تعرف إلى جريمة “الاختفاء القسري” وكيفة التعامل معها

تصل عشرات الشكاوى يوميًا لمنظمات حقوق الإنسان المهتمة بالملف الحقوقي المصري تفيد تعرض مواطنين مصريين للاختفاء القسري على يد ميلشيات الأمن مع تأكيد ذويهم على عدم توصلهم إلى مكان احتجازهم، حتى أصبحت تلك الظاهرة متكررة بشكلٍ يومي منذ انقلاب الـ 3 من يوليو من العام 2013 وزادت وتيرتها في الأشهر القليلة الماضية بشكلٍ مريب.
وبين الأمل واليأس، تتنوع أسئلة ذوي المختفين قسريا في مصر كل يوم دون إجابة من سلطات الانقلاب الذي ينفي وجود حالات اختفاء من الأساس. ومع طول الأزمة، يتفاقم الألم وتتزايد لهفة الناس على أحبابهم متسائلين: هل مازال حيا؟ أيكون في أقصى شمال البلاد أم جنوبها؟ هل دفنوا جثته أما تركوها لعراء الوطن؟ هل مات من التعذيب أم من الحزن؟ هل سيمر العيد بدونه كحال العام الماضي أم سيمنحونه فرصة أخرى للحياة؟
وفي تقرير لها، قالت منظمة العفو الدولية (أمنستي) إن قطاع الأمن الوطني في مصر يعذب الناس ويخضعهم للاختفاء القسري لترهيب المعارضين، موضحة أن موجة اختفاء الأشخاص شملت مئات الطلاب والنشطاء والمتظاهرين من بينهم أطفال.
وبالتزامن مع “اليوم العالمي لمناهضة الاختفاء القسري”، يوم 30/8/2017، تعيد “الحرية والعدالة” نشر معلومات هامة عن جريمة “الاختفاء القسري” .. وكيفية التعامل معها.
ايه هو الاختفاء القسري ده؟
المادة الثانية من “الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري” عرفته بأنه:
“الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية اللي بيتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون”.
وده بتتحمل مسئوليته سلطات الدولة لإن إختفاء الضحية بيحصل بسببها أو بسبب أحد الأشخاص اللي بتكون مسئولة عن أعمالهم زي أفراد الأمن من الشرطة والجيش، لأن الشخص غالبا بيبقى ليه نشاط سياسي معارض للنظام، وغالبا بتنفي أجهزة الأمن وجود المختفي أو ضلوعها في عملية الإختفاء رغم إن الوقائع أو الشهادات بتشير إلى اختطافه أو اعتقاله من أجهزة الدولة أو من أحد الأشخاص أو الجهات التابعة ليها، وبيكون إحتجازه في أماكن معلومة لأجهزة الدولة الأمنية، أو في سجون سرية، وبيتم إخفاء أي معلومات عن الضحية أو عن حالته ومنعه من الإتصال بالعالم الخارجي.
ويا ترى في أنواع اختفاء تانية بتحصل؟
أه .. في تلت  أنواع تانية غير الإختفاء القسري، والأنواع دي مش بتبقى الدولة سبب مباشر فيها، أو لسبب خارج عن إرادتها، أو بإرادة الشخص المختفي نفسه، وهي:
الاختفاء الطوعي أو الإرادي: وده لما يقرر الشخص بنفسه إنه يختفي بعيد عن أعين أهله أو الناس اللي يعرفوه وميبلغش أي حد بمكانه أو مصيره، وده بيكون مختفي أو متغيب بإرادته بدون إجبار من حد.
الاختفاء بسبب الكوارث والصراعات : وده بتحصل لما الشخص ميقدرش يتواصل أو يتصل بالأخرين، وبيبيقى في نظرهم ونظر القانون مفقود بسبب الأحداث أو الكوارث غير العادية أو الصراعات والحروب اللي حصلت، وعطلت أجهزة الإتصال أو أفقدت الشخص القدرة على التواصل أو الوصول لأي وسيلة تمكنه من إعلام الأخرين بمكانه أو بحالته.
الاختفاء بسبب الجرائم الجنائية العادية: وده بيكون سببه إن الضحية تعرض لجريمة اختطاف أو لجريمة أشد وهي القتل مثلا، وتم احتجازه ومنعه من الإتصال بالأخرين أو دفنه في مكان مجهول.
