حتى لا تكون كلاً .. طريقك إلى التفوق والنجاح .. د. عوض القرني

حتى لا تكون كلاً .. طريقك إلى التفوق والنجاح

دكتور عوض بن محمد القرني

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين ، وبعد أيها القارئ الكريم فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ثم لا يخفاك أن العهد والميثاق قد أُخذ من الله على الناس على أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، وأن يجعلوا الحياة كلها محراباً لذكره وتوحيده والالتزام بشرعه ، وكان من مفردات ذلك الالتزام ، النصح لكل مسلم والتعاون على البر والتقوى وبيان الهدى للناس وتعليمهم الخير ، وما وظيفة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم إلا ذلك .

وقد استرعى انتباهي أثناء رحلة الحياة المحدودة مشكلة مستفحلة في حياة كثير من الناس ، وهذه المشكلة هي : تعطيل كثير من القوى والطاقات والإمكانات التي وهبها الله للإنسان مما يؤدي إلى أن يصبح الإنسان حينئذٍ كلاً كما وصفه القرآن أينما توجه لا يأت بخير .

أو يسيء الإنسان استخدام هذه القوى والطاقات فتقل فاعليته وأثره في الحياة ، وتنبت المشكلات في دروبه وطريقه ، ويقل إنتاجه وعطاؤه ، ويكاد أن يتلاشى إبداعه في الحياة ، ويصبح أسير نمطية قاتلة لكل عطاء وتطور يُستهلك ، ويدور في جزئيات المعيشة ، ويغرق في جداولها ، وتتشعب به دروبها ، تذهب نفسه حسرات على توافه الأمور ، وينشغل هماً دائماً بنمطية قاتلة .

والسبب في ذلك كله تعطيل ما وهبه الله من نعم أو عدم الاهتداء إلى الاستخدام الأمثل لهذه النعم فإذا تعطل الأفراد بهذه الصورة المذكورة تحولت الأمة إلى مجموعة من الفارغين أو المرضى أو في أحسن الأحوال إلى مجموعة من التقليديين الذين تستهلكهم حياتهم طاقاتهم دون أن يضيفوا إلى الحياة جديدة أو يرفعوا بعلمهم رأساً ، فتفقد الأمة دورها وريادتها وشهودها الذي كلفها به الوحي وتسلم زمام الركب لغيرها من أمم الأرض ، فيتخذ الناس رؤساء جهالاً فيضلوا ويضلوا .

وهذا هو الذي تعاني منه البشرية اليوم حين تحول المسلم عبر القرون إلى إنسان عادي غير مؤهل للرقي بنفسه وبالناس من حوله فتحولت الأمة إلى العيش على جانب الطريق تنظر في السائرين ولا تشارك في السير بعد أن كانت تقود القافلة .

فتصدى لقيادة ركب البشرية حينئذٍ الغرب وهم أمة جاهلة بوظيفة الإنسان ودوره المناط به في الحياة جاهلة بحقيقة هذا الكون والعلاقة القائمة بينه وبدايته ونهايته وغاية وجوده .

جاهلة بعالم الغيب وما فيه ، فأصبحت أمة تقود جانباً من الإنسان على حساب الجانب الآخر وتنظر إليه بعين واحدة فضلت كما أخبر من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم .

وأصدق الأسماء كما أخبر عليه الصلاة والسلام حارث وهمام ، فإنسان صاحب قدرة وإرادة زود بهما ليعمر الحياة ويقيم العدل والقسط في الأرض فيسعد ويسعد الآخرين .

فإن عطلهما فهو الكلّ ، وإن قصر في الاستفادة منهما فهو الكافر بنعمة ربه الغامط لها ، وإن أساء استخدامها فهو الفساد في الأرض لا غير .

ولو تأملت لوجدت كثيراً من الناس يشكون مر الشكوى ويعانون من مشكلات الحياة ولو تريثوا قليلاً لوجدوا الحل منهم قريباً والمفتاح في نفوسهم كامناً.

أيها القارئ الكريم : من خلال التأمل في الحياة والاختلاط بالناس والسعي لمساعدتهم في حل مشكلاتهم ومعايشة كثير من عقبات الحياة والقراءة في بعض ما كتب في هذه المعاني وتسجيل بعض الشوارد في ذلك في أزمنة مختلفة أخرجت هذه الكلمات راجياً أن تساهم في مشكلة أو إزالة عقبة من طريق إنسان أو زيادة فاعلية أو تحريك راكد وإيقاظ راقد .

وهذه الأفكار ليست أكثر من فوائد استفيدت من قراءات أو تجارب حياتية واقعية حاولت أن أعرضها جميعاً – حسب الطاقة – على أنوار الوحي لينفي زيفها ويقر ما فيها من حق ، أو على صريح العقل الذي لا مرية فيه مستشعراً في كل ذلك سنن الله في الحياة التي أقام الله عليها أمر الوجود .

وهذه الأفكار المسطرة على وجازتها يُمكن أن يستفيد منها صاحب الفكرة والمبدأ وحامل الرسالة والقضية .

ويُمكن أن يستفيد منها الموظف رئيساً أو مرؤوساً .

ويُمكن أن يستفيد منها كل فرد في أسرة : زوج أو زوجة ، أب أو ابن .

ويُمكن أن يستفيد منها رجل الأعمال وصاحب المال والمفاوض والمحاور والمخطط ، ومن يخشى الإحباط واليأس أو أصابه البطر والكبر وغيرهم .

ولكن شرط ذلك كله أن تتحول الأفكار إلى عمل وأن تؤخذ بالتدرج وأن تنزل على مواضعها وتداوي بها عللها على الحقيقة ( وما النجاح إلا القوة والحق والعزيمة والثبات ، وما الفشل إلا الباطل والعجز وضعف الهِمَّة واضطراب الرأي ) .

وقد قسمتُ هذا الكتاب إلى ثلاثة أقسام هي :

وقفات مع الذات لتطويرها وزيادة فاعليتها .

أنت والآخرون : نحو علاقات أفضل واتصال أكمل .

هل تسعى إلى النجاح في عملك ؟ .

وفي الختام هذا التصدير والبيان أسأل الله اللطيف الرحيم أن يستعملنا في طاعته ويوفقنا لرضاه وأن يجعلنا هداة مهتدين ، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

=====

وقفات مع الذات لتطويرها وزيادة فاعليتها

قيمة الحياة في أهدافها

لم يخلق الله – سبحانه وتعالى – الحياة عبثاً ولم يوجد الإنسان هملاً، قال الله تعالى: ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً ..) الآية، وقال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الآية.

والعاقل يدرك بما وهبه الله من عقل وما أودع فيه من فطرة أن الكون الذي بني على نظام دقيق والإنسان الذي خلق في أحسن تقويم لا بد أن يكون وراء خلقهما هدف عظيم وغاية سامية، وبالتالي فإن إضاعة الإنسان لأي وقت من حياته وإبقائه في دائرة الفراغ والضياع يتنافى مع هذه الحقائق فلا بد أن يجعل الإنسان لكل وقت من حياته هدفاً ولكل عمل غاية وأن يبرمج حياته على هذا الأساس ولو تأملت في سير الناجحين في الحياة لرأيت أن النجاح في حياتهم كان بمقدار ما كانوا يرسمون لحياتهم من أهداف.

قال الحسن البصري عن عمر بن عبدالعزيز – رحمهم الله – : ( ما ظننت عمر خطا خطوة إلا وله فيها نية).

وقال سلمان – رضي الله عنه – : ( إني لأحتسب نومتي كما احتسب قومتي).

والأهداف في حياة الإنسان تنقسم إلى قسمين :

1- أهداف كبرى كلية دائمة أو أهداف استراتيجية كما يقال.

2- أهداف صغرى جزئية مرحلية أو أهداف تكتيكية.

ولا بد أن تكون الأهداف الصغرى خادمة للأهداف الكبرى ودائرة في فلكها ووسيلة لها وطريقاً للوصول إليها.

وأكبر هدف وأعظم غاية وأسمى مقصد يُمكن أن يسعى له الإنسان في الحياة ، هو السعي لرضوان رب العالمين بالوسائل التي شرعها الله لذلك.

وفي هذا المبحث سأحاول أن أضع بعض الأفكار التي تساعد الإنسان على تحديد أهدافه في جوانب حياته المختلفة، وهذه الأفكار هي:

1- حذار أن تعود نفسك على القيام بأعمال لا هدف لها، فالنفس كالطفل إذا تعودت على شيء لزمته.

وقد يتساءل البعض هل يعني أن تكون الحياة كلها جداً لا مكان فيها للترويح والاستجمام ؟

والجواب : لا، بالطبع، فالنفس لا تطيق ذلك، ولكن ليكن حتى طلبك للترويح في وقته المناسب، وبالكيفية المناسبة فيصبح هدفاً مقصوداً ومشروعاً وضمن منظومة الأهداف المطلوبة.

فمثلاً تريد أن تسافر إلى قرية (س) في يوم الأحد وستبقى في القرية ثلاثة أيام. فما هي أهدافك من هذا العلم.

لتكن مثلاً:

1- زيارة أختك وزوجها وأطفالها، وتقديم بعض الهدايا لهم.

2- الاطلاع على مسجد في قرية قريبة طلب منك المساعدة في ترميمه.

3- التعرف على متنزه قريب في القرية ذكر لك جماله.

4- المرور على رجل كبير السن في القرية وسؤاله عن بعض الأحداث التاريخية التي عايشها والاستفادة من تجاربه في الحياة.

5- استطلاع إمكانية إقامة عمل استثماري في القرية بالاشتراك مع بعض أصدقائك فيها.

6- إلقاء درس أو موعظة في مسجد القرية إذا كان ذلك مناسباً.

وهكذا كل عمل تزمع القيام به لا بد أن يسبقه بلورة هدف أو أكثر لهذا العمل وتقوم بعملية ترتيب لها حسب أهميتها ثم تقسم وقت العمل لتحقيقها مرتبة، ثم في نهاية العمل تنظر كم نسبة ما أنجزته من أهداف العمل إلى مجموعها.

وحين تعوَّد نفسك على هذا النمط من الحياة ستصبح حياتك تلقائياً حياة منظمة، وذات أهداف لا تقبل بالفوضى ولا يسيطر عليها الفراغ ولا تضيع فيها الأوقات (الحياة).

2- عند تحديد الأهداف يجب مراعاة الإمكانات المتاحة والمتوقعة ثم تحديد الأهداف على مقدارها فلا تكون الأهداف خيالية في طموحها بينما الإمكانات المعدة لها أو تلك التي يُمكن إعدادها متواضعة جداً أي أن يكون الهدف ممكن الحصول والتحقيق فمثلاً عندما تريد إقامة عمل تجاري يجب أن تنظر كم المال الذي يمكنك توفيرها لهذا العمل التجاري، ثم حدد حجم هذا العمل بناءاً على مقدار هذا المال.

أو عندما تريد البحث عن وظيفة فانظر ما هي الشهادة الدراسية التي تحملها والخبرات العملية التي تتمتع بها ثم على ضوء ذلك حدد نوعية ومرتبة الوظيفة التي تسعى لها.

وفي المقابل يجب الحذر من إهداء أو تجميد الموارد والإمكانات المتاحة والإنشغال بأهداف متواضعة جداً مع إمكان القيام بغيرها، فكلا الأمرين – التعلق بالأهداف الخيالية أو الإنشغال بالأهداف المتواضعة – مضيعة للوقت وإهدار للطاقات.

3- يجب أن يكون الهدف الذي تسعى لتحقيقه مناسباً للزمن الذين قدرته لإنجازه ؛ لأن من أخطر مقاتل الأهداف الجيدة عدم وجود الوقت الكافي لإنجازها كمن يريد أن يحصل على الشهادة الجامعية في تخصص الطب مثلاً خلال عام واحد بعد تخرجه من الثانوية.

ومن ذلك أيضاً من يسرف ويبذّر في إعطاء الأوقات الواسعة جداً للأهداف التي يُمكن إنجازها في أقل من ذلك كمن يُمكنه التخرج من الجامعة مثلاً خلال أربع سنوات ولكنه يماطل ويسوف ويتأخر فلا يحقق هذا الهدف إلا في ثمان سنوات !

والإحساس بقيمة الزمن وأهميته هو بداية تحريك النفوس وبعث الهمم لاستدراك الفائت أو اغتنام الحاضر والاستعداد للمستقبل، وليس هناك خسارة أشد من خسارة الوقت وهي خسارة لا يمكن تعويضها والزمن قيمة تتضاءل أمامها قيمة المال والدرهم والدينار في نظر أصحاب العقول الراجحة والبصائر النافذة.

4- يجب أن يكون الهدف الذي تسعى لتحقيقه هدفاً مشروعاً فالأهداف الممكنة كثيرة ولا تضيق الحياة إلا على العاجزين ولم يعدم يونس عليه السلام عملاً، وهو في بطن الحوت إذ كان من المسبحين.

ولكن من الأهداف ما يجوز أن يتصدى الإنسان لتحقيقه وإنجازه ومنها ما لا يجوز له أن يسعى له أو يفكر فيه فكل سعي في الأرض للفساد والإفساد وإن كان هدفاً ممكناً وقد يعود على فاعله بلذة أو نفع عاجل لكنه في موازين الحق والهدى مردود وباطل، كما قال تعالى: ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌ ).

وهذا لا يتأتى إلا إذا عاش الإنسان في ظلال الإيمان وأنوار الوحي منطلقاً بجهده لعمارة الدنيا حتى ينال جزاء سعيه في الآخرة، أما القلب الذي لم يشرق عليه نور الرسالة المحمدية فهو قلب مظلم بوار والعياذ بالله ديدنه  الفساد في الأرض وإن ظن أنه يحسن صنعاً.

فالسعي لكسب المال وتنمية الثروة للتمتع بطيبات الحياة والإنفاق في وجوه البر هدف ممكن لكل من بذل جهده في ذلك ولكن يُمكن أن يكون عن طريق مشروع في تجارة أو زارعة أو صناعة ، ويمكن أن يكون عن طريق الغش والرشوة والاحتيال والربا والمخدرات.

فالجميع جمع الثورة وحصَّل المال، لكن أين الثرى من الثريا، الأول جمع ماله من الحلال فهو سعادة له في الدنيا ونجاة له في الآخرة إن أحسن إنفاقه أيضاً، والآخر جمعه من الحرام فهو شقاء له في الدنيا وجحيم وعذاب في الآخرة.

ومثال آخر من يريد أن ينجح في الدراسة بالجد والاجتهاد والمثابرة والاعتماد على النفس بعد التوكل على الله ودعائه واللجوء إليه، وفي مقابله من يريد أن ينجح ولكن بالغش والاحتيال والاعتماد على زملائه، وشتان بين الصورتين.

5- يجب أن يكون الهدف محدداً واضحاً، لا غموض فيه ولا لبس ؛ لأن عدم تحديد الهدف أو عدم وضوحه يجعل الإنسان غير قادر على الوصول إلى ما يريد أو عدم معرفة ما يريد فمثلاً من يريد أن يتخرج من الجامعة لكنه لم يحدد أي تخصص يريد، ولا في أي جامعة ، ولا متى سيكون ذلك، فيكون هدفه غير محدد ويصعب عليه الوصل إليه.

وكمن يريد إيجاد بديل لعمله الوظيفي إذا تقاعد ويقف عند هذا فقط، أو يريد السفر فقط دون أن يحدد وجهته أو طبيعة العمل الذي يسعى لتحقيقه في سفره.

إذاً فلا بد من وضوح الهدف وتحديده بدقة حتى لا يختلط بغيره ويتعذر تحقيقه والسعي له.

ومن وضوح الهدف أن يكون إيجابياً لا سلبياً، أي أن تحدد ما تريده بوضوح، إذ إنّ من الأخطاء التي تقع فيها كثير من الناس عند سؤاله عن هدفه أنه يذكر لك ما لا يريده، أماّّ ما يريده فهو غير واضح في ذهنه أو لم يفكر فيه أصلاً.

ومن وضوح الهدف أن تتخيل أكبر قدر ممكن من تفاصيله كأنه منجز متحقق حاصل بين يديك.

6- من شروط تحقق الأهداف وضع خطة عملية للوصول إليها، فالهدف مهما كان عظيماً وممكناً ومشروعاً ومحدداً ما لم يبين سبيل الوصول إليه يبقى أفكاراً وآمالاً فقط، أما تحققه في الواقع فلا بد له من خطة توصل إليه.

وهذا هو مفترق الطريق بين الجادين والهازلين في الحياة أن الهدف عند أهل الجد والعزائم بمجرد أن يتحدد يتبعه التفكير والإعداد لكيفية تحقيقه والوصول إليه وما هو مدى البعد والقرب منه، وما هي العوائق الموجودة في الطريق أو التي يتوقع حصولها ؟ ، وكيف يُمكن تجاوز هذه العوائق والتغلب عليها.

أمَّا أهل التسويق والبطالة فما أكثر الأهداف الخيالية عندهم التي لا يخطون خطوة واحدة في سبيل تحقيقها.

فمن يضع له هدفاً مثلاً أن يوجد له منزلاً سكنياً خلال سنتين فلا بد له من وضع خطة للوصول إلى هذا الهدف تشتمل على توفير المبالغ المالية والبحث عن الأرض المناسبة ووضع التصاميم الهندسية اللازمة والتعاقد مع المقاول وشراء الاحتياجات ورسم جميع هذه الخطوات بالدقة والتفصيل.

وهذا يختلف عمن يريد أن يبني منزلاً سكنياً فقط ثم لا يفكر في شيء بعد ذلك.

ومن وضع له هدف تأليفِ كتاب مثلاً فلا بد له من تحديد موضوعه ثم الاطلاع الأولي على مصادره ثم وضع مخطط له يحتوي على أبوابه وفصوله ومباحثه ومسائلة وأمثلته وغير ذلك.

وينبغي عند وضع خطة تحقيق الهدف مراعاة أن تكون عملية مرنة منطقية كما سيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله في مبحث لاحق.

7- بعد إنجاز الخطة وتوفير الاحتياجات وتحديد زمن التنفيذ يكون التنفيذ للخطة من أجل الوصول للهدف وتحدد جهة التنفيذ وجهة الإشراف ومعيار قياس التقدم نحو الهدف وقد تكون جهة التنفيذ هي جهة الإشراف، وسيواجه الإنسان أثناء تقدمه نحو هدفه كثيراً من العقبات التي قد تستدعي منه تعديل بعض خططه والنظر في الأهداف المرحلية التي توصله للهدف الرئيسي من العملية كلها.

ولا بد أن يكون المناط به تنفيذ العمل مؤمناً به إيماناً جازماً ، وأن يعقد العزم على الوصول إليه بلا أدنى تردد، وأن يعقد العزم على أنه المسئول عن تحقيقه لا غيره وإلاّ فالفشل هو مصير العمل لتحقيق الهدف.

8- يجب أن يكون الهدف الذي تسعى لتحقيقه هدفاً محتاجاً إليه وأولى من غيره بالعمل.

فقد يكون الإنسان يسعى لأهداف تتوفر بيها جميع الشروع السابقة لكنه لا يحتاج إليها بل حاجته لأهداف أخرى أكثر إلحاحاً كمن يريد أن يعدَّ له استراحة يقيم فيها أسبوعياً في إجازة نصف العام وهو لم يبني منزلاً سكنياً يقيم في طوال العام.

وهذا اختلال في الأوليات عنده حيث يقدم ما حقه التأخير ويؤخر ما حققه التقديم، وربَّما تمادى الحال بمن هذه صفته إلى أن يقضي حياته في توافه الأمور وصغارها بينما كان يُمكن أن يعمل غير ذلك ويترك أثر بل آثاراً يناله نفعها وينال غيره في الدنيا والآخرة.

وهذا يقودنا إلى الإشارة إلى قضية أخرى وهي أن الإنسان لا يد أن يكون في تحديد أهدافه والسعي لتحقيقها صاحب طموح ونفس توَّاقه لمعالي الأمور، فالحياة محدودة والفرص قد لا تتكرر، ومن قضى أوقاته ومضت حياته في الاشتغال بتوافه الحياة وصغارها عاش في قاعها، ولم يتسنى له الرقي إلى ذراها وقممها.

فمثلاً إنسان يتمتع بذكاء عال جداً ويتخرج من الثانوية بتقدير ممتاز ولديه قدرات أن يواصل دراسته حتى يحصل على شهادة الدكتوراه لكنه يرضى بما تحقق له في الثانوية ويبحث له عن وظيفة محددة، هذا قد قتل قدراته ووأد إمكاناته ، والسبب أن أهدافه متواضعة، وطموحه محدود.

وإنسان آخر يقضي أوقاته في اللهو والبطالة ومجالسة الكسالي والفارغين، ولو قضى هذه الأوقات في عبادة ربه من صلاة وقراءة وذكر وسعي على الأرملة والمساكين والتميم، وفي مزاولة حرفة واكتساب رزق حلال لكان حاله غير حالة لكنه عدم الطموح والرضى بالدون ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ …).

9- إذا حددت هدفك العام وتوافرت فيه المواصفات والشروط المتقدمة، فالواجب عليك أن تجزىء هذا الهدف العام إلى أهداف جزئية مرحلية صغيرة لكما تحقق هدف منها اقتربت أكثر نحو استكمال هدفك حتى يتم تحقيقه باستكمال تحقيق الأهداف المرحلية الصغرى، وهذا يستدعي منك تقسيم هدفك الرئيسي العام إلى أهداف مرحلية صغرى أن تحدد الخطوات العملية التي يتم من خلالها تحقيق كل هدف مرحلي على حدى.

فمثلاً من أراد أن يؤلف كتاباً في فن معين في موضوع محدد يلزمه لتحقيق ذلك عدد من الأهداف المرحلية وهي :

1- وضع مخطط للكتاب.

2- حصر مصادرة ومراجعة.

3- كتابته وإعداده.

4- نشره وطباعته.

وكل هدف من هذه الأهداف المرحلية يحتاج لعدة خطوات عملية لتحقيقه.

فمثلاً هدف وضع مخطط الكتاب يحتاج للخطوات الآتية:-

1- أن يطلع على الأبحاث السابقة في الموضوع نفسه.

2- أن يسجل ما يلقاه من مباحث ومسائل مما له علاقة بموضوعه.

3- أن يطلع على الكتب المتخصصة في طرائق البحث ويسجل ما له علاقة بموضوعه.

4- أن يجمع شتات ما كتبه وينسقه وينظمه ويصيغه.

5- أن يعرض ما كتبه من مخطط على بعض المتخصصين في هذا الفن ممن هم أعلم منه بذلك.

6- أن يستفيد من ملحوظاتهم وتوجيهاتهم ويعد مخطط كتابه على الصورة النهائية.

وهدف حصر مصادر ومراجع الكتاب يحتاج منه إلى الخطوات الآتية:

1- أن يقوم بالبحث والتفتيش في مكتبته الخاصة ويسجل ما له علاقة ببحثه من المصادر.

2- أن يقوم بزيارة أكبر قدر ممكن من المكتبات التجارية للبحث فيها وشراء ما يحتاجه منها.

3- أن يطلع على موجودات المكتبات العامة وفهارسها ويسجل ويحصر ما له علاقة بكتابه.

4- يقوم بزيارة المكتبات الخاصة لزملائه وأصدقائه ويبحث فيها ويستعير ما له علاقة ببحثه.

5- يطالع فهارس المصادر في الأبحاث المشابهة ويسجل ما له علاقة ببحثه.

6- يبحث في فهارس دور النشر والرسائل الجامعية فقد يجد ما يصلح مصدراً لكتابه.

ثم ينتقل للهدف المرحلي الثالث وهو كتابه المؤلف وإعداده، وله أيضاً خطوات عملية تؤدي إليه.

ثم ينتقل للهدف المرحلي الرابع وهو طباعة الكتاب ونشره ، وله أيضاً خطوات عملية تؤدي إليه.

وقد آثرت عدم ذكر الخطوات العملية لهذين الهدفين اختصاراً واكتفاءاً بالتمثيل بما تقدم، فإذا تحققت الأربعة الأهداف المرحلية من خلال خطواتها العملية فقد وصلت لهدفك الرئيسي في الموضوع وهو تأليف كتاب في موضوع محدد في علم من العلوم.

ومما ينبغي ملاحظته في الأهداف المرحلية والخطوات العملية المؤدية إليها أن يكون لكل خطوة بديل أو أكثر بحيث لو لم تتمكن من هذه الخطوة لحاولت التقدم عن طريق البديل الآخر لها، بل لو رأيت أن الهدف العام لا يمكن تحقيقه فليكن لك أهدفا بديلة تستثمر في تحقيقها ما بذلت من جهد.

فمثلاً لو رأيت أن الموضوع كُتب فيه ولم تطلع على ذلك إلاّ بعد البحث والعمل والتعب، أو ظهر لك أن المعلومات المتوافرة لا تكفي لتأليف كتاب فيمكنك حينئذٍ أن تستعيض عن ذلك بكتابة مقال أو بحث علمي حول الموضوع في إحدى الدوريات المتخصصة.

وهذا المثال الذي أسهبت في بيانه بعض الشيء يمكن أن يطبق على أي هدف تسعى له في الحياة ولكن بالصورة المناسبة له.

10- من عوامل النجاح في تحقيق الأهداف أن يكتم أمرها وأمر السعي والعمل لتحقيقها عمن لا حاجة إلى علمه بها، وكما ورد في الأثر ( استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان)، ومن عجز عن حفظ سره فلا يلوم غيره إذا أفشاه، وكم من الأهداف ضاعت وفشل في تحقيقها أو سرقت بسبب إفشاء أسرارها عن أصحابها.

* * *

تنظيم الحياة شرط لنجاحها

لقد بنى الله سبحانه وتعالى الكون كله على نظام دقيق مذهل لا مكان فيه للفوضى والاضطراب، قال سبحانه : ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً )، وقال سبحانه: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ).

وفي ضمن هذا الإحكام ولحكمة باهرة أعطى سبحانه الإنسان قدراً من الحرية والاختيار ابتلاءً وامتحاناً وخلال هذا القدر من الحرية يستطيع الإنسان أن ينظم حياته أو أن يبقيها فوضى مضطربة ودواعي التنظيم لحياة الإنسان تحيط به في كل ذرة من هذا الكون في تقلب الليل والنهار واختلاف الفصول والأحوال ونضوج الثمار وتوالد الحيوان، فالنظام هو سمة وعنوان الكون كله من الذرة إلى المجرة.

وجاء شرع الله مرسخاً لهذه الحقيقة الكونية في تعاليمه وأحكامه في العبادات والمعاملات.

فإذا لم يستجب الإنسان لكل لهذه الدواعي والمؤثرات وينظم ما بقي من حياته مما أعطي حق الاختيار فيه فهو الاضطراب والصراع مع جميع المخلوقات من حوله وهوالضنك والتعب والتعاسة في حياته وهو الإخفاق وقلة الإنتاج وضآلة العطاء في أعماله، ثم النهاية أن يصاب الفوضوي بالإحباط واليأس والتوتر والقلق حين يرى الناس وقد قطعوا شوطاً بعيداً في الحياة وهو ما زال يراوح في مكانه، والنتيجة النهائية لذلك كله ضياع الوقت الذي هو إهدار الحياة ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.

ويمكننا أن نعرّف التنظيم تعريفاً مبسطاً سهلاً فنقول إنه استخدام الوسائل الممكنة لتحقيق الأهداف المنشودة من خلال خطة محكمة.

وهذا يستدعي الإلمام بالأمور الآتية :

1- حجم الوسائل المطلوبة.

2- معرفة أهمية كل وسيلة.

3- معرفة وتحديد مكان كل وسيلة من العمل.

4- ضبط الوقت الذين يحتاج فيه إلى كل وسيلة.

وقبل ذلك كله صياغة الأهداف بعناية، وليكن جميع ذلك من خلال خطة واضحة المعالم.

