منتدى غاز شرق المتوسط.. لماذا ضم “إسرائيل” واستبعد تركيا ولبنان وسوريا؟

في خطوة دات دلالة اقتصادية وسياسية، تم تدشين ما يسمى بــ”منتدى غاز شرق المتوسط” (EMGF)، باعتباره سوقًا إقليمية للغاز يخدم مصالح الأعضاء المشاركين فيه بتأمين العرض والطلب والاستفادة من الاحتياطات القائمة ومساعدة الدول المستهلكة في تأمين احتياجاتها.

تعزيز التعاون عبر حوار منهجي منظم وصياغة سياسات إقليمية مشتركة بشأن الغاز الطبيعي، ويضم المنتدى “مصر والكيان الصهيوني وإيطاليا واليونان وقبرص والأردن وفلسطين”، بينما تم استبعاد تركيا ولبنان وسوريا.

إعلان القاهرة لتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط هو جزء من تأزيم الوضع في منطقة شرق المتوسط المتأزم في الأصل؛ لأنه يستبعد تركيا من ناحية، كما أن “المنتدى سيجعل من إسرائيل كيانا محوريا في الاقتصاد الإقليمي ولاعبا رئيسيا علي الصعيد الدولي؛ بسبب الإمكانيات التكنولوجية والتمويلية المتوفرة لدى إسرائيل والتي لا تتوفر لأي من أعضاء المنتدى الذين يصارعون مشاكل اقتصادية كبيرة، ويقيمون اقتصادهم على القروض والمعونات كما هو الحال في مصر واليونان”.

وقد تخطى المنتدى سوريا في ظل الأزمة التي تمر بها واستبسال بشار الأسد للبقاء في السلطة مهما كان الثمن، مدعوما بروسيا وإيران التي تسعى الولايات المتحدة إلى تشكيل تحالف جديد بدعوى التصدي لنفوذها في المنطقة إضافة إلى عدم رضا واشنطن على تزايد النفوذ الروسي في سوريا.

تجاهل لبنان

كما تم تجاهل لبنان التي لم تشارك في اجتماعات المنتدى، مع أن بيروت من أوائل الدول في منطقة شرق المتوسط التي قامت بعمليات ترسيم الحدود عام 1988 وأودعتها لدى الأمم المتحدة، وربما يفسر ذلك تصاعد الأزمة اللبنانية-الإسرائيلية بعد تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان، والتي وصف فيها المزايدة العالمية التي أعلنت عنها بيروت العام الماضي حول اكتشاف الغاز بالبلوك رقم تسعة في المياه الإقليمية اللبنانية، بأنها تحد وتصرف استفزازي يخالف القواعد والبروتوكولات؛ وبذلك تم استعباد لبنان لضم الكيان الصهيوني من أجل تعزيز قوة المنتدى اقتصاديا وسياسيا لما للكيان الصهيوني من نفوذ واسع وعلاقات واسعة وتأثير كبير على السياسات الأمريكية.

ولعل مشاركة البنك الدولي في الاجتماعات تؤكد أن التواجد الأمريكي ليس بعيدا عن الساحة؛ حيث حضر ممثل البنك الدولي في القاهرة الاجتماعات المغلقة للمباحثات والتي اكتفت بإعلان البيان الأول، تمهيدا لجولة مقبلة خلال شهر أبريل المقبل. وأكد مصدر مطلع بوزارة البترول في تصريحات صحفية أن مشاركة البنك الدولي تستهدف تأمين عمليات التمويل للشركات الكبرى التي تبحث عن تسهيلات تمويلية لإنشاء خطوط أو ضخ استثمارات في قطاع الغاز، ويوفر البنك الدولي تلك النقطة.

ويروج مقربون من نظام العسكر أن الهدف من المنتدى هو تحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة لتعزيز نفوذها السياسي، فالمنتدى يشبه منظمة أوبك للنفط، كما أن المنتدى يستهدف مواجهة تكتلات أخرى منتجة للغاز مثل روسيا وقطر وإيران فضلا عن تركيا.

احتفاء صهيوني

ومن أهم الأهداف من وراء هذا المنتدى هو تسريع وتيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني بما يسمح بدمجه في كيان اقتصادي موسع يضم لأول مرة “فلسطين” ممثلة في سلطة محمود عباس أبو مازن ما يمثل إقرارا من السلطة بحق الصهاينة في اغتصاب الغاز الفلسطيني مقابل مكاسب قليلة سياسية واقتصادية. إضافة إلى ذلك فإن المنتدى هو غطاء يتمكن من خلاله نظام العسكر في مصر من مضاعفة خدماته لصالح الكيان الصهيوني بالقيام بدور عرَّاب تسويق وبيع الغاز الفلسطيني المنهوب إلى أوروبا لحساب الصهاينة.

وأبدى رمضان أبوالعلا، خبير استراتيجيات الطاقة، تحفظه على ضم “إسرائيل” للمنتدى وتعزيز تواجدها الإقليمي رغم أنها تمثل العدو الأول للشعب المصري كما أنها لم تنازل بشكل رسمي عن قضايا الغاز المرفوعة ضد مصر، وواصفا ذلك بالقول “الدولة تهدر حقوقها بسهولة”.

