حين يغتال الوطن أنبل شبابه.. محمد ومحمود علي نموذجا

لم تتحمل الأسرة الصغيرة قسوة ما حدث، ولم تتمكن من التصديق بمرارة ما تم؛ فالصدمة أكثر من أن توصف، والجريمة التي غيرت مسار حياتهم ليست مسبوقة في تاريخ تلك الأسرة أو في مصر كلها، قبل أن تتحكم فيه عصابة العسكر التي لا ترعى في المصريين، وخاصة الشباب، إلًّا ولا ذمة.

البداية كانت عبر الصور التي انتشرت لثمانية شباب “زي الفل”، كتب عليهم أن يولدوا ويعيشوا في بلد تحارب أبناءها إن لم يسيروا في ركاب السلطة، أو يحضروا مؤتمرات سابقة التجهيز لقائد انقلاب عسكري يجلس شهريا مع مائة وخمسين من “أهله وعشيرته”، في حين يكره باقي شباب مصر؛ بسبب عدم اعترافهم به رئيسا على الإطلاق، ويرون أنه مجرم ينبغي إيداعه خلف القضبان.

الشباب الثمانية تمت تصفيتهم قبل أيام على طريق سفاجا- سوهاج، وفقا للرواية الأمنية المشكوك فيها، وخلال محاولتهم السفر إلى السودان، بحسب الحقيقة، للهجرة خارج مصر، التي تحاربهم بسبب آرائهم الرافضة للانقلاب العسكري.

اثنان من هؤلاء شقيقان.. اجتمعا في الأب والأم والمنزل والماضي والفكر.. في حين قرر الانقلاب أن يكونا شريكين في نفس المصير.. حيث أصابتهما رصاصات الميلشيات التي لا تعرف لها مسارا إلا إلى صدور أكثر أبناء مصر حبا لها، وتضحية من أجلها، ورغبة في خدمتها بالغالي والنفيس.

استقرت الرصاصات في جسدي الشقيقين محمد ومحمود علي، الطالبين بكلية الهندسة، اللذين كانا ينتظرهما مستقبل باهر، استكثره عليهما مجموعة من حملة الثانوية بمجموع النجاح، فقرروا الاستجابة لأوامر قيادتهم بإطلاق الرصاص نحو رافضي الانقلاب دون خوف من حساب أو خشية تحقيق و ملاحقة. فارتقى الشابان شهيدين لتخرج أرواحهما سويا تشكوان إلى الله ظلما، قل أن يوجد سوى في بلاد يحكمها عسكر قساة القلوب.

الأب.. لم يتحمل الصدمة؛ فأصيب بأزمة انتقل على إثرها إلى المستشفى؛ لمحاولة إنقاذ قلبه المكلوم الذي فوجئ بافتقاده، بين ليلة وضحاها، بعد فقد ولديه اللذين كان يدخرهما ليوم الوهن، واللذين كان ينظر إليهما فيشعر أن الله عوض تعبه في تربيتهما خيرا، بعد أن شبا في طاعة الله وحب الوطن. فإذا برصاص العسكر يرديهما قتلى دون ذنب أو جريمة سوى الاستقامة ورفض الانقلاب.

أما الأم فأربكتها الفاجعة، وتمنت لو لم تربيهما بهذا الشكل المستقيم الذي لا يقبله الانقلابيون؛ فالعسكر يفضلون أن يتشاجر الشباب للحصول على تذكرة حفل “الهضبة”، ويتمايلون على أنغام”الكنج” و”أنغام”، بدلا من أن يهتفوا بحرية بلدهم ويعلنوا رغبتهم في أن يكون ضمن البلاد المحترمة التي تحترم شعوبها واختياراتهم.

الصدمة كان تأثيرها مختلفا على كل فرد؛ إلا أن الحقيقة الوحيدة التي اتضحت عقب قتل هؤلاء الشباب وغيرهم، هو أن هذا الوطن لا يمكن أن يرى نورا وهو لا يزال يغتال أبناءه بهذا الشكل.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...