مهدي عاكف.. رجل المهام الصعبة

77 عامًا قضاها الأستاذ محمد مهدي عاكف، في صنع النموذج لفرد الإخوان المسلمين بثبات نادر أمام كل المحاولات لثنيه عن قبول حكم العسكر من عبد الناصر إلى السيسي، عشرات النداءات وجهها حقوقيون وقانونيون لأجل الإفراج الصحي عن “عاكف”، وتعشم قادة الانقلاب أن ينحني الرجل ولكن ههيهات، فيرفض الأستاذ المرشد كتابة طلب عفو صحي من السيسي أو حتى تقديم استرحام، وهو أحوج ما يكون في سنه لرعاية وتمريض، بحسب ابنته علياء، ويخبرها كلاما تنقله عنه: “لا أعتذر عن العمل مع الله، ولا أقـرّ لطاغية”.
ترك الهندسة
لم يعتن محمد مهدي عاكف كثيرًا بالمسميات، ولا ببهرج الدنيا، وإنما كان سعيه أن يكون جنديًا في دعوة الإخوان المسلمين، توظفه الدعوة أينما شاءت منذ التحاقه بها في 1940، فالتحق عاكف بكلية الهندسة التي كانت بمثابة الحلم تمنى تحقيقه منذ الصغر، وقرر أن يتركها وانتقل إلى معهد التربية الرياضية، حين سمع “البنا” وهو يقول إن هذا المعهد هو الوحيد الذي لا يوجد به أحد من الإخوان، وبعد تخرجه من من معهد التربية الرياضية التحق بكلية الحقوق عام 1951، وقد تربى عاكف منذ صغره تربية إسلامية صحيحة، وكان استاذه ومعلمه هو الشيخ محب الدين الخطيب إضافة إلى معلمه الأول حسن البنا.
وواصل عاكف جهاده الدعوي؛ فكان أول من تولى قسم الطلاب في الاخوان وكان هذا القسم هو الأهم في الجماعة التي قامت على أكتاف الطلاب، كما التحق بالتنظيم الخاص الذي أسسه البنا لمواجهة الاحتلال البريطاني.
فلسطين والقنال
قامت حرب فلسطين في مايو 1948 وكان نشاط الإخوان ضخمًا جدًّا وذهب جيشهم إلى فلسطين، وكان الاستاذ محمد مهدي عاكف في طليعة من زحف إليها من مجموعات الإخوان المقاتلة من القطر كله، يقول عنها عاكف: “وانتشر تدريب الإخوان في الهايكستب وفي بورسعيد وفي سوريا وفي الأردن، ولم تكن تسمع غير فلسطين وحرب فلسطين والإخوان، وكل ذلك النشاط كانت تدعمه الحكومات، فكان الحاج أمين الحسيني وعبد الرحمن عزام باشا أمين عام الجامعة العربية معنا ليل نهار، وكان كل شيء نفعله باسم الجامعة العربية وأمين الحسني، فكانت فترة عظيمة للإخوان.
وشارك الاستاذ عاكف بعمليات زلزلت المحتل الانجليزي، مثل نسف قطار القنطرة وبورسعيد ونسف مخازن أبو سلطان، وكذلك المعركة الشديدة التي استشهد فيها عمر شاهين وأحمد المنيسي في التل الكبير، وقد أحدث استشهادهم دويًا واستجابت الحكومة لإرادة الشعب وألغت معاهدة 1936″.
محنة السجن
ودون نقاش سلم الاستاذ عاكف نفسه قبل محنة 54، لداخلية عبد الناصر بمقر البوليس الحربي، بناء على طلب من الاستاذ المرشد حسن الهضيبي، ووجد هناك كل الضباط من الإخوان في ذلك الوقت معتقلين، ومنهم عبد المنعم عبد الرءوف وأبو المكارم عبد الحي وعبد الكريم عطية، وأمضى نحو 25 يومًا وخرج في شهر مارس عدد من ضباط الإخوان، وبعدها هرب اللواء عبد المنعم عبد الرءوف من المحاكمة العسكرية وكان قائدًا لجيش فلسطين في ذلك الوقت، يقول الاستاذ عاكف: “فأخذته وظل يعيش معي، وأجرت له فيلا في الهرم، وبيتًا آخر في شبرا، وبيتًا في إمبابة، بالإضافة إلى بيتنا في العزبة، وظل يتنقل بين تلك الأماكن، وأوصله بنفسه للمطار، ثم قُبض عليه في أول أغسطس 1954م، وحُوكم بتهمة تهريب اللواء عبد المنعم عبد الرؤوف، أحد قيادات الجيش واحد اعلام الاخوان، والذي أشرف على طرد الملك “فاروق”- وحُكم عليه بالإعدام، ثم خُفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.
غرفة الإعدام
ذهبوا بالاستاذ عاكف إلى غرفة الإعدام في 8 ديسمبر سنة 1954م وكان ترتيبه في الدخول للمشنقة السابع بعد العلامة القانوني عبد القادر عودة، والشيخ محمد فرغلي، ويوسف طلعت، وإبراهيم الطيب، وهنداوي دوير، ومحمود عبد اللطيف، إلا أنه فوجئ بحمزة البسيوني يعطيه والدته التي تخبره بأنه لن يتم تنفيذ حكم الإعدام فيه ، بعد وساطة رئيس وزراء سوريا ورئيس وزراء باكستان وولي عهد السعودية، وألغى مجلس الثورة الإعدامات لوساطتهم وحوَّلها إلى تأبيدة، وكان بعده في عنبر الاعدامات صلاح شادي والشناوي وعلي نويتو وسعد حجاج وصلاح عبد المعطي، ومجموعة كبيرة.
الطلاب والشباب
وبعدما أفرج عنه سنة 1974 في عهد السادات، انكب “عاكف” على العمل الشبابي، ثم تولى قسم الشباب والطلاب من جديد بجماعة الإخوان بعد عودته إلى مصر سنة 1986.
ثم انتقل عاكف للعمل فى المملكة العربية السعودية مستشارًا للندوة العالمية للشباب الإسلامي، ومسئولاً عن مخيماتها الدولية ومؤتمراتها، كما اشترك فى تنظيم أكبر المخيمات للشباب الإسلامى على الساحة العالمية في السعودية، والأردن، وماليزيا، وبنجلاديش، وتركيا، وأستراليا، وكينيا، وقبرص، وألمانيا، وبريطانيا، وأمريكا، وتولى إدارة المركز الإسلامى بميونخ.
زهد  في المناصب
وبعد أن أدى دوره مرشدا سابعا للإخوان، وشهدت الجماعة في عهده ظهورا علنيا وسياسيا غير مسبوق، قرر “الأستااذ” الوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه حين تم اختياره مرشدا بألا يتولى سوى دورة واحدة، رافضا التمديد كما كان الإخوان جميعا يرغبون. واختار أن يعلن بنفسه اسم المرشد الذي تولى المسؤولية من بعده وهو الأستاذ الدكتور محمد بديع.
x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...