أوجاع كثيرة تتفاقم يوما بعد يوم في عهد الانقلاب العسكري، الذي أهدر حقوق الجميع في ظل حكم العسكر .
فما بين التصفية والطرد والإقالات من الشركات والأعمال بلا حماية قانونية إلى الحصحصة والطرد القسري ، بجانب إجبار العمال على وقف الإنتاج والاستقالات الجبرية .. إلى إسناد المناقصات والأعمال إلى شركات الجيش التي تستخدم جنود السخرة بالمجان ، بما يفاقم أزمات العمال والشركات المدنية، ناهيك عن الغلاء وتعويم الجنيه الذي ضرب سوق العمل والأعمال في مقتل .
بجانب تراجع القيمة الشرائية للجنيه ما أفقد العمال قيمة رواتبهم المتدنية بالأساس، ناهيك عن حظر وقمع التظاهرات المعبرة عن حقوقهم بالقوة العسكرية الغاشمة، التي وضعت عمال الترسانة البحرية في السجن لحين قبول فصلهم وإجبارهم على الاستقالة ، للتنازل عن الأحكام العسكرية التي أصدرتها محكمة العسكر بالإسكندرية .. بل باعتقال أي عامل محب لوطنه لمجرد أنه تظاهر مطالبًا بحقه .. أو رافضًا لبيع مصنعه وشركته الرابحة بدعاوى واهية من حكومة الانقلاب .
وفي إطار اقتراب موعد عيد العمال ، الثلاثاء المقبل، ألقى قائد الانقلاب العسكري اليوم كلمة بمناسبة عيد العمال الذي ما بات عيدا .
حاول السيسي في خطابه التلاعب بالكلمات ودغدغة المشاعر لتسويق الأوهام وتسكين الآلام عن الأوجاع التي سببها هو نفسه لعمال مصر .
زعم السيسي في كلمته أنَّ “مصر تمضي على مسارات متوازية في نفس الوقت، لتعويض ما فاتها..”، متناسيا أن انقلابه العسكري هو الذي فوت على مصر فرص عظيمة لأن تكون دولة منتجة تملك قوتها وتنتج دواءها وسلاحها، بدلا من حالة التسول الكبرى التي يخوضها السيسي وعصابته ، الذين فاقموا الديون الداخلية لأكثر من 3 تريليون جنيه، بجانب أكثر من 103 مليار دولار ديونا للخارج .
وتابع المنقلب: “لقد قمنا بإجراءات اقتصادية صعبة، لم يكن ممكناً تجنبها وإلا كانت التداعيات كبيرة”، متجاهلا أيضا أن الإجراءات التقشفية التي فرضها على الشعب بمعظم طوائفه لم تستثن إلا الوزراء وأعضاء مجلس الشعب والدبلوماسيين والقضاة والشرطة والجيش ، وكان آخرهم حرمان أصحاب المعاشات من حقهم بزيادة معاشاتهم لتصبح نحو 80% من المستقطعات التي دفعوها، كما منحهم إياها قضاء مجلس الدولة، في الوقت الذي صادق السيسي وبرلمانه على زيادة رواتب الوزراء والدبلوماسيين ليصبح الحد الأقصى لهم 42 مرة من راتب الموظفين ، ناهيك عن البدلات التي تعد الباب الأرحب لنهب ميزانية الدولة لصالح الكبار .
واعترف السيسي بأن ” معظم من تحملوا عبء الإصلاح كان العمال والبسطاء”!!
تابع السيسي “أؤكد أن مساهمة عمال مصر لم تكن خلال السنوات الأخيرة فقط ، بل كانت على مدار تاريخ مصر كله، وتضاعفت مساهمتهم في السنوات الأربع الأخيرة التي أنجزوا فيها عدداً كبيراً من المشروعات القومية في وقت قياسي” ، وهي كلمات مثيرة للسخرية ، إذ أنَّ من أنجز المشروعات التي يتحدث عنها هم جنود السخرة بالقوات المسلحة وشركات الجيش، التي حولت بعض عمال مصر والعاملين بالشركات المدنية لمجرد مرتزقة يعملون من الباطن ، حيث يأخدون الفتات من مناقصات الدولة التي يلهطها السيسي وحوارييوه من قيادات الجيش المتربعين على عرش الشركات العسكرية !!
وكاذبًا قال السيسي : “إنَّ تفاؤلي لا حدود له بكفاءة الإنسان المصري، وقدرته على ملاحقة أرقى مستويات العمل والإنتاج” ، وهو ما يصطدم بقوة مع أعداد العلماء والكفاءات العلمية والمهنية والنقابية الذين غيبتهم سجون السيسي، وقتلتهم داخلية الانقلاب ورصاصاصات العسكر الغادرة، جنبا إلى جنب مع العقول المهاجرة الذين أناروا كل أماكن العالم بعلمهم ، إلا بلادهم ؛ بسبب القمع والاستبداد الممارس في عهد السيسي، والذي وضع مصر في قمة دول العالم من حيث الهجرة الشرعية وغير الشرعية !!
وكعادته واصل الأكاذيب حول تثبيت أركان الدولة، التي حولها هو نفسه لمجرد شبه دولة بحسب ما قاله سابقا، لا ينفع بها تعليم ولا تطوير في ظل تحكم عقلية الـ50% من العساكر ، بل إنَّ معظم قراراته وقوانينه لا تصدر ولا تطبق إلا في دول الواق واق ، ودول التخلف التي سبقتنا جميعا في ركب الحضارة، حيث قوانين مصادرة الأموال وحظر الوظائف العليا على البسطاء وأبنائهم “ابن الزبال مينفعش يكون قاضي”!!! أليست تلك نظرية شبه الدولة التي أركسنا إليها السيسي؟!!
كما تحدث السيسي عن تطوير المناطق غير الآمنة، متناسيا مظاهرات أهالي الأسمرات الذين تخلوا عن منازلهم وأراضيهم ذات القيمة العالية للدولة لتستثمر فيها، ليفاجئوا بإلزامهم بإيجارات لم يتفقوا عليها!! ، وكذا أهالي ماسبيرو الذين يواجهون أكبر نصب عليهم بإخلائهم قسرًا ، ومن يريد العودة عليه دفع مبالغ تصل لمليون جنيه ليسكن في مكانه بعد ثلاث سنوات!!
كما كرر السيسي حديثه عن المصانع الجديدة والمناطق الصناعية والحرة، متجاهلاً 10 آلاف مصنع تم إغلاقهم بفعل سياساته وقراراته العشوائية ، التي فاقمت أزمات المصانع المتعطلة عن العمل بسبب غلاء الطاقة وغلاء المواد الخام .
وطالب السيسي العمال بالمسارعة في تنفيذ مشروع شهادة “أمان”، قائلا : “وأتطلع لأن تشهد معدلات إصدارها تقدماً أكبر سواء على مستوى القطاع الخاص أو العام، لتأمين الحماية الكاملة للعمالة الموسمية” وهو ما يمهد للتخلي عن دور الدولة في توفير الحياة الاجتماعية لأبنائها، وتحويل البنوك لتكون بديلا للتضامن الاجتماعي، بحسبة اقتصادية بحتة تعمل من أجل الربح، بعيدًا عن المعايير الاحتماعية .
وهكذا يأتي عيد العمال وسط مزيد من الأكاذيب والأوهام التي يسوق بها السيسي سياساته القامعة للعمال ، ولبقية الفئات الاجتماعية في مصر، عبر أوهام الاستقرار والتنمية التي نسمع عنها ولا نراها!!!