واحتفى الإعلام الإسرائيلي بمشاركة وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتس في الاجتماع. وعبر صفحة “إسرائيل بالعربية” وهي الحساب الرسمي بالعربية للكيان الصهيوني على مواقع التواصل الاجتماعي نشرت تسجيلا مصورا للوزير يتحدث فيه عن سعادته بالمشاركة. لافتا إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها دعوة وزير إسرائيلي إلى القاهرة منذ انطلاق الربيع العربي”.

واعتبر شتاينيتس ذلك علامة بارزة على تطور العلاقات بين إسرائيل ومصر. كما شارك في الاجتماع الأول للمنتدى السفير الإسرائيلي جوفرين. وأعلنت سفارة إسرائيل في مصر: يعد هذا المنتدى خطوة رئيسية في التعاون بين إسرائيل ومصر والمنطقة برمتها.

تحالف معاد لتركيا

من الأهداف غير المعلنة كذلك من تأسيس المنتدى حرمان تركيا من حقوقها في الاحتياطي الهائل للغاز في شرق المتوسط والضغط عليها من أجل التخلي عن حقوق القبارصة الأتراك “مسلمون” الذين يراد اغتصاب حقوهم من احتياطات الغاز لحساب القبارصة اليونانيين “نصاري” في سياق انحياز على أساس الدين لحساب النصاري على المسلمين مدعومين بانحيازات جائرة وجاهلة من جانب حكومات العسكر في مصر وكذلك في الأردن وكلا الدولتين وقعتها اتفاقية سلام مع الكيان الصهيوني.

فتأسيس هذا المنتدى يحمل أبعادا أخرى أخطر وأعمق؛ فهو يربط مصالح إسرائيل رسميا ولأول مرة بمصالح مصر والأردن وفلسطين، بل ويعد العدة لبناء جبهة معادية لتركيا، ويضع مصر مع إسرائيل في خندق واحد معاد لتركيا”.

جزء من تأزيم الوضع أن تأسيس المنتدى يعد محطة في حروب الطاقة للحصول على حصة من ثروات الغاز الضخمة شرق المتوسط، حيث يراد حرمان تركيا والقبارصة الأتراك من حقوقهم في ظل توقعات الأمم المتحدة بنضوب مصادر الطاقة التقليدية كليا بحلول عام 2040م، أما على الصعيد السياسي المصري فهذا المنتدى هو استمرار لمنظومة الاقتصاد المسموم، والتي تعتمد على آليات الاستعراض الاقتصادي الدولي التي ينتهجها النظام ليوفر بوابة مفتوحة للقروض الدولية مع تجاهل حالة المواطن ومستوى معيشته”.

تقسيم الكعكة

وبحسب المحلل الاقتصادي التركي يوسف أوغلو فإن “تأسيس مثل هذا المنتدى يدل على أن الكل يريد أن يقتسم الكعكة، بعد العثور على احتياطيات ضخمة من الغاز في شرق المتوسط قبل نحو 10 سنوات، وقد تم محاولة طمس الكثير من الحقوق”.

واعتبر أن “مثل هذا المنتدى الذي يضم إسرائيل إلى جانب مصر، هو محاولة ما يسمى باستباق أكل الحصص والحصول على أكبر مكاسب ممكنه، ولكن هذا المنتدى سوف يصطدم بالواقع الحقيقي، بأنه بدون تركيا لا يمكن تنفيذ أي شيء على الأرض، فبدون تركيا، وبدون ترسيم الحدود بشكل رسمي لا يمكن للدول الست أن تلعب أي دور ذي مصداقية دولية”.

وأضاف: “خلال السنوات الماضية لم يتم توقيع اتفاقيات ترسيم الحدود بين دول شرق المتوسط وخصوصا تركيا وقبرص الشمالية، وتم استثناؤهما في الكثير من القضايا، لكن تركيا الآن تفرض نفسها بقوة، وتقول للجميع إنها لن تعترف بأي حدود يتم التوافق عليها دون وجودها”، لافتا إلى أن “تركيا قامت بتسيير بارجة تركية للتنقيب عن الغاز الطبيعي والتي ستبدأ نشاطها نهاية هذا الشهر من أجل استكشاف حق تركيا في الغاز الطبيعي”.

وفي سياق تعليقه على استثناء تركيا أوضح أوغلو أن سبب ذلك مواقف تركيا السياسية التي لا تلبي مطالب أمريكا وإسرائيل وفق مخططاتهما؛ لأن تركيا معنية بشعبها وشعوب المنطقة ومصلحتها القومية والوطنية والإقليمية، في المقام الأول كما تفعل أمريكا والدول الأخرى، والحفاظ على ثروات شعوب المنطقة، أما إسرائيل ومن وَرَاَءها يريدون أن يكون هناك استغلال على حساب ثروات وشعوب هذه المنطقة”. مؤكدا أن “استثناء تركيا سيؤزم المنتدى ولن يكون هناك أمن ولا استقرار في شرق المتوسط”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...