أطلقت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، اليوم الثلاثاء، تقريرها السنوي الرابع عن حالة حرية التعبير في مصر فى ظل الانقلاب العسكرى، وقد اعتبرت فيه أن سنة 2016 هي الأكثر انتهاكًا لحرية الإبداع في مصر.
78 انتهاكًا
ورصد التقرير 78 انتهاكا تعرّض له المبدعون في مصر، مقارنة بـ46 انتهاكا في 2015، و21 انتهاكا في 2014، وهو ما يوضح انتقال حالة حرية الإبداع من السيئ إلى الأسوأ” بحسب التقرير.
في الجزء الأول من التقرير، قدم التغيرات الطارئة على البيئة التشريعية والقانونية المنظمة لحرية التعبير في مصر، حيث تناول الجزء القانوني بالتقرير ما يتعلق بالقوانين والمناقشات داخل مجلس النواب، ومواقفه من الحقوق والحريات في مصر.
وقد ركّز التقرير على بعض القوانين ومسودات القوانين التي طُرحت داخل المجلس، كمشروع القانون الذي طرح من قِبَل اثنين من النواب لإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر المتعلقة بتهمة (خدش الحياء العام)، والتطورات المتعلقة بقانون التظاهر بعد الحكم بعدم دستورية المادة العاشرة منه.
الصحفيون ضحايا
وفيما يتعلق بحرية الصحافة والإعلام، رصد التقرير 438 حالة انتهاك في نطاق 22 محافظة، وجاء الصحفيون في مقدمة الفئات الأكثر تعرضًا للانتهاكات، حيث تعرّض 164 صحفيا لانتهاك مباشر، بينما تعرض الإعلاميون لـ62 انتهاكًا مباشًرا.
وقد توزعت الانتهاكات بين عدة أشكال، على سبيل المثال وثَّقت المؤسسة المنْع من أداء العمل الصحفي والإعلامي (193 حالة)، بينما احتجز ما لا يقل عن 62 صحفيا وإعلاميا دون اتخاذ إجراءات قانونية ضدهم، كما تم استيقاف 7 عاملين بالإعلام لفترة محدودة قبل صرفهم، بينما رصدت المؤسسة التعدي بالضرب على 43 صحفيا و17 حالة انتهاك تتعلق بمنع بث حلقات برامج تلفزيونية، ووقف إصدار جريدة أو مصادرتها أو منع مقالات.
“نواب الدم” ينتهكون الحريات
ويُذكر أن مجلس النواب الانقلابي كان واحدًا من الجهات التي تعدّت على حرية الصحافة والإعلام، حيث رصد التقرير 30 انتهاكًا ضد حقوق العاملين بالصحافة والإعلام، تنوعت ما بين منع بث جلساته ومنع صحفيين معينين من تغطية أخبار المجلس، ومنع آخرين من دخول المجلس بأمرٍ من رئيسه.
اقتحام نقابة الصحفيين
كما تناول الجزء الخاص بحرية الصحافة والإعلام قضية اقتحام نقابة الصحفيين ومحاكمة يحيى قلاش نقيب الصحفيين، وخالد البلشي وكيل النقابة، وسكرتيرها العام جمال عبدالرحيم. وقد أفرد التقرير جزءًا لقانون التنظيم المؤسسي للإعلام وتأثيره على حالة حرية التعبير وحالة حرية الصحافة والإعلام في مصر.
وتنوعت الانتهاكات- التي رصدها التقرير- بين المنع والرقابة على الأعمال الفنية وحذف مشاهد من مسلسلات تلفزيونية والمنع من السفر أو دخول مصر (4 حالات)، وحبس المبدعين على خلفية نشرهم لأعمال فنية، وجاءت الانتهاكات على خلفية تعاطي الأعمال الفنية مع السياسة، وهو ما يعد السبب الرئيسي للانتهاكات، حيث رصد التقرير 44 حالة، بخلاف انتهاكات تتعلق بتنافي الأعمال الإبداعية مع الأخلاق والآداب العامة (15 حالة انتهاك) أو الأديان (6 حالات انتهاك).
26 انتهاكا من “الداخلية”
كما أكد التقرير أن وزارة الداخلية تتدخل بشكل رئيسي في الرقابة على الإبداع، حيث وصل عدد الانتهاكات من قِبَلها إلى 26 انتهاكًا خلال العام 2016، ثم جهاز الرقابة على المصنفات الفنية بـ22 انتهاكًا، ثم النقابات الفنية بـ15 انتهاكًا.
