تقرير يكشف حقيقة التقشف الذي فرضه السيسي على الفقراء فقط

قارنت تقارير صحفية بين خطة التقشف النموجية على مستوى العالم للدول التي تريد أنظمتها الحاكمة إحداث نهضة حقيقية لتحقيق شيئ من العدالة الاجتماعية، والاعتماد على مواردها وثرواتها الطبيعية في إنجاز مخططها الاستراتيجي من وراء فرض حالة التقشف، وبين نظام مثل نظام الانقلاب العسكري في مصر الذي يفرض التقشف على الغلابة فقط، بعد رفع الدعم عنهم، وترك الحبل على الجرار للأغنياء من خلال الفساد، والاستيلاء على ثروات البلاد.

وقالت التقارير والإحصاءات التي بنت معلوماتها بناء على أرقام صندوق النقد الدولي، التي تحدثت عن حقيقة التقشف في مصر الذي يفرضه نظام عبد الفتاح السيسي على الغلابة فقط، إن دولة السيسي فرضت أسعار مضاعفة لفواتير الكهرباء والمياه والغاز، وزيادة الضرائب القائمة بما في ذلك الضرائب على الدخل والشركات والممتلكات والمبيعات وأرباح رأس المال، وفرض المزيد من أنواع الضرائب الجديدة كالضرائب العقارية وضريبة القيمة المضافة، فضلاً عن استحداث العديد من الرسوم تجاه الخدمات التي تُقدمها الدولة؛ كتسجيل عقود الإيجار والزواج والطلاق والميلاد والوفاة ورسوم السجل التجاري وزيادة رسوم الحصول على خطوط الهاتف وكذلك فواتير الاستهلاك الشهرية.

اختفاء الطبقة المتوسطة

وأضافت التقارير، أن الطبقة المتوسطة دفعت ثمن الإصلاح المزعوم من قبل نظام السيسي، بعد أن أصبح المواطن الغلبان ضحية هذه الإصلاحت للحصول على حزمة قروض من صندوق النقد الدولي، بلغت 12 مليار دولار، إلا أنه وبالرغم من إشادات من المجتمع الدولي، وعلى رأسه اقتصاديو صندوق النقد والبنك الدولي بتلك الإجراءات، لكن ذلك لم يساعد المصريين من ذوي الدخل المتوسط، وهم يمثلون نسبة لا تقل عن 60% من المجتمع المصري، على الوفاء باحتياجاتهم اليومية من طعام وشراب وتعليم.

وأكدت أن الأثر السلبي الأكبر لتلك الإصلاحات يقع بالأساس على عاتق الطبقة المتوسطة في مصر، فتخفيض قيمة الجنية المصري في نوفمبر 2016، وخسارة العملة لأكثر من نصف قيمتها دفع التضخم إلى تسجيل أعلى مستوياته فوق 30% في صيف العام الماضي 2017، وذلك مع ارتفاع أسعار الطاقة، وفقًا لخطة رفع الدعم عن الطاقة.

وأشارت إلى أنه وبالرغم من زيادة الأجور من 15 إلى 20% خلال العام الماضي، علمًا بأن تلك الزيادة قد طُبقت فقط على القطاع العام أي نحو 6-7 ملايين موظف فقط. فأبناء الطبقة المتوسطة التي اختفت بشكل كبير في الوقت الراهن، أصبحوا يخشون من أي أحداث طارئة قد يتعرضون لها، لعدم وجود ما يكفي من الأموال لمواجهتها.

أكثر ملكية من الملك

وضرب التقرير مثالا بأن من كان يذهب لشراء السلع الأساسية لعدة أيام مقابل 100 جنيه، أصبح يذهب بضعفي المبلغ ولم تعد تلك الكمية تكفي للمدة ذاتها، كذلك أصبح هناك صعوبة في مواجهة أي مشكلة أو أعطال قد تحدث بأجهزة المنزل، وبالتالي أصبح المواطن في الطبقة المتوسطة غير قادر على العيش.

كما نوهت إلى أن سلطات الانقلاب كانت ملكية أكثر من الملك، حيث فرضت سياسة تقشفية مبالغ فيها بأكثر مما طلب صندوق النقد، حتى أن الصندوق نفسه الذي يفرض على مصر تلك السياسة التقشفية بحجة إنقاذ الاقتصاد ودعم الموازنة، هو ذاته الذي يُحذر كبار الاقتصاديين لديه من أن سياسات التقشف يمكن أن تضر أكثر مما تنفع، وذلك في نقد للعقيدة النيوليبرالية التي هيمنت على الاقتصاد على مدى العقود الثلاثة الماضية.

وقال المستشار القانوني لدى الصندوق «جون ماكدونيل»، ذكر أن الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي يرون أن ارتفاع معدلات عدم المساواة كان سيئًا بالنسبة للنمو، وأنه يتعين على الحكومات استخدام الضوابط للتعامل مع تدفقات رأس المال المزعزعة للاستقرار.

وأكد أن تكلفة التقشف قد تكون أكبر بكثير من الفائدة، والسبب هو أنه، للوصول إلى مستوى منخفض من الديون، يجب رفع الضرائب التي تشوه السلوك الاقتصادي بشكل مؤقت، أو يجب خفض الإنفاق الإنتاجي، أو كليهما. وقد تكون تكاليف الزيادات الضريبية أو تخفيضات الإنفاق المطلوبة لخفض الديون أكبر بكثير من مخاطر الأزمة الاقتصادية الناجمة عن ارتفاع الديون والعجز في الموازنة.

