بعد مرور 52 يومًا على أزمة حصار قطر من جانب السعودية والإمارات والبحرين وحكومة الانقلاب في مصر، لا يبدو في الأفق القريب بوادر لحل الأزمة، مع إصرار دول الحصار على فرض مطالبها التي تراها الدوحة إملاءات تمس بسيادتها، كما تظهر المؤشرات فشل دول الحصار في فرض إرادتها في الوقت الذي باتت فيه عاجزة عن فرض عقوبات جديدة ولم يعد أمامها إلا استمرار الوضع الراهن أو الجلوس على مائدة الحوار مع الدوحة.
وفرضت السعودية والإمارات والبحرين وحكومة الانقلاب في مصر حصارًا على الشقيقة قطر، يوم 5 يونيو الماضي، وقطعت معها العلاقات وسحبت السفراء، وبررت تلك الإجراءات بأن الدوحة تدعم الإرهاب، ودعت الدوحة إلى تلبية 13 مطلبا رأت قطر أنها إملاءات تمس بسيادتها.
أبوظبي تُرجِّح استمرار الأزمة
وتعكس تصريحات أنور قرقاش، وزير الخارجية الإماراتي، أمس الأربعاء، على حسابه الخاص على موقع “تويتر”، ترجيح أبوظبي استمرار الأزمة في ظل إصرارها على تلبية الدوحة جميع المطالب، وإصرار قطر من جانبها على أن هذه إملاءات تتجاوز العقل والمنطق والقانون الدولي وتمس بسيادتها.
وتوقع وزير الدولة الإماراتي أن تظهر علاقات إقليمية جديدة في ظل الأزمة مع قطر، قائلا إنه “علينا المضي قدما دون قطر”.
واعتبر قرقاش أنه “مع استغراق أزمة قطر لوقت طويل، من المهم أن ننظر إلى ما وراء (الأزمة)، ونفكر فيها على أنها بداية جديدة للعلاقات في الخليج تحل محل العلاقات القديمة”.
وقال، في سلسلة تغريدات عبر حسابه على موقع “تويتر”، إنه “إذا لم تراجع قطر سياساتها السابقة، ستستمر الحالة الراهنة لفترة. ستظهر علاقات إقليمية جديدة”.
وأضاف أن “الدول الأربع المنبثقة من الأزمة تمثل السياسات الأساسية لمواجهة التطرف والإرهاب، والعمل من أجل الأمن العربي والاستقرار”. وتابع بالقول: “علينا المضي قدما دون قطر”.
فشل دول الحصار
وفي مقال بمجلة “تايم” الأمريكية، دعا الرئيس والمدير التنفيذي لمجلس العلاقات التجارية الأمريكية القطرية “باتريك إن ثيروز”، السعودية وباقي دول الحصار إلى أن تدرك أنها لن تحقق أهدافها من الحصار على قطر، وأنها وصلت إلى طريق مسدود، وأن الحل الوحيد المتاح أمامها هو الجلوس إلى مائدة الحوار.
وقال “ثيروز”، في مقاله بمجلة “تايم”، الذي جاء تحت عنوان “على السعودية أن تدرك أنها لن تستطيع الانتصار على قطر”: إن الحصار البري والبحري والجوي الذي فرضته دول المقاطعة على قطر سبّب لها متاعب وقتية، ولكن سرعان ما تغلبت الحكومة القطرية على هذه المصاعب، ووفرت البدائل وبأسلوب سلس، أدهش المراقبين في العالم كما أدهش حتى مواطنيها، حيث تمكنت الحكومة القطرية بسهولة من إنشاء خطوط إمداد بديلة لكل شيء كانت تستورده من دول الحصار.
خيارات دول الحصار
وذكر “ثيروز” الذي شغل في السابق منصب السفير الأمريكي لدى الدوحة، في مقاله بالمجلة الأمريكية، أن الخيارات المالية والاقتصادية المتاحة الآن أمام دول المقاطعة لتشديد الحصار على قطر، باتت قليلة جدا، فإذا قررت هذه الدول وقف صادرات الغاز الطبيعي القطري إلى كل من الإمارات العربية ومصر، فإن هاتين الدولتين ستتضران من ذلك، فيما ستجد مؤسسة البترول القطرية وشركاؤها أسواقا بديلة للغاز القطري.
أما الخيار الثاني، وهو سحب الإيداعات السعودية والإماراتية من البنوك القطرية، والذي ترمي من خلاله دول الحصار إلى إحداث أزمة سيولة في قطر وتهديد سعر صرف الريال القطري، فقال المسئول الأمريكي السابق: “لن يكون مجديا؛ لأن مثل هذا الإجراء ربما يسبب مشكلة سيولة لفترة وجيزة بالنسبة للدوحة، ولكن سرعان ما سيتمكن المصرف المركزي القطري، الذي يملك احتياطات بالعملات الأجنبية تفوق 40 مليار دولار، من سد هذه الفجوة والحفاظ على سعر صرف الريال، دون الحاجة إلى مساعدة من جهاز الاستثمار القطري الذي يملك موجودات تقدر بأكثر من 300 مليار دولار.
هل تضطر دول الحصار إلى التفاوض؟
وخلص ثيروز إلى القول “إن إجراءات الحظر المفروضة على قطر، حتى الآن، أثبتت عدم جدواها، وإن قطر تستطيع تحمل هذا الحظر إلى ما لا نهاية؛ بما تملكه من بدائل وموارد مالية”.
كما أشار إلى أن حملة التشويه التي قادتها لجنة العلاقات العامة السعودية في أمريكا ضد قطر، أضرت بسمعة دول الحصار أكثر من ضررها لقطر. ونصح السفير الأمريكي السابق بالدوحة دول الحصار بقبول الحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات.