الإيجابية في القرأن

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
أمثلة القرآن الكريم في الإيجابية والسلبية :
وضرب الله لنا مثلا بالإيجابيين والسلبيين من الناس أمام الفساد والشر من بنى إسرائيل: أمرهم الله عز وجل ألا يصطادوا في يوم السبت، كانت حرفتهم ومعيشتهم من صيد الأسماك ، فأمرهم الله أن يوم السبت يحرم الصيد، ثم شاءت حكمته وابتلاءه لخلقه ألا يأتي السمك إلا يوم السبت بأمر منه سبحانه وتعالى، واعتبارا من يوم الأحد حتى الجمعة لا يظهر السمك، وذلك ليختبرهم، فقام جماعة منهم بحفر آبار وعمل سدود؛ بحيث إذا جاء السمك يوم السبت يسدون عليه ليصطادوه يوم الأحد، واحتالوا على الله تبارك وتعالى، فقال الإيجابيون: هذا حرام، إن الله نهانا عن صيد يوم السبت، فقام آخرون وقالوا دعوهم وشأنهم، فهذا يهمهم فقط ولا يخصنا، ويعبر القرآن عن ذلك فيقول: وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ، فالسلبيين، عبارة عن إمعات يريدون أن يعيشوا مع الناس كما يعيشون، ولكن الإيجابيين قالوا: لابد أن نعمل ما علينا لسببين: السبب الأول أن هذا واجب وأمر من الله عز وجل (معذرة)، والسبب الثاني: عدم فقدان الأمر في هداية الناس (ولعلهم يتقون).
واستمر الصالحون المصلحون يقومون بدورهم في الوعظ، واستمر الذين يفعلون الشر مصرون على الشر والحرام، واستمر الساكتون يقولون لإخوانهم الصالحين “لاتعظوا أحدا”، حتى نزل البلاء من الله عز وجل؛ فمن نزل عليه البلاء ومن الذي نجاه الله؟!.. فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ أي أن الذي نجا هم الذين قاموا بدور إيجابي، وهو النهي عن السوء.
ويذكر الله لنا هذه القصة، لكي يقول لنا: يا أتباع محمد، يا أحباب محمد، يا من تسيرون على هدى رسول الله : دينكم ، شعاركم، التعاون على البر والتقوى، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح لله رب العالمين، أيا كان المنصوح، واجب الأمة أن تقوم بهذا الأمر؛ ‏فرَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ : ” ‏مَنْ رَأي مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ”
رابعا : السلبية تُدخل صاحبها زمرة الفاعلين للظلم والإجرام ولو لم يفعلوا :
وقال لنا الله عز وجل محذرا: وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ، وتركن معناها أن يميل قلبك مجرد ميل إليهم، ولو لم تساعدهم في ظلمهم، أي مجرد الميل القلبي فقط، فتدخل في تهديد الله رب العالمين وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ، وحين تمسكم النار، سيكون كل ظالم ركنت إليه في واد آخر وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ، فلا تستطيع الاستنجاد به يوم القيامة ولن يحمل عنك يوم القيامة من شيء (كل نفس بما كسبت رهينة)، بل الأعظم من هذا، يأتي من يعتبر نفسه ضعيفا وسكت على الباطل ومالأ الشر والفساد، يأتي يوم القيامة فتدخل الجماعة تلعن الجماعة التي قبلها، الله عز وجل يقول: كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ، للدال على الشر ضعفين لأنه فعل ودل وللمستمع أيضا ضعفان من العذاب لأنه استمع وفعل ولم يكن إنسانا إيجابيا داعيا إلى الخير ناهيا عن الشر، هكذا كانت الأمة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...