الرقابة الإدارية.. سلاح السيسي في محاربة المارقين وتلميع العسكريين

بعد مرور أقل من أربعة أيام من إلقاء الرقابة الإدارية القبض على رئيس مصلحة الجمارك جمال عبد العظيم، داخل مقر عمله، لاتهامه باستلام رشوة مالية قدرها مليون جنيه من مستورد أقمشة ومنسوجات، مقابل إنهاء إجراءات الإفراج الجمركى عن بضائع مستوردة من الخارج، أصدر الدكتور محمد مُعيط، وزير المالية، القرار الوزاري رقم 285 لسنة 2018، بتكليف لواء الجيش “عمرو صلاح الدين السيد الخولي” بتسيير أعمال مصلحة الجمارك المصرية.

الخولي يعمل مساعدًا لوزير المالية لشئون الإيرادات، وقد تولى مهمة تسيير أعمال مصلحة الجمارك بجانب عمله إلى حين اختيار قيادة جديدة لتولى الأمر.

يأتي ذلك في الوقت الذي أكدت فيه مصادر أنه تم القبض على جمال عبد العظيم، رئيس مصلحة الجمارك السابق، نتيجة رفضه دخول كميات كبيرة من الأرز الفاسد لأحد قيادات الجيش وليس لتقاضيه رشوة.

وفي مايو الماضي أصدر عمرو الجارحي، وزير المالية السابق، قرارا بندب الدكتور جمال عبد العظيم، رئيس الإدارة المركزية لجمارك بورسعيد، لرئاسة مصلحة الجمارك خلفا للدكتور مجدي عبد العزيز، الذي تم تعيينه مستشارا لوزير المالية لشئون الجمارك.

وقالت وزارة المالية في بيان لها، إن رئيس مصلحة الجمارك تخرج في كلية الحقوق جامعة عين شمس عام 1981، والتحق بالعمل بمصلحة الجمارك عام 1982، حيث عمل بكافة المنافذ والمواقع الجمركية بالقاهرة، وتدرج بالمناصب الجمركية، حتى شغل منصب رئيس الإدارة المركزية لجمارك دمياط ثم جمارك بورسعيد.

المثير في الأمر- وفق بيان وزارة المالية- أن المسئول المتهم بالرشوة حصل على الدكتوراه من كلية الحقوق في التهريب الجمركي وأثره على عجز الموازنة.

وجاء تعيين جمال عبد العظيم بعد إقالة سلفه في مايو 2018 مجدي عبد العزيز، الذي تم تعيينه مستشارا لوزير المالية لشئون الجمارك، والذي سبق أن قضت محكمة جنح الساحل في فبراير 2017 بحبسه 3 سنوات مع الشغل وكفالة 500 جنيه وعزله من وظيفته؛ لامتناعه عن تنفيذ حكم قضائي لصالح أحد الموظفين.

واللافت للنظر في قضية القبض على جمال عبد العظيم، رئيس مصلحة الجمارك، أن الجهة التي أعلنت كشف خيوط القضية، وقامت بإلقاء القبض على المتهمين؛ هي هيئة الرقابة الإدارية، وليست وزارة الداخلية كما هو معتاد في مثل هذه القضايا، والهيئة كثر الترويج لها في وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب، باعتبارها أكثر الجهات الرقابية والأمنية نشاطا في محاربة الفساد، وهو ما عدّه مراقبون “تلميعا” لصورة نجل السفيه وهو المقدم مصطفى السيسي، الذي يعمل بالرقابة الإدارية بطريقة غير مباشرة، وخطوة لخلافة والده على عرش الانقلاب.

ومنح السيسي هيئة الرقابة الإدارية، برئاسة الوزير محمد عرفان، سلطات واسعة، تفوقت على غيرها من الأجهزة الرقابية، بحيث أصبحت هي العصا الغليظة في يد السيسي، حيث كشفت في يونيو 2018، عن العديد من قضايا الرشوة والفساد، وألقت بموجبها القبض على عدد من الموظفين والمسئولين بالقطاع الحكومي والخاص.

وقال اللواء محمد أبو حسين، وكيل هيئة الرقابة الإدارية الأسبق: إن عبد الفتاح السيسي يدعم الرقابة الإدارية دعمًا سياسيًا غير محدود.

وألقت القبض على مدير قطاع الرقابة والإشراف بأحد البنوك المشرفة على النقد الأجنبي وشركات الصرافة. كما تمكنت الهيئة من القبض على مدير عام إدارة التنفيذ بجهاز تنمية وتعمير الساحل الشمالي الغربي، وفنيين بذات الإدارة، وصاحب شركة خاصة لمقاولات الطرق ووسيط يعمل بالشركة.

وألقت الهيئة القبض على رئيس مجلس إدارة إحدى جمعيات المراقبة والتعاونيات الزراعية بمحافظة الدقهلية، وآخر وسيط لطلب الأول مساحة 4 أفدنة قيمتها حوالي 2 مليون جنيه على سبيل الرشوة من أحد ملاك الحيازات الزراعية، مقابل قيامه بتسجيل باقي ملكيته بالجمعية.

وبعرض المتهم على النيابة العامة قررت حبسه، كما تمكنت الهيئة من ضبط مدير إدارة فاقوس الاجتماعية لاختلاسه مبالغ مالية من حسابات المعاشات المخصصة لعدد من مستفيدي مشاريع برامج الحماية الاجتماعية «تكافل وكرامة»، وقيامه بصرف واستيلاء على المعاشات مستخدما بطاقات الصرف الإلكترونية بالمستفيدين لعدة أشهر قبيل تسليمها لأصحابها، كما تم القبض على مسئول التحصيل بمأمورية الضرائب العقارية بجاردن سيتي متلبساً بتقاضي 5 آلاف جنيه من صاحب إحدى الوحدات السكنية بنطاق المأمورية، كما تمكنت الهيئة من القبض على صاحب أحد مكاتب التخليص الجمركي لتقديمه شهادة مزورة منسوب صدورها لإدارة الحجر الزراعي إلى جمارك ميناء سفاجا.

ومنذ وصول السيسي للسلطة، وضع صديقه المقرب اللواء محمد عرفان، على رأس الرقابة الإدارية ومنحها مساحة واسعة بإطلاق يدها على كبار رجال الدولة والعاملين بها ومنشآتها وزيادة أهمية التحريات التي تُجريها حول المرشحين للمناصب الوزارية أو للتعيين بالدولة أو للالتحاق ببعض الوظائف ذات الطبيعة الخاصة. كذلك الاستعانة بالرقابة الإدارية لأداء أدوار تختص بها الحكومة في الأصل، كالاشتراك مع الجيش والمخابرات العامة في بيع السلع الغذائية بأسعار أرخص، واشتراكها في إدارة عدد من المشاريع الخدمية. فضلا عن التغطية الإعلامية الكبيرة للرقابة الإدارية لتضخيم اهتمام السيسي بمحاربة الفساد.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...