الدعاء هو العبادة

بسم الله الرحمن الرحيم

العناصر

1-  أهمية الدعاء

2-  آداب الدعاء

3-  مسائل مهمة فى الدعاء

1-أهمية الدعاء

قال تعالى :

وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ “[ 60- غافر]

ندب الله عزوجل عباده إلى دعائه ، وتكفل لهم بالإجابة ، روى الإمام أحمد عن النعمان بن بشير رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ”الدعاء هو العبادة” (1) وقال صلى الله عليه وسلم ” من لم يدع الله عزوجل غضب عليه “(2)

إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ” أى عن دعائى وتوحيدى

سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ” أي صاغرين حقيرين

فالتوجه بالدعاء فضل من الله تبارك وتعالى وقد كان عمر رضى الله عنه يقول ”أنا لا أحمل هم الإجابة إنما أحمل هم الدعاء ، فإذا ألهمت الدعاء كانت الإجابة معه

2-آداب الدعاء

من ذكرنا لمقولة عمر رضى الله عنه نعلم أن للدعاء آدابا. فإذا وقعت فى محنة يصعب الخلاص منها فليس لك إلا الدعاء واللجوء إلى الله عزوجل بعد أن تقدم التوبة من الذنوب ، فإن الزلل يوجب العقوبة فإذا زال السبب بالتوية من الذنوب ارتفع السبب ،فإذا دعوت الله ولم تر الإجابة فينفد صبرك فربما كانت التوبة ما صحت فصححها ثم ادع الله ولا تمل من الدعاء ،فربما كانت المصلحة فى تأخير الإجابة ، ومن آدابه أيضا اخلاص القلب لله والثقة بالإستجابة مع عدم اقتراح صورة معينة لها فالله أعلم بما يصلح عبده

3-مسائل مهمة فى الدعاء

المسألة الأولى : الدعاء يدفع المكروه

الدعاء من أنفع الأسباب فى دفع المكروه وحصول المطلوب ،ولكن قد يتخلف أثره عنه إما

لضعفه فى نفسه

بأن يكون دعاء لا يحبه الله ، لما فيه من العدوان وإما

لضعف القلب

وعدم اقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء ، فيكون بمنزلة القوس الرخو جدا ،فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا وإما

لحصول المانع من الإجابة

من أكل الحرام ، ورين الذنوب على القلوب ، واستيلاء الغفلة والشهوة واللهو وغلبتها عليها كما فى مستدرك الحاكم (3) من حديث أبو هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لايقبل دعاء من قلب غافل لاه” وعن أبى هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ،وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال” يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إنى بما تعملون عليم” وقال:” يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ” ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ، ومطعمه حرام ، وملبسه حرام ، وغذى بالحرام ،فأنى يستجاب له ؟” (4)

وذكر عبد الله بن الإمام أحمد فى كتاب الزهد لأبيه ” أصاب بنى إسرائيل بلاء ، فخرجوا مخرجا ،فأوحى الله عزوجل إلى نبيهم أن أخبرهم أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة ،وترفعون إلىّ أكفا سفكتم بها الدماء ،وملأتم بها بيوتكم من الحرام ، الآن حين أشتد غضبى عليكم ؟ ولن تزدادوا منى إلا بعدا “

وقال أبو ذر ” يكفى من الدعاء مع البر ، ما يكفى الطعام من الملح

المسألة الثانية : للدعاء مع البلاء مقامات

وللدعاء مع البلاء ثلاث مقامات :

أحدها : أن يكون الدعاء أقوى من البلاء فيدفعه

الثانى: أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء فيصاب به العبد ، ولكن قد يخففه ، وإن كان ضعيفا

الثالث : أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه  روى الحاكم فى صحيحه من حديث عائشة رضى الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا يغنى حذر من قدر ، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة” (5)

وعن ثوبان عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: “ لا يرد القدر إلا الدعاء ،ولا يزيد فى العمل إلا البر ، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه “(6)

المسألة الثالثة: الإلحاح فى الدعاء

وهو من أنفع الأدوية ، وقد روى ابن ماجة فى سننه من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من لم يسأل الله يغضب عليه“(7) وذكر الأوزاعى عن الزهرى عن عروة عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”إن الله يحب الملحين فى الدعاء” ، وفى كتاب الزهد للإمام أحمد عن قتادة قال : قال مورّق: “ما وجدت للمؤمن مثلا إلا رجلا فى البحر على خشبة ، فهو يدعو يا رب يا رب ، لعل الله عزوجل ينجيه

المسألة الرابعة: من آفات الدعاء “استعجال العبد واستبطاء الإجابة”

فيستحسر ويدع الدعاء ، وهو بمنزلة من بذر بذرا أو غرس غرسا ، فجعل يتعاهده ويسقيه ، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول: دعوت فلم يستجب لى “(8)

وعنه رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لا يزال يستجاب للعبد ، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ، ما لم يستعجل قيل : يا رسول الله وما الإستعجال؟ قال: يقول قد دعوت وقد دعوت ، فلم أر يستجاب لى ، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء “(9)

المسألة الخامسة: أوقات الإجابة

إذا جمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب ، وصادف وقتا من أوقات الإجابة الستة وهو الثلث الأخير من الليل ، وعند الأذان ، وبين الأذان والإقامة ، وإدبار الصلوات المكتوبات ، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة من ذلك اليوم ، وآخر ساعة بعد العصر .

وصادف خشوعا فى القلب

وانكسارا بين يدى الرب وذلا له وتضرعا ورقة

واستقبل الداعى القبلة

وكان على طهارة ، ورفع يديه إلى الله

وبدأ بحمد الله والثناء عليه

ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم

ثم قدم بين يدى حاجته التوبة والإستغفار

ثم دخل على الله ،وألح عليه فى المسألة ودعاه رغبة ورهبة وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده

وقدم بين يدى دعائه صدقة

فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا ،ولا سيما إن صادف الأوعية التى أخبر النبى صلى الله عليه وسلم أنها مظنة الإجابة ، أو أنها متضمنة للإسم  الأعظم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...