نظام السيسي لشيخ الأزهر: خياران لا ثالث لهما.. وسياسيون يحذرون من المساس به

]

كشفت مصادر مطلعة من داخل الأزهر وعلى صلة قريبة بشيخه الدكتور أحمد الطيب، أن سلطة الانقلاب خـيّـرت الطيب بين أمرين لا ثالث لهما، أولهما تسريح عدد من أعضاء مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء، وتقديم النصح لهم بأن يلزموا بيوتهم، ولا يتفوهوا بكلمة واحدة في وسائل الإعلام أو بكتابة أي إصدرات علمية، أو مقالات رأي، وعلى رأسهم الدكتور محمد عمارة عضو هيئة كبار العلماء، والدكتور حسن الشافعي عضو هيئة كبار العلماء وأمين عام مجمع اللغة العربية، وعبدالفتاح بركة عضو هيئة كبار العلماء وأستاذ العقيدة، والدكتور محمد الراوي عضو هيئة كبار العلماء.

حملة ممنهجة لهيكلة الأزهر
وأوضحت المصادر أن شيخ الأزهر يتعرض لهجمة شرسة، للضغط عليه بتغيير المناهج الأزهرية الإسلامية، ومراقبة كل أساتذة الجامعة الذين يكتبون أو يدرسون فيما يتعارض مع سياسة الدولة في الحرب على الإسلام، كما تطالبه بإعادة هيكلة مجمع البحوث الإسلامية، وهيئة كبار العلماء، وتعيين عدد من المشايخ والأساتذة الجامعيين الذين ترضى عنهم الدولة.

وكشفت المصادر أن المفتي السابق علي جمعة وأسامة الأزهري مستشار السيسي للشئون الدينية، بدءا بالفعل في وضع أجندة لهيكلة مجمع البحوث الأسلامية وهيئة كبار العلماء، فضلا عن رصد كل أساتذة الجامعة الذين تعتبرهم دولة السيسي خطرا على أجندتها في الفترة القادمة، تمهيدا لعزلهم من مناصبهم، ومراقبة الجامعة بشكل ممنهج، لتصفية كل عواميدها التي يراها نظام السيسي على خلاف مع أجندته.

يأتي ذلك بالتزامن مع الحملة الإعلامية التي يشنها إعلاميون محسوبون على النظام المصري، على مؤسسة الأزهر، فحسب أحدهم (أحمد موسى) فإنه “بحّ صوت السيسي على مدى عامين ونصف العام من أجل تجديد الخطاب الديني، ولم يفعل أحد شيئا، البقاء لله في الأزهر، والسيسي أعلن وفاته اليوم”، الأمر الذي يكشف حقيقة مخطط عزل شيخ الأزهر وإعادة هيكلته، بعد قرار تأسيس «مجلس أعلى لمواجهة الإرهاب»، وقد شارك في الحملة إعلاميون آخرون كعمرو أديب الذي قال إن «الرئاسة قررت التحرك في ملف تجديد الخطاب الديني بمفردها دون انتظار الأوقاف أو الأزهر بإقرار مجلس أعلى لتجديد الخطاب الديني».

وقامت جريدة محسوبة على الحكومة بإجراء استطلاع خرجت فيه بأن أغلبية المستطلعين اعتبروا أن الأزهر لن يتمكن من «تجديد الخطاب الديني» أو «مواجهة الأفكار المتطرفة».

وقام نائب العسكر محمد أبوحامد بتقديم مشروع لتعديل قانون تنظيم الأزهر إلى البرلمان، وهو ينص على أن يكون تعيين أعضاء هيئة كبار العلماء عن طريق الرئاسة وليس شيخ الأزهر.

 

شيخ الأزهر يدعو إلى اجتماع عاجل
ولعل ما دعا إليه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، هيئة كبار العلماء للانعقاد الأسبوع المقبل، بمشيخة الأزهر، وذلك فى موعدها الدورى، يؤكد حقيقة الضغط الذي يواجهه شيخ الأزهر لحل هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث.

فيما حذر الدكتور خالد رفعت الأستاذ بجامعة قناة السويس وأحد مؤيدي السيسي، من خطورة المساس بالأزهر، مستعرضًا بعض النصوص الموجودة بالديانات الأخرى التي تحض على العنف.

