يجد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي الكثير من الخبراء من عينة خيري الفقي، الموظف السابق بصندوق النقد الدولي، الذي يشيع مناخا بأن قرض صندوق النقد- الذي اشترط اشتراطات جديدة قاسية على الغلابة في مصر- بمثابة جرعة العلاج المرّ، وفي ضوء ذلك المناخ يسعى السيسي إلى تطبيق الاشتراطات الجديدة بعدما أعلن رسميا هو ورئيس حكومته ووزير مالية “الحكومة” عن أن قرض صندوق النقد يسعى إليه– بلا شروط- وليس هو من يسعى إليه!.
من جانبها، قالت “كريستين لاجارد”، مديرة صندوق النقد الدولي: إن مصر مطالبة بمزيد من الإجراءات في سعر صرف الجنيه وتخفيض الدعم الحكومي- رفع الدعم وزيادة أسعار المحروقات- لتضمن حصولها على قرض الـ12 مليار دولار.
وأجمع خبراء آخرون على طرفي التباين بين من يرفضون المسار الاقتصادي للانقلاب وقائده، ومن يقبلون مساره، على أن الشروط مآلاتها تقع على رؤوس الغلابة وعامة البسطاء من الشعب المصري.
وأكد الخبير الاقتصادي د. مصطفى شاهين، الأستاذ بالجامعات الأمريكية، في حواره مع برنامج “نافذة على مصر”، من تقديم الإعلامي أسامة جاويش، أن “تطبيق شروط صندوق النقد الدولي ستؤدي إلى زيادة الأسعار”.
اعتذار مبدئي
من ناحيته، طالب ممدوح الولي، نقيب الصحفيين السابق، في تغريدة عبر حسابه على “الفيس بوك”، في تساؤل “هل يعتذر رئيس الوزراء ووزراء المجموعة الاقتصادية للشعب عما قالوه مسبقا من عدم وجود شروط مسبقة لقرض الصندوق؟”. وقال إن “تصريح كريستين لاجارد، مديرة صندوق النقد الدولى، بأن طلب مصر الاقتراض من الصندوق لن يتم عرضه على مجلس مديرى الصندوق، قبل وفاء مصر بثلاثة أمور هى: سد الفجوة التمويلية البالغة ما بين 5-6 مليارات دولار من خلال الاقتراض الخارجى، وتحقيق مرونة سعر الصرف من خلال خفض قيمة الجنيه أمام الدولار، وخفض دعم المواد البترولية”.
ديْن أبديٌّ
وفي تغريدة تالية كشف “الولي” عن أن “عجز النقد الأجنبى بالبنوك يصل إلى 12 مليار دولار”، مسترشدا ببيانات البنك المركزى المصرى، التي أكدت بلوغ قيمة العجز فى أرصدة العملات الأجنبية بالجهاز المصرفى، بنهاية شهر أغسطس الماضى، ما يعادل 106.1 مليارات جنيه، أى ما يوازى 12.1 مليار دولار بسعر الصرف الرسمى”.
وأوضح أنه في ضوء ذلك “تفوق قيمة العجز بالعملات الأجنبية بالجهاز المصرفى، قيمة قرض صندوق النقد الدولى المتوقع حصول مصر عليه خلال 3 سنوات، بمعدل 4 مليارات دولار كل سنة، وبما يشير إلى الصعوبات التى سيواجهها الجهاز المصرفى فى تغطية الواردات وأقساط وفوائد الديون، حتى بعد الحصول على قرض الصندوق”.
وأشار إلى أن “الجهاز المصرفى والبنك المركزى والبنوك العاملة بمصر على اختلاف نوعياتها، يتوزع العجز ما بين 6.8 مليارات دولار بالبنك المركزى، و5.3 مليارات دولار بالبنوك”، مؤكدا استمرار العجز بأرصدة الجهاز المصرفى من العملات الأجنبية، الذى بدأ منذ نوفمبر الماضى للشهر العاشر على التوالى وبشكل متصاعد”.
ونبه إلى أن “العجز جاء بأرصدة العملات الأجنبية بالجهاز المصرفي، كفرق بين الأصول الأجنبية البالغة ما يعادل 225.2 مليار جنيه ( 25.6 مليار دولار)، والالتزامات بالعملات الأجنبية البالغة ما يعادل 331.3 مليار جنيه (37.7 مليار دولار).
مرسي أجدع
وفي حوار على شاشة “ONTV” مع عمرو أديب، قال السفير معصوم مرزوق، عضو التيار الشعبي: “من المخجل أن تقبل الحكومة الآن بما لم تقبله حكومة الإخوان، حيث رفضنا شروط صندوق النقد، بل وضعنا نحن لهم الشروط”.
وصدم “مرزوق” محاوره “أديب” عالهواء قائلا: “مرسى كان أحسن من السيسى ورفض تنفيذ شروط صندوق النقد الدولى، وعيب أن تكون حكومة 30 يونيو أسوأ من حكومة الإخوان”.
ثورة جياع
ورغم اعترافه بأن “رفع الدعم وتحريك سعر الصرف شروط النقد الدولي”، إلا أن وزير المالية الأسبق في حكومة المجلس العسكري، د. سمير رضوان دعا إلى ضرورة اتباع المفاوض المصري سياسية الشفافية مع مسؤولي الصندوق، وتأكيد أن الحفاظ على الاستقرار السياسي على نفس درجة الأهمية من الإصلاح الاقتصادي، لا سيما وأن الإسراع في تنفيذ تلك الشروط دفعة واحدة يمكن أن يحدث ثورة.
وفي حواره مع الإعلامية لميس الحديدي، في برنامج “هنا العاصمة”، المذاع على فضائية سي بي سي، قال د. سمير رضوان، وزير المالية الأسبق: إن إقدام الحكومة على تحريك سعر الصرف تزامنًا مع رفع منظومة الدعم عن الوقود في آن واحد، استجابة لشروط صندوق النقد الدولي، خطوة في غاية الخطورة، مطالبًا المفاوض المصري بطلب إرجاء إحدى الخطوتين مع تقديم خطة مجدولة زمنيا إلى الصندوق بشأن موعد استكمال باقي الخطوات.