بعض أسباب الفوضى وعدم التنظيم للحياة:

1- التهاون في استغلال الوقت وتضييعه في التوافه من الأمور، وما أصيب العاقل بمثل مصيبة ضياع الأوقات؛ لأن اللحظة التي تمر لن تعود ابداً ، وكما ورد في الأثر أنه ما من يوم ينشق فجره إلاّ وماد ينادي: يا أبن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد لا أعود لك إلى  يوم القيامة فتزود مني بخير، فالعاقل يدرك ان الزمن هو أنفاسه التي تتردد، وأن الدقيقة إذا مضت وانقضت فهي نقص من حياته كما قال الشاعر :

دقات قلب المرء قائلة له   إن الحياة دقائق وثوان

ولذلك ينطلق العاقل في حياته مستثمراً لكل لحظة منها أجدى وأفضل استثمار لعلمه أن الله سيسأله عن عمره فيمَ أفناه، وعن شبابه فيمَ أبلاه.

أما أهلا الفوضى والبطالة فليس في حياتهم أرخص من الأوقات يقضونها في اللهو والتوافه لا يعتنون بها ولا يفكرون في استغلالها بل يتنادون لقتلها، وما علم المساكين أنهم يقتلون أنفسهم، وكما قيل: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، وما فاز وسبق فرد أو أمة على غيره إلاّ بإدراكه لقيمة الوقت ومبادرته للاستفادة منه بكل ما يستطيع.

وما أعظم ما قاله أحد السلف لآخر حين دعاه إلى بعض ما تضيعُ به الأوقات فقال له: أوقف الشمس حتى أستجيب لك.

والنفس إذا تعودت الحرص على الأوقات واستغلالها فيما ينفع ويفيد دفعها ذلك إلى تنظيم جميع أمور الحياة التي ظرفها الزمان، ولتكن حكمتك (الوقت هو الحياة فلا تضيعها وساعد غيرك على الاستفادة منها).

2- عدم التفريق بين الأهم والأقل أهمية ؛ إذ أن بعض الناس يشتغل بالكماليات والثانويات أو المندوبات والمباحات، ويستفنذ وقته فيها، ويهدر ويفرّط في الضروريات والكليات والفرائض والواجبات، فهو كمن بذل جهده تقصيراً كبيراً في قواعد واعمده وجدران ذلك المنزل فآل به الأمر إلى أن انهدم المنزل على من فيه ولم ينفعه تزويق الألوان ولا بهارج الأصباغ.

وهكذا حياة بعض الناس تجري وراء المظاهر الفارغة والمراءات الكاذبة والمناسبات والمجلات ، وإذا فتشت في حياتهم لتبحث فيها عن علم محقق أو عمل زاك مبارك أعوزك ذلك، وهؤلاء وإن عاشوا فترة من الحياة في غررو لكنهم يستيقظون إذا انصرفت عنهم الحياة ونسيهم الناس أو حل بهم الأجل وانتقلوا للدار الآخرة، حينئذٍ يدرك الإنسان أن الزبد يذهب جفاء، ولا يمكث إلاّ ما ينفع الناس، وإن من المقاتل التي يرمي بها الباطل أهل الجد والنشاط هو صرفهم عن العمل لمعالي الأمور إلى استغلال نشاطهم في صغائر الحياة فتتكاثر عليهم الصغار وتتراكم في الانتظار الكبار فلا يكون إلا الفوضى والاضطراب.

واعلم أن صغار الأمور رجالها في الحياة كثير والزحام عليها شديد، أمّا معالي الأمور وعظائمها فطريقها شبه خالٍ من السالكين فيممه إن كنت ذا همة وعزيمة.

3- سوء التوقيت في إنجاز العمل إما بتقديمه عن وقته المناسب أو تأخيره عنه، ولله درُّ الصدِّيق حين قال في وصيته للفاروق رضي الله عنهما: واعلم أن لله عملاً في الليل لا يقبله في النهار، وأن لله عملا في النهار لا يقبله في الليل.

والمتأمل في هذا الكون يتبين له أن الله قد جعل لكل شيء وقتاً  محدداً لا يتقدم ولا يتأخر عنه كتقلب الليل والنهار وطلوع الشمس وغروبها واختلاف الفصول وإثمار الأشجار وتكاثر الحيوان، وغير ذلك.

وعلى هذا السنن الإلهي كان شرع الله المنزل كأوقات الصلوات والصيام والحج والزكاة وغيرها من الأعمال، وبالتالي فيجب أن ينسجم الإنسان مع هذا الكون، وأن يجري على أحكام هذا الوحي فينظم حياته ويجعل كل شيء في موضعه المناسب ومخالفة ذلك ليست إلاّ أعمالاً لا فائدة منها كمن يرجو الثمرة قبل وقتها وإلاّ أعمالاً قد مضى وقتها وانتهت فائدتها، وربمّا تعب الإنسان وكدح وعمل ولكن الفوضى في عدم ضبط الأعمال بأوقاتها أفقدته ثمرة عمله.

4- عدم اكتمال العمل، فكثير من الناس تمضي حياتهم في أعمال ومشاريع يخطون خطواتها الأولى ثم يتركونها إلى غيرها قبل اكتمالها، وهكذا إلى غيرها، وتنقضي أيامهم في بذر لا يرى حصاده ولا تجنى ثماره وتتراكم الأعمال وتكثر الأعباء والحياة محدودة والإمكانات مثل ذلك وإذا بالأيام تولت والإنسان يجري وراء سراب.

5- تكرار العمل الواحد أكثر من مرة ظناً منه أنها لم ينفذه قبل ذلك ، فمثلاً الإنسان الذي يعد بحثاُ علمياً ثم يمر به حديث نبوي فيخرجه ثم يمر به فيخرّجه مرة أخرى ثم مرة ثالثة، وربمّا أكثر من ذلك فيضيع الأوقات ويهدر الجهد ولا جديد في العمل.

فالتعود على تكرار العمل بعد الفراغ منه دون حاجة لذلك يقلل إنتاج الإنسان في الحياة، ويضيع عليه كثيراً من الفرص التي كان يُمكن أن يفعل فيها الشيء الكثير لدنياه وآخرته.

وهذا الأمر وإن كان من نتائج الفوضى في الحياة إلاّ أن التعود على هذا الأمر يصبح سبباً لغيره مما يتلوه من فوضى في أعمال جديدة، ولذلك كما قيل : السيئة تقود إلى مثلها والحسنة سبب لأختها.

6- عدم ترتيب العمل عند تنفيذه وإنجازه ترتيباً منطقياً منظماً، فبعض الناس ينطلقون إلى إنجاز العمل وسواء عندهم بدؤوا بالمقدمة أو الخاتمة كمن يبني منزلاً فيبدأ بإعداد مستلزمات السقف قبل أن يبدأ في إعداد القواعد والأساسات أو من يبدأ الأعداد لقطف الثمار قبل بذر البذور وزرع الأشجار.

نعم ، الإعداد للأمور قبل مفاجأتها وضيق أوقاتها مطلوب ولكن بعد أن تفرغ من الإعداد والعمل لما ينبغي أن يسبقها زماناً أو عقلاً ومنطقاً، وإلاّ فرَّبما قضى الإنسان كثيراً من الأوقات، وبذل كثيراً من الجهود والإمكانات في أعمال  ربّما لا ينتفع بها لعدم مجئيها في وقتها ومكانها، ويضطر لتكرارها مرة أخرى ولو تريث قليلاً ونظم عمله ورتب جهده لما خسر كل هذا من حياته وجهده وإمكاناته، والسبب في ذلك كله الفوضى والعشوائية الغوغائية، وصلى الله وسلم على من قال : ( إن الله يحق من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه ).

7- تنفيذ العمل بصورة ارتجالية وعدم التخطيط له قبل إنجازه بوقت كاف.

وهذا ولا شك من أهم أسباب الفوضى في الحياة وعدم تنظيم الإنسان لحياته، إذا بالتخطيط يحدد الإنسان أهدافه من كل عمل يقوم به ووسائله لتحقيق تلك الأهداف وكيفية استغلال تلك الوسائل ومكان كل شيء من العمل.

وبدون ذلك فإنما هو الكدح والاضطراب والسير في ظلام لا تُعرف نهايته ولا ماذا سيوصل إليه بعد ذلك، ولأهمية أمر التخطيط في حياة الفرد والجماعة فسأفرد له شيئاً من الحديث وحده.

كيف تنظم يومك ؟

إذا نجح الإنسان في تنظيم يومه نجح في تنظيم حياته وكثير من الناس يواجهون أعباء الحياة يومياً بدون تنظيم ولا تخطيط لأعمالهم فيرهقون أنفسهم، ولا يبلغون أهدافهم ومحاولة مني في مساعدتك أيها القارىء الكريم في تنظيم يومك إليك هذه الأفكار التي أرجو أن تتحول إلى برنامج وعمل:

1- أعد قائمة بأعمالك اليومية في مساء اليوم الذي قبله أو في صباح اليوم نفسه واحتفظ بهذه القائمة في جيبك وكلما أنجزت عملاً فأشر عليه بالقلم.

2- أوجز عبارات الأعمال في الورقة بما يذكر بها فقط.

3- قدر لكل عمل وقتاً كافياً وحدد بدايته ونهايته.

4- قسم الأعمال تقسيماً جغرافياً بمعنى أن كل مجموعة أعمال في مكان واحد أو في أماكن متقاربة تنجز متتالية حفظاً للوقت.

5- اجعل قائمتك مرنة بحيث يُمكن الحذف منها والإضافة إليها إذا استدعى الأمر ذلك.

6- اترك وقتاً في برنامجك للطوارئ التي لا تتوقعها مثل ضيف يزورك بدون موعد أو طفل يصاب بمرض طارئ أو سيارة تتعطل عليك في الطريق وأمثال ذلك.

7- بادر لاستغلال بعض هوامش الأعمال الطويلة لإنجاز أعمال قصيرة مثلاً عند الانتظار في عيادة الطبيب اقرأ في كتاب أو أكتب رسالة أو اتصل إذا وجد هاتف لإنجاز بعض الأمور وهكذا.

8- عندما يكون وضع برنامجك اليومي اختيارياً ، نوَّع أعمالك لئلا تصاب بالملل فاجعل جزءاص منها شخصياً وآخر عائلياً وثالثاً خارج البيت .. إلخ.

9- اجعل جزءاً من برنامج اليومي لمشاريعك الكبيرة كتطوير ذاتك وثقافتك والتفكير الهادىء لمشاريعك المستقبلة وأمثال ذلك.

10- حبذا لو صممت استمارة مناسبة لكتابة برنامجك اليومي عليها، ثم صورت منها نسخاً ووضعتها في ملف لديك وجعلت لكل يوم منها واحدة.

***

الحياة المنظمة هي القائمة على التخطيط

سبق الإشارة إلى أن التخطيط شرط للسير في الحياة بنظام وتجنب الفوضى والاضطراب في الحياة، وللتخطيط مبادئ وضوابط ودراسات توسع فيها المعاصرون توسعاً كبيراً وسأكتفي هنا بإيراد بعض المبادئ العامة السهلة التي يُمكن أن يستفيد الإنسان منها ويحاول أن يطور حياته بها مهما كانت ثقافته وإمكاناته، وإليك هذه المبادئ والإرشادات العامة.

1- لا تباشر التخطيط – وبخاصة في الأمور المهمة – إلاّ بعد الحصول على قدر كاف من الراحة والهدوء واعتدال المزاج والشعور بالثقة وعدم القلق والتوتر والإحباط ؛ لأن التخطيط يحتاج منك إلى جميع قواك الذهنية من تفكير وتذكر وخيال، وهذا لا يتأتى إلاّ عندما يكون الإنسان في الحالة الذهنية والنفسية والجسمية المناسبة لذلك، وهذا في الأحوال الطبيعية أماّ في الأحوال الاضطرارية فللضرورات أحكامها.

2- توفر المعلومات عن الواقع القائم وعن العمل الذين تسعى لإقامته وإيجاده ، فلا بد من الإلمام بالواقع وتوصيفه كما هو عليه من غير زيادة ولا نقصان ؛ لأن الواقع سيكون منطلقاً للمستقبل الذي تخطط له، والمراد هنا واقع العمل الذي تريد التخطيط له وتطويره وإنجازه لا واقع الحياة كلها فلذلك حديث آخر، ولا بد كذلك من إيجاد المعلومات التفصيلية عن العمل الذي يخطط له من حيث أهدافه ووسائله وفائدته ومدى الحاجة إليه.

3- تحديد الأهداف المراده من العمل الذي تخطط له وليكن تحديد الأهداف بالصورة التي سبق الإشارة إليها في مبحث سابق من مراعاة للأولويات وإيجاد للبدائل وتوازن وواقعية ووضوح وغير ذلك من الأمور.

4- معرفة وحصر ما تحتاج إليه من وسائل وإمكانات بشرية ومادية لتنفيذ خطتك وتحقيق أهدافك ومعرفة ما هو الموجود منها، وما هو غير المتاح الآن ؟ ، وكيف يُمكن إيجاده ؟ ، ويراعى في ذلك الوسيطة بين الإشراف والتقتير في المقدار ، وأن تكون الوسيلة مشروعة غير محرمة.

5- تحديد زمان ومكان تنفيذ العمل وإنجازه ، ويجب أن يكون تحديد هذين العنصرين واضحاً وضوحاً لا لبس فيه فإن لم يتم ذلك فستبقى الخطة ناقصة حتى يتم استكمال ذلك ، إذ لا بد لكل عمل في الحياة من زمان ومكان، ولا يمكن أن يتم بدونهما، وهذا يستدعي أن تحدد زمان ومكان ودور كل وسيلة من وسائل العمل، وكل مرحلة من مراحله.

6- تحديد من يقوم بتنفيذ العمل إما بتحديد عينه وشخصه سواء كان فرداً أو مجموعة أفراد أو بتحديد أوصافه المناسبة لهذا العمل ثم بعد ذلك يبحث عمن تنطبق عليه هذه الأوصاف ويسند إليه أمر تنفيذ العمل، إذ إن كل عمل يحتاج إلى إنسان فيه من المواصفات ما ليس فيمن يحتاجه العمل الآخر، فعمل الحدادة يحتاج إنساناً صفاته وخبراته غير من يحتاجه عمل التجارة، والزراعة تحتاج إنساناً تختلف صفاته عن صفاته من يصلح للحدادة والنجارة وهكذا.

وقد يخفق التنفيذ لأسباب عديدة منها:

أ – عدم حصر الاحتياجات بدقة وترك اكتشافها ثم توفيرها للمصادفات، فمثلاً لو أردت القيام برحلة عائلية أو مع بعض الزملاء وأخذت بعض لوازم الرحلة بدون حصر شامل لذلك وعند الوصول لمكان الرحلة تكتشف بعد كل فترة نقص شيء من احتياجاتكم وتضطر لركوب السيارة والذهاب لإحضاره، وهكذا دواليك حتى انتهت الرحلة القصيرة دون أن تستمتع بها، والسبب في ذلك عدم الدقة والشمول في حصر احتياجاتك وتوفيرها.

ب- عدم توزيع الوسائل والإمكانات على مراحل العمل توزيعاً صحيحاً فيقدم ما حقه التأخير ويؤخر ما حقه التقديم، وهكذا دواليك.

ج- عدم وعدم الأشياء والإمكانات عند تخزينها وحفظها في أماكنها المناسبة بصورة منظمة يسهل الوصول إليها عند الاحتياج لها كمن لديه مكتبة ثرية غنية بالكتب ولكنها غير منظمة وعند الاحتياج لأي كتاب تبذل جهداً ووقتاً في البحث عنه، وقد لا تعثر عليه بعد ذلك أيضاً.

د- تعقيد الخطة وعدم مرونتها وبساطتها مما يؤدي إلى صعوبة فهمها واستيعابها وبالتالي عدم القدرة على تنفيذها.

هـ- عدم الإيمان بالعمل والحماس له مما يحول العاملين إلى أناس تقليديين يكتفون بالصورة الظاهرة من العمل.

و- عدم قدرة العاملين على ممارسة العمل لعدم وجود التدريب الكافي.

ز- الانقطاع عن العمل وعدم الاستمرار فيه إلى نهاية على مقتضى الخطة.

7- كذلك يجب أن تشتمل الخطة على بيان من يقوم بالإشراف على تنفيذ العمل، ومهمته هي متابعة من ينفذ والتأكد من أنه التزم بالخطة الموضوعة له، وكذلك مساعدته في تجاوز ما قد يعرض له من عقبات لم تكن في الحسبان وتوفير ما يحتاجه من إمكانات مادية وبشرية لتنفيذ العمل المناط به، وقد يكون المخطط هو المنفذ وهو المشرف أيضاً، وقد يكون لكل عمل منها جهة مختلفة عن الأخر وبخاصة في الأعمال الكبيرة.

ويُمكن أن يستفاد في تخفيف الأعباء حينئذٍ عمن يقوم بالتنفيذ والإشراف عن طريق التفويض للآخرين، وسيأتي الحديث عن ذلك بصورة أكثر تفصيل إن شاء الله.

8- تحديد طريقة التقويم وكيفية إعداد التقارير عن التقدم في العمل ومدى توافق ذلك مع الخطة والفترة الزمنية المحددة لكل مرحلة من مراحل العمل، وبيان معايير الإنجاز التي على أساسها يقاس النجاح أو الفشل في العمل.

وهذه المعايير ترتكز على أربعة أمور هي :

أ ) مقدار الكمية المنفذة من العمل.

ب) جودة ما نفذ من كمية.

ج) مقدار الجهد والتكلفة المادية المبذولة في هذه الكمية.

د) مقدار الزمن الذي استغرق في إنجاز هذا المكنية فمثلاً لو نفذ من العمل ما نسبته 30% في فترة زمنية تبلغ 50% من زمن التنفيذ وبتكلفة تبلغ 40% من تكلفة العمل، فالعمل يحكم عليه بالفشل حينئذٍ ولا بد من تدارك النقص في ذلك.

وكذلك لا بد من تحديد الجهة التي يسند إليها إعداد تقارير التقويم والإنجاز.

والخطة الناجحة هي التي تجيب على الأسئلة التالية:

أين نحن الآن ؟ ولماذا ؟ وأين يجب أن نكون ؟ وكيف ؟ ومتى يكون ذلك ؟ ومن سيقوم به ؟

نموذج تخطيط لشأن عائلي :

1- موضوع الخطة : ميزانية المنزل.

2- هدف الخطة:

أ- ضبط عملية الصرف على العائلة بطريقة متوازنة تتناسب مع الدخل المتوفر للعائل.

ب- شمول الانفاق على جميع الاحتياجات.

ج- ترتيب النفقة حسب الأوليات.

3- عدم أفراد العائلة   10

أ) عدد الأطفال   5

ب) عدد الطلاب  3

ج) عدد النساء   1

د) عدد الرجال  1

4- المدى الزمني للميزانية 3 شهور.

5- المبلغ المتوفر للميزانية خمسة عشر ألف ريال. (15000).

6- عناصر صرف الميزانية:

أ) الضروريات وتبلغ نسبتها 80% من الميزانية ومقداره 12000 ريال موزعة كالآتي:

الطعام وتبلغ نسبته 35% من الميزانية ومقدارها 5625  ريال.

الشراب: وتبلغ نسبته 5% من الميزانية ومقدارها 750 ريال.

الملابس وتبلغ نسبتها 10% من الميزانية ومقدارها 1500 ريال.

العلاج : وتبلغ نسبته 7% من الميزانية ومقدارها 1050 ريال.

السكن: وتبلغ نسبته 15% من الميزانية ومقدارها 2250 ريال.

الطاقة من غاز وكهرباء ونسبتها 5% من الميزانية ومقدارها 750 ريال.

الاحتياجات المدرسية ونسبتها 3% من الميزانية ومقدارها 450 ريال.

فيكون مجموع ما سينفق على الضروريات 80% من الميزانية ومقدارها 12000 ريال.

ب) الكماليات وتبلغ نسبتها 20% من الميزانية ومقدارها 3000 ريال موزعة كالآتي:

الضيافة: وتبلغ نسبتها 8% من الميزانية ومقدارها 1200 ريال.

الهدايا: وتبلغ نسبتها 4% من الميزانية ومقدارها 600 ريال.

الهاتف: وتبلغ نسبته 4% من الميزانية ومقدارها 600 ريال.

أجور التنقلات : وتبلغ نسبته 4% من الميزانية ومقدارها 600 ريال.

فيكون مجموع ماسينفق في الكماليات 20% من الميزانية ومقدارها 3000 ريال.

7- من يقوم بعملية صرف الميزانية : ربة المنزل.

8- من يقوم بالإشراف والتقويم : رب المنزل.

9- فترات المراجعة والتقويم : كل خمسة عشر يوم.

 
ماهي الملحوظات على هذه الميزانية ؟ :
المتأمل في هذه الخطة لميزانية منزل دخله الشهري خمسة آلاف ريال يظهر له عليها بعض الملحوظات، وهي :

أ- عدم تخصيص مبلغ للأعمال الخيرية.

ب- عدم أدخار أي مبلغ للطوارىء والمشاريع المستقبلية كشراء سيارة مثلاً.

ج- عدم تخصيص أي مبلغ للكتاب والشريط وما يشابهها مما له صلة بالناحية العلمية والثقافية في حياة الأسرة، وعلى هذا فلا بد من إعادة النظر في الميزانية لاقتطاع بعض المبالغ من بنودها المذكورة أو توفير مبالغ إضافية لهذه الثلاثة الأمور.

***

الاستغلال الأمثل للزمن

إن أخطر مشكلة تواجه الأمم والأفراد هي مشكلة ضياع الأوقات، إذ  أن ذلك يعني ضياع الحياة، وكل فائت قد يستدرك إلاّ فائت الزمن ؛ ولذلك تذكر دائماً هذه العبارات واكتبها أمامك بخط عريض:

(الوقت لا يتوالد ، لا يتمدد ، لا يتوقف، لا يرجع للوراء، بل للأمام دائماً)

وأعلم أن أول شروط النجاح في الحياة هو إدارة وقتك بفعالية والزمن في الحقيقة لا يُمكن أن يدار من قبل الإنسان حتى وإن كثرت في كتاباتهم عبارة إدارة الوقت، إذ أن الزمن يتحرك بقدر الله ولكن الذي يمكن أن يدار هو استغلالنا للوقت أثناء جريانه وقد أعاد وأبدأ القرآن الكريم في التحذير من ضياع الأوقات وكذلك السنة الشريفة فضلاً عن الحكماء والعلماء وأصحاب التجارب في الحياة.

والعناصر التي يمكن تقسيم الوقت بينها في الحياة هي :

1- الضروريات ، وهي ( أداء الفرائض – الأكل – الشرب – النوم – العلاج – النكاح).

2- العلاقات ، وهي مع ( الأهل والأقارب – الأصدقاء – الزملاء – الجيران).

3- التطوير والاستجمام، وهي ( القراءة – الكتابة – الرياضة – النزهة – النوافل من الطاعات).

4- الطوارئ، وهي (المناسبات – الحوادث – الأزمات)

5- العمل المخصص للكسب سواء كان وظيفة أو تجارة أو زراعة أو مهنة والأوقات المخصصة له أما منتجة أو ضائعة.

ولكل فقرة من هذه الفقرات تفصيل طويل ليس هذا محل بيانه، ولكن نكتفي بالإشارة السابقة لكل قسم منها :

توجيهات عامة في التعامل مع الزمن

1- احرص على شراء حاجياتك من مكان واحد وفي وقت واحد وبكميات كبيرة حتى لا تعود للشراء في وقت قريب، ومثل ذلك المدارس والعلاج والنزهات.

2- بالنسبة للعمل الوظيفي قسمه إلى الأقسام التالية وحافظ على هذا التقسيم قدر الإمكان.

أ- القسم الأول لمقابلة مرؤوسيك ورؤسائك في العمل لمناقشتهم في قضايا العمل.

ب- القسم الثاني لمقابلة  المراجعين لمكتبك وسماع طلباتهم.

ج- القسم الثالث لإنجاز المعاملات والأوراق التي يجب عليك إنجازها في ذلك اليوم.

د- القسم الرابع للرد على المكالمات الهاتفية الواردة للمكتب، وتذكر أن الهاتف وسيلة لقضاء الحاجات فاستعمله بقدرها ولا تجعله وسيلة لقتل الأوقات.

3- بالنسبة للزيارات منك أو إليك احرص على أن تكون بموعد سابق وبقدر الحاجة منها وأن تقضي وقتها فيما يفيد مع الاستفادة من هوامش الوقت في إنجاز بعض الأعمال الثانوية.

4- أما الانتقال من مكان إلى آخر فليكن بأكثر الوسائل توفيراً للوقت والمال والجهد، وإذا استطعت أن يكون في غير أوقات الازدحام وعبر الطرق غير المزدحمة فلا تفرط في ذلك، وإذا أمكنك إنجاز بعض الأعمال أثناء انتقالك بالطيارة أو القطار أو الحافلة وما شابهها وإلاّ فاجعله فرصة للراحة والنوم استعداداً لما بعد السفر من أعمال واحرص على الحجز قبل السفر بوقت كاف وبخاصة في المواسم.

5- فترات الانتظار الاضطرارية مثل الانتظار عند الإشارة أو الطبيب أو انتظار الضيوف أو انتظار الطعام عندما تكون ضيفاً وأمثال ذلك يضيع فيها كثير من الأوقات.

ولتلافي هذه المشكلة عليك بالآتي

حاول تقليل فترات الانتظار بترتيب مواعيدك، والالتزام بها واختيار الأوقات التي يقل فيها الزحام واسلك لقضاء غرضك أقصر الطرق واقلها ازدحاما ً وأرشد الآخرين للالتزام بدورهم وعدم تجاوزه، وأخيراً استفد من انتظارك في القراءة أو الكتابة أو الذكر أو التفكر.

6- اجعل في برنامجك  أوقاتاً خاصة للتطوير الذاتي من خلال القراءة والدراسة وأخذ الدورات التخصصية المناسبة والاعتكاف للعبادة وصيام النوافل وأشباه ذلك.

7- اجعل في برنامجك أوقاتاً خاصة للترفيه والتنزه المشروع ولا تحسبن ذلك مما يضيع فإنه إذا أحسن الاستفادة منه وكان بقدره وفي زمنه المناسبين كان له أجمل الأثر في تنشيط النفس وإزالة ما قد يصيبها من كلل وملل وسأم.

8- لا تتردد في استعمال عبارة ( ارجعوا هو أزكى لكم) وفي الرد بكلمة ( لا ) عندما يتسلط الفارغون لإضاعة وقتك والقضاء على أثمن ما تملك .

9- أحذر من ضياع حياتك أمام وسائل الترفيه بل كن حازماً في ضبط ذلك وبخاصة مع أطفالك ومن تعولهم، وعودهم على احترام النظام والترتيب لحياتهم باستغلال الوقت وتحمل المسئولية.

10- ضع علبة احتياطية لمفاتيحك يسهل الوصول إليها وبعيدة عن متناول الأطفال والفضوليين، ورتب ما تحمله من مفاتيح في جيوبك بشكل ثابت بحيث يسهل الوصول إليها في أي ظرف بمجرد اللمس ولا تجمع المفاتيح كلها في ميدالية واحدة، بل اجعل كل مجموعة مفاتيح متقاربة في العمل في ميدالية خاصة بها ؛ لأن كثيراً من الأوقات تضيع في البحث عن المفاتيح وربما كسرت الأبواب وتعطلت الأعمال.

كيف تقلل إهدار الأوقات ؟

1- دوِّن في دفتر محلوظات صغير ما يضيع من وقتك خلال يوم وهكذا لمدة أسبوع، ثم لمدة شهر ثم قم بإحصاء ما ضاع منك خلال عام ، ثم انظر كم نسبة الضائع من حياتك.

ويُمكن أن تكون الورقة التي يسجل فيها الوقت الضائع هكذا وقت ضائع في الساعة     يوم شهر      مقدار      الوقت الضائع      سببه      مكانه        مع من

2- قم بعملية تقسيم لأوقاتك على أعمالك كما هي في الواقع ثم انظر أي الأعمال يستأثر من الأوقات بأكثر من حاجته وأي الأعمال لا يأخذ كفايته ثم أعد التوازن إلى برنامجك على ضوء ما توصلت إليه من نتائج.