وقال “رفعت” في تدوينة عبر حسابه بـ”فيس بوك”: “أنا من الناس اللى انتقدوا بعض المناهج اللى بتدرس فى الأزهر حتى يتم تنقيحها وتطوير الأزهر.. ولكنى لاحظت حملة محمومة مسعورة للنيل من الأزهر الشريف اليومين دول بغرض تدميره وتهميشه”.

وتساءل: “هل الأزهر اللى عمره 1047 سنة هو سبب الإرهاب اللى ظهر فقط من 60 سنة مع ظهور اسرائيل؟ هل الأزهر سبب إرهاب جماعة KKK البروتستانتية المتطرفة فى أمريكا؟ أو جماعة جيش الرب الكاثوليكية المتطرفة فى أوغندا أو مذابح قتلة الروهينجا فى بورما؟ أو جماعة كاخ اليهودية المتطرفة فى إسرائيل؟ كل هذه الجماعات تذبح وتحرق وتقتل المسلمين”.

وتابع: “هل الأزهر سبب النصوص المتطرفة اللى موجودة فى التلمود (أغلبه) أو كتاب العهد القديم (وهى عشرات الآيات خصوصا اصحاح حزقيال).. بل بعض آيات الانجيل نفسه “العهد الجديد” [متى 10: 34 لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً] و[لوقا 19: 27 “أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي] على سبيل المثال.. الفكرة هى تفسير النصوص حسب الوقت وهذا موجود فى كل دين”.

واستدرك “نعم.. يوجد بعض القصور فى الأزهر.. ولكن سيبقى الأزهر الشريف دوما منارة للإسلام.. ولن نسمح لأى إنسان أيا كان بالمس بالأزهر أقدم جامعة إسلامية وحصن الإسلام.. نعم لتطوير الأزهر.. ولا وألف لا لتدميره”.

الأزهر منارة تاريخية
وتعتبر العلاقة بين الدولة المصرية الحديثة ومؤسسة الأزهر، تجسيدًا للمعادلة المعقدة التي حركتها حملة نابليون بونابرت على مصر والتي اعتبرت حافزًا لـ«النهضة» المصرية التي تبنت نماذج المؤسسات الغربية مثل البرلمان والأحزاب والجامعات وأثرت في النخبة المصرية الحديثة، بما فيها الأزهر نفسه، الذي تحول من التعليم الديني إلى جامعة للعلوم الحديثة.

وتدل الهجمة على الأزهر التي يقودها أشخاص كأحمد موسى وعمرو أديب ومحمد أبوحامد على مستوى الخطاب الفكري والسياسي المتدهور، وعلى تجاهل بائس لضرورة الحفاظ على الاستقلالية النسبية لمؤسسة الأزهر، وعلى رغبة جامحة في تحويل كل المؤسسات في مصر إلى توابع تدور في فلك الجيش والأمن، وعلى تسليم المناصب، بما فيها الدينية والعلمية، لـ«إمعات» في كل مكان يقول لهم الحاكم كونوا فيكونون.

وأول مقاصد الاتهامات الثقيلة الوزن التي يطلقها أصحاب الحملة ضد الأزهر، من قبيل «الفشل بمكافحة الإرهاب»، هو إخلاء مسئولية أجهزة الدولة (والسيسي شخصيًا) عن الفشل المعمم في الحفاظ على الأمن الأهلي، ولكنها، حين تضع اللوم على الأزهر توجه من حيث تدري أو لا تدري، ضحايا الإرهاب (وهم في الحالة الأخيرة المسيحيين)، نحو المؤسسة التي تمثل الإسلام الرسمي، وهو أمر يفترض، بالتالي وجود صراع إسلامي-مسيحي.

وهذه السياسة تكشف أن تنظيم «داعش» ليس الطرف الوحيد الذي يشتغل على الحرب الأهلية وتأجيج الطائفية، وما كنا في حاجة إلى خبر مثل الذي ذكرته جريدة «القبس» عن إطلاق الأجهزة الأمنية المصرية لأحد مفجري الكنيستين بعد تسليم الكويت له، لنستنتج أن مؤسسات النظام المصرية الحالية وأجهزتها الأمنية تتحمل بشكل مباشر أو غير مباشر، المسئولية في تعميم الإرهاب والطائفية.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...