بلومبيرغ: الحملة ضد المليارديرات وكبار المسؤولين تهز السعودية

نشر موقع “بلومبيرغ” الإخباري تقريرا لكل من الصحافيين فيفيان نيريم وعلاء شاهين وسارة الجثامي، قالوا فيه إنه حتى بمقاييس ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي كان صعوده إلى أعتاب الحكم في السعودية وهو يبلغ من العمر 32 عاما، صعودا فلكيا، فإن حملة ليلة السبت كانت مذهلة.

ويقول الصحافيون إنه “خلال ساعات قليلة قامت قوات الأمن باعتقال الأمراء والمليارديرات والوزراء والمسؤولين السابقين الكبار، بمجرد إعلان الملك عن حملة شاملة ضد الفساد، وشمل الاعتقال الملياردير الأمير الوليد بن طلال، الذي تم اعتقاله من مخيمه الصحراوي خارج الرياض، بحسب مسؤول سعودي كبير، وتم تسريب أسماء المشتبه بهم لوسائل الإعلام المحلية قبل منتصف الليل، وكانت في البداية الأحرف الأولى، لكن بعد ذلك تم تسريب الأسماء كاملة”.

ويشير التقرير، إلى أن الملك أعفى الأمير متعب بن عبدالله من منصبه المهم، رئيسا للحرس الوطني، وكان آخر أمير كبير لم تصله التغييرات الحكومية، التي قدمت حلفاء لابنه، لافتا إلى أن الأمير محمدا أصبح وليا للعهد في حزيران/ يونيو، عندما تم إعفاء ابن عمه من منصب ولاية العهد.

ويجد الموقع أن “حجم هذه الحملة يتناسب مع الأمير -المعروف في الخارج باسمه المختصر (MBS)- الذي يبرع في فن الصدمة والرعب، ومنذ عام 2015 بدأ الأمير بتعديلات كبيرة؛ لتجهيز البلد لاقتصاد ما بعد النفط، وجر البلد إلى حرب في اليمن، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الجارة قطر، وفي الوقت ذاته أمسك بمقابض السلطة كلها، من الدفاع إلى السياسات النفطية”.

وينقل الكتّاب عن رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة “يورآسيا” أيهم كامل، قوله لتلفزيون “بلومبيرغ”، إن “تهميش خصوم ابن سلمان الأقوياء كان جزءا من الخطة لتسهيل الطريق أمام صعود الأمير للعرش”، وأضاف قائلا: “هو الآن على مدى خطوات من ذلك”.

وقال كامل: “حملة مكافحة الفساد بالتأكيد حملة جديدة في السعودية، وهي جهد من محمد بن سلمان؛ ليقدم نفسه على أنه مصلح وشخصية محبوبة تهتم بالناس، لكن بالتأكيد هناك بعد سياسي لهذا الأمر”.

ويلفت التقرير إلى أنه يخشى من أن يواجه المستثمرون المحليون والأجانب صعوبات في التعامل مع التغيرات السريعة التي تحصل في المملكة؛ بسبب هذه الاعتقالات الواسعة، مشيرا إلى أن الأمير محمد بن سلمان أعلن قبل أسبوعين عن مشروع “نيوم”، وهي أكبر مدينة ترفيهية على البحر الأحمر، وقال إن المشروع مدعوم بأكثر من 500 مليار دولار، حيث جذب مؤتمر عقد في مركز مؤتمرات بجانب فندق “رتز كارلتون”، كبار المصرفيين والمستثمرين في العالم، بمن فيهم رئيس مجلس إدارة “بلاكستون غروب آل بي” ستيفين شوارتزمان.

ويذكر الموقع أنه “في صباح الأحد حاول مراسل صحافي زيارة الفندق، فوجد أنه مغلق تماما -وقد أغلقت بوابته الكبيرة على غير العادة- دون وجود أي حراس ظاهرين، وسط تخمينات بأن من طالتهم حملة الاعتقال الليلية يقبعون هناك، وقال أحد مديري الفندق لدى الاتصال به على هاتفه الجوال بأن الفندق، الذي يحوي 492 غرفة، مغلق، حيث أخذته الحكومة لاستخدامه”.

