من “مقر احتجاز الرئيس” إلى “وثائق عنان”.. بلد تسريبات صحيح!

بدأت عصابات العسكر في تصفية حساباتها بعد اختلاف المصالح على الحكم بين الفريق سامي عنان وقائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، حيث استغل كلاهما ما لديه من سلطة، سواء كانت سلطة القوة لدى السيسي أو سلطة التسريبات لدى عنان، والتي أدت إلى اقتياد المستشار هشام جنينة لظلمة الاعتقال، بعد حديثه عن وثائق عنان التي تشير إلى تورط السيسي في جرائم عديدة، الأمر الذي يشير إلى المغامرة المجنونة التي تحكم مصر من خلال أفعال صبيانية غير محسوبة.

وبدأ الحصاد المر بما لم يعد يسمح بالتنفس، ليختنق بعدها الأمل في خلاص عسكري من العسكر، لتقول النتيجة التي يريدها العسكر إنه ليس في مقدور أحد أن يزيح عبد الفتاح السيسي عن السلطة، التي وصل إليها بالقتل والتآمر، لا جنرال سابقًا يستطيع منازلته، أو حتى يستطيع الوصول إلى ساحة النزال من الأصل، ولا مرشحًا مدنيًا يملك الفرصة للوقوف في وجهه”.

في الوقت الذي لا يستطيع العقل أن يستوعب هذه الأخطاء التكتيكية العجيبة التي تطوع بها المشاركون في اللعبة، كما فعل الجنرال عنان، وهو يشير إلى الثغرة القانونية التي يمكن اصطياده بها في إعلان اعتزامه الترشح، وكما فعل المستشار هشام جنينة في الحوار الذي أعلن به حرب الأسرار والوثائق التي أصبحت تحكم مصر.

بلد تسريبات

وعلى مدار أربعة سنوات كاملة من حكم الانقلاب، تمت إذاعة عشرات التسريبات التي فضحت حكم العسكر، وكشفت كيف يدير النظام العسكري الفاشي البلاد، وكيف يتحكم في الاقتصاد، كما كشفت صراع الأجنحة الأمنية في دولة الانقلاب، والتي كان من بينها ما أكد عليه المستشار هشام جنينة أن الفريق سامي عنان يمتلك وثائق تكشف الطرف الثالث منذ ثورة 25 يناير وحتى الانقلاب العسكري.

وعلى الرغم من أن فضائيات الشرعية محدودة الميزاينة ولا تكفي لشراء أي تسريب من الذي جاء كاشفًا عن تواضع إمكانات من سرقوا ثورة الشعب، ومن كان يظن كثيرون أنهم أصحاب عقول جبارة فإذا بهم مثل العنكبوت اتخذت بيتًا، إلا أنها كشفت أن هذه التسريبات هي من تحكم مصر، وأن مصر يحكمها تشكيلات عصابية يمتلك فيها كل فرد من هذا التشكيل من التسريبات والوثائق ما يخدم به مصالحه وسلطته.

تزوير وتلفيق

ولعل أبرز التسريبات التي تكشف عن حقيقة التشكيل العصابي الذي يحكم مصر، هو من خلال مرحلة محاكمة الرئيس الشرعي محمد مرسي ووضعه في سجن «برج العرب»، بعد أن تم نقله من القاعدة العسكرية التي ليست ضمن أماكن الحبس التي حددها القانون، وبدأت سلطات الانقلاب ترتبك، ودارت اتصالات هاتفية بين أضواء المسرح العبثي حرض فيها النائب العام على التزوير والتلفيق، بدأت بمكالمة لقائد القوات البحرية مع اللواء ممدوح شاهين، الذي كان المجلس العسكري في مرحلة حكم العسكر، يقوم بتقديمه على أنه عقلية قانونية ومعملية فذة.

المكالمات الهاتفية المسربة ضمت مدير المخابرات الحربية، ومدير مكتب وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي «عباس كامل» قبل أن تضم السيسي نفسه، لنقف على أن الاختراق كان حاصلاً لهم جميعًا، والتسجيلات لم تكن من نتاج اعتراض مكالمتهم الهاتفية، والتجسس على اتصالاتهم، كما كانوا يفعلون مع ضحايا برنامج «الصندوق الأسود» الذي كان يقدمه من هو وثيق الصلة بالأجهزة الأمنية، لكن من الواضح أن مكاتب قادة الجيش هي الخاضعة للمراقبة وهي واقعة تحت السيطرة، ليطرح هذا سؤالا عن حدود الأمان المتوفر للمعلومات الأخرى التي تدخل في حيز الأمن القومي المصري!

وكشفت التسجيلات أن مصر تحكم بالبلاهة، وهم يفكرون في تلفيق مبني على أنه السجن، والنشر في ملاحق لأعداد قديمة للجريدة الرسمية قرارا لوزير داخلية الانقلاب يفيد أن المبنى من الأماكن الخاصة بالسجن حتى إذا اضطرت المحكمة لزيارته، ومعها دفاع الرئيس محمد مرسي وقفوا على أن الرئيس لم يكن مختطفاً. مع أن الفترة السابقة قبل أول قرار من النيابة بحبسه كانت 28 يومًا، تؤكد أنه مختطف إن كان في قاعدة عسكرية، أو في سجن قانوني!

أداء متواضع

كما كشفت التسريبات بجانب تآمر السيسي وخيانته للشعب المصري الأداء المتواضع لسلطات الانقلاب في إدارة البلاد، وكشفت أيضا أن السيسي لا يمتلك المؤهلات اللازمة لشغل منصب وزير الدفاع، ليخطط للانقلاب على الحكم، وأن الانقلاب لم يكن شأنا داهليا خالصا بل كان مؤامرة خارجية تم تنفيذها من خلال عصابة الداخل.

ولفتت التسجيلات المسربة، لمن يديرون البلاد والمؤسسة العسكرية الآن، أن عبد الفتاح السيسي والمخابرات الحربية، واجهزة الأمن تغرق في “شبر مية” لمجرد أي أزمة صغيرة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...