تقرير يكشف دوافع السيسي الحقيقية للإسراف في شراء الأسلحة

حينما سئل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن إمكانية  فرض عقوبات على السعودية بحظر بيع الأسلحة لها بعد تورط النظام السعودي في مقتل الكاتب الصحفي جمال خاشقجي، قال ترمب للصحفيين إنه لا يمكن اتخاذ قرار مثل هذا، خاصة وأنه لا يصب في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية.

من جواب ترمب تتجدد الحقيقة، في أن الأنظمة الشمولية التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا، دائما ما تشتري شرعيتها وشرعية وجودها في الحكم رغم جرائمها، عن طريق صفقات الأسلحة، وقد عبر أكثر من زعيم أمريكي وأوروبي عن هذا المعنى، في تعاملاتهم مع دول مثل مصر والسعودية والإمارات. فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حينما سئل في مؤتمر مشترك مع عبد الفتاح السيسي،عن الانتهاكات الحقوقية المصرية التي يقوم بها نظام الانقلاب، أجاب بأنه لن يتدخل في الشأن المصري، ولن يعطي الجنرال المصري دروسا في حقوق الإنسان.

الأمر ذاته حدث مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، حينما سئلت عن نفس السؤال، وغضت الطرف عنه لمجرد صفقات الأسلحة التي عقدها نظام السيسي مع دول مثل فرنسا (الميسترال والرفال)، وألمانيا (غواصات ومحطات توليد الكهرباء)

في حين تعد أمريكا قبلة نظام العسكر في مصر لشراء الأسلحة، والحصول على ا لدعم الدولي في شرعنة جرائم الانقلاب وانتهاكاته الحقوقية، حيث فتحت سلطات الانقلاب خزائن الدولة لشراء الأسلحة ، حتى إنها أصبحت في مصر أكثر الدول تسلحا في العالم.

وقال تقرير صحفي صادر عن معهد ستوكهولم، إنَّ حجم الأموال النقدية التي أنفقتها مصر على الأسلحة هو الأمر الأشدُّ إثارةً للانتباه، في ظل وضعها الاقتصادي الهش وافتقارها إلى خصمٍ تقليدي كبير.

وقال التقرير إن دوافعها لا تنبع من حاجةٍ عسكرية، بقدر ما تنبع من الرغبة في استعادة نفوذ دولةٍ كانت صاحبة نفوذٍ كبير في أنحاء المنطقة. ولكنَّ وضعها الاقتصادي المتواضع ربما يُقيِّد هذا الإنفاق الهائل على الأسلحة في نهاية المطاف.

وذكر أنَّ مصر أصبحت الآن من أكثر الدول تسلحا في العالم ، فهي ثالث أكبر مستوردٍ للأسلحة بعد الهند والمملكة العربية السعودية، حيث زادت واردات مصر من الأسلحة بنسبةٍ هائلة بلغت 215% في السنوات الـ5 الماضية منذ أن أصبح عبد الفتاح السيسي حاكما للبلاد.

وأبرمت سلطات الانقلاب صفقاتٍ كبيرة مع مجموعةٍ متنوعة من المُورِّدين، من بينهم الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا، أسفرت عن امتلاء ترسانة الأسلحة المصرية إلى حدٍّ كبير، حيث لجأت منذ عامين إلى صندوق النقد الدولي، وحصلت على قرضٍ بقيمة 12 مليار دولار، فضلا عن عشرات المليارات من الدولارات التي حصلت عليها سلطات الانقلاب من دول الخليج وقروض أخرى لتمويل عمليات شراء الأسلحة.

وقال التقرير إنه بالرغم من أنَّ زيادة مشتريات مصر من الأسلحة لا تنبع من ضرورةٍ عسكرية، لكن معظم مشترياتها الأخيرة تضمَّنت صواريخ أرض/جو وسُفُناً حربية كبرى غير مناسبة إطلاقاً للقتال في معركة سيناء، فضلا عن إنَّ قلةً من صفقات الأسلحة الأخيرة هي التي تُلبِّي احتياجات الجيش في سيناء، حيث تشن القوات المصرية حملةً باستخدام قدراتٍ ومعدات عسكرية، معظمها كانت موجودة سلفاً؛ بل تعاني القوات المصرية التي تقاتل هناك نقصاً في الموارد. إذ تفتقر المشاة المصرية التي تضطلع بمعظم القتال في سيناء، بشدَّةٍ، إلى دروعٍ جسدية واقية متقدمة ومعدات قتال فردية متطورة، وسط ندرةٍ أكبر في المعدات والتدريبات والإمدادات الفعَّالة.

