1- ماذا يفعل من يريد أن ينتفع بالقرآن ؟إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه ، وألق سمعك ، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه ، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله . [ 9 ] .
2- ما تفسير قوله تعالى ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) ؟
قوله ( إن في ذلك لذكرى ) إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى ههنا ، وهذا هو المؤثر .
وقوله ( لمن كان له قلب ) فهذا هو المحل القابل ، والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله .
وقوله ( أو ألقى السمع ) أي وجّه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له ، وهذا شرط التأثر بالكلام .
وقوله ( وهو شهيد ) أي شاهد القلب حاضر غير غائب . [ 10 ] .
3- على ماذا يدل إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالأقوام السابقة كنوح وعاد وثمود وأن الله أهلكهم لما كذبوا رسله ؟
هذا تقرير لنبوتهم ولنبوة من أخبر بذلك عنهم ، من غير أن يتعلم ذلك من معلم ولا قرأه في كتاب ، بل أخبر به إخباراً مفصلاً مطابقاً لما عند أهل الكتاب . [ 17 ] .
4- ما المراد بقوله ( ونحن ) في قوله (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) ؟
قال شيخنا : المراد بقول ( ونحن ) أي ملائكتنا ، كما قال تعالى (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) أي : إذا قرأه عليك رسولنا جبريل . قال : ويدل عليه قوله ( إذ يتلقى المتلقيان ) فقيّد القرب المذكور بتلقي الملكين ، ولو كان المراد به قرب الذات لم يتقيد بوقت تلقي الملكين . [ 18 ] .
5- ما معنى قوله تعالى ( وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ) ؟
أخبر سبحانه أن قرينه وهو الذي قرن به في الدنيا من الملائكة يكتب عمله .
وقوله يقول لما يحضره : هذا الذي كنت وكلتني به في الدنيا قد أحضرته وأتيتك به ، هذا قول مجاهد .
وقال ابن قتيبة : المعنى هذا ما كتبته عليه وأحصيته من قوله وعمله حاضر عندي .
والتحقيق أن الآية تتضمن الأمرين، أي هذا الشخص الذي وكلتُ به، وهذا عمله الذي أحصيته
عليه . [20] .
6- ما معنى قوله تعالى ( مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ ) ؟
هذا يعم منعه للخير الذي هو إحسان إلى نفسه من الطاعات والقرب إلى الله ، والخير الذي هو إحسان إلى الناس ، فليس فيه خير لنفسه ولا لبني جنسه كما هو حال أكثر الخلق . [ 20 ] .
7- ما معنى قوله تعالى (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ …. ) ؟
قيل : المراد بذلك قوله تعالى ( لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) ووعده لأهل الإيمان بالجنة وأن هذا لا يبدل ولا يخلف ، وهذا أصح القولين في الآية .
وفيها قول آخر : أن المعنى ما يغير القول عندي بالكذب والتلبيس كما يغير عند الملوك والحكام . [ 22 ] .
8- ما حقيقة الإنابة ؟
حقيقة الإنابة عكوف القلب على طاعة الله ومحبته والإقبال عليه . [ 24 ] .
9- ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر ( وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) ؟
قالت طائفة منهم ابن الجوزي : ليس المراد من قوله ( اعملوا ) الاستقبال ، وإنما هو للماضي ، وتقديره : أي عمل كان لكم فقد غفرته ، لكنه ضعيف من وجهين :
أحدهما : أن لفظ ( اعملوا ) يأباه ، فإنه للاستقبال دون الماضي .
الثاني : أن نفس الحديث يردّه ، فإن سببه قصة حاطب ، وتجسسه على النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك ذنب وقع بعد غزوة بدر لا قبلها .
فالذي نظن في ذلك – والله أعلم – أن هذا خطاب لقوم قد علم الله سبحانه أنهم لا يفارقون دينهم بل يموتون على الإسلام وأنهم قد يقارفون بعض ما يقارفه غيرهم من الذنوب ، ولكن لا يتركهم سبحانه مصرين عليها بل يوفقهم لتوبة نصوح واستغفار وحسنات تمحو أثر ذلك ، ويكون تخصيصهم بهذا دون غيرهم ، لأنه قد تحقق ذلك فيهم ، وأنهم مغفور لهم . [ 26 ] .
10- اذكر بعض بركة الأرض ؟
من بركتها أن الحيوانات كلها وأرزاقها وأقواتها تخرج منها ، ومن بركتها أنك تودع فيها الحب فتخرجه لك أضعاف أضعاف ما كان ، ومن بركتها أنها تحمل الأذى على ظهرها وتخرج لك من بطنها أحسن الأشياء وأنفعها ، فتواري منه كل قبيح ، وتخرج له كل مليح ، ومن بركتها أنها تستر قبائح العبد وفضلات بدنه ، وتواريها وتضمه وتؤويه ، وتخرج له طعامه وشرابه ، فهي أحمل شيء للأذى وأعوده بالنفع ، فلا كان من التراب خير منه وأبعد من الأذى وأقرب إلى الخير . [ 28 ] .
11- اذكر الطرق التي يدعونا الله بها في القرآن إلى معرفته ؟
الرب تبارك وتعالى يدعو عباده في القرآن إلى معرفته من طريقين :
أحدهما : النظر في مفعولاته ، والثاني : التفكر في آياته وتدبرها ، فتلك آياته المشهودة ، وهذه آياته المسموعة .
فالنوع الأول كقوله (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ …… ) وقوله (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ) وهو كثير في القرآن .
والثاني كقوله ( أفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ) وقوله (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ ) وقوله (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ) . [ 31 ] .
12- ماذا يتضمن قول العبد في الحديث ( اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ) ؟
هذا يتناوله مَن فوقه من آبائه وأمهاته إلى أبويه آدم وحواء ، وفي ذلك تملق له واستخذاء بين يديه واعتراف بأنه مملوك وآباؤه ومماليكه .
وأن العبد ليس له غير باب سيده وفضله وإحسانه .
وأن سيده إن أهمله وتخلى عنه هلك ولم يؤهِ أحد ، ولم يعطف عليه ، بل يضيع أعظم ضيعة .
وفي ضمن ذلك الاعتراف بأنه مربوب مدبَّر مأمور منهي ، إنما يتصرف بحكم العبودية لا بحكم الاختيار لنفسه ، فليس هذا شأن العبد بل شأن الملوك الأحرار ، وأما العبيد فتصرفهم على محض العبودية .
ويتضمن التزام عبوديته من الذل والخضوع والإنابة وامتثال أمر سيده واجتناب نهيه ودوام الافتقار إليه واللجأ إليه والاستعانة به والتوكل عليه .
وفيه أيضاً : إني عبد من جميع الوجوه : صغيراً وكبيراً ، حياً وميتاً ، مطيعاً وعاصياً ، معافى ومبتلى بالروح والقلب واللسان والجوارح .
