بعد سنة على الكارثة.. «الأرقام» تؤكد فشل قرارات «التعويم»

رغم أن حكومة العسكر بررت قرار التعويم الكارثي، في 3 نوفمبر الماضي 2016م، بأنه سوف يؤدي إلى زيادة حجم الصادرات المصرية غير البترولية، بما يسهم في زيادة إيرادات الدخل القومي من الدولار؛ وأعلنت عن أنها تستهدف الوصول بأرقام التصدير عام 2020 إلى “34” مليار دولار؛ إلا أن الأرقام الرسمية تؤكد فشل قرار التعويم في تحقيق أهدافه.

ويشكك مصدّرون في تحقيق استراتيجية حكومة العسكر، التي تستهدف تحقيق معدلات زيادةٍ فى الصادرات للوصول بها إلى 34 مليار دولار عام 2020، مؤكدين أن إعادة تفعيل جهاز تنمية الصادرات من أجل التركيز على تنفيذ ومتابعة تلك الاستراتيجية، وأن التحركات الحالية أيضا غير كافية للوصول إلى الأهداف المنشودة، ويرون أن أرقام الصادرات المحققة حاليا لم تعكس حتى الآن النتائج المرجوة من قرار «التعويم».

“2011” أعلى معدلات التصدير

ودأبت وزارة التجارة والصناعة خلال العام الماضي على الإعلان بصورة شبه يومية على لسان الوزير طارق قابيل، عن تحسن أداء الصادرات المصرية، وارتفاع قيمتها خلال العام الماضى بنحو مليارى دولار مقارنة بالعام 2015، ولكن البيانات والأرقام الصادرة عن الوزارة نفسها تؤكد أن أداء قطاع التصدير لا يزال متواضعًا، مقارنة بسنوات مضت، خصوصًا عام الثورة المصرية 2011 الذي حقق أعلى معدلاتٍ للتصدير في تاريخ البلاد.

وبحسب بيانات وزارة التجارة والصناعة، فقد سجلت الصادرات المصرية غير البترولية 23.3 مليار دولار بنهاية عام ثورة يناير 2011، وهى قيمة أعلى من تلك التى تحققت فى أواخر عام 2010، الذى سجل 20.5 مليار دولار، كما حققت الصادرات فى نهاية 2012 ما قيمته 22.8 مليار دولار، كما بلغت 22 مليار دولار بنهاية 2013، ونحو 22.1 مليار دولار بنهاية 2014، ثم تدهورت فى عامها الأسوأ 2015 وسجلت نحو 18 مليار دولار، ثم ارتفعت بنحو مليارى دولار لتحقق نحو 20 مليار دولار بنهاية 2016. ووفقا لما أعلنته الوزارة مؤخرا، فقد حققت الصادرات ارتفاعا بلغت قيمته 1.5 مليار؛ وهو رقم هزيل ومتواضع مقارنة بما كانت تروج له حكومة العسكر قبل قرارات التعويم الكارثية.

ونشرت صحيفة “الوطن” الموالية للعسكر، اليوم الخميس، ملفًا ضخمًا على عدة صفحات، معظم محتوياته تشيد بقرارات التعويم الكارثية، إلا أنها على هامش الملف تناولت تواضع أرقام التصدير بعكس ما كان يتم الترويج له قبل اتخاذ قرار التعويم نوفمبر 2016م.

استيراد مستلزمات الإنتاج

وبحسب الصحيفة، فإن مُصدّرين يبررون عدم تأثر الصادرات بالتعويم بأن أغلب مستلزمات الإنتاج فى معظم القطاعات مستوردة من الخارج، وبالتالى فإن انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع سعر الدولار انعكس بالتبعية على سعر المنتجات المصرية، ومن ثم فقدت الميزة التنافسية السعرية، ولم تستفد من تحرير سعر الصرف بالقدر المطلوب.