وبالنسبة للحالة الأولى والتانية يعتبر الشخص متغيب أو مفقود، وبالنسبة للحالة التالتة فالشخص يعتبر مخطوف وواجب على الدولة إنها تساعد أسرته وأهله في البحث عنه وبذل المجهود اللازم لمعرفة مكانه ومصيره، وفي حالة عدم ظهوره أو عدم معرفة معلومات عنه خلال مدة معينة بيرتب القانون إجراءات أمام القضاء للحكم باعتباره متوفى،
يعني امتى أقول إن الشخص مختفي قسريا؟
لازم تتوافر تلت  عناصر في حالة الإختفاء عشان تقدر تسميها حالة إختفاء قسري:
الأول: إن الشخص المختفي يكون محتجز أو معتقل أو مختطف  أو مسلوب الحرية.
الثاني: إن الإحتجاز أو تقييد الحرية يكون بسبب الدولة أو أحد أشخاصها أو أجهزتها.
الثالث: إن الدولة تنكر وجود الشخص المختفي لديها، أو تنكر صلتها أو معرفتها بواقعة الإختفاء.
ولو العناصر دي مش بتنطبق كلها في الحالة اللي قدامنا يبقى مينفعش نوصفها بإنها إختفاء قسري، ويبقى فيه خطورة إننا نعلن ونتهم الدولة باختفاء الشخص، لإن ده يؤثر بالسلب على مصداقية باقي الحالات اللي بتعاني من الجريمة دي قدام المجتمع، وكمان تأثيره بيبان في مطالبة الجهات القضائية إنها تتخذ إجراءات قانونية بمحاسبة المتورطين والمتهمين من موظفي الدولة في الجريمة دي.
عشان كده لازم نتأكد بشكل مبدأي من تحقق كل العناصر المذكورة في الحالات اللي بنتضامن معاها أو بنتبناها، لإن الهدف مش إننا ننشر أكاذيب أو إشاعات، الهدف الحقيقي إننا نمنع الجريمة دي ونحاسب المسئولين عنها.
طب ليه الاختفاء القسري جريمة؟
طبعا القانون المصري مش بيعرف “الاختفاء القسري” كمصطلح قانوني زي ما عرفته الإتفاقية الدولية، لكنه كسلوك إجرامي هو عبارة عن عدة أفعال غير قانونية متداخلة ومتراكبة، مجرمة بحسب نصوص القانون  نفسه، وبكده يكون الإختفاء القسري مش جريمة واحدة، لأ .. دي جرائم متعددة ومتسلسلة ومستمرة:
فمثلا، أول جريمة: إن الشخص بيحرم من حريته من غير سبب قانوني معروف. ودى جريمة أسمها الاحتجاز بدون وجه حق ومعاقب عليها بموجب المواد (280، 282) من قانون العقوبات.
الجريمة الثانية: إن الاحتجاز ممكن يتم في مكان مش مؤهل لإحتجاز الاشخاص. ودى جريمة أسمها الاحتجاز فى أماكن غير قانونية ومعاقب عليها بموجب المادة (281،) من قانون العقوبات.
الجريمة الثالثة: إن الشخص ممكن يتعرض لإعتداء بدني أو نفسي طوال فترة إحتجازه، أو يتقتل لإن مفيش رقابة قضائية على اللي احتجزه ولا على إجراءات إحتجازه. ودى بتمثل جرائم زي استعمال القسوة أو التعذيب و الضرب ومعاقب عليها بموجب المواد (126،ـ 127، 129) من قانون العقوبات.
الجريمة الرابعة: إن الدولة وأجهزتها بينكروا معرفة أي معلومات عن الشخص المختفي وبيحجبوا عن أهله أو المجتمع معرفة حقيقة وضعه ومصيره. ودى جريمة أسمها  (إخفاء الجناة وحجب الأدلة) ومعاقب عليها بموجب المادة (145) من قانون العقوبات.
الجريمة الخامسة: إن الشخص المختفي قسريا محروم من إنه يقف قدام القضاء، أو إنه يستعين بمحامي، أو إنه يطالب بالتحقيق في اللي بيحصله طوال فترة إخفائه بالمخالفة لنص المادة 54 من الدستور
هل الاختفاء القسري بينتقص من حقوق الإنسان؟
طبعا .. لإن جريمة الاختفاء القسري بتحرم الشخص اللي بيتعرض لها من حماية القانون وبتضره هو وأسرته ضرر شديد، وفي أثناء عملية الاختفاء، ممكن يحصل انتهاك لبعض أو كل الحقوق المدنية أو السياسية، أهمها:
حق الشخص في الاعتراف بشخصيته القانونية.
