دلائل تناقض الموقفين العربي والتركي في نقل السفارة

بعد أسبوع من القرار المفاجئ للرئيس الأمريكي المتصهين دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، سارعت تركيا بعقد قمة القدس في اسطنبول بمشاركة العشرات من قادة الدول العربية والإسلامية، وبمشاركة واسعة جعلت منها رد الفعل الأقوى تجاه القرار، وعلى الجانب الآخر استيقظت الجامعة العربية متأخراً كعادتها ودعت على استحياء لاجتماع طارئ، لكنه على مستوى المندوبين الدائمين، ورد فعل على قرار دخل حيز التنفيذ بعد الإعلان عنه بأشهر كاملة !

وطلبت وزارة الخارجية التركية، صباح اليوم الأربعاء، من القنصل الإسرائيلي العام في إسطنبول مغادرة البلاد، والعودة لإسرائيل، وذلك بعد أن قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلية أكثر من 60 فلسطينيا خلال احتجاجات ضد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة على الحدود مع غزة.

وفي السياق نفسه، استدعت تركيا سفيريها في تل أبيب وواشنطن للتشاور، ووصفت إسرائيل بأنها إرهابية بعدما ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة بحق المتظاهرين السلميين على حدود قطاع غزة خلال مظاهرات العودة في ذكرى النكبة، استشهد فيها 61 فلسطينيا وجرح أكثر من 2270 آخرين بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز.

وفي مصر، بعد انقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي أصبح الحديث عن التطبيع غير ذي جدوى، بعد أن وصلت العلاقة بين عسكر كامب ديفيد والاحتلال لمستويات غير مسبوقة ، حيث عقد السفيه السيسي لقاءً علنيًا هو الأول من نوعه مع رئيس وزراء الاحتلال منذ سنوات.

كما تجاوز الواقع الحديث عن علاقات دافئة أو حتى تنسيق أمني وعسكري إلى إعداد الدراسات الإسرائيلية المستفيضة حول الأهمية التي تكمن وراء بقاء السفيه السيسي رئيسًا لمصر، الرغبة الإسرائيلية في ذلك، وقبل أيام، شارك متسابقون من دولتي الإمارات العربية المتحدة والبحرين في ماراثون صهيوني في مدينة القدس المحتلة، نظمته سلطات الاحتلال احتفالا بذكرى قيام الدولة، وهي التي تقابل عربيًا وإسلاميًا ذكرى نكبة فلسطين عام 1948.

وبينما قال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، في القمة العربية الشهر الماضي، إن فلسطين في وجدان السعوديين، فإن المفارقة تكشف حقيقة الادعاء مع الدولة التي ترأس مجلس جامعة الدول العربية، وربما ليس أدل على هامشية قضية القدس بالنسبة لحكام السعودية، خلافًا لما هو معلن، هو التمثيل المتدني للمملكة في القمة الطارئة لمنظمة التعاون الإسلامي في مدينة اسطنبول التركية حول القدس، ديسمبر الماضي.

وفي فبراير الماضي، بعث “محمد عبدالكريم العيسى” أمين عام رابطة العالم الإسلامي، ووزير العدل السعودي السابق برسالة تضامنية إلى مديرة المتحف التذكاري للهولوكوست “سارة بلومفيلد”، وصف فيها المحرقة بأنها “جريمة نازية هزت البشرية في العمق وأسفرت عن فظائع يعجز أي إنسان منصف ومحب للعدل والسلام أن يتجاهلها أو يستهين بها”.

واحتفت صحيفة “هآرتس” العبرية بتعاطف الوزير السابق والمقرب من ابن سلمان، واعتبرت أن هذا الموقف هو “ثمرة للحرب الشرسة التي يقودها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضد التيار الديني”.

محطة أخرى أكثر خطورة تثبت بلا شك أن التوجه الرسمي السعودي يمهد الطريق للمخطط الأمريكي الإسرائيلي بشأن القدس، فبعد نحو 10 أيام من القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة للاحتلال أطلق وزير الخارجية السعودي تصريحات جاءت وسط عاصفة هجومية غير مسبوقة على المستويين العربي والإسلامي شعبيًا ورسميًا ضد القرار، لكن الوزير تطوع للدفاع عنه بقوله: إن “إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جادة بشأن إحلال السلام بين الإسرائيليين والعرب”.

وذرا للرماد دعت الجامعة العربية تركيا، إلى الكف عن ما تصفه بـ”المزايدة” في القضية الفلسطينية بخطابات إنشائية، مستنكرة تصريحات وزير خارجيتها بشأن نقل السفارة الأميركية إلى القدس، جاء ذلك تعقيبا على وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الذي أكد “وجود تراجع وتردد داخل العالم الإسلامي، وخاصة داخل جامعة الدول العربية، فيما يخص قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة”، فهل انكشف الدور الخطير الذي تلعبه الجامعة العربية في خدمة الاحتلال الصهيوني؟

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...