3- قم في أوقات الهدوء والاسترخاء بالتعرف على ميولك النفسية ورصد أثرها في تسريب وضياع وقتك في توافه الأمور لتقوم بعد ذلك بمحاولة الإصلاح ومجاهدة النفس.

السيطرة على الذات واكتساب الثقة

العوامل المؤثرة في شخصيتك :

1- عوامل ذاتية هي أكثر العوامل تأثيراً في الشخصية وكذلك هي أكثر العوامل استجابة لجهود الإنسان في تطويرها وتعديلها والرقي بها أو الانحطاط، ومن هذه العوامل:

العقيدة والدين، الثقافة والمعلومات، الأخلاق والسلوك، المهارات والخيرات، الصحة البدنية والنفسية، المظهر الخارجي، تنظيم الحياة ، الهوايات، الآمال والطموحات المستقبلية.

2- عوامل مادية خارجية مثل: المال ، السيارة ، المنزل، المكتبة، الغذاء، الرياضة، الوظيفة.

3- عوامل إنسانية، ويراد بها العلاقات مع الآخرين مثل الزواج، اليتيم، العلاقات مع الأقارب، الأصدقاء ، الزملاء في العمل، الجيران، المنزلة الاجتماعية، العلاقات العارضة في سفر أو سوق ، أو غير ذلك.

4- الأحداث والحوادث مثل: الأمراض، حوادث السيارات، الاضطرابات الاجتماعية، الحروب العسكرية، الكوارث الاقتصادية ، الحوادث الطبيعية كالزلازل والفيضانات.

وهذه الحوادث إما مؤلمة أو مسعدة وإما مقصودة أو غير مقصودة.

وأي من هذه العوامل إما أن يكون أثره في النفس والشخصية إيجابياً وإما أن يكون سبباً، ويستطيع الإنسان أن يصمم له استمارة تحليل لشخصيته، ويضع جميع هذه العوامل فيها ثم ينظر ويسجل ما يتمتع به من إيجابيات أو سلبيات في كل عامل منها ثم يقوم بعملية إحصاء نهائية لهذه الإيجابيات والسلبيات فيحدد نقاط القوة والضعف في شخصيته.

والواقع أنني أختصر الحديث في هذه القضية اختصاراً شديداً، ولكنني أردت الإشارة إلى ذلك فقط.

***

إدارة الذات

إن أول طريق النجاح في الحياة هو نجاحك في إدارة ذاتك والتعامل مع نفسك بفعالية، وإن الفشل مع النفس يؤدي غالباً إلى الفشل في الحياة عموماً وربما إلى الفشل في الآخرة والعياذ بالله ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) ، والتغيير قد يكون إيجابياً للأفضل، وقد يكون سلبياً للأسوأ، وقد يظهر لنا أن بعض الناس نجح في الحياة وإن فشل في إدارة ذاته.

والحقيقة إن ذلك وهم خادع وطلاء ظاهر تحته الشقاء والتعاسة التي ستنكشف عند أول هزة وبئس النجاح المزعوم الذي في داخل صاحبه غياهب من الشقاء وأكداس من التعاسة وإن مرحت بصاحبه المراكب الفارهة وتبوأ في نظر الناس المناصب العالية أو امتلك الثروات الطائلة.

وإليك أيها القارئ الكريم بعض القواعد العامة التي إذا حولها الإنسان إلى عمل في حياته تحقق له بإذن الله ما يُمكن أن نطلق عليه إدارة الذات بفعالية

1- أدِّ حقوق الله – سبحانه وتعالى – عليك واستعن به فيما ينوبك من أمور الحياة ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) ؛ لأن الإنسان إذا أصلح ما بينه وبين ربه أصلح الله له أمور حياته، وإذا تعرف الإنسان إلى ربه وقت الرخاء وجده وقت الشدة (احفظ الله يحفظك) ومن ضيع حقوق ربه فهو لما سواها أضيع ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ).

ورحم الله القائل: ( في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلاّ الأنس به، وفيه حزن لا يذهبه إلاّ السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلاّ الفرار إليه، وفيه فاقة لا يسدها إلاّ محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تُسدّ تلك الفاقة أبداً).

كن مع الله يكن معك، وحينئذٍ فلن تخيب سعيك إن شاء الله.

2- أملأ ذهنك بالتفاؤل وتوقع النجاح بإذن الله ، وليكن الاستبشار دائماً ، مسيطراً على فكرك وشعورك ( بشروا ولا تنفروا ).

3- عوّد نفسك على أن تكون أهدافك في كل عمل تقوم به سامية واضحة كما تقدم معنا في الحديث عن الأهداف.

4- ألزم نفسك بالتخطيط لأمور حياتك المختلفة وابتعد عن الفوضى والارتجالية في أعمالك قدر الإمكان ، نظم جهدك واتجه لهدف واضح محدد واحذر الفوضى في مسيرتك لهدفك، وقد تقدم الحديث عن التخطيط في الحياة في مكان سابق.

5- حوّل خططك في السعي نحو أهدافك إلى عمل ملموس وواضح حي، وابتعد عن التسويف والبطالة، وسيأتي عن ذلك مزيد حديث إن شاء الله.

6- احذر من ضياع شيء من وقتك دون عمل فهو ضياع الحياة، واحرص على أن تتقدم نحو أهدافك كل يوم ولو خطوة واحدة، فمن سار على الدرب وصل، وقد تقدم الحديث عن الاستغلال الأمثل للزمن قبل قليل.

7- نظم أمورك بكتابة مواعيدك والتزاماتك والتعود على حفظها، وكذلك تنظيم وتصنيف أشياءك في منزلك ومكتبك وسيارتك وغيرها بطريقة مناسبة تسهل عليك التعامل معها، وقد سبق الحديث عن ذلك أيضاً في مبحث (تنظيم الحياة شرط لنجاحها).

8- قاوم محاولات النفس للهروب من الأعمال الجادة المهمة إلى المتعة واللهو باستمرار، وسيأتي عن ذلك مزيد بيان إن شاء الله.

9- لا تنسى أن الأعمال أكثر من الأوقات، وحنيئذٍ فإياك أن تضيع أوقاتك في التوافه من الأمور بل قدم الأهم من الأعمال على ما سواه.

10- ليكن شعارك المبادرة والمسارعة إلى كل خير ومفيد مضى لا يعود أبداً والحياة سباق وهي أقصر من أن تنتظر أو تؤجل أو تسوف فيها.

11- إذا رأيت من عاداتك سيئاً أو معوقاً عن التقدم لأهدافك فعالجه واستبدله بخير منه، ولا يكن للعادات عليك من سلطان إلاّ بقدر ما فيها من حق ونفع، والعادة هي ما يفعله الإنسان بصورة آلية متكررة دون جهد فكري أو مشقة بدنية والعادات مكتسبة ؛ ولذلك يُمكن تغييرها واستبدالها عند الحاجة لذلك، وإن كان في الأمر مشقة، فمن عوَّدَ نفسه فعل الخير والعمل والإنتاج اعتاد ذلك، ومن عوَّدها الفساد في الأرض أو البطالة والكسل والخمول اعتاد ذلك.

12- اجعل القيم والمبادئ الاعتقادية فوق المساومات ولتكن موجهة لكل نشاط في حياتك ، وإن لم تكن كذلك والعياذ بالله فأنت أول من يحتقر نفسك وإن يجلك الآخرون ومدحوا.

13- اجعل البحث عن الحق ديدنك، واحذر النفاق بجميع صوره واشكاله، واصدع بكملة الحق بأدب وعفة وصدق ونَمِّ في نفسك القدرة على الحسم عند مفترق الطرق بين الحق والباطل.

14- واجه نتائج أعمالك بشجاعة وصبر وثبات ومسئولية محتسباً كل ما يصيبك عند ربك، ولتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطاك لم يكن ليصيبك رفعت الأقلام وجفت الصحف، واحذر من كثرة الشكوى والضجر فهما من صفات الضعفاء (شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع) ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ).

15- لا تجعل شخصيتك كالزجاج الشفاف الذي يسهل كشف ما وراءه ومعرفة حقيقته، لكل عابر سبيل، ففي الحياة الكثير من الفضوليين والمتطفلين بل والاشرار، واجعل لذلك باباً موثقاً وحارساً أميناً يأتمر بامرك فيفتح ذلك في الوقت المناسب وبالقدر المناسب ولمن هو أهل لذلك ويغلق عند الحاجة لذلك.

وهذا يستدعي منك أن تتمرَّن على ضبط مشاعرك وأحاسيسك وعدم الاسترسال في إبرازها ما لم يكن في ذلك مصلحة، وان تحتفظ بهدوئك ورباطة جأشك في المواقف المثيرة والجادة، وأن تختار كلماتك بعناية فيها، وخلاصة القول ليكن التعبير عن اشتعال عواطفك مدروساً.

16- اجعل مثلك الأعلى وقدوتك الدائم محمداً صلى الله عليه وسلم إذ أنه هو الذي بلغ أعلى درجات الكمال الإنسان، ولن تبحث عن حل لمشكلة في أي جانب من جوانب حياتك إلاَّ وجدت ذلك الحل في سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم، وهذا يستدعي منك أن تكون دائم المطالعة لسيرته والبحث في طريقته.

17- تسلّح بروح الفكاهة والمرح دائماً من غير إسفاف ولا مبالغة ، وإذا ادلهمت الخطوب فابتسم لها ؛ لأن الحزن والتقطيب منهكان للنفس منهكان للجسد مشوشان للفكر.

18- احذر من الخيال الجامح المحلّق في سماء الأوهام كما تحذر من التشاؤم المفرط المحطم للآمال، وكن وسطاً بين طرفين، زاوج بين الخيال والواقع.

وألْجِم نزوات العواطف بنظرات العقل، وأنر أشعة العقل بلهب العواطف، وألزم الخيال صدق الحقيقة والواقع ، واكتشف الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة.

19- لا تغرق في الكماليات فتهلك في الترف بل تزود من المتاع بما يكفيك في مسيرك نحو أهدافك ، ولا يثقل على كاهلك ( اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم)، ومن أصبح أسير الشهوات والملذات صعب عليه تركها وأصبحت إرادته هشة ضعيفة.

20- أخيراً اعلم أن في كل إنسان صفات ضعف وصفات قوة وهو أعلم الناس بحقيقة نفسه ما لم يكابر أو يجهل ، فالعاقل الموفق هو من وجّه حياته وعمله وتخصصه نحو ما فيه من صفات القوة ونأى بنفسه وحياته عن نقاط الضعف في شخصيته.

فكم من جوهرة تخطف الأبصار بأصفى الأشعة وأبهاها مستكنة في أغوار المحيطات المظلمة، وكم من زهرة استقامت على عودها في الصحراء مضيعة شذاها العطري مع سافيات البيداء ولو أُكتشفت هذه وتلك لكان لهما شأن آخر.

***

كيف تسيطر على نفسك ؟

ليس أشق على الإنسان من مجاهدة النفس وتغيير مرذول طباعها وتحليتها بمكارم الأخلاق وحسن العادات وفضائل السلوك، قال تعالى : ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)، وقال عليه الصلاة والسلام: ( ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب)، وقال الشاعر :

لولا المشقة ساد الناس كلهمو  ** الجود يفقر والإقدام قتّال

وكل سلوك شخصي أو نمط خلقي وراءه خصيصة نفسية منظمة له ودافعة إليه، وحتى يستطيع الإنسان أن يتحكم في سلوكياته ويرتقي بأخلاقه ويضبط تصرفاته، فلا بد أن يلتفت قبل ذلك إلى الدوافع والخصائص النفسية، فما كان منها وراء السلوك المعوج والخلق الذميم فيعرضه لعملية التهذيب والتقليم والقلع والإزالة.

وما كان يطمح إليه من خلق نبيل وسلوك سوي قويم فَلْيَسْعَ إلى إيجاد وتنمية الدوافع والخصائص النفسية الموجهة له يوجدها إن لم تكن موجودة وينميها إن كانت موجودة لكنها ضعيفة، وهذا ولا شك عملية شاقة وقد تكون مؤلمة ؛ لأنها تهديد وتغيير للواقع النفسي والسلوكي والأخلاقي، والنفسي تقاوم أي تغيير أو تهديد لواقعها مهما كان هذا الواقع ؛ لأنه مرتبط بقناعات عقدية أو فكرية أو لذات وأفراح قلبية أو بدنية أو عادات مستحكمة ؛ ولهذا فبداية التغيير تكون من الأساسات التي قامت عليها هذه الأخلاق والسلوكيات.

وبالمران والمجاهدة والإلحاح وتغيير القناعات العقلية والعمل الدؤوب تسلس النفس قيادها وتعطي زمامها ويسهل حينئذٍ السيطرة عليها وتوجيهها باستمرار إلى الأفضل.

قال أحد العارفين : ما زلت أسوق النفس إلى الله وهي تبكي حتى سارات إليه وهي تضحك.

أفرض على نفسك رقابة ذاتية ومحاسبة دائمة في أفكارك وعاداتك وسلوكك وأخلاقك وحركاتك وكلماتك (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا )، وإليك بعض الصور التي تنقلت فيها النفس ويفقد الإنسان السيطر عليها أثناءها لعلك تحذر بعد ذلك هذه الصور.

بعض صور أنفلات النفس وعدم السيطرة عليها:

إنَّ سبب كل بلاء وشقاء هو انفلات النفس وعدم السيطرة عليها حتى يحجب الهوى العقل، ولهذا الانفلات صور كثيرة لكني أورد أمثلة لهذا الانفلات ليحذر منها، وأحاول بعد ذلك أن أبين كيف يُمكن مواجهة هذه الأمثلة :

1- التسويف في تنفيذ الأعمال والتأجيل لما يجب المبادرة إليه إيثاراً للدعه والسكون والراحة والركون.

2- التردد والاضطراب عند محاولة الإقدام على أي عمل تحت ستار الخوف من الفشل أو عدم العمل ما لم يتوقع حصول النجاح الكامل يقيناً.

3- عدم تحمل النقد والغضب لأتفه الأسباب ، فإذا غضب حطم كل شيء ، لا يراعي أي عواقب أو يحتسب لأي خسائر.

4- الشرود الذهني وعدم التركيز الفكري أثناء العمل.

5- تحميل النفس ما لا تطيق من العمل مما يؤدي إلى القلق والاضطراب وعدم تركيز الجهد وفقدان التوازن.

6- عدم الثقة في النفس وفي القدرة على عمل أي شيء.

7- الممل والسأم وعدم الاستمرار في أي عمل.

وهذه بعض المعالجات لهذه الصور السابق ذكرها التي يبتلى بها بعض الناس في حياتهم.

كيف تقلل من السلبية في حياتك والتسويف في إنجاز أعمالك ؟

1- خذ قدراً كافياً من النوم بدون إسراف، وحبذا لو نمت مبكراً على وضوء.

2- استيقظ مبكراً ولا تكثر من التململ في فراشك.

3- لا تفوتك صلاة الفجر في وقتها مع الجامعة.

4- لا تنس أذكار الصباح فهي مفتاح السعادة ليومك.

5- خطط برنامجك اليومي في هدوء ، وحبذا لو أعدت النظر فيه مرة أخرى وتمتع قليلاً بالتأمل في أكثر فقراته متعه لك.

6- احرص على تنويع برنامجك وعلى أن يكون فيه أشياء محببة إليك، وتتوقع أن تحقق فيه نسبة عالية من النجاح وحاول أن تبدأ بها.

7- انطلق لتنفيذ برنامجك مبتدئاً بدعاء الخروج ودعاء الركوب إن ركبت في ذهابك لعملك.

8- ابتسم إلى كل من تلقاه من إخوانك في يومك بعد إلقاء السلام عليه.

9- احرص على إنجاز عملك أولاً بأول بحيث تتمكن من إنهاء برنامجك مع نهاية يومك لا يبقى منه شيء للغد.

10- إذا عدت لمنزلك فداعب من تلقاه من أهلك وأطفالك ، وحبذا لو أحضرت لهم بعض الهدايا وكافيء من حقق منهم نجاحاً في يومه ولو بكلمة وشجع من أخفق وساعده على تجاوز إخفاقه.

11- ضمِّن برنامج وقتاً للراحة والاسترخاء أو النزهة وإن قل.

12- شارك الجيران والأصدقاء والأقارب في مناسباتهم الاجتماعية بالطريقة المناسبة.

مواجهة التردد والاضطراب

1- تأمل في الحياة بعين البصيرة لتعلم يقيناً أن الدنيا لا كمال فيها، ولكن ما غلب صلاحه على نقصه فهو غاية ما يطلب في الحياة.

وهذا هو التفكير الواقعي الحق وليس وراءه إلاَّ العيش في الخيالات والأوهام.

2- تذكر دائماً أن المطلوب منك والمقدور لك هو العمل وبذل الأسباب، أمَّا النتائج النهائية فهي بيده الله سبحانه وتعالى.

3- اقرأ سير العظماء وفتش في حياتهم لترى أن فيها نقصاً وفشلاً وليست كلها نجاحات.

4- قم بعملية حصر واستقراء لما فيك من صفات كما وقوة ليظهر لك بعض نعم الله عليك ولتعلم أن فيك غير صفات الضعف والنقص.

5- استذكر الأنشطة والأعمال التي حققت فيها نجاحاً علياً وعاود هذا الاستذكار كلما شعرت بالتردد والإحباط والاضطراب.

6-إن كنتَ تنشد الكمال والمثالية فإن طريق ذلك هو العمل ومحاولة الوصول وليس التوقف والانتظار.

7-استخدم عقلك ووازن بين الأمرين إما أن تعمل شيئاً أي شيء أو لا تعمل على الإطلاق ، وتأمل أيهما أفضل فليس أمامك خيار ثالث.

8- إذا تعرضت للفشل في بعض أعمالك فقل : قدر الله وما شاء فعل وإنا لله وإنا له راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها.

واحتسب ما أصابك عند ربك واستغفر لذنبك.

ثم قم بدراسة أسباب الفشل في هدوء وطمأنينة وكرر المحاولة مرة أخرى ما لم ترى الانصراف لعمل آخر.

التعامل مع النقد :

لا شك أن الإنسان في مسيرة حياته يلقى محباً ومبغضاً ومؤيداً وناقداً، والنقد يختلف باختلاف أهداف ودوافع من صدر منه، فيمكن أن يصدر من عدو أو صديق قريب أو بعيد.

والواجب على الإنسان أن يعوِّد نفسه على الحِلمْ وسعة الصدر، والصبر على الأذى، وعدم الغضب لأتفه الأسباب، وإذا غضب أن يكون متحكماً فيه وإلاّ لضر الإنسان نفسه قبل غيره ولنشر حوله أجواء من الكراهية والتوجس وصادر آراء الآخرين وحريتهم في التعبير عنها، وفي ذلك من الضرر الاجتماعي ما لا يوصف.

ويُمكن أن يقسم النقد إلى قسمين :

أ) نقد بناء موضوعي :

وهو الذي يخلو من التجريح الشخصي، ويركزعلى جوانب النقص في العمل بدون مبالغة ويبين كيفية استكمالها ويشيد بجوانب الكمال في العمل.

المواقف من النقد البناء :

1- إيجاد الأجواء المناسبة والمشجعة على النقد البناء.

2- الفرح والترحيب به والبحث عنه ( رحم الله من أهدى لنا عيوبنا).

3- النظر فيه بإمعان وروية مع غض النظر عن قائله.

4- السعي لاستكمال النقص وتصويب الأخطاء التي اشار إليها الناقد.

ب) نقد ظالم مغرض :

وهو الذي يستغل النقص في العمل لمصادرة العمل بالكلية والنيل ممن قام به وتجريحه والتشفي منه ورميه بما ليس فيه مع عدم الاهتمام بتصويب العمل أو التبني لما فيه من كمال وحق.

الموقف من النقد الظالم :

1- محاولة معرفة أسباب هذه النقد ( حسد – أنانية – خوف من العمل – انتصار للنفس وأخذ بالبثأر – أو غير ذلك ).

2- السعي لإزالة الأسباب إن أمكن ذلك.

3- معرفة الأهداف من النقد وإحسان التعامل معها.

4- عدم الاشتغال بالرد على النقد إلاّ بقدر ما قد يعيق العمل أو يشوه صورته.

5- عدم الانشغال بالانتصار للنفس وترك العمل ونسيانه.

6- الاستفادة من النقد في تصويب العمل وإصلاحه ومعالجة جوانب النقص فيه.

7- احتساب الإنسان ما يصيبه من الأذى وما يتعرض له من النقد عند الله سبحانه وتعالى.

وليتذكر الإنسان دائماً قوله سبحانه وتعالى : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ) الآية، فما كان لله يبقى ويدوم وما كان لغيره يذهب ويزول.

***

معالجة الشرود الذهني وعدم التركيز الفكري أثناء العمل

الشرود الذهني مشكلة يشكو منها الكثير من الناس هذه المشكلة تتفاقم كلما تقدم العمر وكثرت مشكلات الحياة وهي مشكلة تعطل أفضل قوى الإنسان التي يتميز بها على سائر المخلوقات وهي العقل والفكر وعند السعي لمعالجة هذه المشكلة لا بد من البحث عن أسبابها أولاً .

بعض أسباب الشرود الذهني :

1- وجود مشكلة ملحة خارج العمل، وقد تكون هذه المشكلة عائلية – مالية – معيشية – اجتماعية – عاطفية..الخ.

2- توقع حدوث أمر مخيف والانشغال به.

3- المعاناة من مشكلة صحية.

4- وقوع أمر يؤدي إلى الفرح الشديد.

5- التعود على العيش أسير الخيالات والأوهام غير الواقعية والتعلق بها.

6- أن يكون في محيط العمل وبيئته ما يشغل الفكر ويؤدى لعدم الارتياح، ومن أمثله ذلك: الترتيب غير المناسب والمزعج لمكان العمل، أو ضيق المكان، أو شدة الحر أو البرد في مكان العمل، أو شدة الضوضاء فيما حول مكان العمل، أو وجود روائح كريهة في مكان العمل، أو الشعور بالجوع أو الظمأ الشديدين، أو عدم الارتياح لعبض زملاء العمل ، أو كثرة الزوار لك أو لزملائك في العمل.

علاج مشكلة الشرود الذهني أثناء ممارسة عمل من الأعمال:

إن بناء القدرة على التركيز الذهني والعقلي يحتاج إألى تمرين هادىء وطويل لكنه صارم ودقيق كما يفعل الإنسان عند بناء وتقوية عضلاته بحيث يستطيع بعد ذلك تركيز قواه الذهنية وحصر تفكيره العقلي في أي وقت أراد ، وفي أي موضوع أيضاً.

إن التركيز الذهني هو تعريض الذهن زمناً كافياً لمؤثر أو جملة مؤثرات كي تنطبع عليه انطباعاً واضحاً على أن يغلق الإنسان ذهنه دون كافة المؤثرات الأخرى، والمؤثرات هي المعلومات التي يتم استيعابها من خلال إحدى الحواس الخمس: البصر ، السمع ، الذوق، الحس ، الشم. ثم يتم معالجتها على ضوء ما سبقها في الذهن من معلومات وخبرات وتجارب وما يؤمن به الإنسان من مبادىء وقيم.

وأعلم أن اكتساب صفة التركيز الذهني تعود على الإنسان بأعظم الفوائد في حياته، يقول أحد علماء النفس المشهورين : ليست العبقرية أكثر من تركيز الذهن. وقال آخر : إن حصر الاهتمام هو أول مقومات العبقرية.

ويقول ثالث : إن صب الاهتمام في العمل والمشكلة التي هي قيد البحث ثم نسيان الأمر بتاتأً بمجرد حسمه والوصول إلى قرار فيه بحيث تستعيد قوة تركيز ذهنك كاملة غير منقوصة من أهم أسباب النجاح في الحياة.

وإليك بعض الأفكار والخطوات التي تساعد على استبعاد الشرود الذهني ومن ثم بناء القدرة الذاتية عل التركيز وهي :

1- حاول استبعاد كل ما يشتت فكرك ويشغل ذهنك من الواقع المادي المحيط بك مما ورد ذكره في الأسباب قبل قليل.

2- عوِّد نفسك على أن تعيش لحظتك، وأن تحصر نفسك فيما أنت فيه فقط انس أو تناس كل ما عداه (من أصبح آمناً في سربه معافى في بدنه جمع له قوت يومه وليلته فكأنما جمعت له الدنيا بحذافيرها).

ما مضى فات والمؤمل غيب  * *  ولك الساعة التي أنت فيها

3- إذا كنت تشعر بالإجهاد فتوقف عن العمل بعض الوقت، وخذ لحظات من الاسترخاء في مكان جيد التهوية، وحبذا  لو استلقيت على ظهرك وأغمضت عينيك وأوقفت تفكيرك وأخذت نفساً عميقاً عدة مرات ثم عد لعملك بعد ذلك.

4- إذا كنت تشعر بالخمول فجدد التهوية في موقعك وتحرك قليلاً من مكانك ومارس بعض التمارين الرياضية الخفيفة لبضع دئقائق.

5- أعطِ نفسك قدراً كافياً من الراحة قبل بدء التفكير وممارسة العمل.

6- لا تبدأ التفكير في المسائل المهمة بعد تناول الطعام مباشرة ولا أثناء الجوع الشديد والظمأ المفرط.

7- بادر لعلاج ما تعاني منه من مشكلات صحية، وإذا كنت تعاني من شيء منها فلا تبالغ في أمره ولا تعطيه من تفكيرك أكبر من حجمه.

8- مارس تمرين تقوية التركيز الذهني، والذي يُمكن تلخيص خطواته في الآتي:

أ- قم بعملية حصر للقضايا التي تحتاج منك إلى تفكير ورتبها حسب أهميتها أو استعجالها واحتفظ بذلك مكتوباً في ورقة لديك.

ب- عندما تصبح معتدل المزاج مرتاح البال في مكان مريح بعيداً عن الضوضاء والإزعاج استخرج ورقتك وتناول أو قضية فيها بالتفكير.

ج- استعرض القضية الأولى من جميع جوانبها وركّز قواك الذهنية فيها وكأنك غائب عن كل ما عداها في الوجود لبضع دقائق وحاول الإجابة على الأسئلة الآتية عن القضية موضوع التفكير ( لماذا ، متى، أين ، كيف، من ، مع ) :

لماذا هذا العمل الذي أريد القيام به ؟ ومتى الوقت المناسب له ؟ وأين سيكون ؟ وكيف ينفذ ؟ من يقوم بالعمل ؟ مع من ؟.

د- حدد ما  توصلت إليه في نقاط مختصرة وسجل ذلك على الورق أول بأول.

هـ- ألف نظرة على ما كتبت ثم أغمض عينيك وحاول استذكار ما كتبت.

و- أعد عملية النظر والاستذكار عدة مرات على فترات زمنية مختلفة، وأضف ما قد تتوصل إليه من جديد إلى ما سبق وأن خلصت إليه.

ز- استخرج ما كتب بعد كل فترة زمنية انظر فيه وحاول إلقاءه على غيرك واطلب منهم تزويدك بملحوظاتهم إن كانوا قادرين على ذلك.

ح- انتقل إلى قضية أخرى وتعامل معها كما تعاملت مع غيرها.

أخيراً لا تنس أن تحول أفكارك إلى عمل.

9- تمارين أخرى لتقوية التركيز الذهني:

أ- اختر موضوعاً تحبه وأرغم نفسك على التفكير فيه وحده فقط لمدة ربع ساعة، وحاول يومياً على الأقل أن تحفظ فيه شيئاً جديداً ( آية – حديث – باب فقهي – ترجمة شخصية ..).

ب- قف كل يوم مرة أمام أحد رفوف مكتبتك فإن لم يوجد فأمام دولاب مطبخك فإن لم يوجد فأمام دولاب عرض بضائع في متجر قريب، ثم انظر إلى الأشياء واحدة بعد أخرى بتمعن وتدقيق وهدوء، ثم انصرف عن ذلك واكتب على ورقة موجودات الدولاب مرتبة، ثم ارجع إلى الدولاب وراجع ما كتبت على الواقع.