حق الشخص في الحرية والأمن على شخصه.
الحق في عدم التعرض للتعذيب أو لأي ضرب آخر من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
الحق في الحياة، في الحالات التي يقتل في الشخص المختفي.
الحق في الهوية.
الحق في محاكمة عادلة وفي الضمانات القضائية.
الحق في سبيل انتصاف فعال، بما في ذلك الجبر والتعويض.
الحق في معرفة الحقيقة فيما يخص ظروف الاختفاء.
مين اللي بيقع عليهم أضرار من جريمة الاختفاء القسري؟
أول شخص بيقع عليه ضرر من الجريمة دي بيكون الشخص المختفي نفسه، فهو شخص انتزعت منه كافة الحقوق والضمانات القانونية وتعرض للإختطاف أو الإعتقال من الدولة أو من أفراد أو جهات تابعين ليها بشكل أو بأخر، وللأسف بسبب عدم الإعلان عن وجوده في حيازة سلطات الدولة  أو جهاتها الأمنية وإخفاء أمره وحرمانه من حريته، بيكون سبب رئيسي إنه ميقدرش يلجأ بنفسه أو بواسطة غيره لأي جهة قضائية عشان يطعن في أمر إحتجازه أو إعتقاله الغير معلن أصلا.
وكمان ده بيكون حرمان للشخص من حقوق تانية زي إنه ممكن يتعرض لتعذيب بدني أو نفسي، أو إنه يقتل من غير ما حد يحاسب اللي عذبه أو قتله.
الجريمة دي بتسبب بشكل رئيسي عدم الإعتراف القانوني بشخصية المختفي قسريا، وبتعتبره غير موجود رغم إنه موجود، وبتنزع منه كافة حقوقه كإنسان، هي جريمة أخطر من التعذيب أو القتل.
بالإضافة لكده فكل أسرة المختفي قسريا بيصيبهم أضرار شديدة من الجريمة دي، زوجته أو زوجه  وأولاده وأبويه بيعانوا أشد المعاناة من إختفائه وعدم معرفة مصيره، وبيصيبهم اليأس والخيبة لعدم الاستدلال على مكانه، وممكن يكون هو العائل الوحيد ليهم، ومصدر الرزق بالنسبالهم، اللي بيأثر بطبيعة الحال سلبا على وضعهم المالي وقدرتهم على تليبية متطلبات المعيشة.
ثالث المضرورين هو المجتمع كله اللي بتسبله الجريمة دي بالذات مخاوف من إن كل واحد في نفس ظروف المختفي قسريا يلاقي نفس المصير، ويوصل ليوم يكون موجود في مكان زي معتقل أو سجن من غير ما يعرف لده سبب ومن غير ما حد من أهله أو إصحابه يقدر يعرف هو فين وهيخرج للنور امتى؟
هل ممكن يكون في عذر أو تبرير للاختفاء القسري؟
مش ممكن ومش مقبول إنه يبقى في عذر أو تبرير من الدولة للإختفاء القسري، حتى وإن كان التبرير ده وجود ظروف استثانية زي الحرب على الإرهاب مثلا، أو الإنفلات الأمني، أو انعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لإن ببساطة أرواح البني أدمين مش لعبة، ولإن تحقيق الأمن والأمان في المجتمع وللمواطنين مسئولية الدولة وحدها ولا يقبل التخلي عنها، وإلا ساعتها ميكونش لسلطات الدولة أي شرعية في الحكم على الشعب.
ولو تسامحنا مع فكرة وجود عذر للدولة أو تبرير مقبول منها عن حالات الإختفاء القسري، فكده إحنا بنسمح بإشاعة الفوضى وغياب دولة القانون.
وإيه حدود مسئولية الدولة عن ده؟
مسئولية الدولة إنها تتحقق من سيادة القانون وتحقيق العدالة، وواجبها إنها تراقب سلوك موظفيها وأجهزتها الأمنية، لإن ده اللي بيمنحها ثقة المواطن في إنه يلجأ لها ويخضع لأحكامها وقرارتها.