وفيه أيضاً إن مالي ونفسي ملك لك ، فإن العبد وما يملك لسيده .
وفيه أيضاً : إنك أنت الذي مننت عليّ بكل ما أنا فيه من نعمة فذلك كله من إنعامك على عبدك .
وفيه أيضاً : إني لا أتصرف فيما خولتني من مالي ونفسي إلا بأمرك ، كما لا يتصرف العبد إلا بإذن سيده ، وإني لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً . [ 34 ] .
13- ما فائدة شهود العبد أن ناصيته ونواصي العباد كلها بيد الله وحده ؟
متى شهد العبد أن ناصيته ونواصي العباد كلها بيد الله وحده يصرفهم كيف يشاء ، لم يَخَفْهم بعد ذلك ، ولم يرجهم ، ولم يُنزلهم منزلة المالكين ، بل منزلة عبيد مقهورين مربوبين ، فمتى شهد نفسه بهذا المشهد صار فقره وضرورته إلى ربه وصفاً لازماً له ، ومتى شهد الناس كذلك لم يفتقر إليهم ولم يعلق أمله ورجاءه بهم ، فاستقام توحيده وتوكله وعبوديته . [ 35 ] .
14- ماذا يتضمن قوله في الحديث [ ماضٍ فيّ حكمك ، عدل فيّ قضاؤك ] ؟
تضمن هذا الكلام أمرين :
أحدهما : مضاء حكمه في عبده ، والثاني : يتضمن حمده وعدله ، وهو سبحانه له الملك وله الحمد .
وهذا معنى قول نبيه هود (مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ) ثم قال ( إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) أي مع كونه مالكاً قاهراً متصرفاً في عباده ، نواصيهم بيده فهو على صراط مستقيم ، وهو العدل الذي يتصرف به فيهم فهو على صراط مستقيم في قوله وفعله وقضائه وقدره وأمره ونهيه وثوابه وعقابه ، فخبره كله صدق ، وقضاؤه كله عدل ، وأمره كله مصلحة ، والذي نهى عنه كله مفسدة ، وثوابه لمن يستحق الثواب بفضله ، ورحمته وعقابه لمن يستحق العقاب بعدله وحكمته . [ 35 ] .
15- قوله ( عدل فيّ قضاؤك ) هل يتضمن جميع أقضية الله في عبده ؟
قوله ( عدلٌ فيّ قضاؤك ) يتضمن جميع أقضيته في عبده من كل الوجوه ، من صحة وسقم ، وغنى وفقر ، ولذة وألم ، وحياة وموت ، وعقوبة وتجاوز وغير ذلك ، قال تعالى (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ) وقال ( وإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ ) فكل ما يقضي على العبد فهو عدل فيه . [ 36 ] .
16- ما شروط قبول المحل لما يوضع فيه ؟
قبول المحل لما يوضع فيه مشروط بتفريغه من ضدهِ ، وهذا كما أنه في الذوات والأعيان فكذلك هو في الاعتقادات والإرادات ، فإذا كان القلب ممتلئاً بالباطل اعتقاداً ومحبة لم يبقَ فيه لاعتقاد الحق ومحبته موضع ، كما أن اللسان إذا اشتغل بالتكلم بما لا ينفع لم يتمكن صاحبه من النطق بما ينفعه إلا إذا فرّغ لسانه من النطق بالباطل ، وكذلك الجوارح إذا اشتغلت بغير الطاعة لم يمكن شغلها بالطاعة إلا إذا فرغها من ضدها ، فكذلك القلب المشغول بمحبة غير الله وإرادته وحبه والشوق إليه والأنس به لا يمكن شغله بمحبة الله وإرادته وحبه والشوق إلى لقائه إلا بتفريغه من تعلقه بغيره . [ 43 ]
17- ما السر في ذلك ، أي أن القلب لا يمكن شغله بمحبة الله إلا إذا فرغ من محبة غير الله ؟
سر ذلك : أن إصغاء القلب كإصغاء الأذن ، فإذا أصغى إلى غير حديث الله لم يبق فيه إصغاء ولا فهم لحديثه ، كما إذا مال إلى غير محبة الله لم يبق فيه ميْل إلى محبته . [ 43 ] .
18- قوله تعالى ( ألهاكم التكاثر ) ماذا يدخل فيه ؟
كل ما يكاثر به العبدُ غيره ، سوى طاعة الله ورسوله ، وما يعود عليه بنفع معاده ، فهو داخل في هذا التكاثر ، فالتكاثر في كل شيء من مال أو جاه أو رياسة أو نسوة أو حديث أو علم ، ولا سيما إذا لم يحتج إليه ، والتكاثر في الكتب والتصانيف وكثرة المسائل وتفريعها وتوليدها ، والتكاثر أن يطلب الرجل أن يكون أكثر من غيره ، وهذا مذمـوم إلا فيما يقرب إلى الله ، فالتكاثر فيه منافسـة في الخيرات ومسابقة إليها . [ 45 ] .
19- لماذا إضاعة الوقت أشد من الموت ؟
إضاعة الوقت أشد من الموت ، لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة ، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها . [ 45 ] .
20- ما أعظم الربح في الدنيا ؟
أعظم الربح في الدنيا أن تشغل نفسك كل وقت بما هو أولى بها وأنفع لها في معادها . [ 45 ] .
21- هل ينفع العلم بلا عمل وبلا إخلاص ؟
لو نفـع العلم بلا عمل لما ذم الله سبحانه أحبـار أهل الكتاب ، ولو نفع العمل بلا إخـلاص لما ذم المنافقين . [ 46 ] ؟
22- اذكر صفة من خَلَقَه الله للجنة ، ومن خَلَقَه الله للنار ؟
من خلقه الله للجنة لم تزل هـداياها تأتيه من المكاره ، ومن خلقه للنار لم تزل هداياها تأتيـه من الشهوات . [ 46 ] .
23- اذكر مراتب التقوى ؟
التقوى ثلاث مراتب : إحداها : حميّة القلب والجوارح عن الآثام والمحرمات ، والثانية : حميّتها عن المكروهات ، والثالثة : الحمية عن الفضول وما لا يعني .
فالأولى تعطي العبد حياته ، والثانية تفيده صحته وقوته ، والثالثة تكسبه سروره وفرحه وبهجته [ 46 ] .
24- إذا جرى على العبد مقدور يكرهه فله ستة مشاهد ، اذكرها ؟
إذا جرى على العبد مقدور يكرهه فله فيه ستة مشاهد ، أحدها : مشهد التوحيد ، وأن الله هو الذي قدّره وشاءه وخلقه ، وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن .
الثاني : مشهد العدل ، وأنه ماضٍ فيه حكمه ، عدل فيه قضاؤه .