رسوم ضد حرية الإبداع
كما تناول التقرير أيضًا تأثير قانون ضريبة القيمة المضافة على حرية الإبداع، وقرارات السلطة التنفيذية التي تتعارض مع حرية الإبداع، كزيادة رسوم إقامة الحفلات بمرافق الأعلى للآثار، وزيادة رسوم التصوير الفوتوغرافي بالمواقع الأثرية وغيرهما.
وركز التقرير على بعض القضايا المهمة المتعلقة بالإبداع خلال سنة 2016، مثل قضية الروائي أحمد ناجي (قضية رواية استخدام الحياة)، وانتهاء بفن الجرافيتي في مصر واستمرار القبض على رسّاميه.
حرية المعلومات
أما الجزء المتعلق بالحق في المعرفة وتداول المعلومات، فقد تناول البيئة التشريعية لتداول المعلومات في مصر، ورّكز التقرير على قرارات السلطة التنفيذية المقيدة لحرية تداول المعلومات كحادثة عزْل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة من منصبه، والتعديلات القانونية المهدرة لاستقلال الأجهزة الرقابية التي صدرت عن رئيس الجمهورية بشأن إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، بالإضافة إلى تناول وضع الحق في الحصول على المعلومات ضمن قضايا الرأي العام، كاتفاقية تعيين الحدود البحرية مع السعودية والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.
الحقوق الرقمية
على جانب آخر، تناول التقرير الحقوق الرقمية في مصر، وركز على عدد من القضايا المرتبطة بحرية التعبير الرقمي والخصوصية خلال سنة 2016.
وتناول هذا الجزء ما يتعلق بالبيئة التشريعية، كمشروع قانون الجريمة الإلكترونية المُقدم من أحد نواب مجلس النواب، والتقرير الصادر من هيئة المفوضين بمجلس الدولة المتعلق بقضية مراقبة الاتصالات في مصر، القضية المعروفة إعلاميا بالقبضة الإلكترونية.
وتناول التقرير ممارسات الحكومة المتعلقة بحجب تطبيق “سيجنال” الخاص بالتراسل المعمى من خلال الهواتف الذكية، وحجْب موقع “العربي الجديد”، ومحاولات زرع برامج خبيثة في حواسيب المستخدمين من قبل شركة تي إي داتا المقدمة لخدمة الإنترنت، ومحاولة حجب تطبيق تور، ومشاكل بروتوكول نقل النص التشعبي الآمن الذي يوفر طبقة حماية لخصوصية
المستخدمين وأمنهم الرقمي.
بالإضافة إلى رصد الانتهاكات المتعلقة بالحقوق الرقمية، حيث رصدت المؤسسة ما لا يقل عن 57 انتهاكا لحق الأفراد في التعبير الرقمي، حيث وثّقت المؤسسة 28 حالة تم القبض فيها على مواطنين بسبب إدارتهم لصفحات على فيسبوك و9 حالات بسبب كلام منسوب لهم على حساباتهم الشخصية.
كما رصد التقرير 18 حالة انتهاك قامت بها جامعات مصرية للتضييق على الحركة الطلابية وحقوق وحريات الطلاب، على خلفية نشر الطلاب لآرائهم على شبكات التواصل الاجتماعي.
وتناول التقرير ما يتعلق بالحرية الأكاديمية وتزايد التدخلات في العمل اﻷكاديمي، وقد تناول هذا الجزء مشروع قانون التعليم العالي، وتهميش مشاركة المجتمع الأكاديمي في مناقشة مشروع القانون، والتعديلات المقترحة لبعض مواد قانون تنظيم الجامعات، والتي تعطي دورًا أكبر لوزير التعليم العالي، وقرارات السلطة التنفيذية والإدارات الجامعية المؤثرة على الحرية الأكاديمية، كشرط الموافقة الأمنية للسماح للأكاديميين بالسفر، وتوجيهات وزارة التعليم العالي للجامعات الخاصة والأهلية بعدم الإساءة للدول الشقيقة في الأبحاث.
وتناول هذا الجزء أيضًا انتهاكات حرية البحث العلمي في الجامعات المصرية والقيود المفروضة على الباحثين الأجانب، وصعوبة الوصول للوثائق الرسمية، والملاحقات الأمنية للباحثين، وحرية التدريس، وأيضًا انتهاكات حرية التعبير لأعضاء هيئات التدريس بالجامعات المصرية، وتهميش مشاركة أعضاء المجتمع الأكاديمي في مناقشات التشريعات.