خاب أمل الأقباط في قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بعد أن دعموه وشاركوا في انقلابه على أول رئيس مدني منتخب خوفا من الإسلاميين، إلا أنهم في ظل حكم الجنرال لا أمن تحقق ولا استقرار نعموا به.
وتعاظمت خيبة أمل الأقباط في الجنرال المنقلب بعد تفجير الكنيسة البطرسية، يناير الماضي، والذي أسفر عن مقتل 29 من الضحايا، ثم جاءت تهديدات تنظيم “ولاية سيناء” مؤخرا باستهداف الأقباط لتزيد من حالة الرعب والخوف، لا سيما بعد مقتل 7 أقباط خلال أقل من شهر في مدينة العريش وحدها، الأمر الذي أسفر عن نزوح جماعي لحوالي 70 أسرة قبطية من شمال سيناء باتجاه مدن القناة ومحافظات أخرى.
السيسي يواسي ويتوعد
قائد الانقلاب من جانبه، واجه هذه التحديات بمزيد من التصريحات الرنانة التي واسى فيه الأقباط، حيث اجتمع اليوم السبت مع رئيس حكومته شريف إسماعيل، ووزراء الدفاع والداخلية والمالية والخارجية، ومحافظ البنك المركزي، ورئيس جهاز المخابرات العامة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، وتصدرت أزمة تهجير أقباط العريش حديث السيسي مع المسئولين.
وقال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الانقلاب: “إن الاجتماع ناقش آخر التطورات الخاصة باستهداف المواطنين الأبرياء في منطقة شمال سيناء من قبل التنظيمات الإرهابية، مما أدى إلى انتقال عدد من الأسر إلى محافظة الإسماعيلية، حيث تم استقبالهم وتسكينهم إلى حين الانتهاء من التعامل مع العناصر الإرهابية”.
وأضاف- في بيان له اليوم- أن “السيسي وجّه بأهمية التصدي لكل محاولات زعزعة الأمن والاستقرار في مصر، ووأد كافة مخططات هذه التنظيمات لترويع أبناء الوطن الآمنين وتهديد ممتلكاتهم”، وهي التصريحات المتكررة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
في السياق ذاته، أجرى شريف إسماعيل اتصالا هاتفيا بالبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة المرقسية، لتأكيد اهتمام الدولة بالأوضاع الجارية للمصريين المسيحيين بشمال سيناء.
إلى ذلك، وجه رئيس الوزراء بتشكيل غرفة عمليات في مجلس الوزراء لمتابعة تقديم الخدمات لتلك الأسر، بالتنسيق مع كل من محافظي الإسماعيلية والقليوبية والقاهرة وأسيوط، التي استقبلت الأسر.
بيان الكنيسة
وحول أعداد المواطنين الذين نزحوا من العريش، ذكرت الكنيسة المصرية أن عدد المسيحيين الذين انتقلوا إلى الإسماعيلية بلغ 201 مواطن.
وقالت الكنيسة- في بيان لها- إنه تم تسكين 105 أشخاص في بيوت الشباب بالإسماعيلية بالتنسيق مع وزارة الشباب، و60 شخصا بشقق سكنية أجّرتها الكنيسة القبطية بعد تزويدها بالأثاث وتوفير كل ما يلزم للعيش فيها، بينما استقبلت الكنيسة الإنجيلية 37 شخصا.
في المقابل، لم تتمكن القوات المشتركة من الجيش والشرطة من ضبط الأوضاع في العريش، وسط الادعاء بملاحقة “خلية استهداف الأقباط”، في حين أن العناصر المسلحة تهرب مباشرة من المدينة عقب تنفيذ عملياتها.
من جهته، قال الخبير السياسي محمد عز: إن محاولات النظام التحرك في أزمة هجرة المسيحيين من العريش- بخلاف أنه متأخر للغاية- تكشف عجز الأجهزة المعنية بمواجهة الإرهاب عن التصدي لمسلحي سيناء، وهي محاولة فقط لرفع الحرج عن السيسي.
وأضاف عز- في تصريحات صحفية اليوم- أن قوات الجيش والشرطة لم تتمكن من بسط السيطرة على مدينة العريش، وهو الحل الأمثل لمواجهة استهداف المسيحيين بهذه الصورة الكبيرة، وليس مجرد تسخير إمكانات الدولة لتوطين الأسر في المحافظات التي انتقلوا إليها.
وذكر أن الفشل الذريع يلاحق قوات الجيش والشرطة، فعلى الرغم من التأكيدات التي لم تتوقف منذ ما يزيد عن ثلاثة أعوام، من حسم المعركة في سيناء بنسبة كبيرة، إلا أنه مع مرور الوقت اتضح عدم صحة هذا الأمر.
وأشار إلى أن الدولة غائبة تماما في سيناء، وهو ما يحتاج إلى ضرورة إعادة النظر في استراتيجية مواجهة الجماعات المسلحة بشكل عاجل.
“استهداف الأقباط”
من جانبها، سلطت صحف أمريكية، اليوم، الضوء على قضية نزوح عشرات العائلات القبطية من مدينة العريش بشمال سيناء، وذلك عقب سلسلة هجمات استهدفتهم من قبل تنظيم «ولاية سيناء» خلال الأسابيع الأخيرة.
وقالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، إن الهجمات المتزايدة ضد الأقباط المصريين قد تعمق عزلة الأقباط فى مصر.
وأشارت الصحيفة إلى أن إعلان تنظيم داعش مسئوليته عن تفجير مقر الكاتدرائية القبطية فى القاهرة، فى ديسمبر الماضى، يعد مؤشرا على «تحول فى استراتيجية التنظيم لجعل الأقباط هدفا أساسيا له».
وقالت الصحيفة، إن القلق بين السكان الأقباط يتزايد، حيث إنه بعد كل هجوم تتعهد الحكومة بحماية المسيحيين من خلال تدابير أمنية أفضل، إلا أنه سرعان ما يقع هجوم جديد عليهم، بحسب الصحيفة.
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، إن عمليات القتل التى استهدفت الأقباط المصريين جاءت تصعيدا لحملة أعلنها تنظيم داعش الإرهابى، فى ديسمبر الماضى، عندما فجر انتحارى نفسه فى الكنيسة البطرسية بالقاهرة خلال قداس الأحد، مما أسفر عن مقتل العشرات.
وقال، زاك جولد، الزميل بالمجلس الأطلسى (منظمة أبحاث فى الشئون الدولية)، للصحيفة: إنه بازدياد الضغط على التنظيم الإرهابى فى سوريا والعراق، كان عليه أن يظهر نشاطه على جبهات أخرى لإثبات أنه لا يزال موجودا، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وكما نقلت الصحيفة عن مينا ثابت، مدير برنامج الأقليات بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، قوله “إن مقاتلي داعش يريدون أن يرسلوا رسالة أنه لا أحد في مصر بات آمنا».