كارثة المصانع المغلقة

ويرى كثير من الصناع أن استراتيجية الوزارة تفتقد بشكل أو بآخر الآليات الواضحة للتنفيذ، ما يستدعى بالضرورة اتخاذ عدة خطوات مهمة؛ فى مقدمتها حل مشكلات الصناعة الداخلية، وعلى وجه الخصوص ملف المصانع المتعثرة.

حقائق صادمة

ووفقًا لتصريحات رجل صناعة، فضل عدم ذكر اسمه، فإن البيانات تؤكد حقيقة قد تبدو صادمة نوعا ما، وهى أن الزيادة فى قيمة الصادرات التى شهدتها الأشهر القليلة الماضية لم تأت نتيجة تحسن الصناعة المحلية، أو نجاح الوزارة والمصدرين معا فى فتح أسواق جديدة، أو حتى بسبب «التعويم»، بل إنها جاءت عبر بنود محدودة، وربما كان أهمها وأبرزها بند صادرات الذهب الخام والمشغول، حيث ارتفعت قيمتها من 638 مليون دولار فى عام 2015، إلى 2 مليار و573 مليون دولار بزيادة نسبتها 303%.

وبنظرة متفحصة فى هيكل الصادرات المصرية غير البترولية، سيتضح أن هناك نحو 10 إلى 15 سلعة تستحوذ على الحصة الأكبر من الصادرات، إذ تصل قيمة صادرات منتجات اللدائن البلاستيكية على سبيل المثال إلى 1.2 مليار دولار، وصادرات الخلايا والبطاريات الجافة إلى 1.7 مليار دولار، وصادرات الأجهزة الكهربائية بلغت 708 ملايين دولار.

وبحسب دراسة صادرة عن إدارة الإحصاء والتوثيق بوزارة التجارة والصناعة بشأن اتجاهات الصادرات المصرية، فقد تركزت الصادرات المصرية السلعية خلال الفترة من يناير/مارس 2017 فى نحو 15 سلعة فقط، مثلت فى مجموعها 46.4% من إجمالى قيمة الصادرات.

وكشفت الدراسة عن استحواذ فئة قليلة من المنتجات على هيكل الصادرات، جاء على رأسها الذهب الخام أو نصف المشغول، بأهمية نسبية 12.74% من إجمالى قيمة الصادرات، حيث ارتفعت قيمة صادرات مصر منه بنسبة 93% لتصل إلى 703.16 مليون دولار، مقارنة بـ364.3 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضى.

ومن بين أبرز السلع التى احتلت مرتبة متقدمة فى هيكل الصادرات المصرية الأسمدة الآزوتية، التى مثلت نسبة 4.49% من إجمالى قيمة الصادرات، وشهدت ارتفاعاً بنسبة 68.2% لتصل إلى 247.81 مليون دولار مقارنة بـ147.33 مليون دولار خلال الفترة من يناير/مارس العام الماضى، تلتها منتجات الأسلاك والكابلات التى مثلت أهمية نسبية 3.22% من الإجمالى، لكنها شهدت انخفاضا بنسبة 12.6% لتصل إلى 177.44 مليون دولار مقارنة بـ203.09 ملايين دولار لنفس الفترة من العام الماضى، كما مثلت سلعة البطاطس ما نسبته 2.36% من إجمالى قيمة الصادرات، وشهدت ارتفاعا بنسبة 17.9% لتصل إلى 130.37 مليون دولار مقارنة بـ110.6 مليون دولار.

فى النهاية، فإن بيانات وزارة التجارة تؤكد أن هيكل الصادرات المصرية يعانى من عدم التنوع، وعدم إدخال سلع جديدة، ومن ثم ثبات القاعدة التصديرية على عدد محدود من الشركات والسلع، وعدم وجود مصدرين جدد، وهو ما يتطلب حلولاً غير تقليدية لا تتوافر في حكومة العسكر أو كبار الجنرالات.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...