وأضاف التقرير أنه بالنسبة للمَركبات، ينشر الجيش في سيناء دباباتٍ من طراز M-60A3، تُعَد قديمة وأكثر عُرضةً للتدمير، في حين أنَّ دبابات إم-1 أبرامز، الأكثر تقدُّماً بكثير والأشد تحصيناً، والتي تمتلكها مصر، ما زالت خارج المشهد، كما أنَ مصر لم تشترِ حتى بعض المعدات الأكثر ملاءمةً لمعركتها في سيناء، مثل المَركبات المُدرَّعة المضادة للكمائن والألغام. وبدلاً من ذلك، بدأت الولايات المتحدة مَنح القاهرة التي تعتبر من الدول الأكثر تسلحا في العالم المئات من هذه المركبات مجاناً أوائل عام 2016، في إطار برنامج التبرع بالعتاد العسكري الفائض عن الحاجة والذي أطلقته وزارة الدفاع الأمريكية.

وأكد تقرير ستوكهولهم أن الزيادة الهائلة في مشتريات الأسلحة بمصر كواحدة من أكثر الدول تسلحا في العالم، لا تنبع من حاجةٍ مُلِحّة لردع خصومٍ تقليديين رئيسيين. فباستثناء إسرائيل والمملكة العربية السعودية، لا يقترب أيٌّ من جيران مصر المباشرين من مضاهاة القوة العسكرية المصرية. ولا تُشكِّل المملكة العربية السعودية تهديداً عسكرياً حقيقياً، لا سيما أنَّ المملكة قدَّمت مساعدات اقتصادية كبيرة لمصر من أجل دعم السيسي، كما تحسَّنت علاقات مصر مع إسرائيل بوضوح في عهد السيسي، حتى إنَّ إسرائيل تُقدِّم مساعدة غير مباشرة لمصر في عملياتها بسيناء.

وكشف التقرير أن هناك عوامل جيوسياسية أكبر من مُجرَّد حاجةٍ عسكرية، جعلها تُنفق أموالاً طائلة للحصول على أسلحةٍ بالغة التطور، مثل السفن الهجومية البرمائية العملاقة من طراز ميسترال؛ لتسليط الضوء مرةً أخرى على قوتها العسكرية ونفوذها، فضلاً عن أنَّ قرار مصر البحث عن مورِّدين من أماكن متنوعة ليس قراراً عارضاً؛ لأنَّ البلاد لطالما كانت تُكِنُّ مخاوف إزاء الاعتماد المُفرِط على مورِّد أجنبي واحد مثل الولايات المتحدة، التي ورَّدت معظم المعدات العسكرية العملاقة في الشرق الأوسط منذ اتفاقية كامب ديفيد التي أبرِمَت في عام 1978.

وأوضح أنَّ تكلفة شراء مزيدٍ من الأسلحة من مورِّدين مختلفين، يجعل القوات لا تضطُّر إلى التأقلم على خليطٍ مُعقَّدٍ غير متجانس من المعدات. ومن ثَمَّ، تفرض ترسانة مصر شديدة التنوع قيوداً كبيرة على قواتها العسكرية. فعلى سبيل المثال، تستخدم قوات الدفاع الجوي المصرية بطاريات صواريخ أرض-جو واردة من الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا، وجميع البطاريات تُمثِّل منصاتٍ شديدة الاختلاف، ما يزيد من صعوبة تدريب القوات في الفرع نفسه على مختلف المعدات.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنَّ عدد سكان مصر سيبلغ 150 مليون نسمة بحلول عام 2050، و200 مليون نسمة بحلول عام 2100.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...