لماذا يريد العسكر الشعب جاهلاً بلا وعي؟

كثير من الخبراء والمراقبين يبدون دهشتهم أنه برغم التطور الهائل في وسائل الاتصال والإنترنت والصحف والفضائيات إلا أن قطاعًا لا يستهان به من الجمهور لا يزال مغيبًا يمضي كقطيع الغنم بلا وعي أو إدراك.
وليس أدل على ذلك من أن هناك قطيعًا من المصريين صدقوا أنه تم فعلا ًأسر قائد الأسطول الأمريكي مع مشهد انقلاب 30 يونيو 2013م  كما صدقوا أن جهاز الكفتة قادر بالفعل على الشفاء أو أن الترعة الجديدة سوف تزيد من عدد السفن والدخل القومي أضعافا مضاعفة، وأن بيع تيران وصنافير مصلحة للأمن القومي المصري.
وكانت سلطات الانقلاب قد حجبت أكثر من 100 موقع إخباري ومئات من صفحات الفيس بوك كل ذلك خوفا من الحقيقة التي تكشف خيانتهم وتفضح عمالتهم.
إذا.. لماذا استمرت حالة الجهل والتسطيح واللاوعي رغم التطور الهائل في وسائل الإعلام؟
التحكم في الإعلام
يفسر الكاتب الصحفي عبدالناصر سلامة هذا اللغز في مقاله اليوم بصحيفة “المصري اليوم” بعنوان “التغييب والتسطيح” بتأكيده أن النظم المستبدة عمدت إلى وسائل الإعلام المختلفة وصادرتها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وقال سلامة إن الأنظمة الديكتاتورية فى معظمها قد اتجهت إلى شراء الكثير من هذه الصحف وتلك القنوات، ولو من خلال أجنحتها فى الساحة السياسية والاقتصادية، لتظل تفرض سيطرتها على مجريات الأمور إلى حد كبير، بينما أعدت العدة للتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعى، من خلال كتائب إلكترونية حقيقية تعمل على مدار الساعة، مهمتها الأولى التشكيك فى هذا الخبر أو ذاك، والترويج لهذا الخبر أو ذاك، ليس ذلك فقط، بل تشويه صورة هذه الشخصية أو دعم تلك، فى إطار المستجدات، التى تشهدها ساحة السياسة أو الترشح أو حتى النقد والمعارضة.
مشيرًا إلى أن هناك نسبة قليلة بين المتابعين أو فى صفوف القرّاء والمشاهدين يكتشفون الأمر مبكراً، إلا أن النسبة الكبرى مازالت تعيش الغيبوبة، ذلك أننا نحيا بطبيعة الحال فى وطن يعانى الأُمية الثقافية، فما بالنا بأمية القراءة والكتابة.
الوعي الجمعي أسير لحالة الهزيمة
إذن، وعلى الرغم من ذلك التطور والتقدم العالمى فى مجال المعرفة  بحسب الكاتب، فإن العقل الجمعى فى دول العالم الثالث، أو لدينا تحديداً، مازال أسيراً لحالة الهزيمة عام ١٩٦٧، حالة إسقاط ٢٠٠ طائرة للعدو خلال ساعات قليلة، حالة وصول قواتنا إلى مشارف تل أبيب، حالة العدو يطلب النجدة، قبل أن نستيقظ على الحقيقة أو بمعنى أدق على الكارثة، وهو الأمر الذى يؤكد أن هناك إصراراً على استمرار هذه الحالة، حالة الأُمية، أو حالة الجهل، أو حالة التخلف، وربما يفسر لنا هذا وذاك الإصرار على العودة إلى إعلام الستينيات أو إعلام عبدالناصر كما يروق للبعض أن يردد.
أكبر جريمة بحق الشعب
ويرى الكاتب أن الإصرار على حالة الغيبوبة هذه، بهذا الإنفاق المادى غير المسبوق، بموازاة إغلاق عشرات المواقع الإلكترونية لأسباب واهية، ومنع قنوات تليفزيونية بعينها، يعد أكبر جريمة بحق الشعب الذي ضحى بالكثير من المال والروح اعتقاداً أنه يسير إلى مزيد من الحرية والديمقراطية، ومزيد من الفهم والإدراك، ومزيد من الشفافية والعدالة.
ويشدد الكاتب أن هذه المرحلة هى مرحلة تغييب وتسطيح غير مسبوقة للعقل المصرى، بكل فئاته وأعماره، طالت حتى سلطته التشريعية التى خضعت مؤخراً كما هو واضح لأكبر عملية غسل مخ فى التاريخ، وذلك فى الوقت الذى يتطلع فيه العالم إلى مزيد من الشفافية، التى أصبحت مقياساً لمدى تقدم الشعوب من عدمه، ومن هنا جاءت حالة الاستقطاب والانقسام المجتمعى هذه، التى انعدمت فيها الطبقة الوسطى فى التفكير، كما هى اجتماعياً أيضاً، أصبح الجميع منقسمين إما مع وإما ضد، دون أى إعمال للعقل، مما نتجت عنه عملية التخوين وفقدان الثقة، حتى فيما يتعلق بأبسط الأمور والقرارات.
x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...