ج- انظر إلى شيء ما بضع دقائق ثم اصرف نظرك عنه ودع شخصاً آخر يوجه لك أسئلة عنه وأنت تتذكر وتجاوب.

د- عد الأرقام تنازلياً من 100 إلى واحد، وأحداً واحداً، هكذا : 100 ، 99 ، 98، … إلخ.

ثم عدها مرة أخرى اثنين اثنين، هكذا 100، 98، 96، 94 …إلخ.

ثم عدها مرة أخرى ثلاثة ثلاثة، هكذا : 1000، 97، 94، 91، …إلخ.

ثم عدها مرة أخرى أربعة أربعة ، هكذا : 100 ، 96 ، 92، 000 إلخ.

ثم عدها مرة أخرى خمسة خمسة ، هكذا : 100 ، 95 ، 90 ، …إلخ.

ثم عدها مرة أخرى ستة ستة ، هكذا : 100 ، 94 ، 88 ، … إلخ.

ثم عدها مرة أخرى سبعة سبعة،  هكذا : 100 ، 93، 86، … الخ.

ثم عدها مرة أخرى ثمانية ثمانية، هكذا : 100 ، 92 ، 84، …إلخ.

ثم عدها مرة أخرى تسعة تسعة، هكذا : 100، 91، 82، … إلخ.

وكرر هذا التمرين كل يوم مرة لمدة شهر على الأقل.

هـ- خذ ورقة ودوِّن عليها الأرقام من 1 إلى 10 هكذا :

1-

2-

3-

4-

5-

6-

7-

8-

9-

10-

ثم دوِّن أمام كل رقم أي كلمة تخطر ببالك ، ثم اختر أي حرف من حروف الهجاء واكتب أمام كل كلمة ما تستطيع من كلمات مرادفة للكلمة الأولى التي كتبتها أمام الرقم أو تتفرع عنها بشرط أن تبدأ بذلك الحرف الذي اخترته.

ثم انتقل إلى الرقم الآخر وقم بالعمل نفسه ولكن بشرط المحافظة على الحرف الذي اخترته، وهكذا حتى تنتهي من جميع الأرقام.

ثم كرر العملية بكلمات أخرى وحروف أخرى، وهكذا.

استعادة التوازن بعد ضغوط العمل:

إن للإنسان طاقات محدودة لا يستطيع أن يبذل أكثر منها ولا أن يتحمل فوق قدرته ولكن بعض الناس تحت إغراء كثرة الفرص المتاحة أو علو الهمة وزيادة الحيوية والنشاط يندفع للعمل فيحمِّل نفسه فوق طاقتها مما يؤدي إلى القلق والاضطراب وعدم الانتاج ويصبح كما ورد ( إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى).

وهذه المشكلة التي تواجه الكثير من الناشطين أصحاب الهمم العالية تحتاج إلى علاج، وللمساهمة في هذا إليك بعض الإشارات:

1- استكثر من التزود بالطاقة الإيمانية، فهي الوقود الذي يعبر به الإنسان رحلة الحياة بسلام، وكلما زاد إيمانه كلما زادت طاقته وتحمله وإمكاناته، ووسائل زيادة الإيمان ورفع مستواه ليس هذا محل تفصيلها لكن القاعدة العامة أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

2- لا تلزم نفسك بما لا تطيق ، وراع في برنامجك وقتك وإمكاناتك وظروفك وإلاّ فقد حكمت بالفشل على عملك والقلق والشقاء على نفسك.

3- احرص أن تبني برنامجك حسب الأولويات فتهتم بالضروري وما لا يُمكن تأجيله وتؤخرها ما دون ذلك؛ لأن الحياة المعاصرة فيها من التشعب وكثرة الأعمال ما يجعل الإنسان في دوامة لا يعلم ما الذي يبدأ به، وما الذي يؤجل لكن إذا جعلت معيارك تقديم الأهم أو الأنفع أو الأعجل حسب الظروف أمكنك أن تختار بين هذه الأعمال على أسس موضوعية.

4- عليك بتنويع الأعمال التي تضمنها برنامجك والتي ستمارسها؛ لأن البقاء على عمل واحد دائماً يصيب النفس بالملل ولخمول والرتابة، ومن ثم يثقل العمل على النفس ويستكثر وإن لم يكن كثيراً.

5- عند تقييمك لعملك احرص على أن يكون التقييم موضوعياً بمعنى ألا تقع فميا يقع فيه بعض أصحاب الطموحات المبالغ فيها من النظر فقط للإخفاقات وتناسي الإنجازات وعدم رؤيتها أو تذكرها إلا أثناء تحقيقها ثم نسيانها بعد ذلك ؛ إذ في ذلك جحود لنعم الله عليك والاستمرار في هذا المسلك يؤدي إلى الشهور بالإحباط والقلق والفقر الدائم الذي لا يزيله من النفس شيء.

6- لا تنسى ان تعطي نفسك حقها عليك، وأن تجعل ذلك جزءاً من برنامجك لا يمُكن إلغاؤه لحساب غيره من الأعمال الأخرى، ويتمثل هذا الحق في إجازات دورية تجمّ فيها النفس وتريحها من عناء العمل وفترات للاسترخاء وممارسة بعض الهوايات المباحة والعناية بتغذية جسمك وعلاجه مما قد ينوبه من أمراض ؛ لأن النفوس كالمطايا إذا حمَّلت بدون إطعامها وسقيها والعناية بها كلت وضعفت وسقطت، وحبذا لو أعطيت نفسك جائزة ومكافأة على كل إنجاز أو نجاح يمن الله به عليك ويجريه على يديك، ولتكن هذه الجائزة إجازة أو هدية أو أشباه ذلك.

كيف تكتسب الثقة في نفسك ؟

إن الثقة بالنفس هي طريق النجاح في الحياة، وإن الوقوع تحت وطأة الشعور بالسلبية والتردد وعدم الاطمئنان للإمكانات هو بداية الفضل وكثير من الطاقات أهدرت وضاعت بسبب عدم إدراك أصحابها لما يتمتعون به من إمكانات أنعم الله بها عليهم لو استغلوها لاستطاعوا بها أن يفعلوا الكثير.

وإليك بعض الخطوات التي يُمكن بها التخلص من كثير من الأفكار والمشاعر السلبية في حياتك، سواء كانت في الفكر أو السلوك أو الأخلاق أو العادات أو الكلمات أو غيرها ؛ لترفعها من على كاهلك وتحرر نفسك من وطأتها وتنطلق بالنفس نحو الحياة بثقة أكبر وآمال مشرقة أوسع.

1- حدد – بتجرد وبلا مبالغة – أهم الأفكار والصفات السلبية في حياتك.

2- أفراد كل فكرة أو صفة على حدة.

3- فكّر فيها تفكيراً منطقياً تحليلياً يؤدي إلى معرفتها وذلك بمعرفة أسبابها وحقيقتها وهل هي واقع حقيقي فعلاً أو وهم وخيال.

4- إن كانت من الأوهام فحرر نفسك منها وإن كانت واقعاً حقيقياً فتخلص من أسبابها وقلصها إلى أدنى قدر ممكن، وأعلم أن الصفة كلما كانت أكثر رسوخاً في حياتك كلما كانت استبعادها يحتاج لجهد أكبر وزمن أطول.

5- اربط ذهنك وفكرك بشكل مركز – وليكن في لحظات صفاء وبعد عن الشواغل والقلق – بموقف إيجابي مهمّ في حياتك مستعيداً كل تفاصيله من صوت وصورة ومشاعر وأجواء محيطة، فإذا بلغت الذورة من النشاط الذهني والارتياح النفسي والانشراح القلبي وغبت عن واقعك أو كدت فحرك شيئاً من جوارحك حركة معينة متميزة تماماً كأن تكبر أو تسبح أو تهلل مشيراً مع ذلك بأصبعك إشارة خاصة، وليكن هذا الموقف مثلاً خبر نجاحك أو يوم زواجك أو ليلة قمتها لله أو سماعك خبراً ساراً للمسلمين أو أول يوم رأيت فيه أحد الحرمين أو نحو ذلك.

6- كرر ذلك مرات ومرات حتى يرتبط هذا الموقف الإيجابي بكل مشاعره وتداعياته النفسية والشعورية بهذه الحركة آلياً فبمجرد صدور هذه الحركة منك تنتقل آلياً إلى تلك الحالة النفسية الإيجابية العالية، وإن لم تتذكر الموقف المادي الذي كان سبباً لها.

7- إذا وردت عليك أي من تلك المشاعر أو الأفكار السلبية في أي موقف فما عليك إلاّ أن تغمض عينيك قليلاً وتخرج من تلك الأفكار ثم تتخيل أمامك لوحة كتب عليها بخط بارز ولون صارخ كلمة (قف)!.

تأمل هذه الكلمة بعض الوقت وكرر النظر فيها مرة بعد أخرى حتى كأنك لم تعد ترى غيرها.

8- تجاوزها بنظرك متخيلاً وراءها حدائق غناء وأنهاراً جارية وطيوراً مغردة ونسيماً من الهواء عليلاً وتمتع به قليلاً كل ذلك وأنت مغمض لعينيك.

9- انتقل إلى المثير الإيجابي وحرك الجارحة التي أصبحت مفتاحاً له كما في الفقرة رقم (5) واستغرق فيه قليلاً حتى تتبدل حالتك النفسية وتختفي مشاعرك السلبية تماماً.

10- عد للتفكير فيما كنت فيه من شأن ومن عمل.

11- إذا عادت الأفكار السلبية للإلحاح مرة أخرى فتوقف عن العمل تماماً في هذه اللحظات، وعش فقط في ذكريات الحالة الإيجابية.

12- لا تنس اللجوء إلى الله ابتداءاً ونهاية ؛ لأنه هو الذي أضحك وأبكى، فبالتوبة والاستغفار ودوام ذكر الله تحيا القلوب.

***

كيفية صنع القرارات

إن من أهم أسباب النجاح في الحياة إجادة صنع القرارات واتخاذها في الوقت المناسب في أي جانب من جوانب الحياة المختلفة، سواء في تعاملك مع نفسك أو في تعاملك مع غيرك وكثير من الناس يعملون، ويجتهدون ثم في لحظة حاسمة من مراحل عملهم يحتاجون لقرار صائب حاسم لكنهم بترددهم وعدم إقدامهم على اتخاذ ذلك القرار أو بسبب عدم معرفتهم وتأهلهم لاتخاذ القرار يضيعون عملهم السابق كله وربما ضاعت منهم فرص لن تتكرر لهم مرة أخرى.

وهناك عدد من الخطوات التي يسلكها الإنسان ليصل إلى صنع القرار ، وهي :

1- جمع المعلومات الكاملة والصحيحة عن الموضوع الذي يحتاج إلى اتخاذ قرار فيه، إذ أن محاولة اتخاذ القرار مع نقص المعلومات عنه أو مع عدم صحتها سيؤدي إلى اتخاذ قرار خاطيء وبالتالي ستكون النتائج سيئة وغير صحيحة.

فمثلاً طالب نجح من الثانوية وله رغبة في التسجيل في قسم من أقسام الجامعة ولكنه محتار في أي الأقسام يسجل فالواجب عليه أن يجمع المعلومات اللازمة عن كل قسم من حيث عدد الساعات فيه ونظام الدارةس والمواد والمناهج التي تدرس في والأعمال التي يُمكن أن يمارسها المتخرج من كل قسم وشروط القبول في كل قسم.

2- حصر وتحديد الخيارات الممكنة والمتاحة بناءً على المعلومات المتوافرة عن الموضوع ، ففي المثال السابق نفترض أن الأقسام المتاحة للطالب خمسة أقسام، وبعد جمع المعلومات عن الأقسام المختلفة استقر أمامه ثلاثة خيارات هي التي تصلح ويجد في نفسه استعداد للدراسة فيها ويتوقع أن يحقق نجاحاً في الأعمال الخاصة بها بعد التخرج وإن كانت شروط القبول في قسمين آخرين متوفرة فيه.

3- ترجيح الأفضل من الخيارات الممكنة والمتاحة، فمثلاً في المثال السابق تبين أن الخيارات الممكنة هي ثلاثة أقسام لا غير ولكنه بالترجيح بينها ترجح لديه أحد الأقسام إما لطبيعة الدراسة فيه وإما لمدتها وإما لنوعية العلم الذي يمارسه بعد التخرج وإما لهذه الأمور مجتمعة جمعيها، وبالتالي استقر رأيه أن يسجل في قسم كذا.

4- إذا احتار في الترجيح ولم يظهر له أولوية لأحد الخيارات، فعليه بالاستخارة الشرعية ثم الاستشارة لأهل الخبرة في ذلك.

5- تنفيذ القرار : بعد الخطوات السابقة يكون الإنسان قد اتخذ قراره وحدد خياره ولم يبق عليه إلاّ تنفيذ القرار وهو ثمرة لكل ما سبق وبدونه لا يُمكن أن يكون لها قيمة والتنفيذ قد يكون ممن اتخذ القرار، وقد يكون من اختصاص أو صلاحيات شخص أو جهة أخرى كما أن جمع المعلومات ودراسة الخيارات قد يكون من جهة اتخاذ القرار وقد يكون من جهة استشارية أخرى توفر كل ذلك لمن يريد أن يتخذ القرار.

وفي مثالنا السابق تنفيذ القرار هو إجراءات التسجيل في القسم الذي وقع عليه الاختيار، وذلك بمعرفة مواعيد التسجيل والأوراق المطلوبة والاختبارات والمقابلات التي لا بد من اجتيازها والجهة التي يتم التقديم لها ومكانها وتنفيذ ذلك أولاً بأول ومتابعته حتى يتم التسجيل، ويبدأ الطالب الدراسة في القسم الذي وقع عليه اختياره.

***

وقفات مع الفكر والتفكير

إن القدرة على التفكير من خصائص الإنسان التي كرّمه الله بها، فإذا أحسن الإنسان استخدام هذه الصفة ارتقى في سلم النجاح، وإذا عطل الفكر كان ذلك من أهم أسباب الفشل في الحياة، بل يمكنك أن تقول: إذا خلت الحياة من التفكير خلت من النجاح.

(والتفكير هو عملية معالجة للمعلومات، فهناك كم كبير من الصور والأصوات والإحساس من الخارج عن طريق الحواس ومن الداخل من الذاكرة. والتفكير هو عملية تصنيف ومقارنة وتقييم لهذه المعلومات على ضوء منظومة الإيمان والاعتقاد والقيم … وبالتالي صياغة استراتيجية ينتج عنها تعبير لغوي أو سلوكي كما ينتج عنها تأثيرات فسيولوجية في العضلات والتنفس ولو البشرة وتعبيرات الوجه..).

يقول الانجليزي برناردشو: إن بعض الناس يفكر في العام مرتين أو ثلاثاً فقط.

وللفكر صفات محمودة وصفات مذمومة ولكي يحاول الإنسان أن يخلص تفكيره من الصفات المذمومة ويتحلى بالصفات الايجابية النافعة أذكر لك أهم أنواع الفكر سواء كان سلبياً أم إيجابياً.

أنواع التفكير:

1- التفكير التوليدي : وه والفكر الذي يبدع ويضيف للحياة جديداً أي الذي يولد المشاريع الناجحة والحلول الجيدة والقرارات الصائبة القادر على استخراج الذهب من التراب واللؤلؤ من أعماق البحار، ويُمكن أن نسميه الفكر الاجتهادي.

2- التفكير النقدي : وهو القادر على رؤية النقص والأخطاء والعيوب في أي عمل قائم وإن لم يكن قادراً على إيجاد البدائل المناسبة لما ينقده.

3- التفكير الاستيعابي: وهو الفكر القادر على استيعاب ما يبدعه الآخرون وإن لم يكن قادراً على الإبداع والتجديد والإضافة والعطاء، ويُمكن أن نسميه الفكر المقلد.

4- التفكير الغامض: وهو التفكير المشوش العاجز عن إدراك العلاقات بين الأشياء وحجم كل شيء في الموضوع الذي يفكر فيه ويعجز أيضاً عن التعبير عما يدور في نفسه من أفكار بصورة واضحة.

5- التفكير المتشكك : وهو تفكير المؤامرة الذي يتشكك في كل عمل وفي كل شخص ويعتقد أن وراء كل شيء مؤامرة، وأنه المقصود من وراء كل مؤامرة ، وأنه لا جدوى من أي عمل ولا فائدة من أي محاولة.

6- التفكير المبالغ: وهو التفكير الذي يعطي كل شيء أضعاف حجمه الحقيقي سواء كان ساراً أو ضاراً أي يصوّر لك أن الحبة قبه كما يقال ، فعند سماعك له تذهل من ضخامة الأمر وهوله الذي سيكون له من الآثار الشيء الكثير وعند مباشرتك للأمر ورؤيتك له تجد الأمر عادياً وأقل من العادي.

7- التفكير السطحي: وهو التفكير الذي يكتفي بظواهر الأشياء، ولا ينفذ إلى معرفة حقائقها وجوهرها كمن يحكم على الإنسان بملابسه أو بسيارته دون أن يعرف حقيقة تفكيره وأخلاقه وسلوكه وثقافته وتعامله وغير ذلك مما به يتفاوت قدر الناس.

8- التفكير الادعائي : وهو التفكير الذي يدعي صاحبه أنه فعل وفعل مما لم يفعله لكنه مع كثرة التمادي في الدعاوي الفارغة والبطولات الخيالية يصدق نفسه في النهاية فما يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ، وما يزال يكذب ويكذب حتى يصدّق نفسه.

وأكثر من يقع في حبائل هذا التفكير الوبائي هم الفارغون الذين لا يعملون فيخدعون أنفسهم ويرضونها بالدعاوى العريضة الفارغة ويكتفون بذلك.

9- التفكير التحليلي السببي : وهو التفكير المتمعن الذي يميل صاحبه إلى البحث عن أسباب كل حادث ومقدماته ونتائجه ومقاصد القائمين عليه وما هو الموقف المناسب حيال هذا الحادث وما هو دوره هو فيه.

10- التفكير التبريري القدري : وهو التفكير الذي يبادر صاحبه إلى إخلاء نفسه من أي مسئولية حيال أي أمر يقع ويقلى بتبعة ذلك على الأقدار ويبرر كل تصرف منه مهما كانت نتائجه.

11- التفكير الجزئي : وهو التفكير الذي ينظر صاحبه إلى الحدث مبتوراً من سياقه ومنفصلاً عن قاعدته الكلية العامة الذي هو في الحقيقة جزء منها.

12- التفكير الكلي التجميعي : وهو التفكير الذي يهتم بالنظر في الأمور الكلية العامة غير ملتفت إلى التفاصيل والجزئيات في الأشياء والأحداث.

ماهو التفكير المثالي ؟

بعد هذا الاستعراض السريع لبعض أنواع التفكير مع عدم التوسع في ذكرها، وفي ضرب الأمثلة لها أشير إلى ما يمكن أن نسميه التفكير المثالي مستنبطاً ذلك من الأنواع السابقة.

فالتفكير المثالي: هو التفكير التوليدي النقدي الاستيعابي السببي الكلي التمعن مع ملاحظة أن كل شيء بقدر ، وأن هذا لا ينفي البحث عن الأسباب ، فالله هو خالق الأسباب والمسببات.

خصائص الفكر المثالي:

والمرء القادر على التفكير المثالي له خصائص يتميز بها عن غيره، وهذه الخصائص هي:

1- الرؤية النافذة لحقائق الأشياء وجوهرها وعدم الاكتفاء بالنظرة السطحية للأمور.

2- الصدق والجد والمثابرة في التفكير والاستغراق في ذلك بعمق حتى يصل الإنسان إلى الصورة المثالية التي ذكرها قبل قليل.

3- الاستقلال عن التقليد للآخرين لمجرد ذلك حيث أن البعض يكوِّن تفكيره آخر كلام سمعه أو آخر كتاب طالعه؛ ولذلك تجده ينتقل من الفكر إلى نقيضه فهو كالإسفنجة التي تتشرب أي سائل توضع فيه.

4- المزاوجة بين العالم الخارجي من حولك والذي سيكون موضوع تفكيرك من خلال ما تتلمسه بأحاسيسك وبين مشاعرك الداخلية وخبراتك وتجاربك ومعلوماتك السابقة وليكن هذا المزج والتزواج بتوازن.

5- التميز والوضوح في اللفظ الذي يعبر عن هذه الرؤية إذا أن الفكر الناضج ما لم يعبر عنه بلغة بليغة فصيحة بينه ويبقى كالدرة المدفونة في التراب بل إن دقة ووضوح التعبير دليل على دقة ووضوح التفكير.

6- التقويم للمشاعر والانفعالات وعدم الانسياق وراءها دائماً ؛ إذ قد تكون مضللة وخاطئة وغير صائبة، فمثلاً رجل رأى سائقاً يتوقف في الطريق وينزل من سيارته ويحمل طفلاً والدماء تنزف منه وحين تأمل الرجل في الطفل عرف أنه ابنه فانهال على السائق ضرباً ظاناً أنه آذى ابنه بالسيارة، بينما الحقيقة أن الذي آذاه سائق آخر فرَّ وتركه ينزف في الطريق فهرع هذا السائق لإنقاذه.

 
عوامل تحديد تصورنا للشيء :
هناك عدد من العوامل الفطرية أو الكسبية والذاتية أو الخارجية التي تؤثر في تحديد ومقدار تصور الشيء الذي هو موضوع التفكير، وأهم هذه العوامل هي:

1- العقل وقدراته، والناس يتفاوتون تفاوتأً كبيراً في قدراتهم العقلية إما بسبب التفاوت في أصل الخلقة وإما بسبب التفاوت في إعداد العقل وصقله وتنمية قدراته، فمن الناس المتوقد الذهن الألمعي الفكر الثاقب النظر الذي يدرك الأمر على حقيقته لأدنى إشارة، ومنهم البليد الذي لا يفهم الحقائق الواضحة البينة وبينهما درجات متفاوته.

2-  الحواس ومدى قدرتها وسلامتها ؛ إذ إن الحواس هي الواسطة بين العقل والشيء موضوع التفكير فما لم تكن الحواس سليمة فسيكون نقلها غير صحيح، وبالتالي سيكون التصور للشيء تصوراً مغلوطاً أو ناقصاً والناس يتفاوتون في مدى صحة وسلامة وقدرة حواسهم ويتفاوت تبعاً لذلك صحة تصورهم للشيء.

3- الثروة اللغوية المختزنة والتي يعبر بها عن الشيء ويُمكن بها وصف وتحديد الشيء فكلما اتسعت الثروة اللغوية المختزنة كلما كانت قدرة المرء على تصور الشيء وتحديده أكبر.

4- المعتقدات والقيم الموجودة لدى المرء الذي يقوم بالتفكير والتصور، وهذه المعتقدات تشمل الإيمان بالغيب، والانتماء والهوية والإيمان بما حول المرء من أشياء وحقيقتها والإيمان بإمكانات الإنسان وقدراته وحقيقة دوره ووظيفته.

5- واقع الشيء ذاته الذي هو موضوع التفكير والذي يراد الوصول إلى تصوره وتحديده، وهذا الواقع كلما كان العلم به أعمق وأشمل وأدق كلما كان التصور أكثر صحة.

معوقات التفكير:

1- العيش في الخيالات والأوهام والأحلام الفارغة والتعامي عن حقائق الواقع، والخيال مفيد إذا كان بقدر ما يسعى الإنسان إليه من تطوير للواقع وإبداع وتجديد في حدود الممكن أما إذا حلق بصاحبه في أجواء المستحيلات وعاش في ظلاله فقط معرضاً عن العمل فهو الداء القائل للفكر والمرض الفاتك بالعقل.

2- الاستسلام للعجز وظن عدم القدرة على فعل شيء ، فيعطل الإنسان حينئذٍ فكره وعقله طائعاً مختاراً ولن يظفر منك عدوك بمثل هذه الهدية التي تقدمها للشيطان مجاناً.

3- التردد والاضطراب عند تعارض الأفكار وتعدد الخيارات وعدم القدرة على الحسم والاختيار حتى تفوت جميع الفرص وتتلاشى شتى الخيارات.

4- االمحاكاة والتقليد للآخرين في كل عمل يأتيه الإنسان وتعويد النفس على الكسل والخمول والتخوف والتهيب من التجديد والاستقلال في الفكر.

5- المعاشرة والمصاحبة لأهل البطالة واللهو ممن يتصفون بأي من الصفات السابقة ؛ لأن الإنسان إذ صحب النابهين المبدعين قبس من أنوارهم كما أنه إذا صحب الخاملين تأثر بخمولهم.

6- إشغال العقل والفكر بما لم يخلق له وما ليس في مقدوره فكما أن عدم التفكير للعقل وجحد للنعمة فكذلك محاولة إشغاله بما ليس من اختصاصه تحميل له بما لا يطيق كمثل محاولة العلم بما اختص الله به من علم الغيب في الآخرة والأقدار وكيفيات صفات الله سبحانه وتعالى.

7- الفراغ وعدم إشغال النفس بالعمل النافع المفيد؛ لأن الفكر جوَّال لا يُمكن أن يهدأ ويسكن فإن لم تشغله بالحق شغلك بالباطل.

8- عدم القناعة بالعمل الذي تمارسه وتشغل نفسك بالتفكير فيه بل تؤديه إما اضطراراً وإما تصنعاً للناس ورياءً فيكره الفكر على التفكير في الأمر مع عدم القناعة به فلا يتعمق فيه ولكن يكتفي بما به يتحقق الحد الأدنى من العمل في صورته التقليدية البسيطة النمطية بعيداً عن أي إبداع أو تجديد أو ابتكار.

9- التواكل الطفيلي بمعنى أن يعوّد الإنسان نفسه على أن يفكر الآخرون نيابة عن حتى في أخص أموره فيصاب بالترهل الفكري والجمود العقلي ويصبح كالنبات الطفيلي الذي يعيش على أغصان شجرة أخرى، وبمجرد أن يذبل ذلك الغصن أو يقطع تنتهي حياة ذلك النبات الطفيلي، وهذا شيء والمشاورة والاستفادة الإيجابية من الآخرين شيء آخر.

10- بلادة الحواس ؛ لأن بوابات الفكر ومنافذ العقل هي الحواس من سمع وبصر وذوق وحس وشمّ.

فإذا عوَّد الإنسان حواسه على دقة الملاحظة وسرعة الاستجابة نشطت للعمل وكانت نعم العون للتفكير، وإذا عوَّدها على الخمول والكسل تعطلت عن أداء وظائفها وأصبح حال صاحبها كما قال الله تعالى: ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ).

11- الابتلاء بالجدل المذموم والمراء ؛ لأنه يدفع صاحبه إلى المماحكة بالباطل ويثير البغضاء والشحناء ولعاً بالغلبة ويشيع الاختلاف بدل الائتلاف، وكل هذا مشغله للنفس ومشوش على الفكر وصارف له عن الإبداع والعطاء.

***

الذاكرة والقراءة

رُبَّمَا كان دماغ الإنسان أعجب وأعقد جهاز عُرف حتى الآن بما فيه من أقسام مختلفة سواء في مراكز الإبصار والسمع والحس والشك والذوق ، أو مراكز اللغة والحركة والاختزان للمعلومات والتوجيه للمشاعر والحفاظ على التوازن في كل ذلك .

والذاكرة تختزن المعلومات في الدماغ بعد تمريرها من خلال إحدى الحواس الخمس إلى مراكز الذاكرة ، وكلما كانت الحواس التي من خلالها تم استيعاب المعلومات أكثر كلما كان إمكانية الاحتفاظ بالمعلومة أكبر ، وأكثر الحواس ترسيخاً للمعلومات في الذاكرة هي حاسة الإبصار ، ولذلك إذا كانت وسيلة حفظ المعلومة حاسة أخرى غير الإبصار ، فحاول أن تقرن المعلومة المسموعة أو المتذوقة أو المشمومة بصورة مرئية .

