في سجون الانقلاب العسكري روايات كثيرة، كتبت بالصمود والدموع والدم، كلها غارقة في القمع والتعذيب، منها ما ترويه والدة الطالب الأزهري أحمد حجازي، والذي اختفى قسريًّا الشهر الماضي ثم ظهر ضمن المتهمين باغتيال النائب العام هشام بركات، أحمد ابني وصل لدرجة تمني الموت بدلاً من وجوده بالسجن من شدة التعذيب الذي يواجهه.
وأضافت: “أحمد بريء ليس له علاقة من قريب أو من بعيد بجماعة الإخوان المسلمين وألقي القبض عليه خلال وجوده في القاهرة إذ يعمل في إحدى شركات الأدوية خلال فترة دراسته في جامعة الأزهر”.
وأشارت إلى أنهم مزقوا ملابسه كاملة أثناء تعذيبه لإجباره على الاعتراف بالتهم الموجهة له.
استشهاد 330 معتقلاً
كما وثقت منظمة “هيومان رايتس مونيتور”، استشهاد 330 شخصًا داخل السجون المصرية، منذ انقلاب 30 من يونيو 2013، وحتى 11 من نوفمبر الماضي، عشرة منهم قتلوا في أكتوبر الماضي،كما تم تسجيل قتل 10 حالات إضافية خلال شهر نوفمبر الجاري.
وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة سلمى أشرف إن “حالات القتل داخل السجون في ازدياد كبير لأننا لا نستطيع إحصاءها جميعها”، مضيفة أن “معظم حالات القتل في السجون المصرية تمت بعد تعذيب المعتقلين، وغالبيتهم سياسيون، أو ماتوا نتيجة الإهمال الطبي، أو قتلهم بشكل مباشر”.
وكشفت سلمى عن وجود “أماكن احتجاز للمعتقلين غير قانونية موجودة في معسكرات الأمن المركزي، وبيوت تستخدم للاحتجاز”.
ولفتت إلى وجود حالات اختفاء قسري مرتفعة بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وقالت: “رصدنا ما يقرب 215 حالة اختفاء خلال الأشره الثلاثة الماضية”.
تعذيب ممنهج
وأكدت المديرة التنفيذية للمنظمة سلمى أشرف، أن “التعذيب ممنهج بحق المعتقلين السياسيين، حيث يتم تعذيبهم حتى الموت، وقمنا بتوثيق عدة حالات وفاة استخدم فيها الصعق الكهربائي، والتعليق من اليدين، والحبس الانفرادي، والمنع من الطعام، وقطع الألسنة، وأشياء أخرى لا يمكن لنا أن نتخيلها”.
وحذرت منظمة “هيومان رايتس مونيتور” في تقرير أصدرته، من كارثة غرق الزنازين بالمياه، وقالت إن: “إدارة السجون تتعنت في شفط المياه، والمعتقلون موجودون داخل الماء حيث تصل إلى ركبهم، ومياه الصرف الصحي اختلطت بمياه الأمطار”، مضيفة: “وصلتنا شكوى تفيد بمقتل عدد كبير من المعتقلين من خلال توصيل الكهرباء بالمياه”.
وسبق نشر الدكتور صفوت أحمد نقيب الصيادلة بالإسماعيلية، شهادته حول واقعة القبض على الطبيب المتوفى عفيفي أحمد عفيفي، والذي توفي أثناء التحقيق معه، الشهادة التي أكدت تعرضه للانتهاك.
وأضاف: “لا أنسي أبدًا حينما سمعت صراخ “د. ريم” زوجة الطبيب الراحل، بالخارج وذهبت للاطمئنان ووجدت المرحوم يلفظ أنفاسه الأخيرة فرجعت مسرعا إلى الضابط ألتمس منه أن ياتي لرؤيته، من دون جدوى وقال عدت إلى الضابط وقلت له: “أبوس ايديك الراجل بيموت أبوس إيديك الراجل بيموت تعالى شوفه، حسبي الله ونعم الوكيل”.
تعذيب طفل حتى الموت
وتعرض طفل عمره 17 عامًا، متهم في قضية جنائية، للتعذيب حتى الموت في قسم شرطة التبين، ورفضت أسرته استلام جثمانه من مشرحة زينهم.
وقال حسن صابر والد الشاب المتوفي، إنه رفض استلام جثمانه من المشرحة، وأكد أن لديه أوراقا من المشرحة تؤكد وجود آثار تعذيب على جسد نجله المتوفى، كما أكد أن الضابط المتهم بقتله تعرض لخصم 4 أيام فقط كعقاب إداري.
وطالبت “مونيتور” الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإرسال بعثات تقصي حقائق لتفحص السجون وأقسام الشرطة وجميع أماكن الاحتجاز في مصر، والتحقيق في مقتل ما يزيد على 340 معتقلاً داخل السجون، نتيجة للتعذيب الممنهج، والتحقيق في مقتلهم وجلب مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة.
وأكدت المنظمة أن التعذيب بات أسلوب حياة للانقلاب في مصر، متمثلة في ذراعها الأمني (قوات الجيش والشرطة المدنية) باختلاف أطيافه المجتمعية، بل وحتى باختلاف توجهاته.
وطالبت العسكر الالتزام بالتعهدات والقوانين الدولية الخاصة بمعاملة المساجين، وخاصة اتفاقية مناهضة التعذيب، محملة سلطات الانقلاب المسؤولية التام والكاملة عن حياة المعتقلين داخل جميع أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية.