ارتقى بروحك فى رمضان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
كثير من الناس يعيشون بأجسادهم وكأنهم نسوا أن لهم نفوساً وأورواحاً لها حق عليهم ؛ لكنهم يهتمون بجمال الجسد وتغذيته وملذاته …
يميلون فقط إلى الطين وإلى حياة تشبه فى جوهرها حياة
كحياة البهيم كما قال ربنا : ((أولئك كالأنعام بل هم أضل ))
أما المؤمن أخى الحبيب فلا بد أنه يهتم بجسده لكنه ما قصر ابداً فى تغذية روحه والأرتقاء بها والعيش فى ملكوت الله عز وجل بتدبر وتفكر …
يسبح فى هذا الكون العظيم .. يعيش بروحه وروحه مع خالقه عز وجل .
وأصاب الشاعر حينما قال :
قلوب العارفين لها عيون
ترى ما لا يرى للناظرين
وأجنحة تطير بغير ريش
إلى ملكوت رب العالمين
• أخى إنك خلق من روح الله عز وجل … لم نكن قبل ذلك سوى قبضة من الطين… فأنت بذلك كائن من كائنات الملأ الأعلى ؛ لأن إنسانيتك لم تكن تتشكل إلا بعد أن نُفِخ الله فيك من روحه … يا له من شرف أن تنسب إلى رب العالمين … فمن ارتقى بروحه عن الدنايا فقد سمى بروحه ومن فعل الذنوب وارتكبها فقد خلط روحه بالوحل والطين ودنا بها إلى الدنايا .
* الجنة تنتظرك :-
إن فى الجنة لتتزين من السنة إلى السنة لشهر رمضان ؛ فإذا دخل رمضان قالت الجنة : (( اللهم اجعل لى فى هذا الشهر من عبادك سكاناً )) نسأل الله أن يجعلنا من سكان الجنة .
* يا لحلاوة الجوع :-
* يا لها من لذة ؛ ويا لها من حلاوة…. ان تجوع عبادةً وإنكساراً لله عز وجل ؛ ولا بد أن وراءها أيضاً عبرةً وعظة جعلها الله عز وجل وراء هذا الجوع (( هو أن نحس بالفقرآء الذين تتلوى أمعاءهم جوعاً وعطشاً ؛ والذين قد لا يستطيعون النوم من شدة الجوع )) ومن هنا أيضاً تأتى الصدقة : (( ألا ترى أنه تتابع)) .
* الصدقة محشوة بالإخلاص :-
هل تحب أن تكون فى ظل عرش الرحمن الحنان يوم أن يصل عرق بعض الناس إلى رؤسهم من شدة الحر ؛ استمع إلى حديث النبى صلى الله عليه وسلم : ((سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله ؛منهم : ( رجل تصدق فأخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه…. ))
* عثمان يتاجر مع ربه :-
اشتهر الصحابى الجليل عثمان ابن عفان رضى الله عنه بالمتاجرة مع ربه والتصدق والإنفاق …
– فهو من جهز جيش العسرة .
– وهو من اشترى بئر رومة ووهبه للمسلمين.
– وهو من تصدق بقافلة كلمة تضم عشرات الإبل للمسلمين.
وأنت بماذا تاجرت مع الله ؟ وبم تصدقت ؟
* رمضان والمحافظة على الوقت :-
لا شك أن الجميع فى رمضان يسارعون بالخيرات ويسارعون فى سباق يسارع فيه الكثير للوصول إلى رضا الله عز وجل وإلى رضوانه ومغفرته ؛ ينشغل الجميع بذلك عن كل التفاهات والأشياء الغير نافعة ؛ ويقدرون قيمة الوقت فى هذا الشهر كل ساعة وكل دقيقة بل وكل ثانية … إنما هى لحظات فى العام كله لاتعوض ؛ فالناس ما بين صيام…وقيام …وقراءة قرآن …وصدقة وإنفاق … و وعظ ونصح …وعمل وعبادة … لا يجد أحد وقتاً حتى يتسامر مع هذا أو يضحك ويسلى نفسه مع ذاك … ولا بد أيضا ً أن وراء ذلك عبرة وحكمة قصدها الله عز وجل ……ألا وهى الوقت ـــ إخوتاه حياة الإنسان ….فما عمر الإنسان إلا لحظات من هذا الوقت وصدق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حينما قال : (( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس , الصحة والفراغ ))
فاعمل الطيبات فى دنياك ……فى هذا الوقت قبل أن يأتى يوم تقول : (( رب ارجعون ……رب ارجعون ))
(( لعلى أعمل صالحا فيما تركت ))
• نقل عن عامر بن عبد قيس أن رجلاً قال له : (( كلمنى )) فقال : (( أمسك الشمس)).
• وقال ابن ثابت البنانى ذهبت ألقن أبى ؛ فقال لى : (( يابنى دعنى , فإنى فى وردى السادس ))
• ودخلوا على بعض السلف عند موته ؛ وهو يصلى , فقيل له : . فقال : (( الآن تطوى صحيفتى ))
• فسارع أخى بالعمل الآن …….الآن …..قد لا تستطيع أن تفعله بعد لحظات …… قد يأتيك الموت بعد ثوانى معدودات ….حتام تنتظر ؛ حتى إذا أتاك ملك الموت ….حينها لن تستطيع أن تقول له انتظر .
* رمضان والنوافل :
إذا كنت تريد أن تتاجر حق التاجرة مع الله عز وجل فاغتنم هذه النوافل التى تعادل فى رمضان الفريضة فيما سواه ………
1- احرص على السنن الراتبة (( الإثنى عشر )) :-
عن أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان ؛ رضى الله عنها ؛ قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلمم يقول : (( ما من عبد مسلم يصلى لله تعالى كل يوم ثنتى عشرة ركعة تطوعاً غير الفريضة ؛ إلا بنى الله له بيتاً فى الجنة ؛ أو : إلا بنى له بيتا فى الجنة .)) ” رواه مسلم “
2- احرص على آداء صلاة الضحى :-
عن أبى ذر ( رضى الله عنه ) ؛ عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ قال : (( يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة ؛ فكل تسبيحة صدقة , وكل تحميدة صدقة , وكل تهليلة صدقة , وكل تكبيرة صدقة , و أمر بالمعروف صدقة ونهى عن المنكر صدقة ويجزى من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى )) ” رواه مسلم ”
3- قيام الليل :-
حينما ينام الجميع …. حينما يسكن الليل …. وتنطفىء الأنوار ….وتنطفىء المصابيح ….وتتسلل الأرجل الطاهرة المؤمنة بخطوات حانية نحو المحراب لتصف نفسها بين يدى الله عز وجل ترجوه وتدعوه وترجو رحمته , وتستغيث به من عذابه من عذاب جهنم ومن حر جهنم ……من أهوال يوم القيامة …..حينما تسجد الجباه الطاهرة لرب العالمين , فتسكب الدموع الغالية على الجبين …..فتتحشرج الأصوات بالبكاء ….ويعلو النحيب …..ولايراك إلا هو ….تناديه يا رب اعبدك وحدك …لك أنت …ها انا الآن لا يرانى إلا سواك ……………ولا يعلم سريرتى إلاك .
• واسمع معى قول ربنا حينما وصف القائمون :
(( تتجافى جنوبهم عن المضاجع )) ” السجدة ” ؛ وقوله جل وعلا :
(( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون )) ” الذاريات ”
وعن أم المؤمنين عائشة ( رضى الله عنها ) قالت : كان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يقوم من الليل حتى تنفطر قدماه , فقلت له : لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر , قال : (( أفلا أكون عبداً شكورا ً )) ” متفق عليه ”
أسأل الله عز وجل أن يرزقنا لذة القرب منه والوقوف بين يديه وأن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم .

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...