وأعطِ نفسك وقتاً كافياً لاستيعاب الصورة بكل تفاصيلها من خلال التدقيق والتركيز والحرص .

وصقل الذاكرة وتقويتها أو إضعافها له أسباب خلقية تكوينية إمَّا وراثية وإمَّا بسبب صحة الأم أثناء الحمل وتغذيتها وما قد تتناوله من أدوية أو تستنشقه من غازات ، وله أسباب كسبية مثل تغذية المرء نفسه وتهوية المكان الذي يقيم ويمارس عملية التفكير والحفظ والاستذكار فيه ومثل التمارين التي سبق الحديث عنها في مبحث التركيز الذهني .

والقراءة لها الشأن الأكبر في اكتساب العلوم والمعارف والثقافات بل هي الوسيلة التقليدية لذلك والتي لا يعرف كثير من الناس غيرها ، وكلما طور الإنسان من طريقته وأساليبه في القراءة والتعامل مع الحرف كانت استفادته من ذلك أكبر .

والإنسان القارئ الذي يجعل القراءة جزءاً من حياته وتصبح هواية ملازمة له هو الذي يستطيع بعد فترة وجيزة من حياته أن يتميز على أقرانه في تفكيره وأسلوب تعامله مع الحياة بل وفي نظر الآخرين أيضاً ، وبإدمان القراءة سيصبح تناول الكتاب بالنسبة لك ليس وسيلة للعلم والمعرفة والثقافة والتجول في الكون فحسب بل سيصبح أيضاً متعة وترويحاً ونزهة لايدانيها شيء آخر على الإطلاق .

ولنزى كم من المعلومات يُمكنك استيعابها والحصول عليها بالقراءة ، إليك بعض هذه الأرقام :

يستطيع الإنسان أن يقرأ في الدقيقة (500) كلمة علماً أن البعض يستطيع أن يقرأ إلى حدود (900) كلمة لكن هذا نادر .

وأل (500) كلمة تساوي صفحتين من كتاب متوسط الحجم ، أي أن الإنسان يستطيع في ساعة من الزمن أن يقرأ مقدار 120 صفحة ، فإذا كان الكتاب المتوسط يبلغ 400 صفحة ، فهذا يعني أنك تحتاج إلى ثلاث ساعات وعشرين دقيقة لقراءته .

ولنفترض أنك تحتاج إلى أربع ساعات لقراءته فلو أعطيت كل يوم ساعة للقراءة لقرأت في كل أربعة أيام كتاباً أي في السنة يُمكنك أن تقرأ حوالي تسعين كتاباً .

وتأمل أي أثر سيكون في حياتك إذا قرأت في كل عام تسعة كتب مختارة فضلاً عن تسعين كتاباً ، كم يا ترى من الأوقات الثمينة تضيع مناً في اللهو والعبث والضياع ولا ندرك مقدار الخسارة فيها إلاً إذا غربت شمس الحياة وأذنت بالمغيب .

وأفضل أحوال القراءة هو أن تقرأ قراءة صامتة متمعنة في جو هادئ وارتياح نفسي ، وألا يكون بعد الأكل حتى الشبع مباشرة أو أثناء الشعور بالجوع الشديد ، وأن تكون الإضاءة والتهوية والحرارة والبرودة جيدة ومناسبة، وأن تكون الجلسة مريحة ومعتدلة، وحبذا أن يكون في يد القارئ قلم يخط به بعض الخطوط تحت العبارات المهمة ويكتب به بعض العناوين ويرقم به بعض الأرقام ويلخص بعض الأفكار وكذلك اختيار الوقت المناسب بعد النوم الكافي.

*******************************

صحتك

إن نفسك أمانة لديك والمحافظة عليها واجب عليك سواء في ذلك صحة الروح من الشبهات والجفاف الإيماني أو صحة العقل من الخرافات والأساطير أو صحة البدن من الأمراض والأوبئة والمحافظة على قوته وحيويته ، والمحاور التي يُمكن الحديث عن صحة البدن من خلالها هي :

قواعد عامة للصحة .

الغذاء .

النوم .

الرياضة .

قواعد عامة للصحة :

1. وثق علاقتك بالله وأنزل حاجتك به وحافظ على الأذكار المشروعة في الصباح والمساء والنوم والاستيقاظ وأمثال ذلك .

2. حذار من الإسراف ، فهو داء قاتل ، ولتعلم أن السمنة هي العدو اللدود لبدنك .

3. إذا شكوت من مرض فعالجه قبل استفحاله ، وإذا أمكن المعالجة والتداوي بالأشياء الطبيعية فلا تلجأ للكيماويات .

4. تجنب تعاطي المسكنات والمهدئات إلاَّ لحاجة ملحة .

5. التدخين هلاك محقق ، فما ظنك بالمخدرات أو المسكرات .

6. كن في سكن جيد التهوية ونظيفاً .

7. النظافة في كل شيء من أسباب السعادة في الحياة .

8. حافظ على التطعيمات والتحصينات الدورية .

9. احذر من وسوسة بعض الأطباء، ورُبَّما تكون أفضل الأطباء لعلاج نفسك أحياناً .

10. ليس هنا علاج سحري لكل مرض، وعليه فلابد من التكيف مع بعض الآلام .

11. احتسب كل ما يصيبك عند ربك لعل المرض مطهر لك من الذنوب .

الغذاء :

﴿ فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً *وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً *مَتَاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾.

قواعد ذهبية في التغذية والغذاء :

1. العقلاء يأكلون ليعيشوا ويعيشون لأهداف سامية ( الطعام لديهم وسيلة ) والشهوانيون يعيشون ليأكلوا فقط .

2. لا تأكل حتى تجوع ، فإدخال الطعام على الطعام داء قاتل .

3. نوِّع طعامك واجعل أكثره نباتياً وبخاصة من الفواكه والخضروات الطازجة ، وقلل من اللحوم والدهون ، وحبذا لو جعلت تناولك للحوم في الأسبوع مرة أو مرتين فقط .

4. ابتعد عن تناول المصنعات والمعلبات والمحفوظات قدر المستطاع .

5. لا تملأ بطنك ، نصيحة لم يجمع الأطباء على مثلها عبر العصور .

6. لا تتهاون في نظافة طعامك ، فالطعام الملوث سُمٌّ لا غذاء .

7. لا تأكل بين الوجبات ما لم يأمرك بذلك الطبيب .

8. أكثر من شرب الماء وتأكد من أنه نقي ، وحبذا لو عوَّدت نفسك على عدم الشرب أثناء الأكل وبعده مباشرة .

9. احذر من الإفراط في استعمال الملح والسكريات المصنعة فلذلك عواقب وخيمة على الصحة إذا تقدم العمر .

10. حبذا لو تركت شرب الشاء والقهوة والمشروبات الغازية أو قللت منها قدر الإمكان واستبدلت مكانها الماء النقي والعصيرات الطازجة .

11. كل بيمينك بعد غسلها وسمِّ الله ولا تأكل أو تشرب واقفاً لغير حاجة ، وبعد الفراغ نظف فمك ويديك واحمد الله .

النوم :

قال تعالى : ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ .

النوم أحد الأسرار الإلهية العجيبة التي أودعها الله في خلقه ، والتي لا يستغني عنها الإنسان بحال من الأحوال ، فبعد أن يبلغ التعب بالإنسان غايته والجهد مداه يتغشاه النوم ثم يستيقظ فإذا بحيويته قد تجددت ونشاطه ونظارته قد عادت والناس في تعاملهم مع النوم أصناف شتى .

وسأحاول في هذه الأسطر القليلة أن أشير إلى بعض القواعد المثلى في التعامل مع قضية النوم ليؤدي لك وظيفته ولا يكن وسيلة تعويق وتثبيط لك عن أداء ما أوجب الله عليك نحو ربك ونحو نفسك ونحو الحياة عموماً .

وإليك هذه القواعد :

1. لا تنس حق جسمك من الراحة مهما كانت الظروف ، فإن المنّبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى ، فتحميل النفس ما لا تطيق من السهر تدمير لطاقتها وتعويق لعملها .

2. أفضل قاعدة في التعامل مع النوم عرفها الإنسان هي: نم مبكراً واستيقظ مبكراً.

3. لقد ثبت علمياً أن أفضل أوقات النوم ما كان بعد صلاة العشاء ، وأن الساعة من النوم في أول الليل تعادل ساعتين من آخره ولا يقوم مقامها ساعات من نوم النهار .

4. لا تنم بعد الأكل مباشرة . بل اجعل بينهما فترة من الاسترخاء .

5. أسوأ أوقات النوم ما كان في أول النهار أو بين العصر والمغرب ، ولكل قاعدة استثناء كما يقال .

6. لا تكن من الذين يقضون أغلب حياتهم في الفراش بل اذهب إلى الفراش عند الحاجة إلى النوم وغادره عند عدم الحاجة إليه .

7. لا تعود نفسك على عادات مستحكمة عند النوم مثل طبيعة الفراش ومقدار الضوء وعدم الإزعاج ، بل حاول أن تُكْسِب نفسك القدرة على النوم في أيّ ظرف .

8. يستطيع الإنسان أن يتعود على الاكتفاء بقدر قليل من النوم بالتدرج في ذلك .

9. لا تنس دعاء النوم والاستيقاظ ودوام ذكر الله كلما صحوت من نومك .

الرياضة :

إن من أفضل وسائل حفظ حيوية الجسد وقدرته على القيام بأعباء الحياة بالإضافة للتغذية الجيدة والنوم الكافي ممارسة الرياضة باعتدال وبالقدر الكافي .

والرياضة المعتدلة التي يمارسها الإنسان باعتبارها وسيلة من وسائل الحفاظ على قوة بدنه وصحته لا باعتبارها غاية وجود له في الحياة ، عليها يوالي ومن أجلها يعادي ، ويجعل كل شيء في الحياة من أجلها ، وهذه بعض التوجيهات العامة في التعامل مع الرياضة :

1. اجعل الرياضة جزءاً من برنامجك الذي لا تنساه في جميع أحوالك وأقل ذلك المشي والسباحة .

2. لا تدمن الرياضة فتصبح غاية لك لا وسيلة وتترك من أجلها حينئذٍ مسئولياتك تجاه ربك وعملك وعائلتك وتسبب لك إشكالات مع الآخرين .

3. استشر أخصائياً في تحديد تمارين منوعة لجميع الجسد شريطة أن تكون سهلة ولا تأخذ منك وقتاً ثم حافظ عليها في سفرك وحضرك .

4. لا تتردد في السباحة إذا تهيئت لك ، فهي من أفضل وأمتع الرياضات .

5. احذر من التمارين الخطرة والعفيفة ، فقد تؤذيك وتأثم بسببها .

6. لا تمارس الرياضة بعد الأكل مباشرة حين تشكو من شدة الجوع .

7. لا تنس مراقبة الله في أقوالك وأفعالك وأنت تمارس الرياضة .

أنت والآخرون

نحو علاقات أفضل واتصال أكمل

التواصل مع الآخرين والتأثير فيهم

كلمة الاتصال مصطلح شاع لدى الإداريين والاجتماعيين وكثر استعماله والعناية به وتوسع أهل العصر في الدراسات التي تعتني به وتتحدث عنه .

والمراد به : سلوك أفضل السبل والوسائل لنقل المعلومات والمعاني والأحاسيس والآراء إلى أشخاص آخرين والتأثير في أفكارهم وتوجهاتهم وإقناعهم بما تريد سواء كان ذلك بطريقة لغوية أو غير لغوية .

والاتصال له ثلاثة عناصر رئيسة هي :

1. المرسل .

2. المستقبل .

3. الرسالة .

وحتى تكون عملية الاتصال ناجحة ومؤثرة لابد من توافر شروط النجاح في كل عنصر من هذه العناصر الثلاثة .

مراحل الاتصال :

للاتصال مراحل لابد من المرور بها ليتحقق النجاح في عملية الاتصال والتأثير ، وهذه المراحل تتخلص في الخطوات الآتية :

1. وجود رغبة ومثير وحافز لدى المرسل الذي هو مصدر الرسالة ، وهذا يستدعي أن يكون له هدف واضح ، وأن يكون هذا الهدف مرغوباً فيه وإلا لكانت عملية الاتصال باهتة ، وعليه فلابد من أن يكون المرسل مؤمناً بهدفه بقوة قد خالط لحمه ودمه ، فتكلم عنه قلبه قبل لسانه وعبر عنه كل ذرة في كيانه ، وكلما كان الإيمان بالهدف أشد كلما كان التحريض على تبليغ الرسالة أكمل وأبلغ .

2. تحديد صيغة الرسالة ، بعد أن يحدد المرسل هدفه الذي يتوخاه من عملية الاتصال يحدد صيغة الرسالة المناسبة لتحقيق هذا الهدف والرسالة تختلف من هدف إلى آخر ، ومن مستقبل إلى آخر ، فالرسالة التي تهدف لنقل الأخبار غير الرسالة التي تهدف للإقناع بفكرة معينة غير الرسالة التي تهدف للإمتاع فقط ، وكذلك الرسالة التي تستهدف شريحة جامعية غير الرسالة التي تستهدف شريحة من العوام الأميين الذين لا يقرأون ولا يكتبون .

ولابد عند تحديد صيغة الرسالة من توقع رد فعل المستقبل وتعديل صيغة الرسالة لتحقيق رد الفعل الذي ترغب فيه والرسالة الناجحة هي التي تجيب من خلالها على الأسئلة الآتية :

أ – ماذا أريد من هذه الرسالة ؟

ب – متى أريد ذلك ؟

جـ – أين أريده ؟

د – كيف أريد أن يتحقق ؟

هـ – لماذا أنا أريده ؟

وهذه الأسئلة يجب أن تكون لنفسك أنت وأن تجيب عليها مع نفسك وتعدل في صيغة رسالتك بناءً على هذه الإجابة .

3. إنجاز الرسالة فعلاً وتنفيذها على أرض الواقع ، أي بعد تحديد صيغة الرسالة وتصميمها من الناحية النظرية ينتقل الإنسان إلى الجانب العلمي وهو تنفيذ الرسالة ومباشرة إرسالها للمستقبل .

وهذا يستدعي منك دربة وإجادة ، وأول خطوات التنفيذ هي لفت انتباه المستقبل وإثارته بحركة أو نكتة أو كلمة أو صرخة أو ذكر هدف محبوب لدى المستقبل كمدخل لرسالتك التي تريد تبليغها ، وهو ما يسمى لدى علماء البلاغة (( براعة الاستهلال )) وإذا نجح الإنسان في استهلاله فقد نجح غالباً في تبليغ رسالته .

ثم الانتقال لإرسال رسالتك مع ربطها بالمثير السابق واحرص على تجنب الهجوم المباشر على الأفكار والمسلمات التي يعتز بها الآخر ، بل حاول إقناعه عبر المفاهيم المشتركة بينكما والوسائل التي من خلالها يتم تبليغ الرسالة هي :

أ – اللغة .

ب – نبرات الصوت .

جـ – تعابير الوجه .

د – حركة الجسم من يدين وغيرها .

هـ – الوسائل الخارجية المصاحبة .

وسيأتي لذلك مزيد بيان إن شاء الله .

4. استقبال الرسالة ، أثناء تنفيذك للرسالة يبدأ الطرف الآخر المستهدف بالرسالة في عملية الاستقبال لرسالتك والتفاعل معها سلباً أو إيجاباً ، وهناك كثير من الأمور التي تؤثر في كيفية استقبال الإنسان لأي رسالة توجه إليه ، من هذه الأمور :

معتقدات المستقبل ، ثقافته ، حالته النفسية ، راحته البدنية ، الأمن أو الخوف الذي يعيشه ، انطباعه عن المرسل للرسالة ، ميوله ورغباته ، حاجته للرسالة وإشباعها لهذه الحاجة وملائمتها لمستواه ، حسن إصغائه .

5. رد فعل المستقبل حيال الرسالة ، وهو الهدف الذي يسعى المرسل لبلوغه والوصول إليه ، فإذا كان رد الفعل إيجابياً والرسالة مقبولة فهو الغاية التي يطمح إليها المرسل، وإذا كان سلبياً ، فهذا يعني عدم النجاح في الاتصال وتبليغ الرسالة والتأثير في المستقبل .

****************************

أنواع الاتصال :

الاتصال والتأثير في الناس له أنواع وأساليب متعددة وكلما أجاد الإنسان هذه الأساليب كلما كان النجاح أسرع إليه في حياته .

فالذي يجيد التعامل مع الآخرين والتأثير فيهم وإقناعهم بما يريد هو الذي تفتح له الأبواب وتمهد الطرق للوصول إلى أهدافه وبلوغ غاياته والنجاح في حياته ، ويستطيع أن يجند كل من حوله لخدمة أهدافه والسعي معه لتحقيقها ، سواء كان الذين حوله من عائلته أو زملائه أو جيرانه أو أصدقائه .

وإيصال الرسالة إمَّا أن يكون بالكلام وإمَّا أن يكون بغيره ، وكلما تضافرت الأساليب من كلام وغيره على تحقيق الهدف وإيصال الرسالة كلما كان الأثر أبلغ .

الاتصال بالكلام :

إن الكلام هو أكثر وسائل الاتصال والتأثير شيوعاً وكلما نجح الإنسان في إجادة فن الكلام وامتلاك زمام الفصاحة والبلاغة كلما كان أقدر على التأثير في الآخرين وتوجيههم الوجهة التي يريدها .

وهل كانت معجزة القرآن الكريم التي خضعت لها رقاب العرب إلا في بلاغته وفصاحته في المقام الأول مع صور الإعجاز الأخرى ؟ ، ولقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم الذروة من ذلك حتى بلغ تأثيره أعلى الدرجات وأرقى المقامات .

وهذه بعض التوجيهات التي بالأخذ بها يُمكن الإنسان أن ينجح إلى حد كبير في إبلاغ رسالته بواسطة الكلام .

1. انتقاء الكلمات البليغة المؤثرة له أبلغ الأثر في إيصال المعاني للمستقبل ، وكما قال صلى الله عليه وسلم : (( إن من البيان لسحراً )) ، وهل أسر القرآن عقول العرب وقلوبهم إلا بالبلاغة التي كانت بينهم وبين نفوسهم ، ويسلِّمُون أزمة أرواحهم لهذه الكلمات طوعاً أو كرهاً .

ومن أفضل الوسائل لاكتساب البلاغة حفظ كتاب الله والإكثار من حفظ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ أشعار وعبارات البلغاء الفصحاء ، ويُمكنك وضع برنامج لذلك بأن تجعل لك دفتراً خاصاً ، وكلما سمعت أو قرأت عبارة جيدة وجديدة بالنسبة لك دونتها في دفترك ثم بحثت عن معناها إن لم تعرفه ثم حفظتها ثم كررت استعمالها كثيراً حتى تصبح من مفرداتك ، وحاول أن تضيف بهذه الطريقة في كل يوم لك عبارة جديدة أو بيت شعر .

2. الإلمام بمصطلحات الموضوع الذي تتحدث فيه له دور كبير في قبول رسالتك واحترام حديثك وبخاصة من قبل المتخصصين في هذا الفن .

3. حدد حجم الكلام الذي تريد أن تقوله فلا إيجاز مخل ولا إسهاب ممل .

ثم حدد الزمن المناسب الذي تريد أن تتحدث فيه ؛ إذ قد يكون سوء اختيار الوقت سبباً في عدم قبول الطرف الآخر لكلامك ، واعلم أن لكل مقام مقالاً ولكل حال أسلوباً يختلف عن أسلوب حال آخر .

4. الوضوح والبيان في الكلام من أهم أسباب تفاعل الطرف الآخر مع الكلام ، أمَّا عندما يكون الكلام غامضاً وطلاسماً فلن يتفاعل معه الآخرون .

5. نبرات الصوت وتفاعلها مع معاني الكلمات من أهم الوسائل في إيصال الرسالة إلى الآخرين ، وقد تسمع كلاماً واحداً من شخصين مختلفين فتتفاعل مع أحدهما وتتأثر وتتحمس له غاية الحماس بينما لا يحرك فيك الآخر شعرة واحدة .

وقد قام فريق من الباحثين بعمل دراسات في بريطانيا سنة 1970 م حول تأثير الكلام على الآخرين ، فوجدوا أن للكلمات والعبارات نسبة 7% من التأثير ، وأن لنبرات الصوت 38% ، وأن لتعبيرات الجسم الأخرى من عيوب ووجه وأيدي وجسم 55%، وهو ما سأتحدث عنه قليل لكن بعد الفراغ من الحديث عن الاتصال بالكلام.

من عيوب الاتصال بالكلام :

1. الكلام بسرعة فائقة لا تمكن المستمع من استيعاب كلام المتحدث ، وقد وصف كلام أبلغ البشر عليه الصلاة والسلام بأنه لو عده العاد لاستطاع ذلك ، ورُبَّما كرر الكلمة ثلاث مرات لتفهم عنه .

2. الغمغمة في الكلام وعدم الوضوح في العبارة .

3. الكلام على وتيرة واحدة ، سواء كان الموقف يستدعي الضحك والفرح أو الحزن والبكاء أو الحماس أو الهدوء ، وهذا من أسوأ عيوب الكلام .

4. الإغراق في الكنايات والمجازات والاستطرادات حتى تُنسى الحقيقة ، ولا يعد السامع يعلم في أي موضوع يتحدث المتكلم بل قد ينسى هو موضوعه الذي يتحدث فيه ثم يقول للسامع : ما هو الموضوع الذي كنا نتكلم فيه ؟ .

 
كيف تطور أسلوبك في الكلام ؟ :
1. لكي تكتسب القدرة على الكلام بنجاح استمع جيداً إلى المتحدثين المشهورين بالقدرة على التأثير في مستمعيهم وحاول تقليدهم في طريقتهم ابتداءً ثم اختط لنفسك طريقة خاصة بعد ذلك .

2. اطلب من بعض من حولك أن يسجل كلامك بدون علمك ثم استمع إلى نفسك وانقد طريقتك في الكلام واطلب من غيرك أن يقيّمك .

3. بعد كل مرة تعتلي فيها منبراً حاول تسجيل ما تراه من ملحوظات على كلامك ثم اجتنبها في حديثك القادم .

التعبير يغير الكلام :

كما أن الكلام وسيلة للتعبير وإيصال الرسالة للآخرين فهناك وسائل أخرى قادرة على تبليغ الرسالة منك لغيرك أو من غيرك إليك ، وقد تكون هذه الوسائل أدق وأصدق في التعبير من الكلام ؛ لأن الكلام يُمكن أن يكون خلاف الواقع أمَّا غيره فقد لا يستطيع الإنسان أن يكذب فيه .

وقد قال العرب قديماً : (( رُبَّ إشارة أبلغ من عبارة )) والتعبير قد يكون بالعيون ، وقد يكون باليدين ، وقد يكون بقسمات الوجه ، وقد يكون بحركات التكفين أو الرجلين أو الرأس بل قد يكون التعبير عن حالتك النفسية من خلال لباسك ، وإليك شيء من التفصيل لبعض هذه الوسائل .

لغة العيون :

قال تعالى : ﴿ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ﴾ .

وقال الشاعر :

إن العيون لتبدي في نواظرها

ما في القلوب من البغضاء والإحن

وقال الآخر :

العين تبدي الذي في قلب صاحبها

من الشناءة أو حب إذا كانا

إن البغيض له عين يصدقها

لا يستطيع لِما في القلب كتمانا

فالعين تنطق والأفواه صامتة

حتى ترى من صميم القلب تبيانا

نعم ، إن العيون ليست وسيلة فقط لرؤية الخارج بل هي وسيلة بليغة للتعبير عنا في الداخل أي ما في النفوس والقلوب ونقله للخارج .

فهناك النظرات القلقة المضطربة وغيرها المستغيثة المهزومة المستسلمة ، وأخرى حاقدة ثائرة ، وأخرى ساخرة ، وأخرى مصممة ، وأخرى سارحة لا مبالية ، وأخرى مستفهمة وأخرى محبة .. ، وهكذا تتعدد  النظرات المعبرة وقد سمى القرآن بعض النظرات ( خائنة الأعين ) .

والإنسان في تعامله مع لغة العيون يتعامل معها كوسيلة تعبير عما في نفسه للآخرين ، وكذا يتعامل معها كوسيلة لفهم ما في نفوس الآخرين .

التعبير الأمثل بالعيون :

إذا أردت إيصال مرادك بعينك فاحرص على الأمور الآتية :

1. أن تكون عيناك مرتاحتين أثناء الكلام مما يشعر الآخر بالاطمئنان والثقة في سلامة موقفك وصحة أفكار .

2. تحدث إليه ورأسك مرتفع إلى الأعلى ؛ لأن طأطأة الرأس أثناء الحديث يشعر بالهزيمة والضعف والخور .

3. لا تنظر بعيداً عن المتحدث أو تثبت نظرك في السماء أو الأرض أثناء الحديث ؛ لأن ذلك يشعر باللاَّمبالاة بمن تتحدث معه أو بعدم الاهتمام بالموضوع الذي تتحدث فيه .

4. لا تطيل التحديق بشكل محرج فيمن تتحدث معه .

5. احذر من كثرة الرمش بعينيك أثناء الحديث ؛ لأن هذا يشعر بالقلق والاضطراب .

6. ابتعد عن لبس النظارات القاتمة أثناء الحديث مع غيرك ؛ لأن ذلك يعيق بناء الثقة بينك وبينه .

7. احذر من النظرات الساخرة الباهتة إلى من يتحدث إليك أو تتحدث معه ؛ لأن ذلك ينسف جسور التفاهم والثقة بينك وبينه ، ولا يشجعه على الاستمرار في التواصل معك ، ورُبَّ نظرة أرثت حسرة .

كيف تفهم ما في نفوس الآخرين من خلال نظرات عيونهم ؟ :

لقد قام علماء النفس بالكثير من التجارب للوصول إلى معرفة دلالات حركات العيون عما في النفوس ، ورحم الله ابن القيم الذي قال : إن العيون مغاريف القلوب بها يعرف ما في القلوب وإن لم يتكلم صاحبها .

وكان مما وصلوا إليه كما ذكر الدكتور محمد التكريتي في كتابه ( آفاق بلا حدود ) أن النظر أثناء الكلام إلى جهة الأعلى لليسار يعني أن الإنسان يعبر عن صور داخلية في الذاكرة ، وإن كان يتكلم وعيناه تزيغان لجهة اليمين لجهة اليمين للأعلى فهو ينشيء صوراً داخلية ويركبها ولم يسبق له أن رآها ، أمَّا إن كانت عيناه تتجهمان لجهة اليسار مباشرة فهو يستذكر كلاماً سبق وأن سمعه ، فإن كان نظره لجهة اليمين مباشرة فهو ينشيء كلاماً عن إحساس داخلي ومشاعر داخلية وإن نظر لجهة اليسار من الأسفل فهو يستمع إلى نفسه ويحدثها في داخله كمن يقرأ مع نفسه مثلاً .

هذا في حالة الإنسان العادي ، أمَّا الإنسان الأعسر فهو عكس ما ذكرنا تماماً .

وبناء على هذه المعلومات يُمكنك أن تحدد من أي الأنماط يتحدث الإنسان وهو يتحدث معك بل ويُمكنك عند قراءة قصيدة أو قطعة نثرية أن تحدد النمط الذي كان يعيشه صاحبها عند إعداده لها هل هو النمط السمعي أو الصوري من الذاكرة أو مما ينشئه أو من الأحاسيس الداخلية ، وذلك من خلال تأمل كلامه وتصنيفه في أحد الأصناف السابقة .

التعبير بالوجه :

كما يستطيع الإنسان أن يعبر بعينيه عما يريد ويستطيع أن يستكشف ما في نفوسٍ الآخرين من خلال التأمل في نظرات عيونهم فإنه يستطيع أيضاً أن يفعل ذلك من خلال تأمل قسمات الوجه سواء كان ذلك من بشرة الوجه أو شكل الشفتين أو حال الخدين أو الجبين .

وتأمِّل معي قليلاً هذه الآيات الكريمة ، قال تعالى : ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ ، قال تعالى : ﴿ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ ﴾ الآية ، وقال تعالى : ﴿ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً ﴾ ، وغير ذلك من الآيات كثير .

