حُسْن الظَنّ بالله …

إنه لمَّا كثرت الهموم والمشاكل في حياة الناس، أخطأ كثير منهم في إساءته بربه، أقصد: إساءة الظن بربه، وهذا -بلا شك- منزلق خطير من مزالق الشيطان، مما يحتاج معه إلى تذكير بأهمية حسن الظن بالله والثقة فيه سبحانه وتعالى.
وحُسْن الظَّنِّ بالله يعني الآتي:
1. أن تستشعر بأن الله تعالى هو المفرج لهمك والكاشف لغمِّك –ولذلك فوائده المعهودة، وسل هؤلاء الذين أحسنوا الظن بربهم، وكيف كانت النتيجة معهم في الحياة، وكيف رزقهم الله من حيث لم يحتسبوا-.
2. هو أن توقن بأن الله هو المالك لكونه وما فيه، وأنه الراد للمظالم، والقاضي لحوائج خلقه لا غيره، وهو الذي يدخلك الجنة برحمته.
3. هو أن تحسن الظن في ربك في كل شيء وعلى كل حال وفي أي شيء وفي أي ظرف تمرّ به في حياتك.
ورائدنا في ذلك، قول الله تعالى، فيما نقله عنه حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- (أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيرًا فله، وإن ظن شرا فله)، والمتأمل في هذا الحديث يلاحظ أن الله يقول أنا عند ظن عبدي بي وليس عند حسن ظن عبدي بي، وهذا يعني أنك إذا توقعت الخير وتوقعت النجاح في الحياة سعدت وسعدت بك الدنيا، أما لو توقعت خلاف ذلك تعست وتعست بك الدنيا، ولك أن تختار أحد الطريقين.
ويحضرني في هذا المقام، (قصة لرجل مرض مرضا شديدا، في عصر رسول الله، وذهب الرفيق بالأمة -محمد- إلى الرجل لزيارته والتخفيف عنه، فدعا له وقال له: لا بأس طهور إن شاء الله – يدعو له بالشفاء والخروج من المرض على خير، وكأنه يعلمه حسن الظن بالله وأن الشافي والمعافي- فرد الرجل وقد أساء الظن بالله، فقال: (بل هى حمى تفور، على شيخ كبير، تورده القبور) فقال النبي له: هى إذن) أى: هى كما طلبت فالله عند ظن العبد به، ومات الرجل فعلا من هذا المرض.
ولذا فإلى كل مسلم ومسلمة، بل والله إلى كل إنسان، أناديك فأقول:
أحْسِن الظن بربك ترى والله من الله ما يسرك، وعلِّق رجاءك به هو سبحانه وإياك وسوء الظن به، وبقدرته فإن ذلك من الموبقات المهلكات
وتأمل معي الآن:
هل من أحد وثق به فلم ينجه الله؟
من ذا الذي طلب منه فرفض طلبه؟
من ذا الذي استعان به فخذله في ظنه به؟
إن كثيرًا ممن يقعون في الذنوب ويسرفون على أنفسهم، قد يقنطوا أو يظنوا أنه لا محالة هالكون، ولا توبة وخلاف ذلك من أساليب الشيطان في تقنيط العباد، وذلك فوز للشيطان بالتأكيد.
حسن الظن يفرض على العبد أن يأمل في ربه الكثير والكثير من العفو والكرم، يقول تعالى: (ما غضبت على أحد كغضبي على عبد أتى معصية فتعاظمت عليه في جنب عفوي)، فالمطلوب أن تحسن الظن بربك ولو كثر ذنبك، ولا يعني ذلك أن تكثر من الذنب وتقول: (الله غفور رحيم، ربك رب قلوب) هذا خطأ فادح؛ فكما يقول الحسن البصري –رحمه الله-: (لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل)..
ومما سبق يتضح لنا أن حسن الظن بالله يسهل لنا الأمور ويقوي في الله ثقتنا، ويدعونا إلى التفاؤل والأمل في الحياة، ويعطينا الفرصة في اللجوء إلى الله مرات ومرات مهما انزلقت منا الأقدام إلى المعاصي والذنوب والتقصير.
وإذا أردت أن تحسن الظن بربك فإليك خطوات:
1. تجنب اليأس من الله، والغرور في الله
2. حسن الظن بالله يعني العمل ولو قصرنا
3. الأخذ بالأسباب مع الله.
فلا تظن بربك ظن سوء
ولا تظنن بنفسك قط خيرا
وما بك من تقى فيها وخير
وليس لنفسك ولا منها ولكن
فإن الله أولى بالجميل
فكيف بظالم جان جهول
فتلك عطايا الربّ الجليل
من الرحمن فاشكر للدليل

وفقنا الله وإياكم إلى حسن الظن به والثقة فيه، واللجوء إليه والرضا بقضائه والصبر على عطاياه، والشكر له على نعمه.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...