منزلة الشهادة وفضل الشهداء

saudi_3251_1139136474jpg

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
أولًا: من هم الشهداء؟ هم الذين قتلوا في سبيل الله تعالى، فعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» البخاري
ثانيًا: الشهادة هي الحياة الحقيقية: الموت في سبيل الله هو عين البقاء، والحياة في باطل هي عين الفناء، قال الله تبارك وتعالى: وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (البقرة/154)
ثالثا: النبي – صلى الله عليه وسلم – يتمنى الشهادة: فقد أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي  يقول: «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْلاَ أَنَّ رِجَالاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّى وَلاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ؛ مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِى سَبِيلِ اللَّهِ. وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّى أُقْتَلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلَ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلَ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلَ».
رابعًا: من كرامات الشهداء:
• قال تعالى: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ .يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ( آل عمران: 169 : 171 )
• روى المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَيَأْمَنُ مِنَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الوَقَارِ، اليَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الحُورِ العِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ ” الترمذي/ صحيح.
• أخرج أحمد والنسائي وصححه ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مَسَّ الْقَتْلِ إِلاَّ كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مَسَّ الْقَرْصَةِ» .
• أخرج الشيخان عن أبي هريرة أن رسول الله  قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ – وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ- إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ».
حب الوطن
حب الوطن غريزة فطرية وسليقة بشرية، ونزعة إنسانية، فيتعلق الإنسان بالأرض التي يعيش عليها ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بأهلها؛ لأنها تحمل ذكرياته، وتذكره بماضيه ويرى فيها مستقبله وأمجاده.
مفهوم الوطن في المنظور الإسلامي: الأمة الإسلامية أمة واحدة وجامعة كبرى ورابطة عظمى جمعهم الدين ووَحّدتهم العقيدة وألف بينهم أخوة الإسلام ومودته مهما تفرقت البلدان وتباينت الأوطان وتنوعت الأجناس واختلفت الألسنة “إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً“(الأنبياء: 92)، “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ “(الحجرات:10).
أبي الإسلام لا أب لي سواه
إذا افتخروا بقيس أو تميم
الخليل عليه السلام وحب الوطن وحب الخير له: قال تعالى: “وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ“(البقرة: 126)
حنين النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام شوقًا إلى وطنهم الأصلي مكة:
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ حَمْرَاءَ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا عَلَى الْحَزْوَرَةِ فَقَالَ وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ»( أخرجه الترمذي، وقال: « حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ)، وفي رواية الطبراني:« اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا مِنْ حُبِّ الْمَدِينَةِ مِثْلَ مَا جَعَلْتَ فِي قُلُوبِنَا مِنْ حُبِّ مَكَّةَ»
بناء الأوطان أساسه العدل والمساواة:
قرر ذلك- صلى الله عليه وسلم حينما قال «وَأيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا» (متفق عليه), «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ“(الحجرات: 13) (مسند أحمد)
العطاء للوطن يكون بالصلاح الذاتي والإصلاح المجتمعي:
فعليك بذر الحب لا قطف الجني
والله للســـاعين خيــرمعـين
دعوة القرآن الكريم للوحدة ونبذ الفرقة: قال تعالى:” وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا “(آل عمران:103)
وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» مسلم.
مبادئ الوحدة الوطنية:
أولاً: قبول الآخر.
ثانيًا: الاحترام والتعاون.
ثالثًا: الحرية والمساواة.
رابعًا: كفالة حق العيش للجميع.
خامسًا: الاستفادة من «وثيقة المدينة» التى أرساها الرسول صلى الله عليه وسلم بين المسلمين وغيرهم بعد هجرته إلى المدينة المنورة، وبيان حقوق المواطنة حتى يلتزم بها جميع المواطنين من الطرفين.
سادسًا: حفظ الدماء والأموال والأعراض: كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ»( مسلم)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...