الثالثة : مشهد الرحمة ، وأن رحمته في هذا المقدور غالبة لغضبه وانتقامه ورحمته حشوه .
الرابع : مشهد الحكمة ، وأن حكمته سبحانه اقتضت ذلك ، لم يقدّره سدى ولا قضاء عبثاً .
الخامس : مشهد الحمد ، وأن له سبحانه الحمد التام على ذلك من جميع وجوهه .
السادس : مشهد العبودية ، وأنه عبد محض من كل وجه تجري عليه أحكام سيده وأقضيته بحكم كونه ملكه وعبده ، فيصرفه تحت أحكامه القدرية كما يصرفه تحت أحكامه الدينية . [ 47 ] .
25- اذكر بعض نتائج المعصية ؟
قلة التوفيق ، وفساد الرأي ، وخفاء الحق ، وفساد القلب ، وخمول الذكر ، وإضاعة الوقت ، ونفْرة الخلق والوحشة بين العبد وبين ربه ، ومنع إجابة الدعاء ، وقسوة القلب ، ومحق البركة في الرزق والعمر ، وحرمان العلم ، ولباس الذل . 47 .
26- اذكر بعض ما أصاب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الابتلاء ؟
يا مخنث العزم أين أنت والطريق طريق تعب فيه آدم ، وناح لأجله نوح ، ورمي في النار الخليل ، وأُضجع للذبح إسماعيل ، وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين ، ونشر بالمنشار زكريا ، وذبح السيد الحصور يحيي ، وقاسى الضر أيوب ، وزاد على المقدار بكاء داود ، وسار مع الوحش عيسى ، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد . [ 56 ] .
27- بما تشبه الدنيا ؟
الدنيا كامرأة بغي لا تثبت مع زوج ، إنما تخطب الأزواج ليستحسنوا عليها ، فلا ترضى بالدياثة . [ 60 ]
28- ما سبب أخذ العبد ما حرم عليه ؟
ما أخذ العبد ما حرم عليه إلا من جهتين :
إحداهما : سوء ظنه بربه ، وأنه لو أطاعه وآثره لم يعطه خيراً منه حلالاً .
والثانية : أن يكون عالماً بذلك وأن من ترك لله شيئاً أعاضه خيراً منه ولكن تغلب شهوته صبرَه وهواه عقلَه . فالأول من ضعف علمه ، والثاني من ضعف عقله وبصيرته . [ 62 ] .
29- ما مثل العمل بلا إخلاص ولا اقتداء ؟
العمل بلا إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاً يثقله ولا ينفعه . 64 .
30- متى تهون على الإنسان مرارة الصبر ؟
من تلمح حلاوة العافية هانت عليه مرارة الصبر . [ 65 ] .
31- كيف يعرف الإنسان قدره عند الله ؟
من أراد من العمال أن يعرف قدره عند السلطان فلينظر ماذا يوليه من العمل ، وبأي شغل يشغله . [ 68 ].
32- ما أقسام الاجتماع بالاخوان ؟
الاجتماع بالإخوان قسمان :
أحدهما : اجتماع على مؤانسة الطبع ، وشغل الوقت ، فهذا مضرته أرجح من منفعته ، وأقل ما فيه أنه يفسد القلب ويضيع الوقت .
الثاني : الاجتماع بهم على التعاون على أسباب النجاة والتواصي بالحق والصبر ، فهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها ، ولكن فيه ثلاث آفات :
إحداها : تزين بعضهم لبعض .
الثانية : الكلام والخلطة أكثر من الحاجة .
الثالثة : أن يصير ذلك شهوة وعادة ينقطع بها عن المقصود . [ 68 ] .
33- كيف يستقيم سير طالب الله والدار الآخرة ؟
طالب الله والدار الآخرة لا يستقيم له سره وطلبه إلا بحبسين : حبس قلبه في طلبه ومطلوبه ، وحبسه عن الالتفات إلى غيره ، وحبس لسانه عما لا يفيد ، وحبسه على ذكر الله وما يزيد في إيمانه ومعرفته ، وحبس جوارحه عن المعاصي والشهوات ، وحبسها على الواجبات والمندوبات . [ 71 ] .
34- لماذا جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين تقوى الله وحسن الخلق في قوله ( اتق الله .. وخالق الناس بخلق حسن ) ؟
لأن تقوى الله تُصلح ما بين العبد وبين ربه ، وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه ، فتقوى الله توجب له محبة الله ، وحسن الخلق يدعو الناس إلى محبته . [ 72 ] .
35- وضح كيف أنه ما دام الأجل باقياً كان الرزق آتياً ؟
الرزق والأجل قرينان ، فما دام الأجل باقياً كان الرزق آتياً ، وإذا سد عليك بحكمته طريقاً من طرقه فتح لك برحمته طريقاً أنفع لك منه .
فتأمل حال الجنين يأتيه غذاؤه وهو الدم ، من طريق واحدة وهو السرة ، فلما خرج من بطن الأم وانقطعت تلك الطرق فتح له طريقين اثنين وأجرى له فيهما رزقاً أطيب وألذ من الأول لبناً خالصاً سائغاً ، فإذا تمت مدة الرضاع وانقطعت الطريقان بالفطام فتح طرقاً أربعة أكمل منها : طعامان وشرابان ، فالطعامان من الحيوان والنبات ، والشرابان من المياه والألبان وما يضاف إليهما من المنافع والملاذ ، فإذا مات انقطعت عنه هذه الطرق الأربعة ، لكنه سبحانه فتح له – إن كان سعيداً – طرقاً ثمانية ، وهي أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ، فهكذا الرب سبحانه : لا يمنع عبده المؤمن شيئاً من الدنيا إلا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له ، وليس ذلك لغير المؤمن . [ 75 ] .
36- ماذا يؤدي من عرف نفسه ؟
من عرف نفسه اشتغل بإصلاحها عن عيوب الناس . [ 75 ] .
37- ما أنفع العمل ؟
أنفع العمل أن تغيب فيه عن الناس بالإخلاص ، وعن نفسك بشهود المنّة ، فلا ترى فيه نفسك ولا ترى الخلق . [ 76 ] .
38- ما أسباب دخول الناس النار ؟
دخل الناس النار من ثلاثة أبواب :
باب شبهة أورثت شكاً في دين الله .
وباب شهوة أورثت تقديم الهوى على طاعته ومرضاته .
وباب غضب أورث العدوان على الآخرين . [ 76 ] .
39- ما أصول الخطايا ؟
أصول الخطايا كلها ثلاثة :
الكبر : وهو الذي أصار إبليس إلى ما أصاره .
والحرص : وهو الذي أخرج آدم من الجنة .
والحسد : وهو الذي جر أحد ابني آدم على أخيه . [ 76 ] .
40- من أخسر الناس صفقة ؟
أخسر الناس صفقة من اشتغل عن الله بنفسه ، بل أخسر منه من اشتغل عن نفسه بالناس . [ 76 ] .