فالتجهُّم والعبوس يقيم الحواجز بينك وبين الآخرين ولذلك عليك أن تتعلم كيف تسيطر على أفكارك ومشاعرك ليكون عبوسك حينئذٍ مقصوداً ومتحكماً فيه ويؤدي رسالة محددة في وقتها المناسب .

وأكثر مظاهر التجهُّم هو تقطيب الجبين وفلطحة الخدين وتكشير الأسنان بالإضافة لزم الشفتين وتقوس السفلى منهما مع جفافهما واسوداد البشرة .

وعموماً فهذه بعض الأفكار العامة حول قضية التعبير بقسمات الوجه :

1. اجعل الابتسامة رسولك إلى قلوب الآخرين فهي مفتاح لأبواب النفوس كما أنها تجلب الراحة والهدوء للمبتسم نفسه (( وتبسمك في وجه أخيك صدقة )) .

2. عندما تشعر أن الآذان قد أغلقت أمامك وتعطل استقبال رسالتك فعطر الجو بنكتة يتلوها ابتسامة .

3. حذار من الابتسامة الساخرة أو الباردة، فهي تحول بين الآخرين وبين الثقة فيك .

4. حاول التعرف على ما في نفس الآخر من خلال رصد ابتسامته وملاحظة جبينه وحركات عينيه .

5. حاول أن تعوِّد نفسك على أن تكون ابتسامتك وسيلة لإبلاغ رسالتك كما تريد وإن كانت مشاعرك خلاف ذلك .

6. عوِّد نفسك على الاستمتاع بالطرائف المضحكة لتتعود على الضحك أحياناً .

التعبير بأعضاء الجسم الأخرى :

كما أن الوجه يعبر عما في النفس ، فإن حركات اليدين والقدمين وحركات الكتفين وكيفية الجلوس أو المشي تعبر عما في نفس الإنسان وتعطي تقريراً دقيقاً عن حالته النفسية ومن صور التعبير باليدين الآتي :

1. عندما تلاحظ إنساناً وضع يديه وراء ظهره متشابكتين فهذا يعني شعوره بالعجز أو عدم الثقة في الآخرين .

2. أمَّا عندما يضع الإنسان يديه متشابكتين أمامه أثناء الجلوس فهذا يعني شعوره بالثقة المفرطة في النفس واللاَّمبالاة بالآخرين .

3. إشارات اليدين والأصابع المتوافقة مع الكلام تزيد الكلام وضوحاً ، وكما قالت العرب : رُبَّ إشارة أبلغ من عبارة .

4. لاحظ حركات أقدام الآخرين أثناء الحديث معهم فهي تعبر عما في نفوسهم وتحكِّم أنت في حركات قدميك أثناء حديثك ما لم تقرر إرسال رسالة من خلال هذه الحركة.

5. هز الكتفين للأعلى بصورة سريعة يعني التجاهل واللاَّمبالاة أو الجهل بالشيء والحيرة حياله .

كيف تكسب احترام الآخرين باللباس ؟ :

اللباس قد يؤثر في نفسية لابسه ، كذلك هو إحدى الوسائل التي تعطي الآخرين انطباعاً أولياً محدداً عمن يلبسه ؛ لأن اللباس يعبر عن قيم ونفسية صاحبه ، فاللباس يعطي انطباعاً للآخرين من خلال لونه وبساطته ونظافته وتناسقه ومرونته ، وأهم القواعد التي ينبغي الأخذ بها في أمر اللباس هي :

1. يجب أن يكون اللباس ملتزماً بالضوابط الشرعية للرجل أو للمرأة ، وهذه الضوابط محلها كتب الفقه .

2. احرص على أن يكون لباسك مقبولاً اجتماعياً فقد يكون اللباس شرعياً لكنه اجتماعياً غير مقبول كمن يصر على لبس البدلة في مجتمع بدوي لا يعرف غير الثوب .

3. لكي يكون لباسك مريحاً لك وللآخرين حافظ على نظافته دائماً .

4. الأناقة غير المبالغ فيها مما يكسب الإنسان احترام الآخرين .

5. البساطة وعدم التكلف من علامات الذوق الناضج .

6. مراعاة الزمن والمكان مما ينبغي عدم إغفاله في اللباس فللصيف ملابسه وللشتاء ملابسه وليوم زواجك ملابسه التي تختلف عن يوم نزهتك .

الإصغاء وحسن الاستماع :

حسن الاستماع وإجادة الإصغاء أحد ركني الاتصال الناجح فلا يكفي أن تنجح في إرسال رسالتك بل لابد من النجاح أيضاً في استقبال رسالة الآخر واستيعاب رد فعله وفهم ما يريده والاستفادة منه أو التأثير فيه وحسن توجيهه بعد ذلك وحسن الإصغاء أدب من أعلى الآداب السلوكية التي يتصف بها الإنسان إذا نبل ونجح في تسيير نفسه والسيطرة على ذاته وهو كذلك مهارة إنسانية راقية لابد منها للتعلم واكتساب المعارف والعلوم ، وقد دلت الدراسات أن الاستيعاب لما يصدر من الآخرين يتفاوت بين 40% إلى 75% بعد الانتهاء من الرسالة مباشرة ، وأن أكبر الأسباب في هذا التفاوت هو الاختلاف في الإصغاء والاستماع ، وأهم وسائل الإصغاء هي :

1. السمع بالإذن .

2. البصر بالعين .

3. الانتباه والتركيز بالقلب والعقل .

آثار عدم حسن الإصغاء :

1. قد يؤدي عدم حسن الإصغاء إلى فقد ثقة الآخرين واحترامهم لك ، فعندما يتحدث معك إنسان وتتشاغل عنه بالاتصال بالتلفون أو الحديث مع جليسك أو الكتابة في أوراقك تصيبه بالإحباط وبالتالي عدم الثقة فيك ، وقد أثر عن الأحنف قوله : ( إن الرجل ليحدثني بالأمر أعرفه من قبل أن تلده أمه فأصغي إليه حتى ينتهي من حديثه وأريه أني أسمعه لأول مرة ) .

2. عدم فهم ما يريده الآخرون ، وبالتالي الفشل في التعامل معهم ؛ لأن النجاح في التعامل مع العدو أو الصديق يستدعي معرفة مراده ، ولا يُمكن فهم مقصده ومراده إلا بالإصغاء لكلامه والتركيز في فهمه .

3. إضاعة كثير من الفرص التي تؤدي إلى النجاح في الحياة حيث أن الفرص تتاح للإنسان من خلال الاحتكاك بالآخرين وفهم كلامهم واستيعاب مقاصدهم ومراميهم ، فإذا فشل الإنسان في الإصغاء لهم فشل في فهمهم ، والتالي فاته الكثير من الفرص .

4. عدم التعود على اكتساب المعلومات بطريقة مختصرة وبقاء المعلومات ناقصة لدى من لا يجيد الاستماع والإصغاء مع ظنه أن معلوماته كاملة .

5. اتخاذ القرارات الخاطئة بسبب نقص المعلومات ؛ لأن القرار لا يُمكن أن يكون صحيحاً إلا إذا كانت المعلومات كاملة وصحيحة .

6. شعور المتحدث بالإحباط لعدم الإصغاء إليه ، وبالتالي عدم استعداده للمشاركة بفعالية فيما يناط به من أعمال بعد ذلك .

الإنصات والاستماع والإصغاء الجيد :

لكي تكتسب مهارة الإنصات الجيد والاستماع الحسن وتحوز ما يترتب عليه من فضائل ومكاسب وثمرات فلابد من مراعاة الأمور الآتية :

1. أن تكون في وضع نفسي وبدني مريح أثناء الاستماع لغيرك بألاً تشكو من مرض مؤلم أو سهر مجهد أو جوع مفرط ، وألاً يكون بعد الأكل مباشرة أو أثناء الانشغال بأمر يسيطر على فكرك ، وأن تكون في مكان جيد التهوية معتدل الحرارة .

2. ألاً يكون هناك ضوضاء وأصوات مزعجة في المكان الذي تجلس فيه أو حوله ؛ لأن ذلك يشتت الذهن ويشغل الحواس .

3. أن تكون جلستك أثناء الإصغاء جلسة مريحة تستطيع أثناءها أن تركز بجميع حواسك مع المتحدث لتستوعب أكبر قدر ممكن من كلامه .

4. اربط ما تسمعه من معلومات بما تراه من صور ومشاهد ليتظافر السمع والبصر على استيعاب المعلومات .

5. ركز على حركات جسم المتحدث وتعابير وجهه ونبرات صوته لترسخ معاني كلامه في نفسك وليكون فهمك لما يريد أكثر دقة .

6. لا تطيل الجلسة أكثر مما تستطيع أن تستوعب وأجِّل بقية الحديث لوقت آخر ، فإن النفوس إذا ملت كلت .

7. لا تقاطع المتحدث وتستعجل النتائج قبل الوصول إليها وعندما يحصل التباس في الفهم فسجل ذلك ثم استوضح عنه في نهاية الحديث .

8. لا تكثر من الالتفات والتثاؤب والتشاغل والسرحان بعيداً أثناء الحديث .

9. لا تتكلم مع غير المتحدث إلا لضرورة ، وحبذا لو استأذنت من المتحدث لتتحدث معه أو مع غيره .

10. استخدم القلم والأوراق لتسجيل وتلخيص الأفكار الرئيسة والنقاط الدقيقة التي تسمعها من المتحدث ثم حاول بعد ذلك حفظها لتلم بموضوع الحديث وتحتفظ بما فيه من معلومات .

معوقات الاتصال :

هناك بعض الأمور التي تؤدي إلى إعاقة الاتصال وعدم نجاحه بغض النظر عن نوعه ، وهذه الأمور منها ما يكون في المرسل ومنها ما يكون في المستقبل ومنها ما قد يكون في الرسالة ، وسأذكر جملة منها ثم أفصِّل في ذكر واحد منها :

1. عدم وضوح الهدف من الرسالة .

2. خطأ المرسل في توقع رد فعل المستقبل وقدرته على فهم الرسالة .

3. تبليغ الرسالة بصورة غامضة أو خاطئة .

4. تنفيذ عملية الاتصال في وقت غير مناسب .

5. الفشل في استخدام المثيرات والمرغبات أو في ربط موضوع الرسالة بها .

6. عدم حسن الإصغاء والاستماع وعدم الاهتمام بالرسالة .

7. الخطأ في تفسير الرسالة وعدم فهمها على وجهها الصحيح .

8. المبادرة للرد قبل استعمال الرسالة .

9. الخجل الذي يؤدي إلى عدم قدرة المرسل على تبليغ رسالته بالصورة الصحيحة ، وإليك شيء من التفصيل عن هذه العائق :

من عوائق الاتصال « الخجل » :

الخجل هو الشعور بالحرج والاضطراب عند مواجهة الناس عموماً ، وعلى هذا فهو يختلف عن الحياء الذي هو شعور بالانقباض والحرج عن فعل ما يشين أو ذكره ، وعلى هذا فالحياء محمود والخجل مذموم .

من مظاهر الخجل :

1. توتر الأعصاب عند لقاء الآخرين .

2. التلعثم في الكلام وعدم القدرة على التفاهم معهم .

3. اضطراب الجوارح واحمرار الوجه .

4. عدم الثقة بالنفس في مباشرة كثيرة من الأعمال بحضور الآخرين :

علاج مرض الخجل :

1. اندمج اجتماعياً ضمن مجموعة من زملائك أو جيرانك أو أقاربك وشاركهم في أنشطتهم من رحلات ومناسبات وأمثالها .

2. مارس بعض الأعمال الرياضية الجماعية مع إحدى المجموعات أحياناً .

3. ألْقِ بعض النكت المضحكة على الآخرين وشاركهم في الضحك .

4. حاول أن تتعرف على من تلقاهم في بعض المناسبات مثل الطائرة أو الحافلة أو بعض الأماكن العامة وحاورهم وتعرف على أفكارهم .

5. عند عرض أفكارهم حاول أن تقنع نفسك بأنك تتحدث لوحدك وليس أمامك أحد عند الحديث .

6. حافظ على صلاة الجماعة في المسجد وتول الإمامة وبخاصة في الصلاة الجهرية عندما تتاح لك فرصة لذلك .

7. احرص على أن تشارك الآخرين في الحديث عندما يكون موضوع الحديث في الجوانب التي تعلم تفوقك فيها .

8. إذا أحسست بتوتر أعصابك فحاول أن تسترخي قليلاً ثم تعود للحديث مع الآخرين .

9. قبل مواجهتك للآخرين خطط لكلماتك وأفعالك وتوقع رد فعل المستقبل وعدم خططك على ضوء ذلك ثم تمرن على ما ستقوله ، وحاول أن تطبقه أكثر من مرة ثم نفذ ما خططت له مباشرة وبصدق وأدب مع الآخرين ، وإذا تكرر هذا منك عدة مرات فسيزول الخجل بإذن الله .

10. راجع مبحث (( كيف تكتسب الثقة في نفسك )) فهو معالجة عامة لمثل هذا العائق وغيره .

**********************************

بناء العلاقات مع الآخرين

إن الحديث عن الاتصال والتواصل مع الآخرين والتأثير فيهم والاستفادة مما لديهم يستلزم الحديث عن فن بناء العلاقات وأساليب المجاملة والكياسة في التعامل مع الناس، وهذه هي أهم القواعد التي يجب اتباعها في بناء العلاقات مع الناس :

1. أصلح ما بينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الآخرين ؛ لأن القلوب بيد الله يصرفها كيف يشاء سبحانه ، فهو الذي أضحك وأبكى ، قال تعالى : ﴿… فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ .

2. أثبتت الدراسات النفسية أن لكل إنسان نمطاً خاصاً به ، وأن الأنماط عموماً هي إمَّا نمط صوري أي الإنسان ينظر للعالم ويتعامل معه من خلال الصورة أو نمط سمعي أي ينظر للعالم ويتعامل معه من خلال الكلمة المسموعة أو صاحب نمط إحساسي ينظر للعالم من خلال أحاسيسه ومشاعره الداخلية .

فمعرفة نمط الإنسان الذي تتعامل معه ثم محاولة الدخول له من خلال النمط المناسب له يعجل بالانسجام والتوافق بينك وبينه وإقامة الثقة فيما بينكما ، وسيأتي مزيد حديث عن هذا الموضوع بعد قليل إن شاء الله .

3. ضع نفسك في مكان الآخرين ثم أسمعهم من الكلام ما تحب أن تسمعه وتصرّف معهم بما تحب أن يعاملك به الآخرون .

4. ابتسم دائماً وبخاصة عند المواقف الصعبة والأحداث المخيفة .

5. احتفظ بهدوئك ورباطة جأشك عند الاستفزاز وتذكر وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم : (( لا تغضب ، لا تغضب ، لا تغضب )) .

6. ضع في حسابك دائماً مشاعر الآخرين وحقوقهم وحاجاتهم ، وتذكر قوله سبحانه وتعالى : ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ .

7. اختر كلماتك بعناية وبخاصة في أول لقاء وكن متهللاً عند التفوه بكلماتك مع الآخرين ، واحذر من جمود القسمات وغلظة الوجه حتى وإن كانت كلماتك أرق من النسيم ، قال الشاعر :

إذا نظرت إلى أسرة وجهه

برقت كبرق العارض المتهلل

8. إذا كانت الأجواء غير مناسبة للحديث في موضوع ما فأنه الحديث بلباقة وأجِّلْهُ إلى وقت آخر يكون أكثر مناسبة .

9. رصع حديثك بالنكت والطرائف والأمثال ولا تجعلها تطغى على حديثك ولا تقل إلا حقاً ، فإن ذلك يضفي جواً من التفاعل على الحديث .

10. الهدية الجميلة وإن صغرت والمسارعة لمساعدة الآخرين وإن قلت من أهم وسائل كسب القلوب وبناء العلاقة بين الناس ، قال عليه الصلاة والسلام : ((تهادوا تحابوا)).

11. إفشاء السلام ورد التحية بأحسن منها مفتاح القلوب ، فاحرص على امتلاك هذا المفتاح ولا تكن كبعض الناس الذي إذا حياه الآخرون نظر إليهم بتجهم مستغرباً لماذا يسلمون عليه وهو لا يعرفهم ولا يعرفونه .

12. الوفاء بالوعد وصدق الحديث يجعل الآخرين يحبونك وإن لم تستطع أن تفعل لهم ما يريدون وليس في صفات الإنسان أرذل من الكذب واستمرائه ، فهو يسقط هيبته ويجعل الناس يفقدون الثقة فيه ، ولا تنس أن الكذب هو طريق الفجور والنار ، ومن صفات أهل النفاق والعياذ بالله .

13. الكرم بالميسور وإن قل يبوِّؤُك أعلى المنازل في قلوب الناس ، ولا يُمكن أن ينال الإنسان محبة الناس وهو من الموصوفين بالبخل والشح ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ .

14. البساطة وعدم التكلف في التعامل ، مع التنظيم لأمور الحياة وعدم الفوضى يكسبك احترام غيرك حتى ولو كان من أعدائك .

15. النظافة في البدن والفم والملبس والأناقة غير المبالغ فيها وطيب الرائحة مما يريح المتعامل معك ولا ينفره منك .

تصنيف الناس

الإنسان عموماً مزيج مركب معقد من العواطف والعقلانية والذاتية والموضوعية والداخلي والخارجي والحذر والجرأة والسماحة والفظاظة والعطاء والإمساك والسمو والارتكاس وغير ذلك من النوازع البشرية المتصارعة أو المتوافقة .

ويزيد نسبة هذا السلوك أو تلك الصفة ويقلل غيرها عموماً أكثر تعقيداً : منها الوراثة والتربية والمؤثرات البيئية والمنظومة الاعتقادية والقيم والأعراف الاجتماعية والمكتسبات الثقافية المعرفية والخبرات والتجارب العلمية والظروف الاقتصادية والحالة الأمنية للشخص ، وغير ذلك من العوامل التي تفوق الحصر .

والتصنيف الذي سأورده هنا لا يعني حصر الناس بشكل قاطع فيما سأذكره من تصنيفات ؛ إذ قد يوجد أناس لا يدخلون تحت هذا التصنيف أو تختلف نسبة ومقدار كل صفة من الصفات التي سأذكرها لهم .

أ) – العقلاني الاجتماعي الصوري وأهم صفاته :

1. رؤية العالم من خلال الصور والرؤية بالعين حين أنه عند الحديث عن المعاني المجردة يحولها إلى صور مشاهدة .

2. يميل إلى إقامة علاقة مع الآخرين ويتفهم حاجاتهم .

3. سرعة الكلام عند الحديث بسبب تأثره بالنمط الصوري القائم على الصور المتلاحقة والضوء .

4. يتميز بخلو البال من الحساسيات المفرطة .

5. يهتم بالتفصيلات وينشغل بالمشكلات اليومية .

6. يمتلك قدرة على الاندماج في الآخرين ، ويستطيع كسب ثقتهم واحترامهم .

7. يفضل العمل في النهار ، وأن يكون عمله واضحاً مشاهداً من الناس .

8. لا يصلح للأعمال الانفرادية ولا يصبر على ذلك .

9. يجد متعة في الأنشطة الجماعية ويبدع فيها .

10. يكون كريماً في الإنفاق ويعطي ثقته للآخرين بصورة سريعة .

ب) – العقلاني الانطوائي السمعي وأهم صفاته :

1. يهتم كثيراً باختيار الألفاظ والعبارات .

2. كلامه بطيء ويركز على نبرات صوته عند الكلام .

3. يحب الاستماع كثيراً .

4. يميل للمعاني التجريدية النظرية كثيراً .

5. يحب الوحدة والانفراد ويكره الضوضاء والصخب .

6. قدراته محدودة على بناء علاقات مع الآخرين والاندماج في الأعمال الجماعية .

7. يبالغ في الحسابات الدقيقة لكل عمل يكلف به ولا يحب المغامرة والأعمال غير المحسوبة

8. يتفوق في أعمال الأبحاث والتخطيط حيث الحاجة للتفرغ والهدوء وعدم وجود العدد الكثير من الناس .

9. يقول ما يؤمن به بقوة مفترضاً أن الآخرين يسلمون بمنطقه سلفاً .

10. ينظر للعالم من خلال الكلمة واللغة وحتى لو أراد التعبير عن الصور المشاهدة الجامدة حولها إلى متكلمة .

جـ) –  العاطفي الانطوائي الحسي وأهم صفاته :

1. كلامه أكثر بطئاً من سابقيه .

2. يخرج صوته عميقاً مصحوباً بأنه أو آهة أو نفس عميق .

3. يستشعر ثقل المسئولية أكثر من غيره، ولذلك ينفعل للمبادئ ويندفع للعمل لهما .

4. يسيطر عليه الخجل والتردد عند المواجهة لغيره ويكره التجديد والمغامرة في أي عمل أو الانتقال لعمل جديد .

5. يشكك دائماً في قدراته وإمكاناته .

6. لا يحب الاتصال بالناس وإن اختلط بهم كان حاد الطبع يثور لأتفه الأسباب لكنه لا يظهر ذلك إلا أحياناً .

7. كثير التنظير والنقد لغيره في حالات انفراده أو في أثناء التواصل مع دائرة ضيقة من الناس .

8. لا ينجح في قيادة غيره وينقاد في الظاهر بسهولة ولكنه شديد التذمر في الباطن من أي شخص يوجهه .

د) – العاطفي الاجتماعي وأهم صفاته :

1. أنه ذو حركة دائمة ونشاط متجدد .

2. صاحب مزاج متقلب لا يثبت على شيء .

3. أنه حاد في حبه وبغضه مبالغ في مدحه ونقده لغيره غير موضوعي في أحكامه .

4. لا يصلح لعمل قيادي أو طويل المدى لكنه يصلح للأعمال القصيرة القريبة .

5. يبدع في تحريك الأجواء الراكدة ولكن لفترات محدودة .

6. لا ينجح في بناء علاقات دائمة لكنه يحقق نجاحاً ملحوظاً في بناء علاقات قصيرة وبخاصة مع قليلي الثقافة والطموح .

7. يكون في الغالب صادقاً في أقواله ومباشراً في أفكاره لا يجيد التورية ولا المواربة .

8. لا يطيق الوحدة والانفراد وبالتالي لا يناسبه ولا ينجح في العمل الذي من لوازمه الانفراد أو الهدوء .

هذه الأنماط هي الغالبة على الناس كما ذكرت حسب ما أثبتته الدراسات النفسية ، وقد يكون هناك أنماط أخرى فقد يكون الإنسان عاطفياً انطوائياً سمعياً ، وقد يكون عقلانياً انطوائياً صورياً ، وقد يكون عقلانياً اجتماعياً حسياً أو سمعياً أو غير ذلك من التركيب المختلف للصفات ، وأنت ترى أن الكمال في الناس عزيز ، وأن كل إنسان فيه صفات إيجابية وأخرى سلبية ؛ ولذلك عند تعاملك مع الآخرين عليك أن تحدد ابتداءً من أي الأنماط هو ثم تحاول أن ترصد أهم صفاته ثم تضع لك خطة للتعامل معه .

والإنسان يستطيع بالمجاهدة والمصابرة وبأساليب وطرائق ليس هنا مجال التفصيل فيها أن يجمع في شخصه أكثر من نمط نفسي إنساني ، وبالتالي يُمكنه أن يكتسب كثيراً من الصفات الإيجابية في أكثر من نمط ، وأن يتخلص من الصفات السلبية التي في نمطه الخاص به .

ويستطيع أيضاً أن يربي ، ويهذب غيره ليحقق فيه ما ذكرت ولكن بجهد أكثر ومصابرة أكبر وعمليات التربية والتهذيب هذه هي التي بها يمتاز الناس بعضهم على بعض بعد ذلك ، وقال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾  ، وقال تعالى : ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ .

*************************************

هل تسعى

إلى النجاح في عملك ؟

وقفات في قضايا العمل

لابد للإنسان من عمل يؤديه في الحياة ، وهذا العمل إمَّا خير وإمَّا شر ، والحياة على قصرها هي ميدان التنافس الحقيقي بين الأفراد والأمم ، والعاقل هو من أدرك هذه الحقيقة وبادر لاستغلال الحياة ووجه جهوده للعمل الأمثل المنتج بأرقى الأساليب وأكثرها عطاءً وإنتاجاً .

والعمل قد يكون وظيفة ، وقد يكون مهنة، وقد يكون تجارة وأعمالاً حرة أخرى .

ولكل منها شروط النجاح الخاصة به ، ولكن قبل ذلك هناك توجيهات عامة في قضايا العمل لابد من الإلمام ، وأخذ النفس بها للنجاح في أي عمل ، وهي :

1. اتق الله حيثما كنت ولا تأكل إلا حلالاً ، وتذكر أن أيُّما لحم نبت بالسحت فالنار أولى به ، فليكن عملك مشروعاً ولتؤديه بصدق وأمانة .

2. احذر ضياع وقتك ، فإن ذلك يعني فشلك في عملك أي عمل كان .

3. اقتل الهم والقلق والاضطراب بالعمل ، واعلم أنه الدواء الناجح الذي يجيده كل إنسان وقليل من يعمل به .

4. عدم تكليف نفسك ما لا تطيق أو ما لا تحسن من العمل ، فإما أن تتجه للعمل الذي تحسنه وتتوفر لديك إمكانات القيام به أو تؤهل نفسك وتسعى لتوفير الإمكانات المطلوبة قبل الإقدام على العمل .

5. المرونة في التعامل مع الأحداث والأشخاص فما لم يكن في الأمر مؤاخذة شرعية أو سيؤدي إلى نتائج حاسمة ومصيرية في العمل ، فتعامل مع الناس وواجه المواقف والأحداث بمرونة وكياسة ، ولا مانع من التوقف أو التراجع خطوة للوراء استعداداً للتقدم بعد ذلك خطوات .

وهذا يستدعي منك حسن الخلق وسلامة المنطق وحسن اختيار الكلمات في التعامل مع الآخرين .

6. لا تعود نفسك على إصدار الأحكام السريعة والوقوع تحت تأثير الانطباعات الأولية في الأحداث وعند مقابلة الأشخاص بل ألزم نفسك باتباع طريقة التأني والتثبت وجمع المعلومات وتحليل المواقف والكلمات قبل إصدار الأحكام .

7. ستقف في أحيان كثيرة في حياتك عند خيارات مختلفة ورُبَّما عند مفترق طرق متعددة ، وقد تكون حاسمة ، وهذا يستلزم منك التفكير في العواقب والنتائج والترجيح بين المصالح والمفاسد لأي من هذه الخيارات ثم حسم الموقف وتحديد الخيار الذي ستسلكه بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى وعدم المساومة على مبادئ الحق والهدى .

8. لا تهمل تنمية وتطوير القدرات والاستفادة من منجزات العلم والمدنية في تطوير أعمالك وزيادة إنتاجك وتحسين أدائك ، وذلك من خلال التدريب والقراءة وحضور الندوات والدورات ومتابعة ما يجد في الساحة مما له علاقة بعملك مثل أجهزة الحاسوب ( الكمبيوتر ) والهاتف والفاكس ونظم المعلومات ومراكز الأبحاث ومؤسسات التدريب وغير ذلك .

9. احذر من التسويف والتأجيل وتراكم الأعمال وسارع لإنجاز أعمالك أولاً بأول والتصدي للمسئوليات ومباشرتها بلا توجس ولا قلق ، فذلك شرط للنجاح في أي عمل تريد ممارسته .

10. قد تفاجأ في عمالك بأوضاع خاطئة فلا تصاب بالإحباط واليأس والاستسلام لها بل بادر لإصلاحها بأسلم الطرق وأكثرها هدوءاً .

