إثيوبيا تستولي على المياه.. السيسي باع و”الجيش” جاهز بمحطات التحلية

تتعامل عصابة الانقلاب مع الملفات المختلفة بمنطق المثل المصري “المنشار.. طالع واكل نازل واكل”، فالسيسي الذي زعم تفهمه للدوافع الإثيوبية لبناء سد النهضة، ومضى معهم اتفاقا لإعلان المبادئ في 2015 في العاصمة الخرطوم، نظير حصوله على امتيازات، منها الاعتراف الإفريقي به رغم انقلابه، والمزيد من الرز من عواصمه الإقليمية، إلا أنه أثناء تباكيه على بناء السد وبدء إثيوبيا في تخزين نحو 60% من البحيرة خلف السد، يوجه السيسي بالتدخل العسكري لوقف بناء السد على أساس أن اكتماله خطر حقيقي على مصر، ثم يخرج اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بتصريح قال فيه عقب فشل مفاوضات المسائل التقنية: إن “مصر تعمل على إنشاء محطات تحلية كبيرة لمياه البحر في العالم، ستعمل على تنقية 164 ألف متر مكعب من المياه يوميا”.

المشاريع الفاشلة

وتعليقًا على تصريحات رئيس الهيئة الهندسية، يقول الخبراء إن المحطات لن تفي باحتياجات المصريين من المياه، والسبب يكمن في عدة أمور، كشفها الدكتور إيهاب حراجي، وهي:
أولا: أن مصر بحاجة إلى إنتاج 15 مليون متر مكعب يوميا من المياه؛ لتعويض الفقد الذي تتحدث عنه الإحصاءات التي تقدره بـ52 مليار متر مكعب في حال استكملت إثيوبيا تخزين المياه بالسد في عام كما تريد بالفعل، حيث إن نصيب مصر سنويا من مياه النيل 55 مليار متر مكعب، وهو أمر يكلف بين 160 و180 مليار دولار سنويا، تُنفق على التحلية والوقود والكهرباء وكل الأعمال الفنية.

ثانيا: المبلغ المطلوب لتنفيذ خطة طموحة كهذه لا يمكن أن تتحمله الحكومة ولا دافع الضرائب، المواطن المصري؛ لأن سعر بيع المياه المحلّاة من البحر للمستهلك لن يكون قليلاً، فقد يصل سعر متر المياه إلى 12 جنيها للمتر الواحد؛ ومن ثم ستكون الخسارة للجانبين؛ الدولة والمواطن.

التنازل وتوابعه

واعتبر مراقبون أن موافقة عصابة الانقلاب على الاتفاق الإطاري في مارس 2015، وهو الاتفاق الذي وقع عليه السيسي مع السوداني عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا هايلي ماريام ديسالي، بمثابة أول تنازل حقيقي في ملف السد، وهو الاتفاق الذي أطلق يد إثيوبيا لتكمل البناء الذي يموله صينيون ورجال أعمال عرب، منهم الملياردير السعودي “العمودي”، الذي تم اعتقاله مؤخرا بسبب تورطه في قضايا فساد، بحسب الاتهام السعودي.

واعتبر خبير الموارد المائية د.إيهاب حراجي أنه “لا تستطيع مصر تقديم المزيد على طاولة التفاوض؛ لأنها سبق بالفعل أن قدمت تنازلات كثيرة”، وقال في تصريح لـ”هاف بوست”: إن “هناك 4 أخطاء ارتكبها الجانب المصري في ملف سد النهضة:

أولاً: بینما كانت إثیوبیا ترفض اللجنتين الدوليتين الأولى والثانية، كانت مصر تعلن طواعية تخليها عن الدراسات الهندسية، في مقابل الدراسات البیئیة الخاصة بسد النهضة.

ثانيا: مصر كانت تدرك أن كل جهودها لتغییر مواصفات سد النهضة لن تحقق أي نجاح، وذلك منذ عدة سنوات، ولكن بعض أجهزة الدولة، مثل وزارتي الري والخارجية، علقت الآمال على وجود السفيه السيسي ليضيف جديدًا، وهو ما لم يحدث.

ثالثا: مصر تسرعت وتورطت في التوقيع على اتفاقية “وثیقة المبادئ”، التي تنص صراحة على أن إثیوبیا لها السيادة المطلقة على كل مواردها المائية، كما أن هذه الاتفاقية أضفت شرعية على هذا السد، وقدمت اعترافا مصريا رسميا ومطلقا به، من دون أية تحفظات على وجوده وإنشائه.

رابعا: لم تتضمن الاتفاقية أي ضمانات لحصة مصر التاریخیة، وهو خطأ آخر وقعت فيه الدولة المصریة.

حتى البدائل

وتعتبر هزائم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي فرصة لدخول آخرين في ساحات التطاحن، ليطرح أن البدائل المطروحة أيضا في نفس الملف هي لمنشار الجيش.

واتهم الفريق سامى عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، حكومة ونظام السيسى بالتسبب في “الوضع الكارثى لأزمة مياه النيل”، معتبرًا أن بداية الفشل فى هذا الملف منذ أن وقعت مصر على إعلان الخرطوم الثلاثى فى مارس 2015.

وقال “عنان”، فى بيان منسوب له عبر موقع فيس بوك، ونشره الناشط حازم عبد العظيم، إن “فشل حكومة السيسى في إدارة الملف يصل إلى حد الخطيئة منذ أن وقعت مصر على إعلان الخرطوم الثلاثي في مارس 2015 مؤتمر حسن النوايا ورفع الأيدي، لافتًا إلى أن العلاقات الدولية لا تُدار بحسن النوايا ولكن بالمصالح”.

وشدد على أنه “يجب محاسبة كل من أوصلنا إلى هذا الوضع الكارثي المهين، وقيام مؤسسات الدولة وأجهزتها بدراسة كافة الحلول المتاحة لإصلاح هذا الموقف السيئ؛ للحفاظ على حقوق مصر التاريخية في مياه النيل”.

وأكد ضرورة إعلام الشعب بكافة الأمور والمستجدات بشفافية كاملة، وعلى الدولة أن تعلن أن كل الخيارات متاحة للدفاع عن الأمن القومي لمصر وحقوقها التاريخية في مياه النيل.

تسجيل تاريخي

وفتح موالون سابقون للانقلاب، ومنهم أحمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة الأهرام سابقا، النار على السيسي واتهمه بالمسئولية عن توقيع اتفاق المبادئ، الذي بموجبه تم التخلي عن حق مصر التاريخي في مياه النيل.

وبعد جولات طويلة من المفاوضات المصرية مع إثيوبيا، توصلت مصر والسودان وإثيوبيا لاتفاق إعلان المبادئ بشأن مياه النيل في 23 مارس 2015. وقد تم توقيع الاتفاق في الخرطوم، وهو اتفاق على أرضية الموقف الإثيوبي كليا، ولا يحقق أي مطلب رئيسي من مطالب مصر. ويمكن اعتباره هزيمة دبلوماسية كاملة للمفاوض الرسمي المصري في قضية سد النهضة”.

وتبلغ الحصة التاريخية لمصر نحو 55 مليار متر مكعب، بحسب اتفاقية النيل الموقعة في عام 1959، والتي قدمت لمصر 48 مليار متر مكعب حصة في الماء، بالإضافة إلى تقاسم مصر والسودان حصة المياه المتجمعة من بناء السد العالي المصري والتي تبلغ نحو 6 مليارات متر مكعب.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...