ولو الدولة بتنكر وجود الحالات المختفية قسريا عندها، فمن واجبها إنها تبذل كل مجهودها في مساعدة أهالي الحالات دي إنهم يوصلوا لحقيقة عن مكان أو مصير، والواجب ده بيستلزم فتح تحقيقات جدية في الموضوع ده، ومعرفة مين المتسبب فيه، وإلا فيكون سكوت الدولة اعتراف وإقرار بالموافقة على استمرار الجرائم دي ودعم اللي بيرتكبها.
هل القانون المصري يعاقب على جريمة الاختفاء القسري؟
رغم أن مصر عاشت تحت  سيطرة دولة بوليسية من سنة 1952، وكان الإختفاء القسري  واحدة من جرائمها التي تمت في المعتقلات السياسية في ظل عهود متوالية بداية من “عبد الناصر” وحتى الأن، لكن لم يُعرف القانون العقابي المصري حتى الأن مصطلح الإختفاء القسري، ولم يرتب أي تدابير أو إجراءات للحد من وقوعه أو كيفية علاجه ومحاسبة المسئولين عنه.
ورغم إن الدستور المصري ينص علي قاعدة قانونية بمقتضاها لا يجوز تجريم اي سلوك إيجابي أو سلبي، ولا توقيع عقوبة إلا بنص حيث تقرر المادة 95 من الدستور الحالي الصادر في 2014 على أن: ” العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون” ، بالاضافة الي إن مصر لم توقع أو تصدق علي “الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري”.
ولكن الإختفاء القسري – زي ما شرحناه في أول الكلام – باعتباره مكونا من عدة جرائم مركبة تنتهك أكثر من حق من الحقوق المنصوص عليها في الدستور وبعض القوانين والتي يجب كفالتها وحمايتها، عشان كده:
الاختفاء القسري باعتباره يتضمن احتجاز أو تقيد حرية شخص بدون وجه حق: يعتبر جريمة  لمخالفته نص المادة 99 من الدستور بالاضافه إلي نصوص قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 المعدل، الذي تنص المادة 40 منه علي أنه: ” لا يجوز القبض على أى إنسان أو حبسه إلا بأمر  من السلطات  المختصة بذلك قانونا، كما تجب معاملته  بما يحفظ عليه  كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنيا أو معنويا” .
 بالاضافة الي نص المادة 41 من ذات القانون التي تنص علي أنه: ” لا يجوز حبس أى إنسان إلا فى السجون المخصصة لذلك  ولا يجوز لمأمور أى سجن  قبول أى إنسان  فيه إلا بمقتضى أمر موقع عليه من السلطة المختصة، ولا يبقيه بعد المدة المحددة بهذا الأمر “.
والاختفاء القسري باعتباره يحجب الشخص عن أهله والمجتمع ومن معرفة مصيره: يعتبر جريمة لمخالف لنص المادة 139 من قانون الإجراءات الجنائية، حيث أنها تعطي للمقبوض عليه حق الإتصال بمن يري إبلاغه بما وقع عليه حيث تنص علي أن: “يبلغ فورا كل من يقبض عليه أو يحبس احتياطيا  بأسباب القبض عليه أو حبسه ، ويكون له حق الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع والاستعانة بمحام ، ويجب إعلانه على ووجه السرعة بالتهم الموجهة إليه … “
والاختفاء القسري باعتباره يحرم الشخص من الوقوف أمام القضاء، أو إنه يستعين بمحام:  يعتبر جريمة لمخالفة نصوص الدستور والقانون التي تقضي بأحقية الشخص في المحاكمة العادلة والتمتع بحقوق دفاعه.
حيث تنص المادة 54 من الدستور المصري الحالي علي أن: “الحرية الشخصية حق طبيعى، وهى مصونة لا تُمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر قضائى مسبب يستلزمه التحقيق.
ويجب أن يُبلغ فوراً كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويحاط بحقوقه كتابة، ويُمكٌن من الإتصال بذويه وبمحاميه فورا، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته.