41- على ماذا علق الله الهداية ؟
علق الله سبحانه الهداية بالجهاد [ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ] فأكمل الناس هداية أعظمـهم جهاداً ، وأفرض الجهاد جهاد النفس وجهاد الهوى ، وجهاد الشيطان وجهاد الدنيا . [ 78 ]
42- ما أعلى الهمم في طلب العلم ؟
أعلى الهمم في طلب العلم طلب علم الكتاب والسنة والفـهم عن الله ورسوله نفس المراد وعلم حدود المنزل . [ 80 ] .
43- وما أخس الهم ؟
وأخس همم طلاب العلم قصر همته على تتبع شواذ المسائل وما لم ينزل ولا هو واقع . 80 .
44- لماذا لا ينبغي للإنسان أن يغتر ؟
يا مغروراً بالأماني : لعن إبليس وأهبط من منزل العز بترك سجدة واحدة أمر بها .
وأخرج آدم من الجنة بلقمة تنازلها .
وحجب القاتل عنها [ أي الجنة ] بعد أن رآها عياناً بملء كف من دم .
وأمر بقتل الزاني أشنع القتلات بإيلاج قدر الأنملة فيما لا يحل .
وأمر بإيساع الظهر سياطاً [ أي بالجلد ] بكلمة قذف أو بقطرة من مسكر .
وأبان عضواً من أعضائك بثلاثة دراهم ، فلا تأمنه أن يحبسك في النار بمعصية واحدة من معاصيه (وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا ) . [ 83 ] .
45- اذكر بعض فضائل الصديق ؟
كانت تحفة ثاني اثنين مدخرة للصديق دون الجميع .
فهو الثاني في الإسلام ، وفي بذل النفس ، وفي الزهد ، وفي الصحبة ، وفي الخلافة ، وفي العمر ، وفي سبب الموت ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مات عن أثر السم ، وأبو بكر سم فمات .
أسلم على يديه من العشرة : عثمان وطلحة والزبير وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص .
وكان عنده يوم أسلم أربعون ألف درهم فأنفقها أحوج ما كان الإسلام إليها . [ 95 ] .
46- من الذي ينبغي حذره ؟
احترز من عدُوّين هاك بهما أكثر الخلق : صادٍ عن سبيل الله بشبهاته وزخرف قوله ، ومفتونٍ بدنياه ورئاستـه . [ 97 ] .
47- اذكر بعض الصفات السيئة في النفس البشرية ؟
في النفس كِبْرُ إبليس ، وحسد قابيل ، وعتو عاد ، وطغيان ثمود ، وجرأة نمرود ، واستطالة فرعون ، وبغي قارون ، وحيل أصحاب السبت ، وجهل أبي جهل . [ 98 ] .
48- في النفس البشرية بعض صفات وأخلاق البهائم اذكرها ؟
فيها من أخلاق البهائم حرص الغراب، وشره الكلب، ورعونة الطاووس، ودناءة الجُعل، وعقوق الضب، وحقد الجمل ووثوب الفهد ، وصولة الأسد ، وفسق الفأرة ، وخبث الحية ، وعبث القرد ، وجمع النملة ، ومكر الثعلب ، وخفة الفراش ونوم الضبع . [ 98 ] .
49- ما أصول المعاصي ؟
أصول المعاصي كلها ، كبارها وصغارها ، ثلاثة : تعلق القلب بغير الله ، وطاعة القوة الغضبية ، والقوة الشهوانية ، وهي الشرك والظلم والفواحش ، فغاية التعلق بغير الله شرك وأن يُدعى معه إله آخر ، وغاية طاعة القوة الغضبية القتل ، وغاية القوة الشهوانية الزنا ، ولهذا جمع الله سبحانه بين الثلاثة في قوله (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ ) . [ 106 ] .
50- متى يكون القلب أكثر فاحشة وتعلقاً بالصور ؟
ولهذا كلما كان القلب أضعف توحيداً وأعظـم شركاً كان أكثر فاحشة وأعظـم تعلقاً بالصـور وعشقاً لها . [ 107 ] .
51- اذكر أنواع هجر القرآن ؟
أحدها : هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه .
والثاني : هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه .
والثالث : هجر تحكميه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه .
والرابع : هجر تدبره وتفهمـه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه .
والخامس : هجر الاستشفاء والتداوي به .
وكل هذا داخل في قوله [ وقال الرسـول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً ] وإن كان بعض الهجر أهون من بعض . [ 108 ] .
52- ما جزاء إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده ؟
إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده تحمّل الله سبحانه حوائجه كلها ، وحمل عنه كل ما أهمه ، وفرغ قلبه لمحبته ، ولسانه لذكره ، وجوارحه لطاعته . [ 110 ] .
53- ما أعظم التوكل ؟
أعظم التوكل على الله التوكل في الهداية وتجريد التوحيد ومتابعة الرسول وجهاد أهل الباطل ، فهذا توكل الرسل وخاصة أتباعهـم . [ 113 ] .
54- ما سر التوكل وحقيقته ؟
سر التوكل وحقيقته هو اعتماد القلب على الله وحده ، فلا يضره مباشرة الأسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها والركون إليها ، كما لا ينفعه قوله : توكلت على الله ، مع اعتماده على غيره وركونه إليه وثقته به ، فتوكل اللسان شيء ، وتوكل القلب شيء ، فقول العبد : توكلت على الله مع اعتماد قلبه على غيره ، مثل قوله : تبتُ إلى الله ، وهو مصر على معصيته مرتكب لها . [ 113 ] .
55- اذكر ما تضمنته هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ) ؟
تضمنت هذه الآية أموراً :
أحدها : أن الحياة النافعة إنما تحصل بالاستجابة لله ورسوله ، فمن لم تحصل له هذه الاستجابة فلا حياة له ، وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات .
قوله ( لما يحييكم ) يعني للحق ، وقال قتادة : هو هذا القرآن فيه الحياة والثقة والنجاة والعصمة في الدنيا والآخرة ، وقال ابن إسحاق وعروة بن الزبير واللفظ له ( لما يحييكم ) يعني للحرب التي أعزكم الله بها بعد الذل ، وقواكم بعد الضعف ، ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم ، وكل هذه عبارات عن حقيقة واحدة وهي القيام بما جاء به الرسول ظاهراً وباطناً ، قال الواحدي : الأكثرون على أن معنى قوله ( لما يحييكم ) هو الجهاد ، وهو قول ابن إسحاق واختيار أكثر أهل المعاني . [ 115 ] .
