لهذه الأسباب.. لن ينجح “بن سلمان” في الهروب من جريمة قتل “خاشقجي”

“هل ينجح محمد بن سلمان في الإفلات من جريمة قتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي؟”.. سؤال يطرح نفسه بقوة على الساحة التركية والدولية، عقب الإعلان عن تصفية خاشقجي عقب دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول، الثلاثاء الماضي، لإنهاء بعض الإجراءات.

ويرى مراقبون أن الموقف التركي المبدئي من هذه الجريمة يكشف تمسك السلطات التركية بالتوصل إلى الحقيقة دون التستر عليها تحت ادعاءات “الحصانة الدبلوماسية للقنصلية السعودية”، مشيرين إلى أن التحقيق الرسمي الذي أعلنته تركيا سيكشف المزيد من الحقائق خلال الفترة المقبلة.

ويؤكد المراقبون أن تصريحات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في مقابلته مع وكالة “Bloomberg” الأمريكية، قبل يوم من الإعلان عن تصفية “خاشقجي”، تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك تورطه بشكل مباشر في جريمة الاغتيال، متسائلين: هل يعقل أن تتم جريمة بهذا الحجم وداخل قنصلية سعودية دون علم محمد بن سلمان؟ وهل يجرؤ القنصل أو السفير السعودي على اتخاذ قرار خطير مثل هذا دون العودة للجهات العليا بالمملكة، خاصة وأن القرار سيكون له عواقب دبلوماسية خطيرة على علاقات المملكة مع تركيا ومع كافة دول العالم؟.

إصرار تركيا على عدم إفلات القتلة من العقاب، ظهر فى دخول الرئاسة التركية على خط الأزمة منذ بدايتها، وإعلان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، عن أن المعلومات المتوفرة لدى أنقرة تفيد بأن خاشقجي لا يزال داخل القنصلية، بخلاف الرواية السعودية التي حاولت نفي وجوده داخلها.

القرار التركي

ويرى مراقبون أن القرار التركي يؤكد إصرار السلطات التركية على التوصل إلى الحقيقة، وعدم اقتناعها بالرواية الرسمية السعودية؛ خاصة وأن اختفاء شخصية بحجم “خاشقجي” بهذه الطريقة على الأراضي التركية يمثل ضربة قوية للجانب التركي، ويمنح فرصة للمغرضين للتشكيك في قدرته على تأمين ضيوفه.

هذا الإصرار التركي تجلى في تعميق التحقيقات للوصول إلى الحقيقة، حيث كشفت مصادر أمنية تركية عن تفاصيل جديدة في جريمة اختفاء خاشقجي، ونقلت وكالة الأناضول عن تلك المصادر قولها، إن 15 سعوديا بينهم مسئولون وصلوا إسطنبول بطائرتين، ودخلوا القنصلية بالتزامن مع وجود خاشقجي قبل العودة للبلدان التي قدموا منها.

فيما صرح ياسين أقطاي، مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية، بأن دخول خاشقجي للقنصلية السعودية واضح، وفقا للكاميرات، ولكن لا يوجد أي مؤشر على خروجه منها، معتبرا ما جرى بحق خاشقجي جريمة يجب أن يحاكم المتسببون فيها، واعتبر أن ما عرضه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في هذا الشأن “غير مقنع”.

قضية رأي عام

إصرار تركيا على التوصل إلى الحقيقة في قضية “خاشقجي” يكمن أيضا في تحول قضيته إلى “قضية رأي عام” على الصعيد الدولي، حتى قبل الإعلان عن مقتله داخل القنصلية السعودية، حيث شهدت الأيام الماضية تسليط كبرى الصحف العالمية الضوء على الواقعة. وكتبت صحيفة واشنطن بوست- التي كان يكتب خاشقجي في صفحاتها المخصصة للرأي في افتتاحيتها- مقالا بعنوان “أين جمال خاشقجي؟”، أكدت قلقها من قصة اختفائه الغامضة، وبالنسبة للصحيفة، فإن “خاشقجي ليس مجرد كاتب مقال رأي، فهو بحكم مسيرته المهنية يملك علاقات قريبة مع العائلة المالكة، ويعرف أكثر من غيره كيف يفكرون ويعملون”.

