باتت المحاكم المصرية تصدر أحكامًا مطلقة بالإعدام دون محاكمة عادلة ونزيهة للمتهمين في القضايا بسبب انتمائهم السياسي، حيث صدر في نحو 20 قضية إحالة لمفتي الجمهورية تهميدًا للإعدام، حيث وصلت أوراق 1450 شخصا للمفتي، ثبت منها نحو 520 حكمًا، و8 أحكام منها نافذة بشكل نهائي بعد تصديق الحكومة المصرية عليها، بالإضافة إلى تنفيذ الحكم بالإعدام شنقًا بحق مواطن واحد في مارس\أذار الماضي بينما ينتظر 6 نفس المصير بعد تصديق رئيس الجمهورية الحالي على اعدامهم.
أغلب تلك الأحكام ليس لها سند قانوني في صدورها، كما أنه لم تُراعي شروط العدالة والنزاهة في تلك المحاكمات، والتي أثبتت فشل مصر في احترام تعهداتها الدولية في مجال حقوق الإنسان وخصوصا فيما يتعلق بالإجراءات القانونية الواجبة وضمانات المحاكمة العادلة، خاصةً بعد رفض مصر أهم توصيات الاستعراض الدوري الشامل فيما يتعلق بإلغاء أحكام الإعدام.
فهذا العدد من أحكام الإعدام الذي أصدرته المحاكم المصرية منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي يفوق أحكام الإعدام التي تصدرها عدة دول ما زالت تتبنى الإعدام طوال عام كامل، حيث أن العدد الكلي للإعدامات التي تنفَّذ سنويًا على مستوى العالم يبلغ قرابة 700 حالة، ما يجعل من الأحكام المذكورة أكبر عقوبة إعدام جماعي في التاريخ الحديث.
آخر تلك المهازل القضائية التي تستهر بحياة المواطنين، جاء بعدما قضت محكمة مصرية بإعدام 22 من المعارضين وذلك القضية المعروفة إعلاميا باقتحام مركز شرطة كرداسة، أمس الاثنين، حيث اتهم 23 في تلك القضية باقتحام مركز شرطة كرداسة محافظة الجيزة في الثالث من يوليو/تموز 2013 عقب فض اعتصام رابعة العدوية، واتهموا أيضًا بالتجمهر والإتلاف العمدي والتخريب، وكذلك التأثير على رجال السلطة العامة، والقتل والشروع في القتل، واستعمال القوة والعنف مع ضباط الشرطة، وحيازة أسلحة وذخيرة دون ترخيص وأسلحة بيضاء وأدوات للاعتداء على الأشخاص، فحكم على 22 منهم بالإعدام، فيما حكم على متهم حدث بالسجن المشدد عشر سنوات.
سبق الحكم بيومٍ واحد، قرار محكمة جنايات بورسعيد المنعقدة بأكاديمية الشرطة بإحالة أوراق 11 معتقلًا إلى مفتي الجمهورية لإبداء رأيه الاستشاري بشأن قرار إعدامهم، فيما أجلت جلسة النطق بالحكم في نهاية الشهر القادم، وذلك في إعادة محاكمة 73 متهمًا بقتل 74 من ألتراس النادي الأهلي عقب نهاية مباراة الدوري عام 2012، والتي أقيمت في استاد بورسعيد بمدينة بورسعيد.
الحكم في تلك القضية مسيس هو الآخر، حيث أدانت تقارير عدد من ضباط الشرطة والجيش والقيادات الأمنية بالضلوع في الحادث، ورغم ذلك أصدرت المحكمة حكمها بإعدام 11 جميعهم من المشجعين، رغم أنه لا يجوز فرض عقوبة الإعدام وتنفيذها إلا بعد محاكمة تمتثل للإجراءات القانونية الواجبة الأشد صرامة و لضمانات المحاكمة العادلة، بما في ذلك في القضايا المتعلقة بالإرهاب.
يبدو أن المحاكم المصرية ستسمر في إصدار الأحكام المثيرة للغضب مستخفةً بكافة القوانين والأعراف الدولية، دون احترام الحق في الحياة الذي كرسته المواثيق الدولية في وثائق أممية، منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية و البرتوكول الاختياري الثاني الملحق به.
وتطالب المنظمة بضرورة تشكيل لجان دولية لمراقبة مدى قانونية هذه الاجراءات التي أصدرت من خلالها أحكام بالإعدام الجماعية، داعيةً لاتخاذ موقف تجاه ممارسات السلطات المصرية الحالية إذا لم يتم إيقاف هذه الإعدامات، خاصة بعد إعدام المواطن محمود عبدالنبي المقرر بالفعل، وتنفيذ الحكم الصادر بحقه وإعدامه شنقًا في 15 شهر مارس \آزار.