تطورات قرض صندوق النقد لمصر الموقف القانوني والشروط الواجبة للحصول على باقي شرائحه

يستعرض هذا التقرير المماحكات التي جرت في البرلمان قبل الموافقة على قرض صندوق النقد الدولي في البرلمان، ومناقشة حول أسباب تأخر الدفعة الثانية من قرض الصندوق والتي يتوقع أن تستأنف خلال الشهور التالية.

أولا: الموقف القانوني من القرض:

أودعت الحكومة القروض التي تحصل عليها من صندوق النقد والبنك الدوليين في حساب خاص ولا تقوم بعدم إدخالها في الموازنة لأنه وفقا لنص المادة 27 من الدستور والتي تنص على عدم تمرير أي اتفاقيات يترتب عليها التزامات مالية إلا بعد موافقة مجلس النواب.

في البداية، كان هناك اعتراض نيابي على تكتم الحكومة بخصوص تفاصيل القرض وإخفاء شروطه، ما جعلهم يعتبرونها ستكون قاسية على المواطنين، لأن مثل التسهيلات التي تقوم بها المؤسسات الدولية، لن تكون مجانية، وستأتي بناء على اتفاق مع الحكومة على حزمة من الإجراءات المالية والاقتصادية المجحفة.

بدأت نقاشات البرلمان لقرض صندوق النقد الدولي خلال شهر مارس من هذا العام، بعد أن حولتها الحكومة له كي يبت فيها، رغم أن الشريحة الأولى تم صرفها في نوفمبر من العام الماضي.

بدأت جولة القرض برلمانيا باللجنة التشريعية، التي رأت بإجماع الآراء –في أول الأمر- أن اتفاقية القرض غير دستورية لمخالفتها نص المادة 127 من الدستور، والتي تشترط موافقة البرلمان عليها وليس عرضها فقط، بالإضافة إلى أن ما عُرض عليها كان عبارة عن مذكرة من 3 ورقات تحتوي على خطاب من الأمين العام للعرض على رئيس المجلس والثانية خطاب من رئيس الوزراء لرئيس المجلس وقرار رئيس الجمهورية الخاص بالاتفاقية ومذكرة إيضاحية لوزير الخارجية سامح شكرى، وتسلمت اللجنة المذكرة قبل أسبوع من نقاشها، أي بعد أشهر من تسلم الحكومة للدفعة الأولى من القرض.

يضاف إلى أسباب رفض اللجنة أن البرلمان كون أعضائه وكلاء عن الشعب، يجب أن يعرف تفاصيل الاتفاقية وشروطها، لأن الشعب هو من سيدفع قيمة القرض، وكان هناك انتقاد أن الحكومة كانت تخشى نشر الاتفاقية، وهذا غير منطقي لأنه إن كانت الإجراءات إصلاحية وتهدف للمصلحة العامة، فلم يعترض عليها أحد، لكن هذا لم يحدث، فالإجراءات ستؤثر سلبا على الحياة العامة، ثم اتخذت اللجنة قرارا بتأجيل النقاش لحين حضور الحكومة للاستماع لمبرراتها في صرف الدفعة الأولى من القرض قبل موافقة البرلمان.

وفي الاجتماع التالي للجنة، تمت الموافقة على القرض من حيث الشكل، وذلك بعدد 31 نائبا من أصل 49 نائبا، ورفض 4 نواب وامتنع نائبان، على أن تتحول الاتفاقية للجنة المختصة، واستندت اللجنة في الموافقة إلى المادة 151 من الدستور التى تعطى الحق لرئيس الجمهورية تمثيل الدولة فى إقرار المعاهدات، والمادة 197 من اللائحة الداخلية للبرلمان التى تنظم إحالة رئيس الجمهورية للمعاهدات إلى البرلمان، وبهذا تم تمرير الاتفاقية من الناحية الدستورية والتشريعية في البرلمان.

وحين تحول الأمر للجنة الاقتصادية كونها اللجنة المختصة، ارتأت أن اتفاقية القرض لا تواجه اعتراضات برلمانية وفقا لتصريح وكيل اللجنة “عمرو الجوهري”- وأن الحديث يدور على الرقابة على الحكومة فيما يتعلق بتنفيذ شروط الاتفاقية، وخاصة فيما يتعلق بتوفير شبكة حماية اجتماعية لمحدودي الدخل.

وأثناء عرض الاتفاقية على الجلسة العامة يوم 27 مارس، وافق النواب عليها، على أن يتم إرسالها لرئيس الجمهورية للتصديق عليها.

