أيقظوا الإيمان في حياتكم

لا شكّ أن الإيمان في قلب كل واحدٍ منّا موجود ولكن بنسب متفاوتة ومختلفة من واحد لآخر؛ لا سيّما في قلب المؤمن الذي يحترق قلبه من تقصير في طاعة أو وقوع في ذنب أو معصية، ومما لا شكّ فيه أيضًا أننا بحاجة أيها الإخوة -في ظل انغماس الناس في الدُّنيا ولذَّاتها- إلى من يُذكّرنا بربنا وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ، وبحاجةٍ ماسّة إلى إيقاظ إيماننا المخدَّر؛ لماذ؟
لأن بيقظة الإيمان يحدث الآتي:
1. ينصلح حال الفرد والأمة كلها، وفق قانون الله القائل: وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
2. ويقظة الإيمان سبيل الحياة في سعادة وبعيدًا عن الشهوات والفتن، مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً.
3. وبه سنرى القرآن يسير بيننا على الأرض في صورة أشخاص مؤمنين [كان رسول الله خُلُقُه القرآن …. بالإيمان: كان الصحابة قرآنا يمشي بين النّاس على الأرض].
4. الثبات على المحن والفتن والمعارك الخطرة مع الظالمين، قال تعالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ..
5. قناعة العقل واطمئنانه وتحرك القلب نحو قضايا نفسه وأمته، ودفع الإرادة وتوجيهها نحو الخير دائمًا.
ويقظة الإيمان كانت شعار الصحابة الكرام، حيث كان يقابل المسلم أخاه فيقول: هيا بنا نؤمن ساعة، وما يعني ذلك إلا إيقاظ الإيمان في القلب، وما موقف حنظلة الأسيدي عنا ببعيد لما قال لنفسه ولأبي بكر يومًا: نافق حنظلة!!! ألا تعني كلمته أن هناك يقظة إيمانية تجعل المسلم في ترقب لربه….
وهذه اليقظة في قلوب الصحب الكرام، كانت سببا لتحول الشخصيات إلى الخير والنصرة وإقامة دعوة عالمية لها كل الحب في قلوب أتباعها، ومن أمثلة هؤلاء الذين غيّرهم الإيمان وجعلهم أنفسًا رائعة، منهم:
1. عمر بن الخطاب وقد تحول من شخصية مبغضة للإسلام إلى محاربة من أجل الإسلام، وهو هو الذي يوم سمع قول الله تعالى: إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) أغشي عليه وعاده الناس … إنها يقظة الإيمان وأثر الإيمان في تغيير الشخصية إلى الأحسن.
2. خالد بن الوليد السبب في إنكسارة المسلمين يوم أحد، هو هو الذي حمى جيش المسلمين يوم مؤتة.
3. سعد بن معاذ يموت يوم يموت ويهتز لموته عرش الرحمن بسبب تغير الإيمان في قلبه ويقظته، وقد حضرت جنازته ملائكة من ملائكة الرحمن.
4. وغيرهم كثيرون …. قد نذكرهم وقد نغفل عنهم، لكن يكفي أن الله يعلمهم.
والسؤال الآن: كيف نوقظ الإيمان عمليًّا؟
1. تدبّر القرآن الكريم، والعمل بما فيه، قال تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا.
2. التفكّر في صفحات الكون والنظر بتأنّي إلى مخلوقات الله، قال عزّ وجلّ:  وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)ِ.
3. دراسة السنن والنواميس الكونية، والنظر إلى عاقبة السابقين، قال عز من قائل: قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ.
4. تأمّل نعم الله عليك، وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ.
5. الاستكثار من الشعائر والارتباط الوثيق بالمساجد: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ.
6. مصارعة الباطل بالحق؛ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
7. مجالسة ومرافقة الصالحين: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ.
8. تذكّر الموت وأحوال الآخرة: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ.
وفّقنا الله وإيّاكم إلى ما فيه صلاحنا في الدنيا والآخرة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...