ولا يبدأ التحقيق معه إلا فى حضور محاميه، فإن لم يكن له محام، نُدب له محام، مع توفير المساعدة اللازمة لذوى الإعاقة، وفقاً للإجراءات المقررة فى القانون . ولكل من تقيد حريته، ولغيره، حق التظلم أمام القضاء من ذلك الإجراء، والفصل فيه خلال أسبوع من ذلك الإجراء، وإلا وجب الإفراج عنه فوراً.
وينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطى، ومدته، وأسبابه، وحالات استحقاق التعويض الذى تلتزم الدولة بأدائه عن الحبس الاحتياطى، أو عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه.
وفى جميع الأحوال لايجوز محاكمة المتهم فى الجرائم التى يجوز الحبس فيها إلا بحضور محام موكل أو مٌنتدب”
بالاضافه الي باقي النصوص الدستورية التي تضمن للمتهم حقوق الدفاع والمحاكمة العادلة كالمادة (55 ،95،96،98).
والاختفاء القسري باعتباره يعرض الشخص لإعتداء بدني أو نفسي طوال فترة إحتجازه: لإن مفيش رقابة قضائية ولا قانونية عليه يعتبر جريمة لاتسقط بالتقادم لمخالفته لنصوص المواد (51 ) من الدستور والتي تنص علي ” الكرامة حق لكل إنسان ولا يجوز المساس بها ،وتلتزم الدولة بأحترامها وحمايتها “.
بالإضافة الي مخالفة هذ السلوك لنصوص قانون العقوبات التي تصون وتكفل الحق في السلامة الجسدية، ونصوص المواثيق الدولية .
طيب هل فيه اتفاقيات دولية بتجرم الاختفاء القسري وبتقرر حماية للأشخاص منه؟
لإن الاختفاء القسري بيهدم أهم القيم الأساسية المستمدة من حرية الإنسان، وحقه في الإعتراف بشخصيته القانونية، ولإن ممارسة الأفعال المجرمة دي علي نحو منتظم ضد فئات أو طوائف معينة يعتبر بمثابة جريمة ضد الإنسانية.
ولإن معدل ظاهرة الاختفاء القسري في زيادة، وبالأخص في الدول البوليسية والأستبدادية اللي بتستخدم الإختفاء القسري سلاح رادع ضد مواطنيها خاصة السياسين أو المعارضين لنظامها وقرارتها وسياساتها.
ومن عام 1981، قامت روابط أقارب الأشخاص الذين تعرضوا للاختفاء والمنظمات غير الحكومية والحكومات والمنظمات الدولية ببذل جهود ضخمة بهدف الحصول على إقرار لاتفاقية الأمم المتحدة ضد الاختفاء القسري. وأخيراً تبنت الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة بالإجماع  القضية دي، وكان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61/177 المؤرخ في 20 كانون الأول/ديسمبر 2006 بخصوص نشر واعتماد الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وفتحها للدول بغرض التوقيع والتصديق والإنضمام.
وبلغ عدد الدول الموقعة عليها حوالي 91 دولة فقط حتى الأن، في حين أن عدد الدول التي صادقت عليها 51 فقط ، ومصر واحدة من الدول اللي موقعتش أو مصدقتش علي الاتفاقية دي لحد دلوقتي للأسف.
طب الإتفاقية دي بتلزم الدول بإيه؟
الاتفاقية بتلزم الدول اللي وقعت وصدقت عليها وبقت طرف فيها، بشوية إلتزامات أهمها:
اتخاذ أليات وتدابير حاسمة لمنع ممارسة الاختفاء القسري أو السماح به أو التغاضي عنه، وعلى الأخص حظر إصدار أوامر الاختفاء  القسري ومنعها من قبل الدولة وعدم التشجيع عليها، وتنظيم سجلات رسمية بأسماء جميع المحتجزين مع أماكن احتجازهم، وتوفير معلومات دقيقة عن احتجاز الأشخاص وأماكن احتجازهم لأسرهم ومحاميهم.
التحقيق الفوري والسريع في أية شكوى حول التعرض للاختفاء القسري وإبلاغ أسرة المختفي بمصيره أو بمكان وجوده.
اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية والقضائية لمنع وإنهاء أعمال الاختفاء القسري، وخاصة فرض عقوبات في القانون على جريمة الاختفاء القسري.
التعاون فيما بين الدولة المعنية ومع الأمم المتحدة للمساهمة في منع الاختفاء القسري والتحقيق فيه والمعاقبة عليه والقضاء عليه، وضرورة محاكمة مسئولي الدولة المتهمين بارتكاب عمل من أعمال الاختفاء القسري، وكل من عاونهم.
