الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
علاج النظر المحرم :{ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ إن الله خبير بما يصنعون .وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ … }
1) مراقبة الله تعالى واستحضار اطلاعه وعلمه الذي وسع كل شئ ومعيته لعبده :
يقول تعالى : { يعلم خَائِنَةَ الأعْيُنِ وما تخفي الصدور } ، { وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير } .
• عن ابن عباس قال كانت امرأة تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم حسناء من أحسن الناس فكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لئلا يراها ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فإذا ركع نظر من تحت إبطيه فأنزل الله تعالى : { ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين } . رواه أحمد (2779) والترمذي (3122 ) والنسائي (870 ) وابن ماجه (1046) وصححه الألباني في الصحيحة (2472) .
قال ابن رجب :
وكان وهب بن الورد يقول خف الله على قدر قدرته عليك واستحي منه على قدر قربه منك
وقال له رجل : عظني فقال له اتق الله أن يكون أهون الناظرين إليك 000
وسئل الجنيد بم يستعان على غض البصر قال : بعلمك أن نظر الله إليك أسبق إلى ما تنظره .
وكان الإمام أحمد ينشد :
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل *** خلوت ولكن قل على رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة *** ولا أن ما يخفى عليه يغيب
ا.هـ جامع العلوم والحكم ج : 1 ص : 162
2) الاستعانة بالله تعالى والتضرع إليه بالدعاء :
ومن ذلك الدعاء المشهور : اللهم طهر قلبي من النفاق وعملي من الرياء ولساني من الكذب وعيني من الخيانة فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور . وقد روي هذا الدعاء مرفوعاً رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ج : 2 ص : 227 والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 5/267 من حديث أم معبد وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ح ( 1209 )
2) فضل الوضوء وتكفيره خطايا العين :
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب .رواه مسلم 1/215 ح244
• والنظر المحرم الذي هو متعلق التكفير في الحديث هو ما كان من باب الصغائر ، أما من أدمن النظر وأصر عليه فقد أتى كبيرة من كبائر الذنوب إذ لا صغيرة مع الإصرار ، وعلى هذا فلا يكفر إلا التوبة لقوله تعالى { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم } الآية والله أعلم .
3) سد الذرائع والابتعاد عن مواطن الفتنة :
• عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : قال النبي :
لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها . رواه البخاري (4942 )
• عن أيوب قال : كان طاوس لا يصحب رفقة فيها امرأة . رواه ابن أبي شيبة ج : 4 ص : 6 (17226)
• قيل لهند بنت الخُسّ ، وكانت إحدى أميرات العرب في الجاهلية المشهورة بالعقل والذكاء والفصاحة والحكمة ، وقد زنت بعبدها : لم زنيت بعبدك وأنت سيدة قومك ولم تزني بحر؟ وما أغراك به ؟ فقالت : قرب الوساد وطول السِّواد ( السِّواد : المناجاة والمحادثة سراً ) . تعليق أبي غدة على رسالة المسترشدين للمحاسبي /177
• من ذرائع الفتنة في عصرنا :
• أماكن الاختلاط كالأسواق والشواطيء وغيرها .
• الجلوس أمام شاشات التلفاز وشبكات الإنترنت .
• المجلات والصحف الماجنة التي تتخذ صور النساء وسيلة لرواجها بين ضعفاء الإيمان والمروءة .
ومن أساليبها : فتاة الغلاف ، اللقاءات مع الفنانات ، ركن التعارف ، عروض الأزياء ، حتى الإعلانات التجارية عن
سلع لا تمت للمرأة بأي صلة .
4) تجديد التوبة :
• قال شيخ الإسلام : وفى هذه السورة ذكر آية النور بعد غض البصر وحفظ الفرج وأمره بالتوبة مما لابد منه أن يدرك ابن آدم من ذلك 15 / 396
5) إعفاف المرء نفسه بما شرع الله له من الأمور المشروعة :
• عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه زسلم : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء . رواه البخاري ج : 2 ص : 673 ح 1806 و مسلم ج : 2 ص : 1018 ح1400
• وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فأتى امرأته زينب وهي تمعس منيئة لها فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه فقال : إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه . رواه مسلم ( 1403 ) ، قال النووي : ( تمعس ) : المعس : الدلك . ( منيئة ) : الجلد أول ما يوضع في الدباغ .
وقال : قال العلماء معناه الإشارة إلى الهوى والدعاء إلى الفتنة بها لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل الى النساء والالتذاذ بنظرهن وما يتعلق بهن في شبيهة بالشيطان في دعائه الى الشر بوسوسته وتزيينه له .
ويستنبط من هذا أنه ينبغي لها أن لا تخرج بين الرجال إلا لضرورة وأنه ينبغي للرجل الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقا ا.هـ شرح مسلم (9/178 )
• ومن اللطائف ما ذكره بعض العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم ( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ) . قال ابن حجر : وقيل فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة والحكمة فيه أن تسكن نفسه في الرواح إلى الصلاة ولا تمتد عينه إلى شيء يراه . فتح الباري ج: 2 ص: 366
6) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ على أيدي الشباب والحيلولة بينهم وبين الوقوع في الفتنة :
عن عبد الله بن عباس أنه قال : كان الفضل بن عباس رضى الله عنه رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر … وذلك في حجة الوداع . رواه مسلم ج : 2 ص 973
• قال ابن أبي شيبة : حدثنا حسين بن علي عن موسى الجهني قال : كنت مع سعيد بن جبير في طريق فاستقبلتنا امرأة فنظرنا إليها جميعا قال : ثم إن سعيدا غض بصره فنظرت إليها قال : فقال لي سعيد : الأولى لك والثانية عليك . رواه ابن أبي شيبة ج : 4 ص : 6 (17219)
• نظر رجل إلى امرأة عفيفة فقالت : يا هذا غض بصرك عما ليس لك تنفتح بصيرتك فترى ما هو لك . نفح الطيب للتلمساني 5 / 314
7) نماذج من حياة السلف :
• من آداب النبوة : عن عبد الله بن بسر قال :
كان رسول الله إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ويقول السلام عليكم السلام عليكم . رواه ابو داود 5186 و احمد 17730 وصححه الألباني في صحيح الجامع (4638)
• في قصة موسى عليه السلام مع المرأتين :
قال ابن جرير { : إن خير من استأجرت القوي الأمين } تقول إن خير من تستأجره للرعي القوي على حفظ ماشيتك والقيام عليها في إصلاحها وصلاحها الأمين الذي لا تخاف خيانته فيما تأمنه عليه ، وقيل إنها لما قالت ذلك لأبيها استنكر أبوها ذلك من وصفها إياه فقال لها وما علمك بذلك فقالت أما قوته فما رأيت من علاجه ما عالج عند السقي على البئر وأما الأمانة فما رأيت من غض البصر عني ، وبنحو ذلك جاءت الأخبار عن أهل التأويل . تفسير الطبري ج : 20 ص : 63
• عن وكيع قال :
خرجنا مع الثوري في يوم عيد فقال : إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا غض البصر. حلية الأولياء 7 / 23
• عن أبي عمرو الشيباني قال :
قال أبو موسى : لأن تمتلئ منخري من ريح جيفة أحب إلي من أن تمتلئان من ريح امرأة . رواه ابن أبي شيبة ج : 4 ص : 6 (17229)
• عن إبراهيم قال :
قال عبد الله : لأن أزاحم بعيراً مطلياً بقطران أحب إلي من أن أزاحم امرأة . رواه ابن أبي شيبة ج : 4 ص : 6 (17230) .