ويورد التقرير نقلا عن الزميل في “ويلسون سنتر” المتخصص في الشرق الأوسط ديفيد أوتاوي، قوله إن اعتقال الأمير الوليد، وهو مستثمر في “سيتي غروب” و”تويتر” قد “يقلل من رغبة المستثمرين في الاستثمار في برنامج ولي العهد (رؤية 2030)، الذي روج له كثيرا”.

ويعلق الصحافيون قائلين: “لا يبدو أن المستثمرين الأجانب كانوا هم الجمهور المستهدف من تحرك الأمير محمد بن سلمان، لكن التحرك كان مصمما ليلمس وترا لدى الشباب السعودي، الذين يتحملون الأضرار المترتبة على انخفاض أسعار النفط، ويشتكون سرا وعلى شبكات التواصل الاجتماعي بأن النخبة في المملكة فوق القانون”.

وينوه الموقع إلى أن ردة فعل الشارع ابتداء كانت إيجابية، حيث تم نشر لقطة من مقابلة للأمير محمد بن سلمان في وقت سابق من هذا العام، قال فيها إن لا أحد فوق القانون، مشيرا إلى أن هاشتاغ (ثورة_4_نوفمبر) في تغريدات على “تويتر”، وهو ما يعد المؤشر الرئيس لمزاج الشارع في بلد لا يسمح فيه بالاستفتاءات، من أكثر الهاشتاغات تداولا.

ويورد التقرير نقلا عن فاطمة القحطاني، وهي من سكان مدينة الخبر في شرق المملكة، قولها في مقابلة معها، إن القرار “جعلنا فخورين بكوننا مواطنين سعوديين.. حيث أكدت قيادتنا أننا متساوون، وأنه لا مكان للفساد بيننا، وأننا جميعا مسؤولون عما نفعل”.

ويفيد الكتّاب بأن الحديث مع سبعة سعوديين آخرين، طلبوا عدم ذكر أسمائهم، أظهر ردود فعل مختلطة، فبعضهم رأى في الإعلان مؤشرا على أن المساءلة تطال حتى ذوي النفوذ، حتى في الوقت الذي تفوح من التحرك رائحة انتزاع السلطة، ورأى آخرون أن التحرك لا يعدو عن كونه لعبة سياسية.

ويذكر الموقع أن الملك استبدل يوم السبت وزير الاقتصاد والتخطيط عادل الفقيه بنائبه محمد التويجري، حيث تقول المحللة الأمنية في شركة “لي بيك إنترناشينال” للاستشارات الإدارية، مريم إيبز، إن عزل الفقيه، وهو مقرب من محمد بن سلمان، يساعد على “منع رؤية التحرك على أنه حملة موجهة ضد الناقدين والمنافسين المحتملين، حيث لا يمكن رؤية (الفقيه) منتقدا أو عقبة أمام محمد بن سلمان”.

وبحسب التقرير، فإن التويجري مصرفي سابق مع بنك “أتش أس بي سي هولدنغز”، وهو من المقربين لولي العهد، ومسؤول عن توجيه الاقتصاد خلال الفترة الانتقالية بعيدا عن النفط، لافتا إلى أن الحكومة قامت على مدى العامين الماضيين بخفض الدعم والنفقات لتخفيض العجز المتزايد في الميزانية، وتخطط السلطات لفرض ضريبة القيمة المضافة لأول مرة السنة القادمة.

وتقول إيبز للموقع إن إجراءات التقشف تقوض العقد الاجتماعي الذي استمر لعقود، والذي قام على تقديم الحكومة للرعاية الاجتماعية مقابل ولاء تام، ولذلك فإن حملة علنية ضد الفساد تقول للشعب إن بإمكانه الثقة بالحكومة بألا تسيء استخدام أموالهم.

ويستدرك الصحافيون بأنه على المدى القصير، فإن حجم التغيير قد يحث الشركات على التوقف قبل استثمار مبالغ إضافية في أكبر اقتصاد عربي.

ويختم “بلومبيرغ” تقريره بالإشارة إلى قول أستاذ الشؤون الدولية في جامعة أي أم تكساس والمتخصص في الشأن السعودي، جورج غوس: “إن الهجوم على الشخصيات الكبيرة في الاقتصاد السعودي أمر محير، في وقت تقوم فيه المملكة بتشجيع الاستثمار من القطاع الخاص محليا ومن الأجانب”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...