56- لماذا كان الجهاد من أعظم ما يحييهم به ؟
الجهاد من أعظم ما يحييهم به في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة ، أما في الدنيا فإن قوتهم وقهرهم لعدوهم بالجهاد ، وأما في البرزخ فقد قال تعالى (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) وأما في الآخرة فإن حظ المجاهدين والشهداء من حياتها ونعيمها أعظم من حظ غيرهم . [ 116 ]
57- عامة مصالح النفوس في أي شيء ؟
عامة مصالح النفوس في مكروهاتها ، كما أن عامة مضارها وأسباب هلكتها في محبوباتها . [ 120 ] .
58- هل يجعل الإنسان ما يحبه ويكرهه ميله وحبه ونفرته ؟
لا ينبغي أن يجعل على ما يضره وينفعه ميله وحبه ونفرته وبُغضه ، بل المعيار على ذلك ما اختاره الله له بأمره ونهيه .
فالعبد يكره مواجهة عدوه بقوته الغضبية خشية على نفسه منه ، وهذا المكروه خير له في معاشه ومعاده ، ويحب الموادعة والمتاركة ، وهذا المحبوب شر له في معاشه ومعاده .
وكذلك يكره المرأة لوصف من أوصافها ، وله في إمساكها خير كثير لا يعرفه ، ويحب المرأة لوصف من أوصافها ، وله في إمساكها شر كثير لا يعرفه ، فالإنسان كما وصفه به خالقه ( ظلوم جهول ) . [ 120 ]
59- على ماذا يدور قضاء الله ؟
قضاء الرب سبحانه في عبده دائر بين العدل والمصلحة والحكمة والرحمة، لا يخرج عن ذلك البتة. [122].
60- كيف تتم الرغبة بالآخرة ؟
لا تتـم الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا ، ولا يستقيم الزهد في الدنيا إلا بعد نظرين صحيحين :
النظر الأول : النظر في الدنيا وسرعة زوالها وفنائها واضمحلالها ونقصها وخستها وألم المزاحمة عليها والحرص عليها ، مع ما في ذلك من الغصص والنغص والأنكاد .
النظر الثاني : النظر في الآخرة وإقبالها ومجيئها ولا بد ، ودوامها وبقائها ، وشرف ما فيها من الخيرات والمسرات والتفاوت الذي بينه وبين ما ههنا . [ 122 ] .
61- كل أحد مطبوع على أن لا يترك النفع العاجل واللذة الحاضرة إلى النفع الآجل ، فمتى يقدم الآجل على العاجل ؟
كل أحد مطبوع على أن لا يترك النفع العاجل واللذة الحاضرة إلى النفع الآجل واللذة الغائبة المنتظرة ، إلا إذا تبين له فضل الآجل على العاجل ، وقويت رغبته في الأعلى الأفضل . [ 123 ] .
62- لماذا الكثير من الناس يقدم الفاني الناقص على الآجل ؟
إذا آثر الفاني الناقص كان ذلك ، إما لعدم تبيّن الفضل له ، وإما لعدم رغبته في الأفضل ، وكل واحد من الأمرين يدل على ضعف الإيمان وضعف العقل والبصيرة .
فإن الراغب في الدنيا الحريص عليها المؤثِر لها ، إما أن يصدّق بأن هناك أشرف وأفضل وأبقى ، وإما أن لا يصدق ، فإن لم يصدّق بذلك كان عادماً للإيمان رأساً ، وإن صدّق بذلك ولم يؤثره ، كان فاسد العقل سيء الاختيار لنفسه . [ 123 ] .
63- ما أساس كل خير ؟
أساس كل خير أن تعلم أن ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فتيقن حينئذ أن الحسنات من نِعمه فتشكره عليها وتضرع إليه أن لا يقطع عنك ، وأن السيئات من خذلانه وعقوبته فتبتهل إليه أن يحول بينك وبينها ، ولا يكلك في فعل الحسنات وترك السيئات إلى نفسك . [ 127 ] .
64- اذكر بعض كلمات ابن القيم فيما يتعلق بالقلب ؟
ما ضربَ عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله .
خلقت النار لإذابة القلوب القاسية .
أبعد القلوب من الله القلب القاسي .
إذا قسا القلب قحطت العين .
قسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة : الأكل والنوم والكلام والمخالطة .
كما أن البدن إذا مرض لم ينفع فيه الطعام والشراب ، فكذلك القلب إذا مرض بالشهوات لم تنجح فيه المواعظ .
القلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عن الله بقدر تعلقها بها .
القلوب آنية الله في أرضه ، فأحبها إليه أرقها وأصلها وأصفاها .
إذا غذي القلب بالتذكر ، وسقيَ بالتفكر ، ونُقي من الدعل ، رأى العجائب وألهم الحكمة .
خراب القلب من الأمن والغفلة ، وعمارته من الخشية والذكر .
الشوق إلى الله ولقائه نسيم يهب على القلب يُروّح عنه وهج الدنيا .
القلب يمرض كما يمرض البدن ، وشفاؤه في التوبة والحمية ، ويصدأ كما تصدأ المرآة وجلاؤه بالذكر.
من وطّن قلبه عند ربه سكن واستراح ، ومن أرسله في الناس اضطرب واشتد به القلق . [ 128 ] .
65- كيف يحقق الإنسان صفاء قلبه ؟
من أراد صفاء قلبه فليؤثر الله على شهوته . [ 128 ] .
66- ما هو الإخلاص ؟
الإخلاص هو ما لا يعلمه ملَك فيكتبه ولا عدو فيفسده ، ولا يُعجب به صاحبه فيبطله . [ 130 ] .
67- لماذا اتباع الهوى وطول الأمل مادة كل فساد ؟
اتباع الهوى وطول الأمل مادة كل فساد ، فإن اتباع الهوى يعمي عن الحق معرفة وقصداً ، وطول الأمل ينسي الآخرة ويصد عن الاستعداد لها . [ 130 ] .
68- لماذا كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها فلا بد أن يقول على الله غير الحق في فتواه وحكمه؟
لأن أحكام الرب سبحانه كثيراً ما تأتي على خلاف أغراض الناس ، ولا سيما أهل الرياسة ، والذين يتبعون الشهوات ، فإنهم لا تتم لهم أغراضهم إلا بمخالفة الحق ودفعه كثيراً . 131 .
69- ما أفضل ما اكتسبته النفوس ؟
أفضل ما اكتسبته النفوس وحصلته القلوب ونال به العبد الرفعة في الدنيا والآخرة هو العلم والإيمان ، ولهذا قرن بينهما سبحانه في قوله (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ ) وقوله (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) ، وهؤلاء هم خلاصة الوجود ولبه والمؤهلون للمراتب العالية . [ 136 ] .