***********************************

شروط النجاح الوظيفي

الوظيفة إحدى أهم صور العمل التي يمارسها كثير من الناس ، سواء في إدارات حكومية أو في شركات عامة أو مؤسسات خاصة ، وهناك بعض الشروط التي لابد من توافرها للنجاح الوظيفي ، وهي :

1. تأكد من إنسجامك مع العمل الوظيفي الذي تمارسه ورغبتك فيه ؛ لأنه ما لم يكن هناك انسجامٌ ورغبة في العمل فلن يتمكن الإنسان من العطاء والإبداع ، وبالتالي لن يتحقق النجاح الوظيفي .

2. لابد من توافر المهارات المطلوبة لسير العمل في حدها الأدنى ؛ إذ إن لكل عمل خصائصه التي يلزم من يقوم بهذا العمل أن يلم بها أولاً في جوانبها النظرية وثانياً بالتدريب والممارسة .

3. استفد من خبرات من هم أقدم منك في العمل حتى وإن كانوا أقل منك تعليماً وأدنى شهادة ، فالخبرة العملية لها أهمية قصوى في العمل .

4. استشر رئيسك فيما يعترضك من مشكلات واعرض عليه مدى تقدمك في العمل ، واستمع جيداً لتوجيهاته ، واصغ لسماع رأيه ، وليكن لك مواعيد محددة دائمة معه .

5. ليكن لك لقاءات منتظمة مع العاملين معك من مرؤوسيك وزملائك في العمل لتدارس شئون العمل والتعرف على ما لديهم من مشكلات والتعاون معهم في حل هذه المشكلات ، وقدم لهم التشجيع والأفكار والآراء البناءة وساعدهم في تبني ذلك .

6. قم بتوزيع يوم عملك الوظيفي على المهام المطلوب إنجازها ، وليكن هذا التوزيع ثابتاً دائماً حتى يستفيد منه الآخرون الذين يتعاملون معك ، فمثلاً يُمكن تقسيم يومك الوظيفي بين الأمور الآتية :

وقت لاستعراض ودراسة المعاملات والتقارير ، وليكن في أو الدوام مثلاً .

ثم يعقبه مقابلة المراجعين من خارج الإدارة إن كان في عملك مثل ذلك ، ثم يأتي بعده موعد الاجتماعات مع الموظفين أو العاملين معك أو استقبالهم أو مقابلة رؤسائك في العمل ، ثم استقبال المكالمات الهاتفية ، ثم ليكن نهاية المطاف القيام بالزيارات والجولات الميدانية إن كان العمل يستدعي مثل هذا .

ويُمكن أن يضع الإنسان لوحة على بابه يحدد فيها برنامجه اليومي بالساعة والدقيقة بحيث يعرف المتعاملون معه متى يمكنهم الدخول إليه ومتى لا يمكنهم ذلك ، وهذا النموذج الذي ذكرته ليس إلزامياً ؛ إذ يُمكن أن يختلف ذلك من عمل إلى آخر .

7. يقوم المتخصصون في علم الإدارة : إن الدقة في العمل والاهتمام بتفاصيله والمتابعة له حتى النهاية هي ثالوث الإتقان للعمل الوظيفي إذا أخذت بتوازن أي بدون إهمال لشيء منها أو المبالغة فيه .

8. كن قدوة لغيرك من العاملين معك في النزاهة والصدق والعدالة والالتزام بأوقات الدوام الرسمي والتنفيذ للوائح ونظم المؤسسة والتفاعل الإيجابي معها وتقديم المقترحات البناءة حولها .

********************************

التفويض في العمل الوظيفي

الموظف الناجح هو الذي يتمكن من استقطاب فريق عمل فعَّال حوله ثم ينفخ فيهم روح المبادرة والتضحية والعطاء وينمي مهاراتهم وقدراتهم ويسند إلى كل فرد منهم ما يناسبه من عمل .

والتفويض هو أحد المبادئ الأساسية لمن أراد النجاح في وظيفته ونقيضه المركزية التي تعطل الطاقات وتقتل الإبداع ويمكننا أن نعرّف التفويض : بأنه إسناد بعض العمل إلى غيرك تحت إشرافك ومسئوليتك .

فوائد التفويض :

1. الاستفادة من الطاقات والتخصصات وعدم تعطيلها .

2. تخفيف الأعباء عن المدير أو الرئيس وتوزيعها بين العاملين حوله .

3. سرعة إنجاز العمل حيث يشارك في إنجازه الكثير من العاملين .

4. جودة الأداء ؛ لأن ممارسة التخصص وتخفيف العبء يؤدي غالباً إلى الإتقان .

5. كثرة الإنتاج ؛ لأنه كلما كان الإنجاز أسرع اُستغل باقي الوقت لتحقيق إنجازات جديدة فيكثر الإنتاج .

شروط التفويض الناجح :

1. أن يكون المفوضِّ يملك صلاحية إعطاء التفويض وإلاَّ لكان ذلك مخالفاً لنظم ولوائح المؤسسة التي يعمل فيها .

2. أن يكون المفوَّض لديه الرغبة والمهارة لا داء العمل الذي يسند إليه .

3. تحديد حدود التفويض بدقة زماناً ومكاناً ووسائل وصلاحيات وسلطات وغير ذلك.

4. تحديد كيفية الاتصال وزمانه بين المفوِّض والمفوَّض ، وهذا الاتصال يجب أن يقسم بين المهام الآتية ، الإشراف والتوجيه والتقويم من قبل المسئول والطلب والاستيضاح والاستفسار من قبل المفوَّض .

5. يجب أن تكون العلاقة بين طرفي التفويض وسطاً بين المركزية التي يفقد المفوَّض فيها أي سلطة والانفلات الذي يفقد المسئول فيه حقه في الإشراف والمتابعة وتحمل المسئولية .

***********************************

الاجتماعات في العمل

تعد الاجتماعات إحدى أهم الوسائل التي يتم من خلالها إدارة العمل غير الفردي ، سواء كان هذا العمل مؤقتاً أو مستمراً ودائماً ، وقد دلت بعض الدراسات الحديثة على أن ما بين 40% إلى 75% من وقت العمل يذهب ويقضى في الاجتماعات .

مع أن المنتج والجدي فقط من هذه الاجتماعات هو ما نسبته 25% منها ، وأنت ترى أن الاجتماعات لها بالغ الأهمية في قضايا العمل ، وأن الكثير منها يذهب سدى فكيف يُمكن الاستفادة من الاجتماعات واستبعاد سلبياتها ذلك ما سنحاول إلقاء الضوء عليه في السطور الآتية :

فوائد الاجتماعات :

1. إن وجود الاجتماعات في أي مؤسسة يساعد على تبادل الخبرات بين العاملين .

2. من خلال الاجتماعات يتم تقديم أحدث وأصح المعلومات من أوثق المصادر للمسؤلين بصورة خاصة وللعاملين عموماً .

3. تعطى الفرصة للجميع للمشاركة في اتخاذ القرارات وبالتالي الحماس لتنفيذها وتحمل المسئولية في ذلك .

4. بالاجتماعات تكرّس روح الفريق في العمل الذي لا غنى عنه في الأعمال الكبيرة .

أنواع الاجتماعات :

يمكننا أن نقسم الاجتماعات في أي عمل إلى أقسام عديدة يُمكن حصرها في الآتي :

1. اجتماعات تبادل المعلومات ، هذه الاجتماعات الغرض منها هو تبادل المعلومات بين العاملين بصورة جماعية مما يوفر الوقت والجهد أفضل مما لو تمت بصورة فردية .

2. اجتماعات اتخاذ القرارات ، وهي تختلف عن سابقتها بأن هذه الاجتماعات تكون لأخذ القرارات في القضايا موضوع البحث .

3. اجتماعات البحث والدراسات ، وهذه الاجتماعات الغاية منها التباحث والتدارس من خلال ما يسمى بالعصف الذهني والفكري ، ويُمكن في هذه الاجتماعات تكون أكثر من مجموعة عمل وكل مجموعة تكلف ببحث ودراسة موضوع وجانب جزئي خاص بها ضمن الموضوع العام الذي يبحث .

4. اجتماعات طارئة ، والمراد بها الاجتماعات التي تدعو إليها حاجة طارئة غير متوقعة وغير متضمنة في خطط المؤسسة .

5. اجتماعات روتينية دورية متضمنة في برنامج العمل في المؤسسة .

6. اجتماعات مظهرية شكلية احتفالية إعلامية ومثلها ما يسمى بالاجتماعات البروتوكولية، وهذا النوع يختلف عن سابقاته بأنه اجتماع غير منتج بعكس السابقات.

7. اجتماعات علمية تعليمية ، وهي التي يتلقى فيها التلاميذ العلم على يد معلمهم وأستاذهم .

الاجتماع المنتج :

لكي يكون الاجتماع منتجاً ومثمراً ، ويستفاد منه الفائدة القصوى لابد من جودة الإعداد له وحسن الإدارة أثناءه ودقة المتابعة بعده ، وعلى هذا يمكننا أن نقسم عوامل النجاح إلى ثلاثة أقسام قسم لمرحلة التحضير للاجتماع وقسم أثناءه وقسم بعد الانتهاء منه .

عوامل النجاح أثناء الإعداد للاجتماع ( قبله ) :

1. استبعد الاجتماع عندما لا يكون له حاجة ؛ إذ أنه يصبح حينئذٍ مضيعة للوقت وإهداراً للجهود والإمكانات .

2. يجب تحديد هدف الاجتماع بوضوح قبل الدعوة للاجتماع .

3. لابد من تحديد زمان ومكان الاجتماع بوضوح لا لبس فيه ، وينبغي مراعاة أن يكون ذلك مناسباً لأغلبية المشاركين في الاجتماع .

4. يجب إعداد جدول أعمال الاجتماع قبل الاجتماع بوقت كافٍ ويكون إعداده من قبل لجنة تحضيرية خاصة بذلك أو يكون من قبل الجهة المسئولة عن الاجتماع والداعية له .

5. من لوازم نجاح الاجتماع إبلاغ المشاركين بهدف الاجتماع وجدول أعماله وزمانه ومكانه وما قد يطلب من بعضهم بصورة خاصة ، ويكون ذلك قبل الاجتماع بوقت كافٍ يمكنهم خلاله الاستعداد للاجتماع ويقدر وقت كل اجتماع بما يناسبه .

6. يلزم الجهة التي تعد للاجتماع أن تجهز له ما يحتاج إليه من أوراق وأقلام وغذاء وماء وأجهزة عرض وملفات معلومات ووسائل نقل وأماكن نوم إن طال الاجتماع وأمثال ذلك .

7. لنجاح الاجتماع لابد أن يعد المسئول عن إدارته خطة لذلك .

8. ينبغي لكل مشارك في الاجتماع أن يعد نفسه بدنياً ونفسياً وفكرياً ومعلوماتياً للاجتماع ، وأن يستعرض نفسيات المشاركين في الاجتماع وكيف سيتعامل معهم .

عوامل النجاح أثناء الاجتماع :

1. التزام الجميع بالحضور في الوقت والمكان المحددين سلفاً .

2. الحضور للاجتماع بنشاط وحيوية ، وألا يكون مرهقاً .

3. السلام على الجميع عند الحضور وتحيتهم بتحية الإسلام .

4. افتتاح الاجتماع بحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله ثم تلاوة شيء من القرآن إن أمكن .

5. التعريف بالحضور إن لم يسبق بينهم تعارف وبيان مهمة كل واحد في الاجتماع.

6. اختيار مسئول الاجتماع ومقرره إن لم يسبق بيان ذلك .

7. تذكير الحاضرين بجدول الأعمال وترتبيه في العرض وزمن كل فقرة من الجدول إن أمكن ذلك .

8. تحديد نهاية الاجتماع ليكون الجميع على بينة من أمرهم .

9. إتاحة الفرصة للجميع للمشاركة في الحوار والنقاش بالعدل والسوية .

10. عدم الخروج من أي فقرة من فقرات جدول الأعمال قبل اتخاذ قرار محدد وواضح فيها وتسجيل ذلك أولاً بأول ولابد أن تكون القرارات بالإجماع أو الأغلبية من الحاضرين أو حسب لوائح ونظم المؤسسة .

11. لفت نظر أي عضو يخرج في حديثه عن موضوع الاجتماع ، أو يعود للحديث فيه بعد اتخاذ قرار فيه، أو يسيء إلى غيره، وليكن هذا التذكير بأدب ولطف في العبارة.

12. في نهاية الاجتماع تعلن القرارات والنتائج التي تم التوصل إليها وما يخص كل عضو منها .

13. إنهاء الاجتماع في وقته المحدد وعدم تمديده إلا لضرورة أو بموافقة الحاضرين .

عوامل النجاح بعد الاجتماع :

1. تزويد كل عضو بما يخصه من قرارات الاجتماع .

2. تبليغ الجهات التي لم تحضر الاجتماع بما يجب عليها تنفيذه من قراراته .

3. حسن توديع المشاركين في الاجتماع .

4. وضع خطة تنفيذية لتنفيذ قرارات الاجتماع ودوام متابعة ذلك وتقويم مدى التقدم نحو تحقيق هدف الاجتماع .

أسباب فشل الاجتماعات :

1. عدم وضوح الهدف من الاجتماع لدى المشاركين فيه أو عدم قناعتهم بهذا الهدف .

2. عدم التخطيط الكافي للاجتماع من حيث إدارته أو وضع جدول أعماله أو تجهيز احتياجاته .

3. سوء التبليغ للمشاركين بجدول الأعمال وهدف الاجتماع وزمانه ومكانه .

4. عدم حضور المشاركين في الزمان أو المكان لهما .

5. اختيار وقت غير مناسب للاجتماع أو غير كاف له .

6. عدم أهلية المشاركين في الاجتماع إماً لإرهاق بدني أو عدم قناعة نفسية أو عدم توفر المعلومات الكافية لديهم مما يفقدهم القدرة على المساهمة والعطاء وإثراء الموضوع .

7. الاشتغال أثناء الاجتماع بغير جدول أعماله كالهاتف مثلاً والإكثار من الخروج والدخول .

8. عدم التوصل لقرارات محددة في موضوعات الاجتماع أو عدم وضوح القرارات لدى المشاركين .

9. الغلظة والقسوة أو التسيب والإهمال في إدارة الاجتماع .

10. فقدان التنفيذ الناجح والكفء للقراءات الصادرة عن الاجتماع .

وسائل بناء الثقة بينك

وبين زملائك في العمل

بالإضافة لما سبق بيانه في موضوع بناء العلاقات مع الآخرين ، الذي أوضحتُ فيه كيفية التعامل مع الآخرين عموماً من أجل كسب ثقتهم وبناء العلاقات معهم ، فإن لزملاء العمل خصوصية من حيث كثرة الاحتكاك بهم وضرورة حسن العلاقة بينهم لنجاح العمل ، وأهم الخطوات التي يجب الأخذ بها لتحقيق هذه الغاية ، هي :

1. كن حريصاً على عملك أميناً في القيام بها يجب عليك فيه لتنال احترام زملائك .

2. تمتع بالأخلاق العالية والسلوك المستقيم في التعامل مع زملائك ، كن بشوش الوجه عف اللسان تعفوا عمن أخطأ ، وتثني على من أحسن .

3. احرص على نظافة لباسك وطيب رائحتك لتريح من حولك .

4. أظهر اهتمامك بزملائك من خلال مشاركتهم أفراحهم وأحزانهم وإبداء الرأي والنصيحة لهم وتقديم الهدايا في المناسبات والمساعدة المادية إذا استطعت ذلك لمن يحتاج منهم مع دوام السؤال عنهم وعن أسرهم وأحوالهم ، وبخاصة إذا كنت أنت المسئول عنهم في العمل ، ولا تتردد في مساعدتهم فيما قد يعرض لهم من مشكلات في العمل .

5. شاركهم في بعض المباريات الرياضية أو الرحلات الترفيهية خارج مكان العمل وبعيداً عن أجوائه ولكن لا تكثر من ذلك .

6. احذر أن تبدو غامضاً أمام زملائك ، وتحدث عن نفسك وحياتك وأفكارك وأحوالك أمامهم ولكن لا تكثر من ذلك فتبدو ممجوجاً أنانياً في نظرهم ، ولا تتعمق في ذلك وتنشر أسرارك فتصبح تحت رحمة الأشقياء منهم بدلاً من كسب ثقتهم .

7. احرص على تجنب ذكر ما يثير حساسيات زملائك في العمل مثل ما تتنابز به القبائل أو الأسر أو المناطق أو ما قد يكون صدر منه أو من بعض أقاربه مما يشين أو ما قد يكون فيه من عيوب خلْقية أو غيره .

فإن ذلك يثير في النفس حقداً وغضباً في الغالب وإن كان كامناً لكنه يوجه كثيراً من سلوكيات الشخص الآخر نحوك بعد ذلك ، وإذا احتاج الأمر لنصيحة أو إصلاح فله أسلوبه وطريقته .

8. لا تطلق لعواطفك العنان في توجيه تعاملك مع زملائك سلباً أو إيجابياً بل كن متوسطاً في كل ذلك حكيماً في وضع الأمور في مواضعها ، لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً .

*****************************************

التعامل مع الأشخاص المشاكسين في العمل

مهما بذل الإنسان من جهود وتحلى به من أخلاق واستخدم من وسائل علمية ونفسية لكسب ثقةٍ الآخرين وبناء علاقات حسنة معهم فسيلقى بعد ذلك حتماً أناساً متعبين لمن حولهم ولأنفسهم أيضاً فكيف يكون التعامل مع هؤلاء الصنف من الناس عندهم تبتلى بهم كزملاء لك في العمل ؟ :

أ) – أن يؤهل الإنسان نفسه لتحمل المشكلات والصبر على المزعجات ومواجهة آثارها ، وذلك بالآتي :

1. بناء الثقة في النفس كما تقدم في حديث سابق .

2. الاعتناء بالجسم في الأكل والنوم والرياضة كما تقدم معنا .

3. أن توجد في نفسك الشعور بالإيجابية والثبات والتفاؤل ، وقد تقدم أيضاً الحديث عنه.

4. التعود على الحديث والحوار مع الناس بثبات .

5. عدم الهروب من المشكلات بل مواجهتها بطرق علمية وأسلوب عقلاني هادئ .

6. استبعاد الانفجارات المؤذية والانفعالات المثيرة في مواجهة المشكلات .

ب) – دراسة المشكلة والتخطيط لحلها ، وذلك على النحو الآتي :

1. قبل التفكير في المشكلة توضأ وأكثر من ذكر الله وتنفل لله بركعتين واسأل الله أن يمدك بعونه وتوفيقه .

2. قم بعملية استرخاء تريح فيها أعصابك وجسمك بعيداً عن الضوضاء .

3. ابدأ التفكير في الزميل المشكلة ، وليكن بداية التفكير في ذلك هو أن تحاول تحديد أي تصرفاته يثير المشكلات بالنسبة لك ، وما هي دوافعه إلى هذا التصريف ، هل المشكلة مثلاً عباراته النابية أو تعاليه على الآخرين أو شكه في تصرفاتهم أو نقده لأعمالهم باستمرار أو حسده لهم على مراكزهم وإنجازاتهم أو غير ذلك من التصرفات والدوافع ، المهم هو تحديد المشكلة بدقة .

4. معرفة الأثر الحقيقي لما يثيره هذا الزميل من مشكلات عليك وعلى عملك ، فمثلاً هل أصبحت تتضايق من أجواء العمل فأصبحت تفكر في الانتقال لعمل آخر هرباً من مواجهة هذه المتاعب ؟ ، هل أصبحت تتغيب عن عملك ؟ ، هل نسيت أهدافك من ممارسة هذا العمل ؟ ، هل قلَّ إنتاجك أو تضاءلت جودة عملك ؟ ، غير ذلك من الآثار التي لا يُمكن حصرها هنا .

5. بناء على ما تقدم حدد أفضل السبل وأنجح الخيارات لتجاوز هذه المشكلة وتجنب آثارها عليك وعلى عملك ، وكن موضوعياً هادئاً في اختيارك للحل مراعياً لما يترتب على ذلك من مصالح ومفاسد أو مكاسب ومضار .

فقد يكون الحل هو تجاهل المشكلة ومصدرها أو السعي لنقله من مقر عملك إلى مكان آخر أو انتقالك أنت إلى عمل آخر أو مواجهة هذا الإنسان والحوار معه .

6. لنفترض أن الحل الذي قررت اختياره هو البقاء في عملك ومواجهة هذا الشخص والحوار معه لتغيير أسلوبه .

عند ذلك رتب أفكارك واستحضر حججك وأمثلتك وحدد كلماتك وحركاتك ونظرات عينيك ونبرات صوتك التي ستواجهه بها لتحقق مجتمعة ما تريد فعله وما تطمح إلى تغييره في هذا الشخص .

7. توقع رد فعله بعد مخاطبتك له ، وليكن هذا التوقع مبنياً على معرفتك السابقة بنفسيته وأنماطه السلوكية في التعامل مع الآخرين .

8. عدم خطتك بناء على ما توقعته من رد فعله ، وليكن هدفك إنهاء أو تقليل ما يثيره حولك من مشكلات ، واحذر أن تؤدي محاولتك إلى إثارة الجدل واشتداد الخصومة وتزايد المشكلة ، بل احرص على أن تحسمها أو تقلل آثارها فقط .

9. بعد أن تصبح خطتك في صورتها النهائية اكتبها في ورقة وراجعها أكثر من مرة، ولا تكتفي بما تختزنه الذاكرة عن المشكلة وسبل مواجهتها إلا بعد تجربة مثمرة وطويلة في حل المشكلات بالطريقة السابقة .

10. يُمكنك أن تستشير من تثق في عقله ودينه من زملاء العمل أو غيرهم فيما تنوي فعله وسجل ملحوظاته ونصائحه في ورقة خاصة ثم فكر بعد ذلك في مدى إمكانية الاستفادة منها .

جـ) – الخطوات العلمية لحل المشكلة مع صاحبها ومصدرها :

بعد أن قمت بإعداد نفسك لمواجهة المشكلات عموماًُ ثم تلوث ذلك بإعداد خطتك المناسبة لحل هذه المشكلة لم يبق إلا تنفيذ ما أعددته علمياً ، وأهم الخطوات لذلك هي :

1. اختر الزمان والمكان المناسبين للحديث في الموضوع مع الطرف الآخر ، وذلك حين يكون فارغاً هادئاً مستعداً للحوار ، وتتوقع منه أن يكون أقرب للموضوعية ، وأن يتفهم حاجات ، وتتوقع منه أن يكون أقرب للموضوعية ، وأن يتفهم حاجات الآخرين ، ويتنازل عن بعض مواقفه من أجلهم .

2. تفاوض مع الشخص باحترام وانتقاء للعبارات واطلب مساعدته في حل المشكلة بعد معرفة رأيه في تشخيصك لها .

3. اطرح ما تراه من حلول ومقترحات للمشكلة والتي سبق وأن أعددتها ، وليكن طرحك بأسلوبك مناسب وبين له ما في هذه الحلول من فوائد للجميع .

4. تجاوب مع ما قد يطرحه من أفكار ومقترحات مفيدة وإيجابية، وأظهر العطف على ما بيديه من حاجة وضعف ، واقترح له بدائل لما يظنه من فوائد في إثارته للمشكلات أمامك .

5. اختم اللقاء بتحديد النقاط المشتركة التي أمكن التوصل إليها مع بيان واجب كل واحد منكما حيالها .

6. حدد موعد لقاء آخر إذا بقي هناك من الأمور ما يستحق البحث والحوار .

7. تابع تنفيذ ما تم التوصل إليه وتحقيقه مع تقويم وقياس مدى التقدم في ذلك .

8. يجب أن تكون أعصابك هادئة وتتمتع براحة بدنية ونفسية أثناء الحوار ، وحبذا أن يسبقه فترة استرخاء كافية .

9. قدم مكافأة للشخص الآخر على ما تلاحظه من تعاون وتقدم من جانبه في حل المشكلة ولما يبديه من التزام بما تم الاتفاق عليه ، وآظهر العطف عليه والاحترام له والابتسام في وجهه والثناء على مسلكه الجديد أمام زملاء العمل والإهداء له إذا كان ذلك مناسباً ومساعدته في حل مشكلات عمله وتقديم المساعدة له في ذلك .

*******************************

رفع الإنتاجية

إن زيادة الإنتاج وجودته هي الغاية من أي عمل يمارسه الإنسان في الحياة ، وما لم يقابل العمل إنتاج متجدد فهو جهد ضائع وطاقة مهدرة ؛ ولذلك فإن من أهم ما يسعى الأفراد والمؤسسات إليه باستمرار هو زيادة إنتاجهم ولعلاقة ذلك بالعمل رأيت أن أذكر بعض الإرشادات العامة التي يُمكن أن تساعد الآخذ بها على زيادة الإنتاج ورفع مستواه في أي عمل كان .

عناصر وأسس التأثير في الإنتاج :

1. المال .

2. الأفكار المبدعة .

3. الإدارة الناجحة .

4. اليد المدربة العاملة .

5. الموارد الأولية .

6. الآلات والأجهزة .

7. التسويق الجيد للإنتاج .

كيف يُمكن رفع الإنتاج ؟ :

1. لابد من إيجاد قواسم مشتركة بينك وبين العمل قبل الإقدام على ممارسة العمل ، وهذا يستدعي منك دراسة العمل والقناعة بجدواه وأهميته لتصبح أهداف العمل أهدافاً شخصية لك لا يمكنك التنازل عن تحقيقها .

2. فهم العمل ومعرفة احتياجاته وطبيعته شرط للرقي بها .

3. توفير الحاجات الأساسية للعمل من تأهيل وتدريب شخصي للعاملين وإمكانات مادية من الآلات ومعدات ومواد خام وتذليل للمعوقات .

4. إخلاء الذهن من الشواغل الأخرى وتفريغ كامل الفكر أثناء العمل له .

5. من أهم وسائل رفع الإنتاج ما يقوم به رؤساء العمل ومسئولوه من مكافأة أصحاب الإنتاج العالي والإنجاز السريع المتقن وبذل التشجيع والحوافز لهم ، وهذه المكافآت قد تكون شهادات شكر وتقدير ، على أنه ينبغي مراعاة وجود آلية دقيقة وموضوعية لتقييم إنتاج العاملين بعيداً عن المحسوبية والمحاباة في هذا الحقل تماماً .

6. إشعار العاملين بالأمن الوظيفي وحماية مستقبلهم وحقوقهم وحقوق أسرهم من بعدهم ؛ لأن شعور العامل بأنه قد يكون عرضة لقرارات تعسفية غير عادية ولا منصفة في أي وقت يحول بينه وبين التفرغ الذهني بل والبدني للعمل والإنتاج .

7. ألزم نفسك بألا يذهب شيء من وقت العمل لغيره ؛ لأن ذلك أولاً من الأمانة التي ستسأل عنها بين يدي الله ؛ ولأنه ثانياً يؤثر على الإنتاج سلباً وإيجاباً أبلغ تأثير .

8. استفد من تجارب وخيرات من سبقوك لمثل هذا العمل بالاتصال الشخصي والمكاتبة والاستشارة في بعض الموضوعات المحددة .

9. تابع كل جديد في مجال عملك ، واحرص على الاستفادة منه ، ومن أفضل الوسائل لهذه المتابعة دوام الاطلاع على المجلات والدوريات المتخصصة في هذا المجال ومكاتبة مراكز التدريب والأبحاث والمعارض وزيارتها إذا سنحت الفرصة .

10. اهتم بتنمية خصائص الإبداع والتجديد والابتكار لديك بصورة عامة وفي مجال عملك بصورة خاصة من خلال القراءات والدورات التدريبية وحضور الندوات والمحاضرات المهمة بهذا الجانب .

11. أعط نفسك حقها من الإجازات والراحة الكافية .

12. احتفظ بعلاقات أخوية حسنة ودائمة مع رؤسائك وزملائك ومرؤوسيك في العمل .

مظاهر ودلائل ضعف الإنتاج في العمل :

1. عدم وجود خطة ناجحة واضحة للعمل بل يخبط العامل فيه خبط عشواء .

2. عدم تنفيذ الخطة الموضوعية واستبدالها بالاجتهادات الشخصية .

3. الانشغال بأمور أخرى أثناء وقت العمل .