أما بخصوص ردود وزير المالية “عمرو الجارحي” أثناء حضوره للنقاشات البرلمانية ورده على أسئلة النواب، فأوضح أن الصندوق لم يكن ليوافق على القرض لولا ثقته بالاقتصاد المصري، نافيا تجاهل الحكومة للبرلمان، وأكد أن الأمر لا يرقي ليكون اتفاقية تستلزم موافقة البرلمان، وإنما هو عبارة عن اتفاق لتسهيل مالي لتمويل البرنامج الإصلاحي وافق عليه الصندوق بناء على طلب قدمته مصر كونها أحد المساهمين في الصندوق، أي أنه حق من حقوقها، وأن هذا التسهيل سيسدد على عشر سنوات بفائدة 1.6%، وهذا ما أيده فيه رئيس مجلس النواب “علي عبد العال”، إذ أكد أن هناك فرقا بين تمويل البرامج الإصلاحية وبين الحصول على قرض، فكان أمام مصر في ظروفها الاقتصادية الصعبة حلين، إما أن تلجأ للاقتراض بفوائد مرتفعة، أو أن تحصل على تمويل لبرنامج إصلاحي مثلما فعلت أوروبا الشرقية.

المجلس وُضع في موقف محرج، فرغم قدرته على رفض الاتفاقية لمخالفتها الدستورية، أو يؤجل مناقشتها، إلا أنه لم يملك إلا الموافقة لعدم الإضرار بسمعة مصر دوليا، أو يعرضها لهزة اقتصادية.

ثانيا: الشروط التي سيراجعها للصندوق للحصول على باقي شرائح القرض: سر التأخير

كان من المفترض وفقا للجدول الزمني الموضوع للقرض أن تحصل مصر على الشرائح الجديدة من القرض عقب خمس مراجعات يقيمها فريق من الصندوق، وكان 15 مارس 2017 موعد المراجعة للحصول على الدفعة الثانية من الشريحة الأولى من القرض المقدرة بقيمة 1.25 مليار دولار.

لكن خرج وزير المالية بتصريح قال فيه أن البلاد ستستقبل وفدا من الصندوق أواخر إبريل لإجراء مراجعات لما يتم في برنامج الإصلاح الاقتصادي.

أما عن سبب تأخير زيارة بعثة الصندوق لإجراء المراجعة الأولى، فالأمر يرجع إلى أن هناك التزامات على الحكومة المصرية لم تنفذها، ومنها زيادة أسعار الوقود ورفع الدعم عنها وفرض ضريبة الدمغة بالبورصة والبدء الجادي في برنامج الخصخصة عن طريق الشركات في البورصة لخفض عجز الموازنة، وإقرار قانون الاستثمار

وبالفعل، بدأت الحكومة تنفيذه بطرح وقيد أسهم بنك القاهرة بجداول البورصة وبرأسمال 2.25 مليار جنيه، بقيمة للسهم 4 جنيهات، في شهر فبراير الماضي، كما تم الموافقة على طرح حصص من شركة إنبى للبترول في البورصة.

ومن جانب آخر، هناك من يرى أن الالتزامات المرحلية تحققت لكن الحكومة المصرية تعمل على إعداد التقرير الخاص بذلك، وهذا يستغرق من 6 إلى 8 أسابيع. لكن وزير المالية خلال لقاء له في الغرفة الأمريكية أوضح أن التأخير عائد إلى أن الحكومة المصرية تعكف حاليا على إعداد الموازنة العامة الجديدة لعرضها على البرلمان، وبالتالي ليس هناك وقت للتركيز في ملفات أخرى.

ويرى بعض المحللين أن الحكومة مضطرة لتنفيذ كل الشروط التي يتطلبها الصندوق، من ناحية لأنها تفتقد المساندة السعودية بفعل الأزمة السياسية الأخيرة، وتأخير اتفاق البترول الذي أُعلن عنه مسبقا مع العراق، والذي كان سيوفر لمصر احتياجاتها البترولية كاملة، ومن ناحية أخرى، لا تريد الحكومة المصرية إثارة سخط المؤسسات الدولية التي تسير خلف الصندوق وآرائه عن الاقتصاد المصري، وذلك لأن الدفعة الأولى التي حصلت عليها مصر كانت مقابل حصة مصر في الصندوق، لكن الدفعات القادمة ستكون من حصص الدول الأعضاء في الصندوق، لذلك ستكون إجراءات المراجعة حازمة ودقيقة وقد تصل إلى الإجحاف.

فهناك تحذير من تداعيات خطة التقشف التي ترغب فيها الحكومة ورفع الدعم، كجزء من تنفيذ اشتراطات الصندوق، لما لذلك من تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية، وخاصة على الفئات ذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة، لأنهم لن يتحملوا الآثار السلبية لتلك الخطة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...