وقارن التقرير بين السياسات التقشفية المُتبعة في مصر وبعض الدول العربية، هناك ما يُعرف بالسياسات التوسعية أو سياسات التيسير الكمي، وهي سياسة نقدية توسعية حيث يشتري البنك المركزي مبالغ محددة سلفًا من السندات الحكومية أو غيرها من الأصول المالية من أجل تحفيز الاقتصاد وزيادة السيولة في الأسواق.

وأشارت لدولة مثل اليابان استخدمت هذه السياسة في العقد الأول من القرن الحالي، واعتمدها الكثير من العالم المتقدم خلال فترة الركود الناتج عن الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في العام 2008. وفي الوقت الحالي يُنهي مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي رسميًا تلك السياسة، بعد أن صرحت «جانيت يلين» رئيسة البنك الفيدرالي، بأن البنك سيبدأ في تجريد نفسه من الكم الهائل من الأصول المالية التي اشتراها خلال العقد الماضي، وذلك بعد أن نجحت تلك السياسة في انتشال الاقتصاد الأمريكي من بؤرة الركود وعودته مرة أخرى للانتعاش.

 ماذا فعل التقشف باليونان؟

كما لفت إلى فشل تدابير التقشف في تحسين الوضع المالي في اليونان، لأن البلاد تعاني من نقص في الطلب الكلي، وهذا ما ستؤول إليه الأوضاع في مصر مع تدني الأجور.

فمن الناحية الهيكلية؛ تعد اليونان بلد الشركات الصغيرة وليس الشركات الكبيرة، لذلك فهي تستفيد بصورة قليلة جدًا من مبادئ التقشف، فتلك الشركات الصغيرة لا تستفيد من ضعف العملة، لأنها غير قادرة على أن تصبح مُصدِرًا، أيضًا كما هو الحال مع الشركات المصرية، التي لن تستفيد من خفض قيمة العملة لأنها ليست مُصدِرًا كبيرًا للأسواق العالمية.

فبرنامج التقشف الذي فرضته المؤسسات الأوروبية بمساعدة صندوق النقد على اليونان، ضاعف مشكلة اليونان من نقص الطلب الكلي، حيث أدى خفض الإنفاق (تقليص الأجور والمعاشات) إلى انخفاض الطلب الإجمالي، الأمر الذي جعل ثروات اليونان الاقتصادية طويلة الأجل أكثر جفافًا، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الفائدة. مما يؤكد أن العلاج الصحيح لحالة الاقتصاد المُتأزم هو تقديم مجموعة من الحوافز قصيرة الأجل لدعم الطلب الكلي، مع إصلاحات طويلة الأجل للقطاع العام وإدارات تحصيل الضرائب.

وعلى العكس مرت الأرجنتين بأزمة إفلاس في العام 2001، اضطرتها لاتباع السياسة التقشفية ذاتها التي تطبقها الحكومة المصرية، وكانت تلك السياسات قاسية على المواطن الأرجنتيني حيث كان المواطنون يعيشون على ضوء الشموع لتوفير نفقات الكهرباء.

لكن الأرجنتين اتبعت طريقة مختلفة، فقد أعلنت أنها لن تدفع شيئًا من ديونها حتى تحقق نهضتها الاقتصادية أولاً، إلى الحد الذي دفع بعض البنوك والمؤسسات الدولية إلى المطالبة بتوقيع عقوبات دولية على الأرجنتين لتهربها من تسديد الديون.

وكان من أهم أسباب نجاح الأرجنتين في إعادة هيكلة ديونها هو السير عكس تدابير التقشف التي روج لها صندوق النقد الدولي، حيث أعادت الدولة تأميم القطاعات الإنتاجية الرئيسية مثل الطيران، والمعاشات التقاعدية، وآخرها النفط. وزادت من الحماية الاجتماعية وتحويلات الدخل إلى الفقراء، وخفضت بدرجة كبيرة حدة الفقر في المجتمع بزيادة الأجور الحقيقية، وخفض عدم المساواة في الأجور.

وأكد التقرير أن سياسات التقشف زادت من معاناة المواطن المصري، فقد اعتقدت الحكومة أن تحرير سعر الصرف سيمنح الجنيه المصري المزيد من القوة والثبات أمام الدولار، لكن ذلك الأمر لم يحدث، ولم يجن المجتمع سوى مزيد من الارتفاع في الأسعار، خاصة تلك السلع والخدمات المرتبطة بالدولار.

وكشف التقرير بعض الحلول التي تجاهلتها حكومة الانقلاب من بينها، فرض ضريبة استثنائية لمن يزيد دخله على 20 ألف جنيه شهريًا، بنسب تصاعدية وفقًا لفئات الدخل، وليس على الفقراء، ووقف العلاوات الدورية التي يحصل عليها من يزيد دخله على 20 ألف جنيه شهريًا، خاصة الذي يعملون في القطاعات التي تأخذ من الدولة بسبب خسائرها ولا تعطي لها، وسرعة العمل على استخدام كروت البنزين، وذلك لرفع الدعم نهائيًا عن الأجانب المقيمين بمصر، والشركات الدولية والمدارس الدولية، والعربات الفارهة، على أن يتم تطبيق الدعم على العربات وفقًا لقيمتها.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...