4. الحضور متأخراً والانصراف مبكراً عن وقت الدوام الرسمي للمؤسسة .

5. الإكثار من الاعتذارات والإجازات والتوسل لذلك بأي وسيلة .

6. كراهة مقابلة المسئول والمناقشة والحوار معه في أمور العمل .

7. كثرة النسيان لما يكلف به الموظف أو العامل أو تظاهره بذلك .

أسباب قلة الإنتاج في العمل :

1. عدم الاقتناع بالعمل من قبل العامل .

2. عدم فهم العمل واستيعابه والتوائم معه .

3. عدم القدرة على إنجاز العمل وأدائه على الوجه المطلوب إمَّا لأسباب ذاتية في العمل أو لنقص في الإمكانات المتوفرة له أو لوجود معوقات لم يتم تذليلها وتجاوزها .

4. تقديم غير العمل عليه أو مزاحمته له في اهتمام العامل .

5. عدم الجدية في حياة العامل .

6. إحساس العامل بعدم التقدير لمن ينتجون وينجزون في المؤسسة .

7. وجود المشكلات مع زملاء العمل من رؤسائه ومرؤسية وغيرهم .

الإدارة في سطور

ما من عمل إلا ويحتاج إلى إدارة ، فالإدارة هي التي يحتاجها الجميع ، ويتخصص فيها البعض فرب الأسرة والموظف والتاجر والفلاح والراعي كل منهم يحتاج إلى الإدارة في عمله ، وهذه بعض الأفكار العامة في قضايا الإدارة ، وبالذات إدارة العاملين في الأعمال الوظيفية .

ما هي الإدارة ؟ :

هي التخطيط ثم التنفيذ لاستغلال الإمكانات الممكنة والتنسيق بينها لتحقيق الأهداف المتوخاة في ظل التوجيه والرقابة .

أنواع الإدارة :

نتيجة لتطور علم الإدارة وكثرة الدراسات والأبحاث فيه استطاع الدارسون لعلم الإدارة تمييز أنواع كثيرة من الأساليب الإدارية وهذا التمييز قائم على رصد للواقع في حياة الناس ، وهذه أهم هذه الأنواع :

1. الإدارة باللوائح : وهي القائمة على الغلو في تطبيق النظم واللوائح دون مراعاة لما قد يترتب على هذا الغلو من إضرار بالعاملين أو إهدار للأهداف التي من أجلها قام العمل ووجدت المؤسسة ، وهذه الإدارة تفتقد لروح الإبداع والتجديد والابتكار وتعادي المغامرة والتطوير وهي إدارة تقليدية .

2. إدارة رد الفعل : وهي الإدارة القائمة على انتظار ما يفعله الآخرون ثم تقوم هي بعد ذلك برد الفعل فهي دائماً متأثرة بغيرها في موقف التابع أو المدافع لا تخطيط ولا لوائح ولا نظم ، فضلاً عن التطوير والتجديد .

3. إدارة الأزمات : وهي الإدارة المتخصصة في مواجهة الطوارئ والأزمات التي هي غير دائمة .

4. إدارة الجاذبية الشخصية : وهي الإدارة التي تقوم على ما يتمتع به المسئول من جاذبية وقوة شخصية فهي تدور حول شخص المدير لا حول العمل ولوائحه وخططه وأهدافه

5. إدارة التنازل في كل موقف : وهي التي تقوم على التنازل عن الحقوق والرضى بالواقع والخشية من مواجهة المشكلات ، والحرص على استرضاء الآخرين .

6. إدارة الأنباء السارة : وهي التي تقوم على افتعال أو تضخيم الإنجازات والأنباء السارة للمؤسسة أو العاملين مع تجاهل المشكلات وعدم الموضوعية في النظر للأمور حتى تقع الكارثة .

7. إدارة التفويض المطلق : وهي الإدارة التي تقوم على تسليم زمام الأمور للموظف في كل شيء وعدم متابعته ولا محاسبته .

8. إدارة المشاركة : وهي التي تقوم على المشاركة بين المدير والعاملين حوله في تحمل المسئولية واتخاذ القرار وتنفيذه بعد ذلك .

9. إدارة الأهداف : وهي التي تقوم على إبراز الأهداف للعاملين بشكل واضح ثم تقسيم تحقيق هذه الأهداف والسعي لها على العاملين بحيث يسعى كل فرد باستمرار لتحقيق هدف محدد واضح ضمن مجموعة أهداف العمل والمؤسسة .

شروط نجاح العملية الإدارية :

1. توفر المعلومات وحسن ترتيبها وتصنيفها على جميع مستويات العمل .

2. تسهيل الاتصالات بين العاملين في المؤسسة وعدم إقامة الحواجز بين المسئول والعاملين .

3. إيجاد الحوافز المشجعة وإكرام المبرزين ولفت نظر المقصرين .

4. الثقة المتبادلة بين العاملين من مسئولين وغيرهم والعلاقات الأخوية الطيبة والمودة والألفة بينهم مع الانضباط والطاعة المبصَّرة في العمل مما يؤدي إلى العمل بروح الفريق المتعاون .

5. معرفة قدرات وطاقات العاملين وتوجيهها التوجيه السليم .

6. تحديد الاختصاصات والصلاحيات وعدم تداخلها واضطرابها .

7. الحزم في مواجهة المشكلات واتخاذ القرارات .

8. وقبل ذلك كله وضوح الأهداف من العمل لدى جميع العاملين في المؤسسة كل حسب موقعه .

أنواع المديرين :

1. المدير المهتم بالعمل المهمل للعاملين ، وهو الحريص على أداء الدوام كاملاً والتطبيق الحرفي للوائح والنظم التي وضعت لحماية العمل لكنه لا يخطر على باله حقوق العاملين ولا حاجاتهم ولا كسب ودهم ولا مراعاة ظروفهم ، وهذا ينجح مؤقتاً لكن مآله إلى تفجر المشكلات وإثارة الضغائن وفشل العمل .

2. المدير المهتم بالعاملين على حساب العمل ، وهو عكس السابق تماماً وفشله في النهاية أشد من سابقه .

3. المدير السلبي الذي لا يهتم إلا بنفسه لا يفكر في العمل ولا العاملين إلا بمقدار ما يخدم مصالحه أو نزواته الشخصية وهو الدمار للعباد والبلاد .

4. المدير المتوازن الذي يعطي العمل حقه والعامل ولا ينسى في غمرة العمل حقوق نفسه وهو المدير الناجح .

صفات المدير الناجح :

1. الأمانة : وهي شرط لنجاح كل عمل لكنها في المسئول أكثر ضرورة ؛ لأنه مؤتمن على حقوق المؤسسة وحقوق الموظفين فما لم يكن أميناً ضاعت الحقوق وفشل العمل وأخفقت الإدارة ، وإذا كان الإخلاص للعمل شرطاً لنجاحه فإن الإخلاص لا يوجد إلا حيث وجدت الأمانة .

2. العلم والخبرة : العمل بالإدارة والعلم بالتخصص الذي هو مجال العمل والخبرة العملية في هذا التخصص ؛ إذ بدون العلم يبقى المدير تقليدياً يمارس ما تعلمه في ميدان العمل عبر السنين ، وبدون الخبرة يبقى علم المدير نظرياً لا يسعفه عند الحاجة إليه في المواقف العلمية .

3. القوة والقدرة على التنفيذ : فمن لا يمتلك القوة لا يستطيع أن يضبط العاملين معه بل يسيرونه هم حسب رغباتهم ومصالحهم ، ومن لا يملك الصلاحيات والقدرة على تنفيذ القرارات ليس أكثر من ديكور وضع على مكتب .

4. التواضع في التعامل مع الموظفين والجمهور الذي له علاقة بالمؤسسة ، فكما أنه يجب أن يكون المدير قوياً في غير عنف فكذلك يجب أن يكون متواضعاً في غير ضعف ليكسب القلوب فيسعى الجميع للتعاون معه .

5. الحلم والصبر : وهما شرطان لكل من تصدرّ في هذه الحياة وبدونهما فلا سيادة ولا ريادة .

6. الصدق : لأن الكاذب لا يثق به أحد ، وبالتالي يفقد احترام الآخرين وتعاونهم .

7. المشاروة : لأن المستبد قد يسيّر أجساد الناس للعمل لكن بدون قلوبهم ولا إخلاصهم ولا طاقاتهم ، وقد يسيِّرهم باستمرار لكن في أعمال يكثر خطؤها ويقل صوابها .

8. الاعتراف بالخطأ إذا تبين : والاعتذار والرجوع عنه وعدم الإصرار عليه .

9. الدهاء والفراسة فلا يخدع بسهولة وإن كان صدقه يمنعه من خديعة الآخرين .

********************************

فن التفاوض

التفاوض والحوار من لوازم الحياة البشرية يحتاجه الإنسان في بيته ومع أسرته ويحتاجه في عمله مع زملائه أو مع مجموعات أخرى تمثل مصالح ورأى جهات أخرى غير جهة عمله ، وتعلم التفاوض لتحقيق أفضل النتائج أصبح علماً يدرس في الجامعات ، وقد برع فيه الغربيون في هذا العصر وحققوا من خلاله كثيراً من النجاحات في السيطرة على العالم وبخاصة فيما يسمى بالمفاوضات السياسية أو الاقتصادية .

وقد برع المسلمون الأوائل في فنون المفاوضات والحوار والجدل والمناظرة ، وألفُوا في ذلك الكتب وفرَّقوا بين كل فنٍّ وآخر مستندين إلى أصول هذه الفنون في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن الأجيال اللاحقة في القرون المتأخرة قصروا في ذلك كما وقع التقصير في غيره من الأمور التي بسببها عم التخلف .

ولا يُمكن في مثل هذه العجالة أن يُستقصى موضوع التفاوض والحوار ، ولكن يكفي ذكر بعض الجوانب المهمة فيه ، والتي من خلال الاطلاع عليها يُمكن القارئ أن يحسّن من قدرته في موضوع التفاوض .

وأهم هذه الجوانب هي :

أ) – التحضير للمفاوضات ، وذلك بدراسة المشكلة والتخطيط للتفاوض حولها ، ويتم هذا التحضير من خلال العناصر الآتية :

1. تحديد المشكلة بصورة واضحة التي هي محل الخلاف بينك وبين الطرف الآخر الذي سيتفاوض معك ؛ إذ أن الدخول في المفاوضات بدون الإلمام بالمشكلة على حقيقتها سيعني الفشل أو الهزيمة .

2. معرفة أطراف الخلاف ؛ إذ أن عدم معرفة الجهة الأخرى التي ستفاوضك سيجعلك تفاجأ عند إجراء المفاوضات فقد يواجهك طرف واحد وقد يواجهك أكثر من طرف وكل طرف يمثل جهة لها مصالحها وأفكارها الخاصة بها .

3. معرفة رأي كل طرف على حدة، وما هي نقاط الاتفاق مع كل رأي والاختلاف معه؟ ، وما هي عناصر الاتفاق بينهم والاختلاف ؟ ، وما مدى إمكانية التفاهم مع بعضهم وإن أدى ذلك لعدم التفاهم مع البعض الآخر ؟ .

4. دراسة الأشخاص أو الشخص الذي سيمثل كل جهة في المفاوضات ؛ لأنه مهما كانت آراء وأفكار ومصالح الجهة فإن الاختلاف بين من يتولى تمثيل تلك الجهة والتفاوض باسمها وبين غيره في النواحي الشخصية سيؤثر ، ولا شك في سير المفاوضات .

وهذه الدراسة يجب أن تشمل الجوانب الشخصية المختلفة من النواحي التاريخية والسلوكية والفكرية والثقافية والخلقية والنفسية ، وأي جوانب أخرى يُمكن أن تدرس في شخصية المفاوض ، والذي سيكونُ أكثر معرفة وعلماً بالآخر من المفاوضين هو الذي سينجح في الغالب في الغالب في السيطرة على الآخر واحتوائه .

ب) – وضع الخطة المناسبة للتفاوض ؛ لأنه بعد التحضير للمفاوضات بالدراسات السابقة ينبغي وضع خطة عملية لسير المفاوضات ، وأهم عناصر هذه الخطة هي :

1. تحديد أهدافك من المفاوضات بشكل واضح وترتيب هذه الأهداف على دراجات بين أقصى طموح تسعى إليه وأدنى حد يُمكن أن تقبل به ، وفي هذا أوصي بالرجوع لمبحث صناعة الأهداف في أول هذا الكتاب .

2. توقع الأهداف التي يسعى الآخرون لتحقيقها من خلال المفاوضات ، وما هو الحد الأدنى الذي يمكنهم القبول به ؟ .

3. إيجاد بدائل مقنعة ومقبولة لدى الآخرين لتقديمها لهم في حالة عدم قبولك بأهدافهم .

4. وضع الأساليب المناسبة للتأثير على الآخرين لإقناعهم بقبول ما تطمح إليه من أهداف ، ومحاولة إقناعهم بأن تحقيق أهدافك إمَّا يخدم مصالحهم أو على الأقل لن يؤدي للإضرار بها .

واحرص على عدم استفزازهم في الجوانب الشخصية أثناء المفاوضات .

5. كسب الأشخاص المفاوضين تمهيداً لكسب القضية والنجاح في المفاوضات ، ويُمكن الرجوع في ذلك لفصول سابقة من الكتاب .

6. التركيز والاهتمام بالأهداف والغاية والتغاضي عن الشكليات والمواقف الاستعراضية والبيانات الإعلامية ما لم يكن ذلك هدفاً في حد ذاته .

7. توقع الاحتمالات المختلفة أثناء التفاوض وتجهيز الحلول المناسبة لها والاحتفاظ بها إلى وقت الحاجة .

8. وضع الحلول الوسط الممكنة والمقبولة من الطرفين عند تعذر التفاهم وقبول أحد الطرفين بما يطمح إليه الآخر شريطة ألا ينزل ذلك عن الحد الأدنى المقبول من الأهداف

9. التدرب الكافي على تنفيذ الخطة الموضوعة قبل بدء المفاوضات .

جـ) – مباشرة العملية التفاوضية وأهم مراحلها هي :

مرحلة الاستطلاع والتعرف على الفريق المفاوض والاحتكاك به عن قرب والتأكد من صحة دراساتك السابقة وخطتك التي تسير على ضوئها ومراجعة ما قد يحتاج إلى مراجعة وتعديل من ذلك .

مرحلة المواجهة للمشكلة والتباحث والحوار حولها وهي أهم مراحل التفاوض ، وينبغي في هذه المرحلة ترتيب الأفكار وحسن الإصغاء والصبر على ما قد يبدر من الآخرين من جفاء وخشونة ، كذلك ينبغي قبول ما عنده من حق والاعتراف بالخطأ والرجوع عنه قدر الإمكان ومراعاة مستوى وثقافة من تخاطبه وتنويع أساليب الحديث والعرض لقضيتك والاستفهام عما قد يشكل عليك من كلامه قبل الإجابة .

وخلال ذلك كله حاول البحث عن نقطة مشتركة بينك وبينه مهما كانت صغيرة للانطلاق منها نحو تفاهم أكبر واتفاق أعماق .

مرحلة اتخاذ القرار عند الاتفاق على أي شيء ، أمَّا عند تأزم الموقف وعدم الوصول لحل ، فينبغي توقف المفاوضات وتأجيل البحث عن حل إلى وقت آخر .

مرحلة التقييم والدراسة لنتائج المفاوضات والإعداد للجولات القادمة إن كان هناك جولات قادمة أو السعي لتنفيذ ما اتفق عليه .

ومما يجدر ذكره أن التحضير للمفاوضات والتخطيط لها قد يتولاه فريق متكامل غير من سيقول بإجراء المفاوضات وقد يقوم بالعملية كلها جهة واحدة .

تطوير العمل

( الرؤية المستقبلية )

إن القائمين على إدارة العمل أي عمل وبخاصة الأعمال التجارية على اختلاف أنواعها وبصورة أدق المؤسسات الكبرى يحتاجون إلى التخطيط البعيد المدى ولعقود من الزمن لتطوير أعمالهم والرقي بها والتقدم الدائم نحو أهدافها والتوسع في أعمالها وارتياد آفاق المنافسة والإبداع والابتكار .

وعلى هذا فمل من يتصدى لمثل هذه الأعمال لأبدَّ أن يكون لديه إلمام بكيفية بناء الرؤية المستقبلية للعمل الذي هو معنٌّي به .

وهذا هو الفارق بين أصحاب الأعمال الرائدة الدائمة المتطورة وبين أصحاب الأعمال التي قد تحقق نجاحاً محدوداً مؤقتاً لكنها بعد ذلك تخفق في الاستمرار مع مستجدات الزمن وتقلبات الأيام .

وإليك خلاص بعض الدراسات التي قام بها بعض المتخصصين في هذا المجال مستفادة من بعض الترجمات في هذا الباب :

الفرق بين الثابت والمتغير في الأهداف :

إنَّ أي عمل يقيمه ويمارسه الإنسان فرداً أو جماعة لابُدَّ أن يكون له غاية وهدف من ذلك العمل ، والأهداف والغايات منها الثابت الدائم الباقي ببقاء العمل ومنها المرحلي المتغير الذي هو محدود بزمان محدد وبتحقيقه يتم الانتقال إلى هدف آخر .

وهذه الأهداف المرحلية هي محطات في طريق السعي الدائم لتحقيق الهدف الأسمى والأكبر ، وإن أول شروط النجاح في بناء الرؤية المستقبلية هي التفريق بين الهدف الثابت الدائم الذي تسعى لتحقيق المزيد منه باستمرار وبين الأهداف المرحلية المتغيرة المنتهية بنهاية مرحلة معينة .

تعريف الرؤية المستقبلية :

هي التطوير المستمر للمتغيرات في سبيل الإنجاز الأكثر للثوابت والحافظ الأشمل عليها.

وعلى هذا فنحن في حاجة إلى حديث عن الثوابت في العمل ماذا تعني ، وحديث بعد ذلك عن المتغيرات ماذا تعني ؟ .

القيم والأهداف الدائمة والثوابت :

لكل عمل يقام هدف وغاية دائمة بدوام العمل ، وهذه الغايات والأهداف والقيم الثابتة لابد أن تكون قليلة في عددها لكنها بالغة الأهمية والإحاطة في توجيه العمل وتبريره في كل زمان أو مكان يمارس فيه هذا العمل ، والإهمال أو التفريط لهذه الغاية أو ذلك الهدف يعني الانتهاء فوراً من أي مبرر لوجود هذا العمل .

ولنضرب مثالاً يفهمه كل مسلم فنقول : غاية وجود الإنسان عبادة الله سبحانه وتعالى : ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، فإذا أهملت هذه الغاية أي لم يعبد الإنسان ربه إما تخلى عن العبادة بالكلية أو عبد غير الله، فإن وجوده حينئذٍ يصبح لا معنى له ولا تبرير له على الإطلاق .

وهذا الغاية والهدف دائم ما دامت الحياة ، فهو من الثوابت التي لا يطرأ عليها التغيير أبداً ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ .

ولو أردنا أن نطبق هذا في عالم الأعمال فقلنا مثلاً : إن مجموعة من الناس أنشأوا شركة لممارسة عمل من الأعمال فلابدَّ أن يكون في أذهانهم وبصورة واضحة هدفاً وغاية ثابتة دائمة بدوام الشركة ، وهذا الهدف لو افترضنا أن الشركة استمرت 50 عاماً لا يجوز أن يكون مدة تحققه عشر سنوات فقط وبعدها يبحث عن هدف آخر غيره ؛ لأنه يصبح حينئذٍ من المتغيرات لا من الثوابت والغايات الثابتة يجب أن تكون المرشد الدائم لكل من يعمل في الشركة مثل النجم القطبي للمسافر نحو الشمال يراه دائماً أمامه مهما تواصل سيره والغاية الثابتة الدائمة لأي عمل هي التي تربط أجزاء المؤسسة مع بعضها وتوحد العاملين فيها في سيرهم لتحقيق تلك الغايات والأهداف .

وهي غايات وأهداف متجددة بمعنى أنها مستمرة ويجب كما قلت قبل أن تكون محدودة العدد ؛ لأن الكثرة من علامات التغير ، وفي عالم الأعمال قد لا تتجاوز هذه الغايات أربع غايات وقل أن تصل إلى ست .

وعلى هذا فيجب التفريق بين الغايات الجوهرية الدائمة والخبرات العملية والخطط والسياسات العامة في العمل .

إن الغايات الثابتة يجب أن تقاوم اختيارات الزمن ويجب أن تطرح السؤال الآتي على كل غاية تحددها لعملك: هل يُمكن أن أتخلى عن هذه الغاية في يوم من الأيام مع استمرار العمل؟

إن كانت الإجابة بنعم ، فانقل هذه الغاية أو ذلك الهدف من سلم الثوابت إلى إطار المتغيرات القابلة للتطوير والتغيير ، إن إحدى الطرق المتبعة لمعرفة الغاية أو الهدف الجوهري لمؤسستك أو عملك هي وصف عملك ثم السؤال بعد ذلك بكلمة لماذا ، ثم السؤال أيضاً بعد الإجابة وتكرار ذلك خمس مرات .

فمثلاً يُمكن أن تقول : نحن في الشركة عملنا خدمة العملاء في مجال نظافة منازلهم لماذا ؟ للمساهمة في الصحة العامة . لماذا ؟ لزيادة الرقي الحضاري للأمة . لماذا ؟ لزيادة قوتها وفاعليتها في الحياة . لماذا ؟ لإسعاد البشرية . لماذا ؟ لننال رضوان الله .

إذاً يُمكنك أن تقول : الهدف الجوهري لنا هو أن ننال رضوان الله من خلال الأعمال المشار إليها في الإجابات السابقة ، أو يُمكن أن تقول : مؤسستنا تقوم بأعمال التدريب والتأهيل في مجال الحاسوب ( الكمبيوتر ) لماذا ؟ لإعداد أفراد المجتمع للاستفادة من منتجات المدينة المعاصرة . لماذا ؟ لنساهم في زيادة قوة الأمة . لماذا ؟ لئلا يهيمن عليها أعداؤها . لماذا ؟ في زيادة قوة الأمة . لماذا ؟ لئلا يهيمن عليها أعداؤها . لماذا ؟ لنعيش أحراراً . لماذا ؟ لنحصل على السعادة . إذاً يُمكن أن يكون الهدف الجوهري للمؤسسة هو البحث عن السعادة للناس.

وعلى هذا فأنت ترى أن زيادة المال لا يصلح أن يكون هدفاً جوهرياً دائماً ؛ لأن حقيقة المال أنه وسيلة لا غاية ، وعندما تكون الغاية سليمة وصحيحة فقد تكسب المال وقد تنفقه في سبيل الوصول لهذه الغاية .

والغاية الثابتة الجوهرية هي مصدر الإلهام والإرشاد للعاملين وليست علامة تميز للمؤسسة ، فقد يشاركك في الهدف النهائي الكثير من المؤسسات ولكن بوسائل أخرى ، وإنما يكون التميُّز في الصدق والتضحية في سبيل تحقيق الهدف الجوهري الثابت .

ومن فوائد تحديد الهدف الثابت للمؤسسة بوضوح أنها تجذب للعمل في المؤسسة من تتطابق قيمهم وتطلعاتهم الشخصية مع هذا الهدف الثابت الجوهري وتضطر من تختلف قيمهم وأهدافهم الشخصية مع أهداف المؤسسة إلى تركها والبحث عن غيرها .

الأهداف والغايات المرحلية :

انطلاقاً نحو الهدف الثابت تحدد المؤسسة لها أهداف مرحلية ثم ترتبها تصاعدياً ثم تبدأ بالهدف الأول فتصفه وصفاً دقيقاً ملتزماً بالضوابط المذكورة في أول مبحث في هذا الكتاب وتحدد له الإمكانات المطلوبة والفترة الزمنية المناسبة ، ومن ثمَّ ينطلق الفريق العامل نحو خط النهاية المحدد كهدف مرحلي ثم ينتقل منه إلى هدف آخر وهكذا .

وينبغي أن يكون الهدف جزئياً وواقعياً في نفس الوقت والشركات العالمية الكبرى تجعل لها فيما بين كلٍ عشر سنوات وثلاثين سنة هدفاً واحداً كبيراً وصعباً وجريئاً ثم تنطلق من خلاله لتحقيق هدفها الثابت المركزي ثم تنتقل لهدف مرحلي آخر وهكذا ، من خلال التفريق بين الثابت والمتغير في عملك يتحقق التطوير ويُمكنك النفاذ برؤيتك للمستقبل البعيد نسبياً والتعامل معه في خططك وكأنه حاضر قائم .

إن من أخطر ما يتعرض له المخططون هو خلطهم بين الثابت والمتغير في عمل مؤسساتهم فإما أن يتنازلوا عن الأهداف الثابتة الدائمة ويجعلوها عرضة للتغيير ، فتفقد مؤسستهم مبرر وجودها وعامل استمرارها ، وإمَّا أن يعطوا الأهداف المتغيرة المرحلية صفة الثبات والاستمرار فتصاب مؤسستهم بالجمود فالذبول ومن ثم الزوال .

وقد يكون الخطر في أنهم بعد الفراغ من تحقيق هدف مرحلي والنجاح في ذلك، يعجزون عن إيجاد أهداف أخرى ويتوقفون يتلفتون في أماكنهم ، ويجترون حكايات النجاح السابق .

وقد يكون تحديد الهدف المرحلي الجزئي ناجحاً ولكن مدى الالتزام بالسعي لتحقيقه فيكون الإخفاق .

احذر أن تصل مؤسستك إلى قمة من قمم النجاح وأنت لم تحدد بعد القمة الأخرى التي ستواصل التسلق نحوها ، ولتعلم أن الرؤية المستقبلية أهم شروط نجاحها والوصول إليها هو العقول المبدعة والمنفذون المتحمسون والتنظيم الفائق ، وكلما توفر ذلك فستؤمن مسيرتك لمدة عقد من الزمن على الأقل .

وقفة الوداع

وبعد أيها القارئ الكريم فقد محضتك النصح وبذلت لك الجهد فما لقيت من صواب فالفضل فيه لله وحده وما لقيت من خطأ فأستغفرُ الله منه وإليك إصلاحه والمأمول منك ستره ولا تبخل على من نصح وبذل بدعوة بظهر الغيب ولك مثل ذلك .

وإني لأرجو أن تكون مع فراغك من قراءة هذه السطور قد اكتسبت القدرة على إجادة صنع الأهداف وحاولت تنظيم حياتك بالتخطيط لأمورك والاستغلال الأمثل لوقتك فاستطعت السيطرة على ذاتك وإدارة بثقة ونجاح متجاوزاً ما يثيره النقاد حولك مركزاً لذهنك وفكرك مع الحرص على التوازن في حياتك والقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة والتنمية لمواهبك الفكرية بالقراءة الناجحة المفيدة على أن تكون غير مهمل لصحتك وقادراً على التواصل مع الآخرين والتأثير فيهم وبناء العلاقات معهم بعد المعرفة بأصنافهم وصفاتهم .

ولعل ذلك يقودك إلى النجاح في عملك بعد استكمالك لشروطه وحسن إدارتك له وتفوقك في التعامل مع قضايا التفويض والاجتماعات والتعامل مع المشاكسين من زملاء العمل ليؤدي كل ذلك لرفع إنتاجك وقدرتك على التفاوض مع غيرك وبناء الرؤية المستقبلية لعملك .

فإن تحقق لك هذا أو بعضه فهو ما تأمل النفس وترجو أن يكون وإن لم تصل إلى شيء من ذلك فحاول مرة أخرى ولعل وعسى .

وتولاك الله برعايته وأسبغ عليك نعمة وغفر لنا ولك واللهم لك الحمد وعليك الثناء في الانتهاء كما كان ذلك في الابتداء لا تزال به اللسان صادحة والأقلام صارخة والحمد نعمة منك مستفادة لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك .

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بالفيديو| خالتي تصفية والدير.. جديد “تعاشب شاي”

بث الإعلامى أحمد بحيري حلقة أخرى من حلقات برنامجه “تعاشب شاي” على موقع يوتيوب، اليوم ...