“من قطب إلى كفر الشيخ”.. كم نفسًا تكفي لتثبيت انقلاب العسكر؟

“هل ما يستحقه بلدنا أن يصحو على إعدام أو تصفية أو إرهاب..؟ ويمر يومه بين إخفاء قسري وأحكام انتقام..؟ ويستقبل ليله بخبر فساد او ضياع حقوق او خراب اقتصادي..؟ المخارج كثيرة لكن البعض لا يريد مخرجا بل مزيدا من المآسي.. على الشرفاء عاشقي مصر التكاتف لجعل 2018 عام حياة لا سنة أخرى للموت”، أسئلة تحمل بين طياتها ألم وغضب أطلقها الدكتور محمد محسوب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية بوزارة هشام قنديل السابق، تعبر عن شرارة ثورة تسري في شرايين الوعي المصري.
أربعة أبرياء جدد ذبحهم السيسي بسكين القضاء هذا الصباح في قضية كفر الشيخ، وقبلهم 27 شخصا صعدوا لمنصة الإعدام، و22 ينتظرون التنفيذ، ومئات الأحكام غير النهائية، هذا حال الأوضاع الحقوقية في مصر، منذ الانقلاب العسكري ضد «محمد مرسي» أول رئيس مدني منتخب في يوليو 2013.
وبحسب مراقبين فإن 5 قضايا منذ الانقلاب، تم تنفيذ فيها أحكام الإعدام، طالت 27 شخصا، في الوقت الذي ينتظر 22 شخصا موعد صعودهم لمنصة الإعدام، إثر صدور أحكاما نهائية بالإعدام بحقهم في 5 قضايا أخرى، وليس هناك إحصاء دقيق بعدد أحكام الإعدام غير النهائية، التي ينظرها القضاء المصري، غير أن منظمات حقوقية غير رسمية بمصر تعدها بضعة مئات.
 
المتهم شهيد!
“المتهم بريء حتى تثبت إدانته”، جملة ربما نسمعها كثيرًا داخل حجرات وقاعات المحاكم وفى غياهب السجون المظلمة، هذا إذا ما كان المتهم ما زال محبوسًا على ذمة قضية أو أخرى فما بالنا بأن يحكم على هذا المتهم بالإعدام وما بنا إذا نفذ هذا الحكم بالفعل فمن يقتص لهذا المتهم إذا كان بريئًا من قاض ربما لم يحكم بالعدل ولكن حكمه جاء لأسباب سياسية بحتة، قاض من الممكن أن يأتى له القرار بعد مكالمة تليفونية كما جاء فى بعض التسريبات الأخيرة التى أذاعتها القنوات الداعمة للشرعية والرافضة للانقلاب.
هذه ليست من الغرائب أو من قصص وهمية نقوم بتأليفها لكى يستمتع القارئ، عندما يدخل إلى بوابة الحرية والعدالة، بل للأسف واقع مرير تعيشه مصر بعد الانقلاب، بين أحكام قد تطول ويصبح الحكم فيها على المتهم بعد سنوات وسنوات، والكل يرى أن هذا الجانى يستحق الإعدام أو السجن، وبين قضايا يحكم فيها على المتهم بالإعدام بسرعة البرق لا لشىء ولكن لأنه مختلف مع النظام الحاكم سياسيًا.
وقبل 51 عاما كان موعد تنفيذ حكم الإعدام على “سيد قطب” من قبل انقلاب جمال عبد الناصر، والرجل أحد أكثر الشخصيات التي أثرت في تاريخ الأمة الإسلامية، ولاسيما جماعة الإخوان المسلمين الذي يعد قطب أحد القيادات البارزة بها.
 
العسكر قتلة
قال “عبد القادر عودة” لـ”جمال عبد الناصر” عام 1954 بضرورة إلغاء قرار حل جماعة الإخوان؛ مخافةً أن يتهور شاب منهم فى حالة غيظ واندفاع، فيقوم بعمل من أعمال الاعتداء بعيدًا عن مشاورة قادة الحركة، فأجاب “عبد الناصر”: “كم عدد الإخوان؟ مليونان، ثلاثة ملايين.. إننى مستغنٍ عن ثلث الأمة، ومستعد للتضحية بسبعة ملايين إذا كان الإخوان سبعة ملايين”، وهنا غلب الذهول الشهيد “عودة”، وقال فى ثورة: “سبعة ملايين ثمنًا لحياة فرد.. ما أغناك عن هذا يا جمال!”. وكان هذا الموقف من الأسباب التى دفعت إلى المصادقة على حكم الإعدام.
ومن الأسباب كذلك أن “عودة” عمد الضباط إلى اتخاذ قرار بعزل “محمد نجيب” من رئاسة الجمهورية، فأقدم على استلام الراية وابتدر قيادة الحركة، ونظم عشرات الآلاف من الجماهير فى مظاهرة؛ وهو ما أرغم الضباط والوزراء على إعادة اللواء “محمد نجيب” رئيسًا للجمهورية المصرية.
ومن الأسباب كذلك أن “عبد الناصر” أقدم على توقيع معاهدة مع الإنجليز، فطلب مكتب الإرشاد من الفقيه القانونى “عبد القادر عودة” أن يتناول الاتفاقية تناولًا قانونيًّا، بعيدًا عن أسلوب التحامل والتشهير، فجاءت الدراسة التى سلمت إلى السلطات المصرية فى ذلك الوقت، دراسةً قانونيةً تبرز للعيان ما تجره الاتفاقية على البلاد من استبقاء الاحتلال البريطانى مقنعًا، مع إعطائه صفة الاعتراف الشرعية.
وفى يوم الخميس الموافق 9 من ديسمبر عام 1954م كان موعد تنفيذ حكم الإعدام على “عبد القادر عودة” وآخرين، وتذكر بعض المصادر، أنه حين تقدم “عودة” إلى منصة الإعدام قال: “ماذا يهمنى أين أموت؛ أكان ذلك على فراشي، أو فى ساحة القتال.. أسيرًا، أو حرًّا.. إننى ذاهب إلى لقاء الله”، ثم توجه إلى الحاضرين وقال لهم: “أشكر الله الذى منحنى الشهادة.. إن دمى سينفجر على الثورة، وسيكون لعنةً عليها”.

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...