70- متى يجد الإنسان مشقة في ترك المألوفات والعوائد [ جمع عادة ] ؟
يجد المشقة في ترك المألوفات والعوائد من تركها لغير الله ، أما من تركها صادقاً مخلصاً من قلبه لله ، فإنه لا يجد في تركها مشقة إلا في أول وهلة ليُمتحن أصادق هو في تركها أم كاذب ، فإن صبر على تلك المشقة قليلاً استحالت لذة ، قال ابن سيرين : سمعت شريحاً يحلف بالله ، ما ترك عبد لله شيئاً فوجد فقـده ، وقولهم : من ترك لله شيئاً عوضه الله خيراً منه حق ، والعِوض أنواع مختلفة ، وأجل ما يُعوض به الإنس بالله ومحبته وطمأنينة القلب به وقوته ونشاطه وفرحه ورضاه عن ربه تعالى . [ 141 ] .
71- ما أقرب الوسائل إلى الله ؟
أقرب الوسائل إلى الله ملازمة السنة والوقف معها في الظاهر والباطن ، ودوام الافتقار إلى الله ، وإرادة وجهه وحده بالأقوال والأفعال ، وما وصل أحد إلى الله إلا من هذه الثلاثة ، وما انقطع عنه أحد إلا بانقطاعه عنها أو عن أحدها . [ 141 ] .
72- لماذا يحب الله سبحانه أن تعرف سبيل أعدائه ؟
أن الله سبحانه يحب أن تُعرف سبيل أعدائه لتُجتنب وتُبغض ، كما أن تُعرف سبيل أوليائه لتُحب وتُسلك ، وفي هذه المعرفة من الفوائد والأسرار ما لا يعلمه إلا الله ، من معرفة عموم ربوبيته سبحانه ، وحكمته وكمال أسمائه وصفاته وتعلقها بمتعلقاتها واقتفائها لآثارها وموجباتها . [ 145 ] .
73- عشرة أشياء ضائعة ، اذكرها ، وما أعظم هذه الإضاعات ؟
عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها : علم لا يعمل به ، وعمل لا إخلاص فيه ولا اقتداء ، ومال لا ينفق منه ، فلا يستمتع به جامعه في الدنيا ولا يقدمه أمامه إلى الآخرة ، وقلب فارغ من محبة الله والشوق إليه والأنس به ، وبدن معطل من طاعته وخدمته ، ومحبة لا تتقيد برضا المحبوب وامتثال أمره ، ووقت معطل عن استدراك فارط أو اغتنام بر وقربة ، وفكر يجول فيما لا ينفع ، وخدمة مَن لا تقربك خدمته إلى الله ، ولا تعود عليك بصلاح دنياك ، وخوفك ورجاؤك لمن ناصيته بيد الله وهو أسير في قبضته ولا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً .
وأعظم هذه الإضاعات إضاعتان هما أصل كل إضاعة : إضاعة القلب ، وإضاعة الوقت ، فإضاعة القلب من إيثار الدنيا على الآخرة ، وإضاعة الوقت من طول الأمل ، فاجتمع الفساد كله في اتباع الهوى وطول الأمل ، والصلاح كله في اتباع الهدى ، والاستعداد للقاء . [ 146 ] .
74- كيف التعبد لله بالنعم ؟
أن يستكثر قليلها عليه ، ويستقل كثيره شكره عليها ، ويعلم أنها وصلت إليه من سيده من غير ثمن بذله فيها ولا وسيلة منه توسل بها إليه ولا استحقاق منه لها ، وأنها لله في الحقيقة لا للعبد ، فلا تزيده النعم إلا انكساراً وذلاً وتواضـعاً ومحبة للمنعـم ، وكلما جـدّد له نعمـة أحدث لها عبودية ومحبة وخضـوعاً وذلاً . [ 148 ] .
75- منى يستريح العبد من الهموم والغموم والأنكاد والحسرات ؟
من ترك الاختيار والتدبير في رجاء زيادة أو خوف نقصان أو طلب صحة أو فرار من سقم ، وعلم أن الله على كل شيء قدير ، وأنه المنفرد بالاختيار والتدبير ، وأن تدبيره لعبده خير من تدبير العبد لنفسه ، وأنه أعلم بمصلحته من العبد وأقدر على جلبها وتحصيلها منه ، وأنصح للعبد منه لنفسه ، وأرحم به منه بنفسه ، وأبرّ به منه بنفسه ، ……….. وانطرح بين يديه انطراح عبد مملوك ضعيف بين يدي ملك عزيز قاهر ، له التصرف في عبده بكل ما يشاء ، وليس للعبد التصرف فيه بوجه من الوجوه ، استراح حينئذ من الهموم والغموم والأنكاد والحسرات . [ 149 ] .
76- لماذا على المسلم أن لا يستصعب مخالفة الناس ؟
لا تستصعب مخالفة الناس والتحيز إلى الله ورسوله ولو كنت وحدك ، فإن الله معك ، وأنت بعينه وكلاءته وحفظه لك ، وإنما امتحن يقينك وصبرك ، وأعظم الأعوان لك على هذا بعد عون الله التجرد من الطمع والفزع ، فمتى تجردت منهما هان عليك التحيز إلى الله ورسوله ، وكنت دائماً في الجانب الذي فيه الله ورسوله . [ 151 ] .
77- كيف يستعين الإنسان على التجرد من الطمع والفزع ؟
بالتوحيد والتوكل والثقة بالله ، وعلمك بأنه لا يأتي بالحسنات إلا هو ، ولا يذهب بالسيئات إلا هو ، وأن الأمر كله لله ، ليس لأحد مع الله شيء . [ 151 ] .
78- ما علامة صحة الإرادة ؟
علامة صحة الإرادة أن يكون همّ المريد رضا ربه ، واستعداد للقائه ، وحزنه على وقت مرّ في غير مرضاته ، وأسفهِ على قربه والأنس به ، وجماع ذلك : أن يصبح ويمسي وليس له همّ غيره . [ 152 ] .
79- ما أفضل الزهد وما أصعبه ؟
أفضل الزهد إخفاء الزهـد ، وأصعبه الزهد في الحظوظ . [ 153 ] .
80- ما الفرق بين الزهد والورع ؟
الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة ، والورع ترك ما يخشى ضرره في الآخرة . [ 153 ] .
81- من الذي يعتبر بآيات الله الكونية والشرعية ؟
قال تعالى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ) وقال (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ) فأخبر عن آياته المشهودة العيانية أنها إنما ينتفع بها أهل الصبر والشكر ، كما أخبر عن آياته الإيمانية القرآنية أنها إنما ينتفع بها أهل التقوى والخشية والإنابة ومَن كان قصده اتباع رضوانه ، وأنها إنما يتذكر بها من يخشاه سبحانه كما قال ( طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ) وقال في الساعة (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا ) .
وأما من لا يؤمن بها ولا يرجوها ولا يخشاها فلا تنفعه الآيات العيانية ولا القرآنية ، ولهذا لما ذكر سبحانه في سورة هود عقوبات الأمم المكذبين للرسل وما حل بهم في الدنيا من الخزي ، قال بعد ذلك ( إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ) فأخبر أن في عقوباته للمكذبين عبرة لمن خاف عذاب الآخرة . [ 171 ] .