توفير تعويض مناسب وسريع جبرا للضرر اللاحق بضحية الاختفاء القسري.
وهل مُهم إن مصر تصدق على الإتفاقية؟
من المهم طبعا إن مصر تنضم للاتفاقية وتصدق عليها، خاصة وإن التشريعات والقوانين المصرية حتى الأن مفيهاش تعريف للجريمة المركبة دي، وبالتالي مفيش عقاب رادع ولا إجراءات كافية لعلاج الظاهرة الإجرامية اللي أصبح بسببها كتير من المواطنين في عداد الأموات بس من غير شهادة وفاة.
من المهم إن الدولة المصرية تحاسب مسئوليها عن كافة أحداث الإختفاء القسري اللي استهدفت شباب كل أملهم إنهم يعيشوا في وطن الحرية والكرامة الإنسانية، وده هيتم بالإعتراف بوجود الجريمة دي، وإتخاذ القرارات والتدابير اللي بتضمن عدم تكرارها في المستقبل.
من المهم إن الحريات وحقوق الإنسان تكون من أولويات الدولة المصرية، وإن المواطن يحس بكرامته وحريته طول الوقت، وغير كده بيودينا لسكة الإرهاب، وإن كل واحد ياخد حقه بدراعه.
ايه الإجراءات القانونية اللي ممكن نعملها لإثبات وقائع الاختفاء القسري؟
الواقعة الجنائية عموما يمكن اثباتها بكافة طرق الاثبات القانونية الممكنة، يكفي مثلا وجود شهود على واقعة الاختطاف أو القبض من أفراد أو جهات تابعة للدولة، وتوثيق الشهادات دي في محضر رسمي مهم جدا في موضوع الاختفاء القسري، سواء كان المحضر ده محضر الشرطة أو النيابة أو أمام مكاتب مصلحة التوثيق والشهر العقاري.
الإجراءات القانونية اللي ممكن نعملها في واقعة الإختفاء القسري بتكون هدفها أولا: معرفة مكان ومصير الشخص المختفي، وثانيا: ضمان توفير حماية قانونية له من التعرض للتعذيب أو تلفيق الإتهامات.
وعشان كده بيبقى مهم في البداية إن أهل الشخص المختفي قسريا أو أصدقائه يبادروا بتوثيق واقعة الإختفاء القسري بطريقة قانونية في أسرع وقت، وده بيكون عن طريق إرسال تلغراف للنيابة اللي حصلت في دائرتها الواقعة في أقرب وقت ممكن، ويذكر فيه اسم الشخص المختفي وكافة بياناته اللازمة وكيفية اعتقاله أو اختطافه ومن المسئول عن ذلك من الأجهزة الأمنية.
والأفضل بعد كده الإستعانة بمحامي عشان يقدم طلب أو بلاغ للنيابة العامة ضد الجهات الأمنية المتوقع تورطها أو المتورطة فعلا في واقعة الإختفاء بهدف الكشف عن مكان إحتجاز أو اعتقال الضحية والتحقيق في واقعة الإختفاء القسري والإفراج عنه وتوفير الحماية القضائية له بالمثول أمام القضاء والتعويض عن اللي حصل له.
البلاغ ده دوره إنه يعلم الجهات القضائية اللي ليها الحق في الإشراف على السجون وأماكن الاحتجاز بوجود الضحية بدون سبب قانوني في أحد الأماكن دي، ويطلب منها إنها تمارس دورها في البحث عن الضحية ومراجعة المسئولين عن أماكن الإحتجاز في اعتقال شخص وإخفائه دون إذن قضائي.
وبطريق تاني ممكن يلجأ أهالي الضحية لرفع دعوى أمام القضاء الإداري ضد المسئولين في الجهات الأمنية للكشف والإفصاح عن مكان ومصير الضحية أو بإعلان سبب اعتقاله أو احتجازه.
وفي كل الأحوال يجوز لكل مضرور من واقعة إختفاء شخص ما قسريا إنه يرفع دعوى بطريق الإدعاء المباشر أمام القضاء الجنائي ضد المسئولين عن واقعة الاختفاء القسري طبقا لنص المادة 99 من الدستور المصري الصادر في يناير 2014.
x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...