واعتبرت الصحيفة أن “نقد خاشقجي أغضب ولي العهد محمد بن سلمان الذي قام بحملة واسعة النطاق لإسكات المعارضة أثناء محاولته “تحديث المملكة”، وذكّرت واشنطن بوست بما كتبه خاشقجي في سبتمبر 2017: “لقد تركت بيتي وعائلتي وعملي، وأنا أرفع صوتي عاليا؛ أن أفعل خلاف ذلك يعتبر خيانة لأولئك الذين يقبعون في السجن، يمكنني التحدث عندما لا يستطيع الكثيرون ذلك”.

وأضافت “لقد كان ولي العهد يبشر في جميع أنحاء الولايات المتحدة برؤيته لمجتمع سعودي أكثر حداثة، يكسر القوانين والممارسات الدينية القديمة، وينفتح على الترفيه والاستثمار الأجنبي. إذا كان ملتزما حقا بهذا الأمر، فإنه سيرحب بالنقد البناء من جانب مواطنين مثل السيد خاشقجي، وسيبذل كل ما في وسعه لضمان أن يكون حرا وقادرا على مواصلة عمله”.

عمل فظيع

من جانبه قال مدير تحرير صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، فريد هيات: “لو كانت أنباء مقتل جمال صحيحة، فهذا عمل فظيع، ولا يمكن تصوره”.

وأضاف “هيات”، في تصريحات صحفية اليوم الأحد، أن “خاشقجي كان صحفيا شجاعا، ونأمل أن يكون كذلك في الوقت الحالي، وكان يكتب بحب عميق لبلده، ولكرامة وحرية الإنسان، وكان يحظى باحترام في بلده والشرق الأوسط والعالم، وكُنا نشعر بفخر كبير لنشر كتاباته”.

وفي نيويورك تايمز، طالب مجلس التحرير- في مقال افتتاحي بعنوان “جمال خاشقجي”- الجميع برفع أصواتهم، قائلة “ارفعوا أصواتكم عاليا حتى يسمعها الجميع، بمن في ذلك المصلح المستبد”، أما صحيفة الجارديان، فقد أكدت في مقالها الافتتاحي أن “ابن سلمان لا يحبذ على الإطلاق الانتقادات التي توجه إليه من الخارج، وهذا ما جعله يهاجم كندا التي انتقدت انتهاكات حقوق الإنسان، لكن هذا لا ينبغي أن يثني الآخرين عن قول كلمتهم الآن”، مؤكدة تقديرها لشجاعته”.

قطيعة كاملة

أما صحيفة لومانيتيه الفرنسية، فقد كتبت مقالا بعنوان “رجل اليوم.. جمال خاشقجي”، استعادت فيه قصة اختفائه الغريبة في تركيا، مشيرة إلى نقده الشديد للسياسة السعودية، كما أوردت مجلة “لونوفيل أوبسرفاتور” ملابسات قضية الصحفي السعودي في تقرير بعنوان “غموض يلف اختفاء صحفي سعودي ينتقد محمد بن سلمان في تركيا”، وأشارت إلى بعض المضايقات التي تعرض لها، مستشهدة بالمقال الذي كتبه لواشنطن بوست في سبتمبر 2017.

من جانبه، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي “كريس مورفي” في تغريدة له على حسابه بموقع تويتر: “ينبغي أن تنتهي علاقاتنا مع المملكة العربية السعودية بقطيعة كاملة في حال كان خبر قيام السعوديين باستدراج شخص يعيش بالولايات المتحدة إلى قنصليتهم وقتله هناك”.

وعمل خاشقجي رئيسا لتحرير صحيفة “الوطن” السعودية، كما تولى منصب مستشار للأمير تركي الفيصل، السفير السعودي السابق لدى واشنطن، لكنه غادر البلاد بعد تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد، ويقيم الصحفي السعودي المعارض في الولايات المتحدة منذ أكثر من عام، ومنذ ذلك الحين كتب مقالات في صحيفة “واشنطن بوست” تنتقد السياسات السعودية تجاه قطر وكندا والحرب في اليمن وتعامل السلطة مع الإعلام والنشطاء.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...