“انتوا بتعملوا هشتاج ارحل يا سيسي”.. مع من يتحدث الجنرال؟

من يخاطب السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي عندما يقول “أنتوا بتعملوا هشتاج ارحل يا سيسي ومش عايزيني أزعل؟!”، مؤكد أنه يخاطب مؤيدي الانقلاب وليس خصومه الرافضين لانتهاك الحرية والكرامة، لأن الكلام يحمل صيغة العتاب، وهو أمر يعني بكل الوضوح بأنه أصبح على يقين من أنه لم يعد مرغوبا في وجوده من الطرفين المؤيدين والخصوم على حد سواء!

وفي وقت سابق نظم عدد من مؤيدي الانقلاب، المعروفين باسم “المواطنون الشرفاء”، ممن تستأجرهم سلطات العسكر؛ مظاهرة غير مسبوقة، احتجاجا فيها على غلاء الأسعار، شكوا فيها من أن “العيشة أصبحت نارا”، وفق تعبيرهم، مطالبين السفيه السيسي بالتدخل العاجل، حتى لا يستغل الإخوان الموقف، بزعمهم.

وتحدثت فضائيات الانقلاب على نطاق واسع، عما اعتبرته: “أول مظاهرة احتجاجية ينظمها مؤيدو السيسي ضد زيادة الأسعار”، مشيرة إلى قيام أهالي منطقة القائد إبراهيم بالإسكندرية بتنظيم تظاهرة، بعد صلاة الجمعة، احتجاجا على ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة واللحوم والسلع الأساسية، بالتزامن مع اقتراب عيد الأضحى المبارك.

بكاء المواطنين الشرفاء

ولوحظ أن سلطات الانقلاب قد تسامحت مع المظاهرة، رغم أنها تمت بدون أخذ إذن رسمي بها من وزارة الداخلية، وفق ما يقتضيه قانون “تنظيم التظاهر” المثير للجدل، الذي تحرص سلطات الانقلاب على تطبيقه مع المعارضين للسفيه السيسي، وقامت بتقديم آلاف الأحرار بمقتضاه إلى المحاكمات، بدعوى مخالفة بنوده.

ووفق مقطع فيديو بثته صحيفة “اليوم السابع” بعنوان: “مواطنون بالقائد إبراهيم يطالبون الحكومة بحلول عاجلة لمواجهة الغلاء”، وأكد أحد المتظاهرين ويدعى محمد عظيمة: “إن الحكومة يجب أن تتخذ خطوات عاجلة وسريعة لحل أزمة غلاء الأسعار، التي يتاجر بها تنظيم الإخوان، لتحريض المواطنين على الرئيس السيسي”، وفق زعمه.

ولوحظ أن هؤلاء المتظاهرين حملوا لافتات، عليها صورة السفيه السيسي، وأخرى مكتوب عليها: “إحنا كلنا حواليك، وعيون الدنيا عليك.. سيسي يا حرية.. يا وطنية.. يا روح الأمة العربية”.. و”يا سيسي يا ابن مصر.. ربنا معاك حتى النصر”، و”جيش مصر وشرطة مصر.. هم أبناء مصر”.. و”رابعة مين يا مغيبين.. مصر أم المصريين”.

ويُذكر أن هؤلاء الأشخاص أنفسهم كانوا قد خرجوا في ذكرى الفض الدموي لاعتصام رابعة في تظاهرة مرددين هتافات مشابهة، ورافعين اللافتات نفسها: “رابعة مين يا مغيبين.. مصر أم المصريين”، و”يا سيسي يا ابن مصر.. ربنا معاك حتى النصر”، و”جيش مصر.. شرطة مصر.. هم أبناء مصر”.

الظلم بالتساوي

من جانبه انتقد الكاتب الصحفي المؤيد للانقلاب سليمان الحكيم، سياسات السفيه السيسي، على خلفية الأزمات الاقتصادية التي تمر بالبلاد في الفترة الأخيرة ؛ وقد قال “الحكيم” في تدوينة عبر “فيس بوك”: “السيسي يحارب الفقراء ولا يحارب الفقر، ويكافح الفساد ولا يكافح الفاسدين، ويوزع الظلم على الجميع بالتساوي!”.

وفي سياق آخر رأي أستاذ العلوم السياسية نادر فرجاني أن غالبية القرارات التى أصدرها السفيه السيسي منذ اغتصاب السلطة في 2014 تمادت في ظلم عامة الفقراء والضعفاء.

