السيسي يعد المصريين بمياه المجاري.. ماذا عن نهر النيل؟

أعلن قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، عن خطته لمواجهة أزمة المياه المتوقعة بعد بناء سد النهضة الإثيوبي؛ من خلال إنشاء أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي، وهو ما أثار التكهنات حول غياب الحلول مع أديس أبابا حول حصة مصر التاريخية.

تصريحات السيسي، التي جاءت الاثنين، خلال افتتاح عدد من المشروعات التنموية بمدينة العاشر من رمضان، حملت وعودا من السيسي للشعب، بقوله إن الأزمة القائمة مع إثيوبيا لن تصيبنا بالعجز في إيجاد بدائل لمصادر المياه، وإنه لن يسمح بوجود مشكلة مياه في مصر، مضيفا: “لازم الكل يتأمن من المياه”.

وقال السيسي إن مصر لم تكن تستفيد من حصة المياه المتاحة، وإن إنشاء المحطة التي تتكلف 60 مليار جنيه، هي الأكبر تكلفة بالنسبة لمصر، تأتي لتحقيق الاستفادة القصوى من حجم المياه المتاح، وإن حكومته بصدد تحلية المياه “مرة واتنين وتلاتة، معالجة ثلاثية، لحوالي مليار متر مكعب مياه بالسنة، بحيث لا تؤثر المياه على صحة المواطن والاستخدام الآمن للزراعة”.

وفي إشارة إلى احتمال قيامه بزيادة تعريفة المياه للمرة الثانية، أضاف أن “المواطن يدفع ربع تكلفة المياه، والدولة لا تستطيع الاستمرار في دعم الخدمات بهذا الشكل”.

وتعيش مصر أزمة غير مسبوقة مع دول حوض النيل، خاصة إثيوبيا التي تقوم ببناء سد النهضة الإثيوبي؛ بحجة التنمية وتوليد الكهرباء، والسودان التي ساءت علاقاتها بمصر على إثر هذا الملف، إلى جانب صراع السيادة بينهما على مثلث حلايب وشلاتين.

وكانت وكالة رويترز نشرت صورا تكشف انخفاض منسوب نهر النيل بأسوان في 27 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، مستشهدة بصور من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وأخرى من الشهر ذاته في 2017.

وفي 28 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قال وزير الري، محمد عبدالعاطي، أمام البرلمان، إن مصر تحتاج 114 مليار متر مكعب من المياه؛ لتحقيق الاكتفاء الذاتي، في استهلاك مياه الشرب، وري الأراضي الزراعية، في حين تبلغ حصتها من مياه النيل، مضافة إليها المياه الجوفية، نحو 60 مليارا.

وكان السيسي قال، خلال افتتاحه لعدد من الوحدات السكنية بمدينة 6 أكتوبر في 7 شباط/ فبراير 2016، إن المصريين بإمكانهم شرب مياه الصرف الصحي بعد معالجتها طبقا للمعايير الدولية، وإن مصر تحتاج لحوالي 23 مليار جنيه؛ لكي يتم إنجاز وحدات المعالجة الثلاثية خلال العامين المقبلين.


وفي 13 ‏آب/ أغسطس 2016، أعلن السيسي عن بداية ضخ 3.5 مليار متر مياه صرف صحي في محطات مياه الشرب لمعالجتها.


وفي 28 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، قال وزير الإسكان، مصطفى مدبولي، أثناء لقائه مسؤولي شركة “شنايدر إليكتريك”: “لدينا خطة للسنوات الخمس القادمة لإنتاج مليون م3 يوميا من مياه البحر المحلاة.

وتعجب السفير إبراهيم يسري من تصريحات السيسي وطريقة معالجته لأخطر أزمة يمر بها المصريين، قائلا عبر تويتر: “شرب مياه الصرف الصحي بدلا من مياه النيل، ونأكل لحم الحمير”، ساخرا بقوله: “يا سعدك يا مصر”.

