أدوا أدواركم.. لماذا تجاهل عبد المحسن سلامة دماء خاشقجي؟

قد لا يكون مقبولا حتى في تلك الفترات التي يتعرض فيها المجتمع للقهر العسكري، أن تمتنع المؤسسات النقابية عن الخوض في القضايا الوطنية والعربية الحساسة، ولو كانت مهنية الجوهر مثل محنة جمال خاشقجي، حرصا من النقابة على استمرار الأدوار المهنية والخدمية، لكن تغييب هذين الدورين أيضا بأبعادهما المختلفة يفتح الباب للتساؤل، عن ماهية الدور النقابي في تصورات بعض النقابيين، وحول صلاحية بعض أعضاء مجلس النقابة بمن فيهم النقيب نفسه.

عبد المحسن سلامة نقيب الصحفيين في عهد الانقلاب، يرفع شعار السمع والطاعة للسفيه عبد الفتاح السيسي، ليس فقط في كارثة مقتل الصحفي السعودي خاشقجي، التي تعامل معها بالتجاهل التام وربما تلك رغبة الأجهزة السيادية التي اختارت له هذا المنصب، بل في كل الكوارث التي يواجهها الصحفيون المصريون في الداخل، فلا صحفي معتقل يجد عونا من النقابة، ولا صحفي مفصول تعسفاً وجبراً يجد من يرفع سقف الظلم المنهار فوق رأسه.

وليس خاشقجي وحده الذي أهدرت دماؤه، ففي مصر تعتقل عصابة الانقلاب رئيس تحرير موقع مصر العربية عادل صبري بعد إغلاق موقعه، وتم إقالة رئيس تحرير جريدة المصري اليوم محمد السيد صالح، والتهمة لكليهما هي نشر أخبار أساءت لمسرحية انتخابات السفيه السيسي الأخيرة.

أدوار للقمع

وفي إطار القمع ذاته، منعت “المصري اليوم” نشر المقال اليومي للكاتب الصحفي المعارض “عبد الناصر سلامة” دون توضيح الأسباب، كما منعت نشر المقال الأسبوعي للفقيه القانوني محمد نور فرحات، الذي كان ينتقد فيه دعوات تعديل دستور الانقلاب المسمى بالنوايا الحسنة، والذي يرغب السفيه السيسي أن يمنحه التعديل البقاء في السلطة إلى الأبد.

وتم اعتقال المصور الصحفي بجريدة الشروق أحمد عبد الجواد، كما ظهر زميله “وجدي خالد” في قسم شرطة القرية الذكية بالجيزة بعد اختفائه، بينما ما زال زميله المصور “عادل عيسى” مختفيا مع تأكيدات باعتقاله، وتم اعتقال “محمد أوكسجين” صاحب مدونة أوكسجين الشهيرة، كما تم اعتقال المصور الصحفي بموقع مصر العربية بلال وجدي ووالده من منزلهما عقب صلاة الجمعة.

وكشف “المرصد العربي لحقوق الإنسان”، عن الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفي “أحمد عبد العزيز”، داخل محبسه في سجن ليمان طرة والتي تمثل أبرزها، في امتناع إدارة السجن عن توفير الرعاية الصحية اللازمة له، وأكد على أن: “ استمرار حبس الصحفي “أحمد عبد العزيز”، وعدم تقديم العلاج له، أو الاستشارة الطبية هو حالة قتل بطيء مع سبق الإصرار “، محملاً سلطات الانقلاب المسؤولية الكاملة عن حياته.

وطبقا لعضو بمجلس النقابة محسوب على الجناح المعارض، فإن نقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة رفض عقد اجتماع طارئ لمجلس النقابة لمناقشة التطورات التي شهدتها الأسرة الصحفية، فيما تحولت النقابة لسكرتارية تابعة لمكتب السفيه السيسي، وأصبح ضابط الأمن الوطني الذي يتابع أعمال النقابة هو المدير الحقيقي لشؤون المهنة، وبات النقيب وسكرتير النقابة لا يتحركان إلا بعد الحصول على تعليماته.

صحفيون في باتا !

هذه الحالة التي تعيشها النقابة أثارت تساؤلات عن تراجع دورها في الدفاع عن الصحفيين، ولو بمجرد التنديد بوقفة تضامن مع دماء الصحفي “خاشقجي” وكيف استطاع السفيه السيسي السيطرة عليها وإدخالها في بيت طاعته، يقول الكاتب الصحفي سليم عزوز أن الانقلاب أدخل كل مؤسسات الدولة ببيت الطاعة، وكان طبيعيا أن تكون النقابة هدفا له، كما كانت هدفا لانقلاب جمال عبد الناصر بعد موقف الجماعة الصحفية المنحاز لعودة الجيش إلى ثكناته في أزمة مارس 1954، ولذلك بعد أن انتصر عبد الناصر في معركته قام بحل مجلس النقابة، وعين الصاغ صلاح سالم نقيبا للصحفيين، ونقل كبار الكتاب للعمل في شركة “باتا” للأحذية!

ويضيف عزوز أنه بعد ثورة يناير 2011 كان مجلس نقابة الصحفيين جزءا من الثورة المضادة ضد الرئيس محمد مرسي، وكان ضياء رشوان نقيب الصحفيين وقتها عراب لحركة تمرد وقام بتقديمها للعسكر، ضمن خطة الانقلاب عن طريق غطاء مدني، رغم أن مرسي حقق حلم الصحفيين وألغى الحبس الاحتياطي في قضايا النشر.

ويشير عزوز إلى أن حرية الصحافة خلال حكم مرسي لم يكن لها سقف، ومع ذلك كان مجلس النقابة من الداعين للانقلاب العسكري، وتحولت النقابة لحزب سياسي، ولذلك كان إسقاط رشوان في أول انتخابات بعد الانقلاب رسالة لا تخطئ دلالتها من عموم الصحفيين، ومن هنا بدأت خطوات تأديب النقابة، التي تم اقتحامها للمرة الأولى في تاريخها لا لشيء، إلا لإهانة النقيب المعارض يحيي قلاش.

ويؤكد أن دعم عصابة الانقلاب ووقوفها خلف عبد المحسن سلامة منافس قلاش في الانتخابات الأخيرة، كان استكمالا لخطتها في السيطرة على النقابة ونزع الدسم منها، وبالفعل تحولت النقابة ذيلا للمجلس الأعلى للإعلام الذي ليس له أي سلطة على النقابة طبقا للقانون والدستور، وبالتالي انتهى الدور التاريخي لنقابة الصحفيين، ولم يعد يزعج مجلسها مصادرة الصحف، أو سجن الصحفيين.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...