82- اذكر الأدلة على أن الهداية سبب لهداية أخرى ؟
العبد إذا آمن بالكتاب واهتدى به مجملاً وقبِل أوامره وصدق بأخباره ، كان ذلك سبباً لهداية أخرى تحصل له على التفصيل ، فإن الهداية لا نهاية ولو بلغ العبد فيها ما بلغ ، فكلما اتقى العبد ربه ارتقى إلى هداية أخرى ، فهو في مزيد هداية ما دام في مزيد من التقوى .
قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ ) فهداهم أولاً للإيمان ، فلما آمنوا هداهم للإيمان هداية بعد هداية ، ونظير هذا قوله تعالى (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً ) وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً ) ومن الفرقان ما يعطيهم من النور الذي يفرقون به بين الحق والباطل ، والنصر والعز الذي يتمكنون به من إقامة الحق وكسر الباطل . [ 170 ] .
83- اذكر الأدلة على أن الفجور والضلال سبب لزيادة الضلال ؟
قال تعالى (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا ) وقال تعالى (وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ ) وقال تعالى (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) .
فأخبر أنه عاقبهم على تخلفهم عن الإيمان لما جاءهم وعرفوه وأعرضوا عنه بأنْ قلّب أفئدتهم وحال بينهم وبين الإيمان ، كما قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ) فأمرهم بالاستجابة له ولرسوله حين يدعوهم إلى ما فيه حياتهم ، ثم حذرهم من التخلف والتأخر عن الاستجابة الذي يكون سبباً لأن يحول بينهم وبين قلوبهم ، قال تعالى (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) .
وقال تعالى في المنافقين (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ) فجازاهم على نسيانهم له أن نسيهم فلم يذكرهم بالهدى والرحمة ، وأخبر أنه أنساهم أنفسهم فلم يطلبوا كمالها بالعلم النافع والعمل الصالح وهما الهدى ودين الحق ، فأنساهم طلب ذلك ومحبته ومعرفته والحرص عليه عقوبة لنسيانهم له . [ 173 ] .
84- اذكر بعض الحكم والأسرار في قوله تعالى (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) ؟
هذه الآية فيها عدة حكم وأسرار ومصالح للعبد :
فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب ، والمحبوب قد يأتي بالمكروه ، لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة ، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة ، لعدم علمه بالعواقب ، فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد وأوجب له ذلك أموراً :
منها : أنه لا أنفع له من امتثال الأمر وإن شق عليه في الابتداء ، لأن عواقبه كلها خيرات ومسرات ولذات وأفراح ، وإن كرهته نفسه فهو خير لها وأنفع .
ومن أسرار هذه الآية أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور والرضا بما يختاره له ويقضيه له لما يرجو فيه من حسن العاقبة .
ومنها : أنه لا يقترح على ربه ولا يختار عليه ولا يسأله ما ليس له به علم ، فلعل مضرته وهلاكه فيه وهو لا يعلم .
ومنها : أنه إذا فوض إلى ربه ورضي بما يختاره له أمدّه فيما يختاره له بالقوة عليه والعزيمة والصبر .
ومنها : أنه يريحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات ، ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة وينزل في أخرى . [ 180 ] .
85- اذكر بعض حكم ابن مسعود ؟
من أعطي خيراً فالله أعطاه ، ومن وقي شراً فالله وقاه .
لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلباً .
ليس العلم بكثرة الرواية ولكن العلم الخشية .
المتقون سادة والفقهاء قادة ومجالستهم زيادة .
ما على وجه الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان .
اطلب قلبك في ثلاثة مواطن : عند سماع القرآن ، وفي مجالس الذكر ، وفي أوقات الخلوة . [ 194 ] .
86- هل يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء ؟
لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماء والنار ، والضب والحوت .
فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فأقبل على الطمع أولاً فاذبحه بسكين اليأس ، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة ، فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخـلاص . [ 195 ] .
87- اذكر بعض علامات السعادة ؟
من علامات السعادة والفلاح أن العبد كلما زيد في علمه زيد في تواضعه ورحمته .
وكلما زيد في عمله زيد خوفه وحذره .
وكلما زيد في عمره نقص من حرصه .
وكلما زيد في ماله زيد في سخائه وبذله .
وكلما زيد في قدره وجاهه زيد في قربه من الناس وقضاء حوائجهم والتواضع لهم . [ 203 ] .
88- اذكر بعض علامات الشقاوة ؟
أنه كلما زيد في علمه زيد في كبره وتيهه .
وكلما زيد في عمله زيد في فخره واحتقاره للناس وحسن ظنه بنفسه .
وكلما زيد في عمره زيد في حرصه .
وكلما زيد في ماله زيد في بخله وإمساكه .
وكلما زيد في قدره وجاهه زيد في كبره وتيهه . [ 203 ] .
89- ما أركان الكفر ؟
أركان الكفر أربعة : الكبر والحسد والغضب والشهوة ، فالكبْر يمنعه الانقياد ، والحسد يمنعه النصيحـة وبذلها ، والغضب يمنعه العدل ، والشهوة تمنعه التفرغ للعبادة .
فإذا انهدم ركن الحسد سهل عليه قبول النصح وبذله ، وإذا انهدم ركن الغضب سهل عليه العدل والتواضع ، وإذا انهدم ركن الشهوة سهل عليه الصبر والعبادة . [ 206 ] .
90- لماذا حذف الفاعل في قوله تعالى (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ؟
حذف فاعل القوم إشعاراً بالعموم وأن الكون كله قال : الحمدلله رب العالمين ، لما شاهدوا من حكمه الحق وعدله وفضله . [ 212 ] .
91- ما أنواع معرفة الله ؟
معرفة الله سبحانه نوعان : الأول : معرفة إقرار وهي التي اشترك فيها الناس البر والفاجر والمطيع والعاصي . والثاني : معرفة توجب الحياء منه والمحبة له وتعلق القلب به والشوق إلى لقائه وخشيته والإنابة إليه والأنس به والفرار من الخلق إليه ، وهذه هي المعرفة الخاصة الجارية على لسان القوم .
ولهذه المعرفة بابان واسعان :
الباب الأول : التفكر والتأمل في آيات القرآن كلها ، والفهم الخاص عن الله ورسوله .
والباب الثاني : التفكر في آياته المشهودة وتأمل حكمته فيها وقدرته ولطفه وإحسانه وعدله وقيامه بالقسط على خلقه . [ 221 ] .
