هل تتضمن “صفقة القرن” اعتراف واشنطن بـ”إسرائيلية” القدس؟

من غرائب الصفقات السرية التي تجريها دول خليجية وعربية مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، والتي تدور تحت صفقة ما يسمي (صفقة القرن) أن نجد توافق غريب بين الاجندة السعودية والأجندة الإسرائيلية، وألا تجد دول عربية في نقل السفارة الامريكية الي القدس، مشكلة رغم انه يعني اعتراف واشنطن بأن القدس يهودية ومن ثم لا تدخل فيما يسمى عملية التسوية المفترض أن هذه الصفقة قائمة عليها.
ومن عجائب هذه الصفقة أيضًا أن يتواطأ السيسي مع الصهاينة على إنهاء المقاومة الفلسطينية، وتقبل دول الخليج بهذا السيناريو وتسرع من جهتها التطبيع مع الصهاينة لحد استضافة فرق رياضية صهيونية في الإمارات والسعودية قبل أن يحدث أي تسوية؛ ما يطرح تساؤلاً حول هل تتضمن “صفقة القرن” اعتراف واشنطن بـ”إسرائيلية” القدس؟
فرغم أن كل الرؤساء الامريكان كانوا يعدون اللوبي الصهيوني في الانتخابات بنقل السفارة الأمريكية للقدس، إلا أنهم كانوا يسارعون للتوقيع على قرار بوقف تنفيذ نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس يتجدد كل 6 أشهر حتى تنتهي ولاية كل رئيس بلا نقل خشية إغضاب العالم الاسلامي.
ففي عام 2002، أصدر الكونجرس الأمريكي تشريعًا تضمن تحويل السفارة الأمريكية في تل أبيب للقدس، إلا أن الرئيس جورج دبليو بوش وقتها قرر عدم تفعيل تلك الفقرة، وقرر تأجيل التنفيذ لمدة 6 أشهر، واعتاد خلفاء بوش تجديد قرار التعليق بشكل متواصل منذ ذلك الحين.
هذا التقليد بإرجاء نقل السفارة اتبعه أيضًا الرئيس الحالي ترامب ولكن فجأة تداولت وسائل إعلام أمريكية، مؤخرًا، تقارير بشأن اعتزام الرئيس دونالد ترمب الاعتراف بالقدس “عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل”، وأفاد مسؤولون أمريكيون، الجمعة الماضية، بأن ترمب يعتزم الاعتراف بمدينة القدس “عاصمة لإسرائيل”، في خطاب يلقيه غدا الأربعاء.
ومطلع يونيو الماضي، وقع ترمب الذي تولى السلطة في 20 يناير 2017، مذكرة بتأجيل نقل السفارة إلى القدس لمدة 6 أشهر، انتهت أمس الإثنين، وكان من المتوقع أن يسلم ترمب موقفه للكونجرس أمس الإثنين، وتسربت أنباء أنه سيوافق هذه المرة وسط تحذيرات عربية وإسلامية من مغبة اتخاذ قرار بنقل السفارة.
واضطر البيت الأبيض للإعلان أمس الإثنين أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أجل قراره بشأن نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، على أن يتخذ القرار “خلال الأيام القليلة القادمة”.
وقال هوغان غيدلي، المتحدث باسم البيت الأبيض، في تصريح لوسائل الإعلام، إن ترمب سيعلن “خلال الأيام القليلة القادمة” ما إذا كان سيوقع قرارًا بوقف تنفيذ نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس أم لا.
ويواجه الرئيس الأمريكي ضغوطًا من قبل الجانب الجمهوري في أمريكا للاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل وذلك تنفيذًا لوعده خلال الحملة الانتخابية ومن الطرف الآخر، يعارض البيت والأبيض والخارجية الأمريكية الفكرة؛ لأنها تخالف الموقف الأمريكي للرؤساء الأمريكيين السابقين لترامب بأن مستقبل القدس يجب أن يحدد في إطار المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين.
