الحياء من الإيمان

لعل من نافلة القول أن نذكر بأن دعوة الإسلام في مجملها إنما هي دعوة أخلاق ، وقد حدد الرسول صلى الله عليه وسلم – الغاية الأولي من بعثته حين قال : ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” موطأ مالك .
1-تعريف الحياء : ( تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ) وقال الجرجاني هو ( انقباض النفس من شيء وتركه حذراً عن اللوم فيه ) وقال الراغب ( الحياء انقباض النفس عن القبائح وتركها ) نقلا عن موسوعة نضرة النعيم .
2- أدلته من القرآن والسنة : يقول الله تعالي : ( فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ)(القصص: من الآية25) .وقال تعالي : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ)(الأحزاب: من الآية53) .
ومن السنة عن سلمان الفارسي – رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه يدعوه أن يردهما صفراً ليس فيهما شيء ” الترمذي وقال الألباني صحيح وابن ماجة . عن أبي هريرة – رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – : “ الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان ” البخاري ومسلم , عن أبي سعيد الخدري – رضى الله عنه قال : ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها ” البخاري ومسلم
عن عبد الله بن عمر – رضى الله عنهما قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ دعه فإن الحياء من الإيمان ” البخاري ومسلم.
3-أبواب الحياء :
أ- من الله تعالي وهو عز وجل أحق أن يستحيا منه والحياء منه طريق إلي كل طاعة واجتناب كل معصية . عن عبد الله بن مسعود – رضى الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” استحيوا من الله حق الحياء ” قال : قلنا : يا رسول الله إنا نستحي من الله والحمد لله قال : ” ليس ذاك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء : أن تحفظ الرأس وما وعي ، والبطن وما حوى ، ولتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء ” أخرجه الترمذي ، أحمد ، الحاكم وقال صحيح الإسناد وأقره الذهبي .
ب- الحياء من الملائكة : قال تعالي : ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ، كِرَاماً كَاتِبِينَ ، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) (الانفطار 10 :12) . قال ابن القيم : قال بعض الصحابة إن معكم من لا يفارقكم فاستحيوا منهم وأكرموهم ” الداء والدواء .
وكان بعض السلف يقول إذا خلا أهلاً بملائكة ربي لا أعدكم اليوم خيراً ، خذوا عني علي بركة الله ثم يبدأ في ذكره – سبحان الله والحمد لله ” .
ج- الحياء من النفس : إن من عادة الإنسان أن تستحي ممن يكبر في نفسه ويعظم في عينه وينبغي أن تكون نفس الإنسان أعظم عنده من غيره فمن استحيا من الناس ولم يستحي من نفسه فنفسه أحقر عنده من الناس . والمسلم الذي كبرت عنده نفسه تستحي منها اكثر من استحيائه من غيره ولذلك قال بعض السلف ( من عمل في السر عملاً يستحي منه في العلانية فليس لنفسه عنده قدر ) والاستحياء من النفس من أكمل أنواع الحياء إذ الذي يستحي من نفسه سيكون حياؤه من غيرها أولي
د- الحياء من الناس : عن النواس بن سمعان أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم – عن البر و الإثم فقال : ” البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس ” مسلم وأحمد والترمذى وقال صلى الله عليه وسلم – : ” ما كرهت أن يراه الناس فلا تفعله إذا خلوت ” رواه ابن حبان وحسنه الألباني . وقال حذيفة رضى الله عنه : لا خير فيمن لا يستحي من الناس .
وقال صلى الله عليه وسلم – للرجل الذي استوصاه : ” أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح من قومك ” رواه أحمد في الزهد وقال الألباني إسناده جيد .
4 – من مظاهر الحياء : قال الإمام بن القيم ( قسم الحياء إلي عشرة أوجه : حياء جناية ، وحياء تقصير ، وحياء إجلال ، وحياء كرم ، وحياء حشمة ، وحياء استحقار النفس ( استصغارها ) ، وحياء محبة ، وحياء عبودية ، وحياء شرف وعزة ، وحياء المستحي من نفسه ) مدارج السالكين .
5 -كيف ينشأ الحياء : قال الإمام الجنيد – رحمه الله : الحياء رؤية الآلاء ” أي النعم ” ورؤية التقصير ويتولد بينهما الحياء .
وقال الإمام ابن القيم : ” أن الحياء حالة حاصلة من امتزاج التعظيم بالمودة فإذا اقترنا تولد بينهما الحياء ” وقال رحمه الله : ” وقد يتولد الحياء من علم العبد بنظر الحق إليه فيجذبه ذلك إلي تحمل المجاهدة ويحمله علي استقباح الجناية ويسكته عن الشكوى : مدارج السالكين .
وفي الختام : هل يستحي العصاة والمذنبون من الله ؟ إننا نقول وبيقين أن العصاة والمذنبين من – كذابين وخائنين ومغتابين وغشاشين ومرتشين وغافلين ومرابين وظالمين وقاطعي الأرحام ….. ليس لديهم حياء إذ لو كان لمنعهم من مخالفة أمر الله والتجرؤ عليه سبحانه . هل آن للمتبرجات الحياء من الله , والالتزام بالحجاب الشرعي .
سؤال : أكمل الحديث : («الْحَيَاءُ كُلُّهُ ………….» صحيح مسلم
وصية عملية : أن تكون شديد الحياء , دقيق الشعور , وأن تكون متواضعا ً من غير ذلة ولا خنوع .

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...