استبعد الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى محمود شاهين، أن تفلح قرارات حكومة الانقلاب في تحقيق أهدافها بانتشال مصر من الغرق؛ مؤكدا أن هناك 3 عوامل ستتسبب في فشل السياسات الاقتصادية لقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي.
على خطى اليونان
وتحت عنوان «الإصلاح الاقتصادي في مصر هل من بارقة أمل؟» طالب شاهين حكومة الانقلاب بضرورة الاعتبار من دورس التاريخ والدول الأخرى منوها إلى أن السيسي يمضى بمصر على خطى اليونان التي تدمرت وعجزت عن إصلاح وضعها المتدهور لاعتمادها على قروض صندوق النقد ودعم كبير من الاتحاد الأوروبي.
يقول شاهين «أمامنا اليونان تركت وحدها لتلقى مصيرها بعد أن عجزت عن دفع قسط من اقساطها لصندوق النقد الدولي، كانت الدفعة المستحقة 1.5 مليار يورو أي ما يقارب 2 مليار دولار، ورفضت بعض دول الاتحاد الأوربي مساعدة اليونان، وأصبحت اليونان هي الدولة الأولى في الاتحاد التي تعجز عن دفع الدين للدائنين».
وأضاف «بلغت ديون اليونان 240 مليار يورو، رغم أن الاتحاد الأوربي وضع برامج لمساعدة اليونان منذ عام 2010 لتخفيض مديونيتها ومساعدة الاقتصاد في تقليص خدمة الديون.. وعلى الرغم من أن اليونان هي إحدى الدول الأعضاء للاتحاد الأوربي، والاتحاد الأوروبي له قواعده الصارمة للحفاظ على المؤشرات الاقتصادية الكلية كمثل الحفاظ على عجز الموازنة العامة للدولة عند حدود نسب معينة من الناتج المحلي وكذلك الحفاظ على معدلات للتضخم صحية ومناسبة، بحيث تجعل انسيابية في حركة اليورو والسلع داخل دول الاتحاد الأوروبي إلا أن الأمر خرج عن سيطرة البنك المركزي الأوروبي وأدى هذا الوضع المتردي لطلب إنجلترا بالخروج من الاتحاد الأوروبي».
عاملان يسببان الفشل الاقتصادي
وشدد الخبير الاقتصادي على أن مصر لن تصلح معها أي إصلاحات اقتصادية ولا تعويم جنيه قائلا: «بكل صراحة لن تنفع مع مصر أي إصلاحات اقتصادية ولا تعويم للجنية، فالاقتصاد المصري كل إصلاحاته شكلية وبعيدة عن المضمون فضلا عن أنها دواء قاتل لكل المتغيرات الاقتصادية».
وساق شاهين 3 أسباب، قال إنها ستؤدي حتما إلى فشل أي سياسة اقتصادية الأول هو الاعتماد على الديون حيث استنكر التطبيل المتواصل لحصول مصر على قرض صندوق النقد الدولي، مؤكدا أن القرض لن يغني ولن يُسمن من جوع فاقتصادات الدول لا تبنى على القروض ولا تبنى على خداع الناس بالإيحاء بمؤشرات وهمية، فمصر لها تاريخ طويل مع المديونية الخارجية، فقد أوقعت المديونية مصر تحت الاحتلال البريطاني والفرنسي، محذرا من أن زيادة المديونية الخارجية إلى هذه المعدلات سيعوق عملية التنمية فستعجز مصر عن سداد الأقساط والفوائد كما حدث من قبل إبان الثمانينيات».
وتابع شاهين «قل لي بالله عليك منذ متى وفلحت دولة تقوم على الديون، فدمرت الطبقة المتوسطة وتم إنهاكها برفع الأسعار وخفض الدخول وتداعت الاستثمارات المحلية من مواطنيها؟».
وتأكيدا على أن الاعتماد على الديون لا يبني الدول يقول شاهين يمكن أن أدلل لك عن عشرات الدول التي اتبعت برامج الصندوق وانتهى بها الحال إلى مستنقعات الجهل والفقر والمرض، فها هي اليونان والأردن والأرجنتين وقبرص وفنزويلا ونيجيريا كل هذه الدول لم تفلح معها برامج الصندوق بل كانت هي السبب الأساس لدمار بنيتها ومصانعها ومؤسساتها».
أما ثاني العوامل التي يؤكد أن ستفشل سياسات السيسي فهي البيئة التي يتم تنفيذ القرارات فيها مؤكدا أن الانقسام المجتمعي غير المسبوق والقبضة البوليسية القمعية واعتقال الشباب حتما سيؤدي إلى فشل أي سياسات اقتصادية.
يقول شاهين «كيف لدولة وأي دولة أن تستطيع أن تبني اقتصادا وهم في انقسام داخلي غير مسبوق، وكيف لدولة أن تبني اقتصادا و60 ألفا من خيرة شبابها في السجون والمعتقلات».
واستنكر مواقف كثير من الاقتصاديين الذي ــ للأسف ــ لا يستطيعون أن يميزوا بين تحسن أداء الاقتصاد والسياسة، ويظنون أن السياسة الاقتصادية طالما طبقت بحذافيرها فإنها ستأتي بآثارها بغض النظر عن البيئة المطبق فيها هذه السياسات.. مشدا على أنه لا يمكن لسياسة اقتصادية أن تنجح طالما بقيت سياسة الدولة كما هي.
القرارات الخاطئة
والعامل الثالث هو القرارات الخاطئة مضيفا «الأدهى من ذلك أن تطبق السياسات الاقتصادية الخاطئة وتتوقع منها مردود على تحسن أداء الاقتصاد ككل».
ويدلل شاهين على صحة ما ذهب إليه بما قام به البنك المركزي من رفع سعر الفائدة إلى ما يقارب إلى 20%، .. متسائلا «هل رفع سعر الفائدة سيجذب الاستثمار أم سيخفض الاستثمار؟ الإجابة بالقطع ستحجم الاستثمار وستقلص من فرص المستثمرين خاصة المحليين، ناهيك عن زيادة تكلفتها في أعباء الدين في الموازنة العامة وكذلك في تزايد المديونية الداخلية».
ويختم شاهين بالتأكيد على أن الإدارة الاقتصادية للبلاد غير مدركة لما أحدثه الانقلاب من شرخ في المتغيرات الاقتصادية والتي لا يمكن أن تعود إلا بإعادة اللحمة إلى المجتمع.