دعاؤك سلاحك وعدتك

لا أدرى لم يغفل كثير من الناس عن الدعاء وهو أقرب باب إلى الله ،وأحب عبادة إليه، وأحسن ما يتوسل به العبد . والدعاء قربة من أجلّ القربات ، وطاعة من أيسر الطاعات ، لا تحتاج إلى كثير جهد أو كبير عناء . ويُحكى عن بعض العارفين أنه قال : دخلتُ على الله من أبواب الطاعات كلها ، فما دخلتُ من باب إلا رأيتُ عليه زحامًا فلم أتمكن من الدخول حتى جئتُ باب الذل والافتقار ، فإذا هو أقرب باب إليه وأوسعه ، ولا مزاحم فيه ولا معوق ، فما هو إلا أن وضعتُ قدمي على عتبته ، فإذا هو شىء قد أخذ بيدي وأدخلني عليه . والدعاءعماد الدين ، وهو ضروري لكل عابد ؛ لأنه دائر بين ذنب يطلب غفرانه ، وعيب يطلب إصلاحه ، وعمل صالح يطلب قبوله ،واستقامة يطلب ثباتها ، وقرب من الله يطلب الوصول إليه . والدعاء سلم المذنبين ، وأنس المستوحشين ، وسلاح المؤمنين ، وعدة المجاهدين ، ووسيلة المتقين ،وسبيل المحبين. والدعاء يلطف القضاء ، ويرد البلاء ، ويجلب النعم ، ويدرأ النقم ، ويستوجب المحبة ، ويستأهل المعية . وبالدعاء تنشرح الصدور، وتطمئن القلوب ، وتسكن النفوس ، وتقر العيون . وبه تغفر الذنوب ، وتستر العيوب ،وبه تكشف الكروب ، وتخفف الخطوب ، وبه ترفع الهموم ، وتصرف الغموم . قال مُطَرَّف بن عبد الله : تذكرت ما جماع الخير ، فإذا جماع الخير كثير الصوم والصلاة ، وإذا هو فى يد الله تعالى ، وإذا أنت لا تقدر على ما في يد الله إلا أن تسأله فيعطيك ، فإذا جماع الخير الدعاء . فإذا أحببت ـ أخي ـ أن تذوق حلاوة الرحمة ، وتستشعر روح القرب ، وتلمس برد العفو ، فعليك بالدعاء . وإذا رغبت فيما يهدي الله به قلبك ، ويشرح به صدرك ، ويجمع به أمرك ، ويلم به شعثك ، فعليك بالدعاء . وإذا أردت نورًا يبدِّد ظلمة دربك ، وسلاحًا تدفع به أذى عدوك ، وحصنًا تدرأ به سهام شيطانك ، فعليك بالدعاء . وإذا افتقرت إلى ما يجبر الله به كسرك ، ويقوي به ضعفك ، ويكمل به نقصك ، فعليك بالدعاء. وإذا ابتغيت من الله مددًا لا يوقف ، وعطاء لا يقطع ، ونوالاً لا يمنع ، فعليك بالدعاء . وإذا طلبت كشفًا لضرك ، وشفاء لسقمك ، وفرجًا لهمك ، ومخرجًا لضيقك ، فعليك بالدعاء . أخى : ارفع يديك ، واسكب الدمع من مقلتيك ، واخشع بقلبك ، وتذلل بجوارحك ، وسل من يحب دعاءك ، وأنت موقن بإجابته ، يأتك مدده ، ويغمرك رفده ، ويحيطك فضله ، ويسعك عفوه ، وتشملك رحمته .

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...