الوالدان : الأبُ و الأُمُّ ، سببُ وجودِكِ في هذه الحياةِ بإرادةِ اللهِ جَلَّ وعَلا ، وطريقُكِ إلى جَنَّةِ الرحمن .
مِن أجلِكِ يتعبان ، وفي تربيتِكِ يجتهدان .
يُقدِّمان راحَتَكِ على راحتهما ، وسعادَتَكِ على سعادتهما .
حُبُّكِ يملأ قلبيهما .
إنَّهما زينةُ حياتِكِ ، وهَدِيَّـةٌ مِن رَبِّكِ سُبحانه .
أمر اللهُ تعالى بِبِرِّهِما ، والإحسانِ إليهما ، وطاعتهما فيما لا يُغضبه سُبحانه ، كما وَصَّى بهما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .. يقولُ رَبُّنا تبارك وتعالى : ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ﴾ العنكبوت/8 ، ويقولُ سُبحانه : ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ النساء/36 ، وقد جاء رجلٌ إلى رسول اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – فقال : (( يا رسولَ الله ، مَن أَحَقُّ الناسِ بحُسْنِ صحابتي ؟ قال : أمُّك ، قال : ثُمَّ مَن ؟ قال : أمُّك ، قال : ثُمَّ مَن ؟ قال : أمُّك ، قال : ثُمَّ مَن ؟ قال : أبوك )) مُتَّفَقٌ عليه .
وبالرغم مِن هذا – وللأسف الشديد – نجدُ مِن الناسِ مَن لا يَبرَّ أباه ولا أُمَّه ، بل يَعُقُّهما ؛ فإذا تَحَدَّثا سَفَّه كلامهما ، وإذا نصحا لم يسمع لنُصحهما ، وتبدو منه الإساءةُ الظاهرةُ لهما بالأقول والأفعال ، بل قد يصلُ الأمرُ لضربهما ، وقد قال رَبُّنا سُبحانه : ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ الإسراء/23-24 .
فمُجرَّد كلمة ( أُفّ ) لا تُقالُ للوالدين ، فما بالُنا بمَن يفعلُ أكثرَ مِن ذلك مِن سَبٍّ وشَتمٍ وغيره ، بل وضربٍ كما سبق …؟!
والبعضُ إذا كَبِرَ والداه مَلَّهُما ، ولم يرغب في مُجالستهما أو العيش معهما ، وقد يتركهما أو أحدهما في البيت وحيدًا بلا أنيسٍ ولا خادِم ويرحل عنهما ، بل قد يذهبُ بهما لدار المُسِنِّين ليعيشا مع أشخاصٍ غُرباء .
وإذا فقد الأبُ أو الأمُّ أو كلاهما عطفَ ابنهما وشفقتَه وحُبَّه في كِبرهما ، فمِن أين سيحصلان عليه ..؟!
وكم مِن شخصٍ دعا عليه أبوه فلم يُفلِح في حياتِه ..
وكم مِن شخصٍ غضِبَت عليه أمُّه فلازمَه الفشل ..
فدعوتُهما مُستجابة ، كما جاء في حديث النبىِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( ثلاثُ دعواتٍ مُستجابات : دعوةُ المظلوم ، ودعوةُ المُسافر ، ودعوة الوالد على ولده )) حديثٌ حَسَنٌ رواه الترمذىّ .
فعليكِ أختي أن تبّري والديكِ ، و تُحسني إليهما ، و تطلبي نُصحَهما ، حتى وإنْ تُوفِّيا أو أحدهما فأكثري مِن الدعاءِ لهما ، واعلمي أنَّهما أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ ، كما أخبر بذلك نبيُّنا – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – في قوله : (( الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجَنَّة ، فأضِع ذلك البابَ أو احفظه )) صحيح الجامع .
أسألُ اللهَ تعالى أنْ يجعلنا مِن البارِّين بآباءهم ، وأنْ يغفر لنا ولهم .