لماذا يلعب ترامب مع السعودية دور “هولاكو” بغداد؟

تحكي الرواية التاريخية أنه يوم أن دخل هولاكو بغداد، قتل العلماء والتجار والقضاة وقال لجنوده ابقوا المستعصم حيا حتى يدلنا على أماكن كنوزه، وذهب المستعصم معهم و دلهم على مخابئ الذهب و الفضة و النفائس و كل المقتنيات الثمينة في داخل و خارج قصوره ومنها ما كان يستحيل أن يصل إليه المغول بدونه حتى انه أرشدهم إلى نهر مطمور من الذهب المتجمد لا يعلم احد بمكانه، فقال له هولاكو لو كنت أعطيت هذا المال لجنودك لكانوا حموك مني.

لم يبك المستعصم على الكنوز والأموال و لكنه بكي حين أخذ هولاكو يستعرض الجواري الحسان وعددهن 700 زوجة وسرية وألف خادمة وأخذ الخليفة يتضرع إلى هولاكو قائلا ” مُنّ على بأهل حرمي اللائي لم تطلع عليهن الشمس والقمر “، ضحك هولاكو من قول المستعصم و أمر أن يضعوه في شوال (كيس من الخيش) ثم يضربه الجنود ركلا بالأقدام حتى الموت.

 

هولاكو جديد

يقول المؤرخون أن ما جمعه بنو العباس في خمسة قرون أخذه هولاكو في ليلة، وسيقول المؤرخون ما كان يكفى الأمة العربية لعدة قرون أخذه ترامب في ليلة واحدة، ولو أنفقت الأنظمة العربية كل هذه الأموال على التعليم والبحث العلمي ومساندة بعضها البعض لكانت أقوى الأمم.

وما أشبه اليوم بالبارحة، ففي ردود غريبة من نوعها، دافع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فيما يتعلق بتصريحات للأخير اشتملت على عبارات تحذيرية للعاهل السعودي، كانت أقرب إلى التهديد؛ وابتزاز المملكة من أجل استحصال أموال منها.

ونقلت وسائل إعلام غربية، مؤخراً، تصريحات لترامب، في أثناء إلقائه خطاباً جماهيرياً بولاية أمريكية، قال فيها: “حذّرت الملك سلمان بن عبد العزيز، بأنه لن يبقى في السلطة أسبوعين” دون الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية، مطالباً إياه بدفع المال مقابل الحماية.

وعاد الرئيس الأمريكي مكرراً الحديث، في تجمُّع جماهيري آخر، مشيراً إلى أنه طلب من الملك سلمان أن يدفع لأمريكا المال، وأن الأخير فوجئ بذلك، لكنه لم يرفض، وأكد ترامب وهو يتحدث من موقع قوة، أن الملك سلمان سيدفع لبلاده، وفي مقابلة مع وكالة “بلومبيرج” الأمريكية، نشرتها مساء الجمعة الماضي، على موقعها الإلكتروني، ردَّ من خلالها الأمير السعودي على أسئلة تتعلق بتصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة، وكان واضحا أن ترامب لوَّح فيها بفض شراكة طويلة العهد بين بلاده والمملكة إن لم يدفع الملك سلمان في مقابل بقاء هذه العلاقة، على الرغم من مبالغ طائلة أنفقتها الرياض لشراء أسلحة أمريكية خلال عام واحد.

بقرة آل سعود

ويبدو أن الرئيس الأمريكي لم يكتفِ بحصول بلاده على 460 مليار دولار من المملكة العربية السعودية خلال زيارته إياها في 20 مايو 2017، ليخرج عبر خطابات إعلامية سيطرت عليها لغة الابتزاز والتهديد للسعودية وملكها، مطالبا إياه بالدفع مقابل توفير الحماية.

وتعكس تصريحات ترامب المتواصلة منذ أيام حجم الابتزاز الذي تتعرض له السعودية، وصورة العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة القائمة على المصلحة المتبادلة بين البلدين بمنظورها السلبي، وللمرة الثالثة أكد ترامب، في تصريح له اليوم الجمعة، أن على السعودية وهي الدولة التي تحميها الولايات المتحدة أن تدفع مقابل ذلك.

ووصلت لغة التعالي الأمريكية ضد السعودية إلى تحذير ترامب الملك سلمان، من خلال القول: إنه “لن يبقى الملك في السلطة أسبوعين دون الدعم العسكري للولايات المتحدة”، ونقلت وكالة رويترز عن ترامب قوله أمام حشد في ساوثهافن بمسيسيبي قبل يومين: “نحن نحمي السعودية، ويمكننا القول إنهم أثرياء، وأنا أحب الملك سلمان، ولكنني قلت: نحن نحميكم مقابل أن تدفع تكاليف جيشنا”.

ولم يتعرض أي حاكم عربي على مدار التاريخ لإهانة من قبل رئيس أمريكي، مثل التي أصابت الملك سلمان، إذ تعتبر هذه اللغة من ترامب أكثر إحراجا لدولة تعتبر نفسها حليفة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وبعيدا عن الود المتبادل بين أمريكا والسعودية، حاليا، إلا أن هناك تاريخ طويل من الإهانات وجهها ترامب للسعودية.

أغلبها كانت اهانات مشغولة بالوضع الاقتصادي للسعودية، باعتبارها الدولة الغنية التي لا تدفع ثمن حمايتها، والمفارقة أن الزيارة الأولى لترامب هي للسعودية ووقع خلالها اتفاقيات مشتركة قيمتها 280 مليار دولار، بالإضافة إلى 110 مليار دولار صفقات سلاح، وسبق أن تحدّث ترامب بهذه اللهجة وطالب السعودية مرارا بالدفع لبلاده في مقابل حمايتها، وكان في أثناء حملته الانتخابية، عام 2016، وصف المملكة بـ”البقرة الحلوب”، ليعود لابتزازها مالياً مجدّداً من باب الخدمات العسكرية.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...