنغافورة وهونج كونج والمكسيك ولكن دعم هذه الشبكة لا يتوافر في تركيا.

ولكنه يوضح أنه في عالم الانترنت والتكنولوجيا لم يعد هناك شيئا محظورا وان يعض المختصين يقولون إنهم يستخدمون تقنيات فنية للتغلب على هذا المنع من الاتصال في دول مثل تركيا.

وهو ما يؤكده أيضا الخبير في التكنولوجيا “صامويل بورك” على قناة CNN الذي قال إن شركة آبل “ليس ليها اتصال بيانات لساعات أبل في تركيا”، ما يعني صعوبة توفر خدمة الاتصال بين الساعة والهواتف في تركيا، إلا أنه قال إن “هناك طرقا للتحايل على ذلك”، أي أمكانية وجود اتصال بين الساعة والهاتف (الدقيقة 1:30)

Negad El Borai@negadelborai

انا لابس في ايدي ساعه ابل بس هاتعلم بقي ازاي اسجل وارفع علي الاي كلود ما حدش عارف الظروف.

ويشرح الخبير المصري أن هذا النوع الذي كان يرتديه خاشقجي من الساعات، به “شريحة اتصال W2” التي تقدم أداء أفضل بنسبة 85٪ مقارنة بالجيل السابق، مما يعني اتصال أسرع بشبكة الواي فاي.

ومن أبرز مزايا ساعة آبل الجيل الثالث، أنها تتصل بدون هاتف أي ترسل معلومات بشكل مستقل سواء كانت متصلة هاتف ايفون ام لا، حيث تدعم الاتصال عبر LTE ولا حاجة لإضافة شريحة Sim تقليدية للساعة لأنها تحوي (الساعة) شريحة الكترونية، تمكنها من الارتباط بعدة شبكات، لكن حاليا لا تدعم إلا بعض الدول.

ويمكن التعرف على هذه المزايا عبر الفيديو التالي:

ووفقا لمعلومات هذا الفريق من الخبراء من الممكن ترجيح النظرية التي نقلتها الصحف التركية عن مصادر امنية والتي تشير لأنه تم استلام التسجيلات بشأن ما جري مع خاشقجي خارج القنصلية، ولكن عبر وسائل تحايل تقنية عالية للتغلب على صعوبة الاتصال عبر الانترنت بين الساعة بالداخل والموبيل بالخارج.

وتبقي الحقيقة التي يؤكدها الجميع هي ان الصحفي السعودية جري اغتياله بالفعل، ولكن طريقة إخراج تركيا لهذا الاتهام هي التي تعرقل توجيه الاتهام رسميا للمسئولين السعوديين.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...