واحتل الصهاينة الشطر الغربي من القدس عام 1948، ثم احتلوا الشطر الشرقي من مدينة القدس، في 1967، وأعلنوا ضمها إلى الشطر الغربي الذي سيطروا عليه قبل ذلك، معتبرين إياها “عاصمة موحدة وأبدية” لها؛ وهو ما يرفض العرب والمسلمون وغالبية دول العالم الاعتراف به.
الصفقة قد تتضرر
وقد سعى وزراء خارجية عرب لتحذير أمريكا من تضرر صفقة التسوية التي تجري حاليًا عمليات إنضاجها تمهيدًا لصفقة القرن، منهم مصر والأردن ودول خليجية، بيد أن تصرفات هذه الدول المشجعة على التطبيع مع الصهاينة دون انتظار تسوية القضية الفلسطينية ومشاركة الصهاينة الضغط على المقاومة كضمانه لتحقيق التسوية يثير الشكوك.
فقد بحث ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي ترامب خطة السلام في الشرق الأوسط، وتبحث الرياض استقبال فريق اسرائيل للعبة الشطرنج، ما جعل خبراء يقولون إن خطوة واشنطن بنقل السفارة للقدس “من غير المحتمل أن تؤدي إلى إعادة النظر في العلاقات بين الدول العربية والسنية وإسرائيل”، وفقًا لأسوشيتد برس!.
وفي شهادة أخرى على دفء العلاقات، أشاد السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة، رون درمر، ومدح ولي العهد السعودي، بن سلمان على الشجاعة والجرأة اللتين أظهرهما عند تنفيذ الإصلاحات الداخلية في المملكة!.
قال سفير إسرائيل في الولايات المتحدة، رون درمر، أثناء مقابلة له مع مجلة “بوليتيكو” الأمريكية أنه وفقًا للمفهوم الإسرائيلي، فإن محادثات السلام يجب أن تستند إلى نافذة الفرص لتوسيع التعاون مع جيران إسرائيل العرب، لا سيّما مع ولي العهد السعودي الشاب؟!
وفي المقابلة، أشاد درمر ببن سلمان لافتًا إلى أن الأخير جدير بالثناء بفضل الشجاعة والجرأة اللتين أظهرهما عند تنفيذ الإصلاحات الداخلية، مثل، منح رخص القيادة للسعوديات بعد سنوات كان يحظر عليهن فيها القيادة.
كما أشار إلى خطاب ألقاه بن سلمان في السعودية مؤخرًا، تحدث فيه عن أهمية مكافحة التطرّف والعودة إلى الإسلام الذي كان قائمًا قبل عام 1979 وقبل ظهور القوى المتطرفة، وفق أقواله.
على نقيض المواقف العربية، أبدت دول إسلامية بارزة، اليوم الثلاثاء، رفضها القاطع للخطوة التي قد يقدم عليها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال أيام، بشأن مدينة القدس، وهي الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل ووصفت الدول خطوة بأنها “بالغة الخطورة”.
وهدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريح حول هذا التطور قائلاً: “مسألة القدس قد تؤدي إلى قطع العلاقات مع إسرائيل”، مشيرًا إلى أن تركيا تجهز نفسها لخوض نضال حازم ضد نية الرئيس الأمريكي، ولن تخشى من الإقدام على خطوات شديدة بهذا الشأن.
وحذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن وضع القدس “خط أحمر للمسلمين”، مهددًا “بقطع العلاقات” مع إسرائيل.
وأكد أردوغان الذي يترأس منظمة التعاون الإسلامي أنه سيتم عقد قمة لهذه المنظمة التي تضم 57 بلدًا عضوًا في غضون 5 إلى 10 أيام في حال اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وأعلن أردوغان “سنواصل هذا الكفاح بتصميم حتى النهاية، وقد يصل الأمر إلى حد قطع علاقاتنا الدبلوماسية مع إسرائيل”.
ولكن بينما يهدد الرئيس التركي بخطوات واضحة تتضمن قطع العلاقات مع إسرائيل وخطوات ضد أمريكا نفسها، لا ترى الحكومات الخليجية والعربية أن الأمر بهذه الاهمية ويقتصر موقفها علي تقديم النصيحة لأمريكا أن تؤجل هذه الخطوة لأنها تعلم أنها ستفضح مواقفهم المخزية.
x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...