بعد قتل خاشقجي بوحشية.. هل انتهى عهد “بن سلمان” قبل أن يبدأ؟

اتفق لفيف من المحللين السياسيين على أن جريمة اغتيال الكاتب الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية، يوم الثلاثاء 02 أكتوبر الجاري، سوف تلقي بتداعيات وانعكاسات خطيرة على مستقبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ويرى بعضهم أن هذه الجريمة الوحشية ربما تكون قد أنهت عهد محمد بن سلمان قبل أن يبدأ.

ويعلق الصحفي البريطاني “ديفيد هيرست”، رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، على هذه الجريمة وتداعياتها الراهنة والمتوقعة، مؤكدا أنه “إذا كان موت خاشقجي ضربا من الجنون، فلا بد أن رجلا مجنونا تماما هو الذي أمر بقتله. إنه رجل لا يحكم سلوكه شيء من المنطق، ولا يخضع لشيء من القواعد أو القيود. إنه رجل يتصرف دون خوف من مساءلة أو محاسبة، إنه رجل لا يأمن أحد على نفسه منه”.

ويقول هيرست: إنه “من خلال إطلاع حلفائها الغربيين الليلة الماضية على ما لديها من تسجيلات صوتية ومرئية للحظات المأساوية الأخيرة في حياة جمال خاشقجي؛ تكون تركيا قد ضمنت نتيجة التحقيق قبل حتى أن يبدأ. والسؤال الوحيد الذي يهيمن على عقول السعوديين الآن هو: كيف يمكنهم عزل الملك الوالد عن التداعيات المحتملة لما جرى”.

ويرى هيرست أن “سؤالا واحد يهيمن على تفكير ترامب الآن، وهو: إذا كان محمد بن سلمان قادرا على أن يأمر بارتكاب مثل هذا العمل الفظيع وهو في سن الثالثة والثلاثين، وفقط بعد ستة عشر شهرا من تنصيبه وليا للعهد، إذن ما هو الفعل الأرعن والجنوني الذي سيكون قادرا على الإتيان به عندما يصبح ملكا للبلاد، التي يعود الفضل في قوتها ونفوذها في الخليج، بل وفي المنطق بشكل عام، إلى الجيش الأمريكي؟”.

3 شروط نحو العرش

واعتبر هيرست أنه “لا بد من تحقق ثلاثة أشياء حتى يصبح ولي العهد السعودي ملكا. أما الأول والأهم فهو موافقة البيت الأبيض عليه. وأما الثاني فهو دعم العائلة المالكة له. ويأتي في المرتبة الثالثة وبدرجة أقل أهمية الرأي العام.

وبحسب هيرست، فإن أهم هذه الأشياء على الإطلاق هو موافقة البيت الأبيض. هذا هو الأمر الواقع. ولكن ترامب لن يتدخل في مجريات العملية محليا فيما لو سحب موافقته على أن يصبح ولي العهد ملكا”.

وينتهي هيرست إلى القول: “لم يعد أمام ترامب بعد الكشف عن محتويات التسجيلات الصوتية والمرئية سوى إجراء واحد ووحيد. لا يمكنه بعد الآن السماح لابن سلمان بأن يصعد إلى العرش.. هذا أقل ما يستحقه جمال خاشقجي والأعداد التي لا تحصى من الناس الذين قتلوا أو عذبوا أو سجنوا على أيدي زبانية النظام السعودي”.

التضحية بولي العهد

من جانبه يرى الكاتب البريطاني، ريتشارد سبنسر، في مقالة له نشرتها صحيفة The Times البريطانية، أن مستقبل “بن سلمان” في الحكم بات محل شكوك كبيرة، موضحا أن قائمة مؤيدي السعودية الذين أصبحوا الآن ناقدين علنا مدهشة.

وأوضح أن ما يقوله البعض في الغرف المغلقة أسوأ من ذلك، وأن هناك طريقا واضحا للخروج هو أن تقوم السعودية بتنصيب قائد جديد للبلاد. لذلك فالتضحية بوليّ العهد سوف تُرضي أولئك الذين يرغبون في البقاء في صفِّ الرياض، وما إذا كان أيٌّ من أعدائه داخل العائلة المالكة يملك القوة الدافعة للتحرك ضده، فهذه مسألة أخرى. حيث استُدعي شقيقه الأصغر، الأمير خالد بن سلمان، من واشنطن على ما يبدو لمحاولة التوصُّل إلى حلٍّ وسط لحفظ ماء الوجه.

ولي العهد المارق

من جانبها، خصصت مجلة “إيكونوميست” البريطانية افتتاحية عدد السبت 13 أكتوبر، للحديث عن اختفاء الصحفي جمال خاشقجي، الذي مضى على دخوله قنصلية بلاده ما يزيد على الأسبوع. ولم يره أحد منذ ذلك الوقت.

وتقول الافتتاحية: “لو ظهر أن خاشقجي قتل، سواء كان قصدا أو أثناء محاولة اختطاف فاشلة، فإن هذا سيزيد من تقوية الإحساس بأن ولي العهد والحاكم الفعلي محمد بن سلمان، أصبح شخصا مارقا لا مصلحا، فقد اعتقل آلاف الناشطين، واحتجز رئيس وزراء لبنان سعد الحريري لمدة أسبوعين في تشرين الثاني/ نوفمبر، ووصلت يداه الطويلتان إلى الخارج، ففي آذار/ مارس احتجزت ناشطة نسوية معروفة، وهي لجين الهذلول، في أبو ظبي، ونقلت بسرعة إلى السعودية ومن ثم إلى السجن، وفي أيلول/ سبتمبر، تعرض ناشط سعودي ساخر يقيم في لندن إلى عملية ضرب من أحمقين أرسلا من السعودية لضربه.

وترى المجلة أن “اغتيال ناقد على أرض أجنبية يعد تصعيدا في هذه الموجة الجديدة، فعلى خلاف حكام السعودية في الماضي ممن سمحوا بمساحة من النقاش، وحاولوا التوسط بين المصالح المتنافسة، فإن الأمير محمد يحكم وكأنه الوحيد الذي يملك الأجوبة، فطريقته الفظة في التعامل مع النقد، حتى اللين منه، تغطي على سياساته التي يعجب الناس بها، التي تضم الحد من سلطة الشرطة الدينية، والسماح للمرأة بقيادة السيارة، وتشجيعها على المشاركة في العمل، كما أن نظامه أصبح يشبه ديكتاتورية عربية قومية ليبرالية من الناحية الاجتماعية، لكنها مركزية يسكنها الرهاب وبنيت على الخوف، فإن وعوده بسعودية جديدة متسامحة تتلاشى”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...