شهدت الأيام القليلة الماضية تراجعًا ملحوظًا في قيمة العملات الأجنبية، في مقدمتها الدولار مقابل العملة المحلية في البنوك المصرية، وكذلك السوق الموازية؛ ما دفع دوائر حكومية ومنصات إعلامية محسوبة على النظام إلى الحديث المتواصل عن استقرار الأوضاع الاقتصادية. ولكن، على ما يبدو، فإن هناك جهات أو أشخاصًا يحركون أسعار سوق الصرف في مصر؛ خاصة مع الخسائر العنيفة للدولار مقابل الجنيه المصري في الوقت الحالي. فرغم انخفاض سعر سوق الصرف؛ إلا أن الأسعار لا تزال تواصل ارتفاعها.
وقبل أيام كان يجري تداول الدولار في السوق الرسمية بمصر عند مستويات أقل بنسبة طفيفة من مستوى الـ20 جنيهًا، لكن فجأة ومن دون أي قرارات أو توجيهات تراجع سعر صرف الدولار إلى مستوى 16.5 جنيهًا في الوقت الحالي، محققًا خسائر تقترب من مستوى الـ20%.
وتشير التوقعات إلى أن سعر صرف الدولار سيواصل مزيدًا من الهبوط مقابل الجنيه المصري الذي يقفز بقوة، في الوقت الذي لم يصدر فيه عن الحكومة المصرية أو البنك المركزي أي توجيه أو قرار يتسبب في خسائر الدولار بهذا الشكل.
لكن الخسائر العنيفة للدولار تأتي في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة المصرية لاستقبال “ضيف ثمين”؛ حيث من المتوقع زيارة وفد من صندوق النقد الدولي إلى مصر خلال الفترة المقبلة، في إطار متابعة الصندوق لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي قدمته الحكومة المصرية للحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
انخفاض سعر صرف الدولار أمام الجنيه جعل المصريين يتساءلون عن تأثير هذا التراجع على أسعار السلع، وما إن كانت الأسعار ستنخفض بعد هذا الهبوط أم لا.
الأسعار لا تزال مرتفعة
يقول سيد محمود، وهو تاجر أجهزة كهربائية، إن أسعار الأجهزة الكهربائية في الأسواق ما زالت مرتفعة ولم تتأثر بانخفاض سعر الدولار؛ بسبب أن المخزون لدى التجار كان بسعر الدولار قبل الانخفاض.
ويضيف سيد: “البيع بأسعار أقل مما كانت عليه سيتسبب في خسائر فادحة للتجار”، مشيرًا إلي أنه من المتوقع انخفاض أسعار السلع كافة مع نفاد الكميات المخزنة”.
ويوضح عبدالسلام محمود، وهو تاجر فاكهة وخضروات، أن “الأسعار كما هي: الفاكهة والخضار اللي بنشتريها ما تأثرتش بسعر الدولار، بالعكس دي تأثرت بالسلب بعد ارتفاع أسعار النقل والأسمدة اللي زادت بسبب ارتفاع سعر السولار”.
لا يعد مؤشرًا على قوة الاقتصاد
ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى شاهين إن انخفاض سعر الدولار لا يعد مؤشرًا على قوة الاقتصاد إلا إذا اقترن هذا الانخفاض بزيادة الإنتاج.
وفي تصريحات صحفية، أضاف شاهين: “حتى يمكننا القول بتعافي الاقتصاد فلا بد لذلك من مؤشرات ومعدلات؛ أولها معدل نمو الناتج القومي وانخفاض معدلات البطالة، وكذلك معدل التضخم الذي بلغ 30% وفقًا لبيانات رسمية؛ وبالتالي لا يمكننا القول في ظل تراجع هذه المؤشرات إن نموًا أو استقرارًا قد حدث على خلفية موجة الانخفاضات الأخيرة للدولار كما يزعم البعض”.
لم يلمس المواطن التراجع
من جهته، قال الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية علاء البحار إنه على الرغم من التراجع الذي تشهده العملة الأجنبية خلال الوقت الراهن لم يلمس المواطن أي تراجع في الأسعار، مؤكدًا أن التراجع الحالي للدولار “مؤقت” وجاء نتيجة زيادة الاحتياطي عبر القروض والسندات الدولية وليس عبر زيادة الإنتاج والصادرات والسياحة والاستثمارات الأجنبية ومصادر النقد الأجنبي الأخرى.
وأضاف البحار في تصريح له أن التعافي الحقيقي يتم في حالة تحرك عجلة الاقتصاد وزيادة مصادر النقد الأجنبي، مؤكدًا أن ذلك لن يتم إلا من خلال تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، وهو ما فشل السيسي في تحقيقه.
جهات تدير سوق الصرف
مصدر بالبنك المركزي طلب عدم ذكر اسمه قال إن الادعاءات بشأن ترك سوق الصرف وسعر الدولار لآلية العرض والطلب “كلام غير صحيح وغير منطقي، وما يحدث للدولار في الوقت الحالي يؤكد أن هناك جهات أو أشخاصًا يديرون سوق الصرف بشكل غير مباشر”.
وأشار إلى أن هذه الجهات تعمل في الوقت الحالي على خفض سعر صرف الدولار والذهب الذي هوى بالتبعية خلال الأيام الماضية، بسبب قرب زيارة وفد صندوق النقد الدولي لمصر، مع الوضع في الاعتبار ما أثاره مسؤولو صندوق النقد الدولي قبل أيام وفضح كذب الحكومة المصرية وعدم دقة البيانات التي قدمتها للصندوق من أجل الحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار.
وأوضح، في تصريح مقتضب، أن البيانات التي قدمتها الحكومة المصرية إلى إدارة الصندوق كانت تشير إلى أن سعر صرف الدولار لن يتجاوز 14 جنيهًا، ولذلك وضعت 13 جنيهًا كسعر استرشادي في أول يوم من صدور قرار تعويم الجنيه مقابل الدولار؛ ما تسبب في أن تقفز معدلات التضخم لتتجاوز 30% خلال الأيام الماضية وفقًا للبيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري.
وتابع: “المنطق يقول إنه طالما لم تحدث أية مستجدات على ساحة سوق الصرف، وإن الحكومة لم توقف الاستيراد خلال الأسبوع الجاري؛ فلماذا يخسر الدولار بعنف مقابل الجنيه المصري؟ وكيف؟”.
– See more at: http://www.rassd.com/201191.htm#sthash.soxTTsz6.dpuf