الصوم درعك الواقية

.. الصوم جنتك ووقايتك وحمايتك،
ودرعك الواقية من كل ما يغضب عليك مولاك، والدعامة التي تقيمك رجلاً في ميادين الجهاد حتى لو اقتضاك الموقف أعزَّ ما يحرص عليه الناس.
يا شباب.. اخرج من رمضان على غير ما دخلت به فيه، واجعل شغلك الشاغل هذه الدعوة، إنك إذا شغلت نفسك بها جادًّا مخلصًا كفاك الله كل ما يهم الناس في الحياة فيشغلهم عن ربهم.. كن في عون عباد الله عامة، والمجاهدين خاصة يكُنِ الله في عونك، وقارن في اتزان بين ضآلة عونك لإخوانك وضخامة عون الله لك ترَ الربح الرابح الذي امتن الله به عليك.
أنكر السيئة وامحها إن استطعت أو تولَّ علاجَها راحمًا، ركِّز على الإساءة ولا تركِّز على المسيء، فالإنسان قد يصبح على غير ما أمسى عليه، وقد يمسي على غير ما أصبح عليه، والقلوب بين إصبعين من أصابح الرحمن يقلبها كيف يشاء، إن هذا باب من أبواب الخير يفتحه لك رمضان، يسهِّل عليك نشر الدعوة، فيحبك الجميع، ويستطيبون عشرتك، ويستمعون لكلمتك، وتدخل يوم القيامة من باب الريان.. إن رمضان معهد علم وتربية وعبادة ومعاملة.. فأين أنت منه؟”.
-: قال بعض سلفنا الصالح: الصوم صومان، الصوم الظاهر وهو ما أمر الله بالإمساك عنه مع النية “إنما الأعمال بالنيات” وهذا الصوم هو الذي يراه الناس ويحاسب عليه ولي الأمر القائم يتنفيذ حكم الله.
وهناك صوم آخر لا يعلمه إلا الله، وهو حقيقة الصوم فعلاً، وهو المقصود من هذه الفريضة أصلاً، أن تحمل قلبك الإمساك عن كل الآفات، وتسأل الله منها السلامة والنجاة، صمْ عن كل هذا، وامشِ إلى ربك ثابت الخطى، صادق العزم، مستمسكًا بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ودَعْ ما عدا ذلك لله، فله الأمر من قبل ومن بعد، لله عاقبة الأمور.
يا شباب المسلمين: طريقكم وعر، وبحركم غمر، والصيام لكم جنة وعتاد، ولا يقوى عليها إلا القوي الأمين الحذر اليقظ، الجاد، الصامد، المضحي الذي يذوب فرقًا؛ خشية أن يطلع الله من دخيلته على مالا يحبه ويرضاه لعباده المقربين.. أصحاب الروح والريحان وجنة النعيم.
إن الصوم الظاهر ينتهي بانتهاء اليوم بغروب الشمس فيعود الصائم إلى وضعه في الحياة بفرحته عند فطره ويتساوى في هذا الأكثرية الكاثرة من الصائمين.
أما صوم الخُلَّص المتقين فلا نهاية له، لا ينتهي بغروب ولا يبدأ بشروق ولا تعد معه الساعات ولا تُحدد فيه الأوقات.
ليس هدف الصوم هو هذا الألم البدني، وإن كان هذا الألم قد يقع في طريقه، إن الله عز وجل حين قال لنا: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ لم يقُل لعلكم تتألمون أو تصحُّون أو تقتصدون وإنما قال: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ فجعل الصوم اختبارًا روحيًّا وتجربةً خلقيةً، وأراد منه أن يكون وسيلتك إلى نيل صفة المتقين، وأداتك في اكتساب ملكة التقوى.
التقوى: هذا هو الهدف الحقيقي الذي إن أصبته جاءت من ورائه كل الثمرات مكرهةً راغمةً، وإن أخطأته فقد أضعت عملك سدى.. قال تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيْدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِيْ حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيْدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِيْ الآخِرَةِ مِن نَّصِيْبٍ﴾ (الشورى: 20

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...