92- اذكر أنواع مواساة المؤمنين ؟
المواساة للمؤمنين أنواع : مواساة بالمال ، ومواساة بالجاه ، ومواساة بالبدن والخدمة ، ومواساة بالنصيحة والإرشاد، ومواساة بالدعاء والاستغفار لهم، ومواساة بالتوجع لهم، وعلى قدر الإيمان تكون هذه المواساة، فكلما ضعف الإيمان ضعفت المواساة ، وكلما قوي قوِيَت . [ 222 ] .
93- لماذا كان ملل العبد لنعم الله مضر عليه ؟
ليس على العبد أضر من ملَلهِ لنِعَم الله ، فإنه لا يراها نعمة ، ولا يشكره عليها ولا يفرح بها ، بل يسخطها ويشكوها ويعدّها مصيبة ، هذا وهي من أعظم نعم الله عليه ، فأكثر الناس أعداء نعم الله عليهم .[ 234 ]
94- ما أنفع شيء للعبد مع ربه ؟
ليس للعبد شيء أنفع من صدقهِ ربه في جميع أموره مع صدق العزيمة ، فيصدُقُه في عزمه وفي فعله ، قال تعالى (فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ ) فسعادته في صدق العزيمة وصدق الفعل ، فصدق العزيمة جمعها وجزمها وعدم التردد فيها بل تكون عزيمة لا يشوبها تردد ولا تلوّم ، فإذا صدقت عزيمته بقي عليه صدْق الفعل ، وهو استفراغ الوسع وبذل الجهد فيه ، وأن لا يتخلف عنه بشيء من ظاهره وباطنه ، فعزيمة القصد تمنعه من ضعف الإرادة والهمة ، وصدق الفعل يمنعه من الكسل والفتور . [ 241 ] .
95- ما جزاء من صدق الله في جميع أموره ؟
من صدق الله في جميع أموره صَنَع الله له فوق ما يصنع لغيره ، وهذا الصدق معنى يلتئم من صحة الإخلاص وصدق التوكل ، فأصدق الناس من صحّ إخلاصه وتوكله . [ 241 ] .
96- ما أعظم الظلم والجهل ؟
من أعظم الظلم والجهل أن تطلب التعظيم والتوقير لك من الناس وقلبك خال من تعظيم الله وتوقيره . 242
97- ما طرق الشيطان على ابن آدم ؟
كل ذي لب يعلم أنه لا طريق للشيطان عليه إلا من ثلاث جهات :
أحدها : التزيد والإسراف ، فيزيد على قدر الحاجة فتصير فضلة وهي حظ الشيطان ومدخله إلى القلب . وطريق الخلاص منه : الاحتراز من إعطاء النفس تمام مطلوبها من غذاء أو نوم أو لذة أو راحة ، فمتى أغلقت هذا الباب حصل الأمان من دخول العدو منه .
الثانية : الغفلة ، فإن الذاكر في حصن الذكر ، فمتى غفل فتح باب الحصن فولجه العدو فيعسر عليه أو يصعب إخراجه .
الثالثة : تكلف ما لا يعنيه من جميع الأشياء . [ 246 ] .
98- ما أفضل الذكر وأنفعه ؟
أفضل الذكر وأنفعه ما واطأ فيه القلب اللسان ، وكان من الأذكـار النبوية وشهد الذاكـر معانيه ومقاصده . [ 247 ] .
99- من أنفع الناس لك ؟
أنفع الناس لك رجل مكّنك من نفسه حتى تزرع فيه خيراً أو تصنع إليه معروفاً ، فإنه نعمَ العون لك على منفعتك وكمالك فانتفاعك به في الحقيقة مثل انتفاعه بك أو أكثر . 248 .
100- كم للعبد من موقف بين يدي الله ؟
للعبد بين يدي الله موقفان : موقف بين يديه في الصلاة ، وموقف بين يديه يوم لقائه .
فمن قام بحق الموقف الأول هوّن عليه الموقف الآخر ، ومن استهان بهذا الموقف ولم يوفه حقه شدد عليه ذلك الموقف . [ 258 ] .
101- ماذا جمعت قوله تعالى عن يوسف أنه قال ( أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) ؟
جمعت هذه الدعوة الإقرار بالتوحيد والاستسلام للرب وإظهار الافتقار إليه والبراءة من موالاة غيره سبحانه ، وكون الوفاة على الإسلام أجل غايات العبد ، وأن ذلك بيد الله لا بيد العبد ، والاعتراف بالمعاد وطلب مرافقة السعداء . [ 259 ] .
102- قوله تعالى ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ ) متضمن لكنز من الكنوز ؟ فما هو ؟
قوله تعالى ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ ) متضمن لكنز من الكنوز وهو أن كل شيء لا يطلب إلا ممن عنده خزائنـه ، ومفاتيـح تلك الخزائن بيديـه ، وأن طلبه من غيره طلب ممن ليس عنـده ولا يقـدر عليه . [ 260 ] .
103- قوله تعالى ( وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ) متضمن لكنز فما هو ؟
قوله تعالى ( وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ) متضمن لكنز عظيم ، وهو أن كل مراد إن لم يرد لأجله ويتصل به فهو مضمحل منقطع ، فإنه ليس إليه المنتهى ، وليس المنتهى إلا إلى الذي انتهت إليه الأمور كلها فانتهت إلى خلقه ومشيئته وحكمته وعلمه ، فهو غاية كل مطلوب ، وكل محبوب لا يحب لأجله فمحبته عناء وعذاب ، وكل عمل لا يراد لأجله فهو ضائع وباطل . [ 260 ] .
104- اذكر بعض الأقوال في ذم الدنيا .
الدنيا من أولها إلى آخرها لا تساوي غم ساعة ، فكيف بغم العمر . [ 45 ] .
كن من أبناء الآخرة ولا تكن من أبناء الدنيا ، فإن الولد يتبع الأم . [ 68 ] .
الدنيا لا تساوي نقل أقدامك إليها ، فكيف تعدو خلفها . [ 68 ] .
الدنيا جيفة ، والأسد لا يقع على الجِيَف . [ 68 ] .
الدنيا مجاز والآخرة وطن ، والأوطار إنما تطلب في الأوطان .
من لاح له حال الآخرة هان عليه فراق الدنيا .
لا تدخل محبة الله في قلب فيه حب الدنيا إلا كما يدخل الجمل في سم الإبرة .
الناس في الدنيا معذبون على قدر هممهم بها .
من عشق الدنيا نظَرَت إلى قدرها عنده فصيّرته من خدمها وعبيدها وأذلته ، ومن أعرض عنها نظرتْ إلى كبر قدره فخدمته وذلت له .
105- كلمات عامة من كتاب الفوائد :
من شغل بنفسه شغل عن غيره ، ومن شغل بربه شغل عن نفسه .
إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله ، وإذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله ، وإذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله ، وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم لينالوا بهم العزة والرفعة ، فتعرف أنت إلى الله وتودد إليه ، تنل بذلك غاية العز والرفعة . [ 152 ] .