‏وقال المراقب العام في الجهاز المركزي للمحاسبات‏‏، أشرف شعبان، عبر تويتر: “الصرف الصحي بديلا عن ماء النيل، أحد الحلول الفنكوشية التي ابتلينا بها نتيجة الاستهتار والمفاوضات العبثية مع إثيوبيا والسودان”، مضيفا: “لا للتفريط في حقوقنا”، و”النيل خط أحمر”.

من جانبه، شكك الخبير الهندسي، الدكتور عماد الوكيل، في إمكانية الاستخدام الآمن لمياه الصرف المعالجة، وقال عبر “فيسبوك”: “هل تعلم أنه لا توجد مواصفة أو كود يسمح بشرب مياه الصرف الصحي المعالجة، ولا يوجد مواصفة تسمح حتى بخلط الخرسانة بهذه المياه، ولا يوجد مواصفة تسمح بري الخضروات منها، فقط يسمح بري الأشجار الخشبية غير المثمرة، والباقي يستخدم في غسل الشوارع”.

40 مليار م3 مكعب عجز مائي

وقال المستشار السابق لوزير التجارة والصناعة، الدكتور إبراهيم نوار، إن إثيوبيا مستمرة في بناء سد النهضة. وفي المقابل، مصر لم تعترض على البناء، وإنما تحاول القاهرة إلزام أديس أبابا ببعض المعايير الفنية في ملء خزان السد، التي تضمن تدفق حصة مصر من مياه النيل.

نوار، أضاف، أن واقع الأزمة مع أزمة التفاوض يتفاقم مع وصول عدد سكان مصر إلى 104 ملايين نسمة، وهو ما يعني أننا كمصريين نواجه عجزا مائيا كبيرا، بمقدار 40 مليار متر مكعب على الأقل”.

وأوضح نوار قائلا: “ولذلك فإن الدولة المصرية تحتاج إلى تدبير موارد مائية، إضافية لتخطي حاجز العجز المائي، الذي يبلغ (ألف متر مكعب للفرد سنويا).

وأشار إلى أن هناك قنابل موقوتة تهدد استقرار الاقتصاد المصري في عام 2018، وأن أولها “شح المياه”، واصفا الحالة التي ستترتب عليها بقوله: “الأرض ستعطش، وربما يقل الزرع ويسوء حال الفلاحين، وهو ما ظهرت بوادره في الأطراف الشمالية من الدلتا عام 2017”.

وحول مدى صلاحية هذه المياه المعالجة للشرب، وكونها آمنة من عدمه على صحة أكثر من 90 مليون مصري، أكد نوار أن “المياه المعالجة عموما لا تصلح للشرب”.

ضياع حقوق مصر

من جانبه، وصف الخبير الاقتصادي، الدكتور مصطفى شاهين، تصريحات السيسي بـ”السيئة”، مؤكدا أن “وضع مصر في ظل أزمة مياه النيل صعب جدا”.

شاهين، قال إن اعتماد مصر على مياه الصرف الصحي في الشرب وزراعة المحاصيل الزراعية لهو أمر مؤسف للغاية أيضا”، مشيرا إلى أن هذه الحالة تعكس سوء وصعوبة الموقف التفاوضي للمصريين حول سد النهضة الإثيوبي وحصة مصر التاريخية من المياه.

وأضاف أن لجوء السيسي لحل معالجة مياه الصرف الصحي كاستراتيجية لمواجهة أزمة المياه يعني “ضياع حقوق مصر في مياه النيل”، مؤكدا أنه “لا يمكن أبدا لمصر، هبة النيل، أن تعتمد على مياه الصرف في الشرب وفي الزراعة”.

وأشار شاهين إلى صعوبة ذلك الحل أيضا في إنقاذ المصريين من العطش والجوع، وقال: “تتحدث عن بلد عدد سكانه في الداخل 94 مليون نسمة، وليس سهلا أن تغطي أكبر محطة في العالم لمعالجة للمياه ولا غيرها احتياجات هذا الكم من البشر”.

وأضاف: “كما أننا مقبلون في مصر على أزمة اقتصادية شديدة متوقعة، ستؤثر في كل مجريات الاقتصاد”.

#ايد_واحدة_ننقذ_بلدنا

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...