وأضاف فرجاني في تدوينة بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “ويأتي على رأس هذا الإيذاء الجباية الجائرة من الفقراء والضعفاء بأي تعليلات واهية مع تخفيف الأعباء الضريبية على كبار أصحاب الأموال، وإحالة حياة عامة الناس جحيما بإذكاء غلاء أسعار السلع الأساسية، ناهيك عن تدمير مدخرات غالبية من الشعب الكادح في سندات تفريعة قناة السويس الوهمية بإغراء العائد المرتفع والمضمون والذي يُعدّون لأن يتبخر، فوائد، وربما أصولا”.

وبعد خمس سنوات من الانقلاب على الرئيس محمد مرسي يوم 3 يوليو 2013، تباينت تعليقات المصريين انطلاقا من مواقفهم من هذا الحدث، لكن اللافت أن كثيرا من المعلقين اختاروا التركيز على زاوية ما لحق بعموم المصريين ومعيشتهم جراء هذا الخراب.

كان السفيه السيسي قاد انقلابا عسكريا ضد الرئيس محمد مرسي الذي أصبح أول رئيس منتخب لمصر عقب ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، وبرر السفيه الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع في ذلك الوقت، تحركه بأنه استجابة لمظاهرات شهدتها العاصمة القاهرة ومدن عدة يوم 30 يونيو 2013 وسط مطالب من جبهة الإنقاذ آنذاك بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

نور عينيه

ومنذ الانقلاب قدم السفيه السيسي الكثير من الوعود برغد العيش للمصريين الذين وصفهم بأنهم “نور عينيه”، لكنهم تفاجئوا لاحقا بموجات من الغلاء وتدهور الاقتصاد، فضلا عن اشتداد وطأة القبضة الأمنية التي لم تعد تقتصر على المعارضين وإنما امتدت أيضا إلى عدد ممن كانوا مؤيدين للانقلاب أو محسوبين عليه.

ولأن ذكرى الانقلاب تأتي هذه المرة عقب موجة غلاء بدت أشد من سابقاتها، فقد تداول كثير من المصريين صورة ضمت مقارنة بين أسعار عدد من السلع الرئيسية عندما كان مرسي على رأس السلطة، وبين ما آلت إليه الحال بعد خمس سنوات من الانقلاب.

وتبدأ هذه المقارنة بسعر الدولار مقابل العملية المحلية، إذ كان يعادل 6.69 جنيهات، وأصبح 17.99 جنيها، أما سعر لتر البنزين 92 الذي كان يباع مقابل 1.85 جنيه، فقد تضاعف سعره حتى أصبح بـ6.75 جنيهات، كما أن أسطوانة الغاز المنزلي التي لا غنى عنها لمنازل المصريين، كانت بـ8 جنيهات وصارت الآن بـ50 جنيها بزيادة بلغت أضعافا.

وتذكرة ركوب مترو الأنفاق الذي يعد الوسيلة المفضلة لتنقل ملايين المصريين في العاصمة القاهرة، ارتفعت بدورها من جنيه واحد لتصل إلى 7 جنيهات، حسب آخر موجات زيادة الأسعار قبل أسابيع.

الديون والسجون

وامتدت المقارنة من أمور المعيشة اليومية إلى مؤشرات اقتصادية مهمة، ومنها حجم الدين الداخلي الذي كان يقدر بنحو 1.4 تريليون جنيه في 2013 وارتفع إلى 3.6 تريليونات جنيه بعد الانقلاب، وكذلك الدين الخارجي الذي كان 34.5 مليار دولار وارتفع إلى 82.9 مليار دولار، ومعدل التضخم الذي كان في حدود 10.7% فأصبح 35%.

وأشارت المقارنة كذلك إلى الزيادة في عدد السجون لتستوعب عشرات الآلاف ممن اعتقلوا في سنوات ما بعد الانقلاب، إذ ارتفع عددها من 46 في 2013 إلى 69 سجنا الآن، فضلا عن سجون أخرى تحت الإنشاء.

واختتمت المقارنة التي راجت في مواقع التواصل بالإشارة إلى أن مساحة مصر كانت مليون كلم مربع لكنها أصبحت الآن مليونا “إلا جزيرتين”، في إشارة إلى جزيرتين تيران وصنافير في خليج العقبة اللتين تنازل عنهما السفيه السيسي للسعودية ضمن اتفاقية لترسيم الحدود تم تنفيذها رغم حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر ببطلان هذه الاتفاقية.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...