السيسي تنازل لإثيوبيا مائيا مرتين عقب زيارة نتنياهو لإفريقيا

The Blue Nile river flows near the site of the planned Grand Ethiopian Renaissance Dam near Assosa in the Benishangul-Gumuz region of Ethiopia, near Sudan, some 800 kilometers (500 miles) from the capital Addis Ababa. Despite the concerns of Nile-dependent Egypt, Ethiopia - whose economy suffers frequent power failures - has vowed to proceed with the dam which will have the capacity to produce 6,000 megawatts of electricity and become the biggest hydro-electric power station in Africa. .(AP Photo/Elias Asmare)

 

قدمت مصر تنازلين جديدين لإثيوبيا في مفاوضاتها حول سد النهضة المثير للجدل، بشأن المكتب الاستشاري المشرف علي تقييم أضرار السد.

أولهما يتعلق بقبول مكتب تقييم فرنسي فقط لسد النهضة لا اثنين، على الرغم من أن الفرنسي منحاز لإثيوبيا، والثاني يتعلق بالعودة إلى اجتماعات مبادرة حوض النيل التي أقرت تجاهل حقوق مصر المائية، رغم قرار مصر سابق بمقاطعة هذه الاجتماعات.

وعلى حين لا تزال القاهرة تناقش مع إثيوبيا والسودان إجراءات تكليف مكتب استشاري لتقييم أضرار السد، وتنطلق فيه الدعوات الرسمية بالقاهرة محذرة السكان من نقص المياه ومطالبة بترشيد الاستهلاك، تستعد إثيوبيا لافتتاح السد بعد الانتهاء من 75% منه، وبدء إدخال المياه له بما سيؤثر علي حصة مصر من منابع النيل.

ووفق بيان الرئاسة المصرية مساء أمس: “اتفق الجانبان على مواصلة خطوات وضع تصور للهيكل المقترح للجنة الثلاثية العليا التي تجمع البلدين مع السودان تنفيذاً لتكليفات القمة الثلاثية الثانية التي عُقدت في شرم الشيخ يوم 20 فبراير (شباط) 2016.

وفي تصريحات صحفية نقلتها صحيفة “المصري اليوم”، الأسبوع الماضي، قال محمد عبدالعاطي، وزير الموارد المائية والري: إن مصر وإثيوبيا والسودان بصدد التوقيع خلال أيام على العقود الفنية بين الدول الثلاث وبين المكتب الاستشاري الذي سيجرى دراسات سد النهضة الإثيوبي الهيدروليكية والاقتصادية والبيئية، مكتب “بي آر إل” الفرنسي.

وذلك “طبقًا لخارطة الطريق التي اتفقت عليها مصر والسودان وإثيوبيا خلال جولات المفاوضات الماضية”، موضحًا أن الدول الثلاث توافقت على العرض الفني الذي قدمه المكتب الاستشاري، الذي سيبدأ في تنفيذ الدراسات الفنية بعد الانتهاء من التوقيع. ما يعد تحولًا كبيرًا ومفاجئًا للموقف المصري الرافض لقيام المكتب الفرنسي بإجراء الدراسات الفنية منفردًا.

في أواخر ديسمبر الماضي، اتفقت مصر وإثيوبيا والسودان على قيام مكتبين استشاريين بتنفيذ الدراسات الفنية المتعلقة ببناء السد اﻹثيوبي، فيما عرف باسم “وثيقة الخرطوم”، وهم ما استغرق عددا من الجولات الشاقة من المفاوضات أجرتها لجنة سداسية من وزراء الخارجية والموارد المائية من الدول الثلاثة.

وتمسكت مصر طوال هذه المفاوضات بشرط أساسي هو “أن يقوم مكتب استشاري آخر بمشاركة المكتب الفرنسي في تنفيذ الدراسات الفنية المطلوبة بسبب احتمالية تحيز المكتب الفرنسي للجانب اﻹثيوبي، حيث ترتبط بأعمال أخرى مع الحكومة اﻹثيوبية، بعدما انسحب مكتب هولندي من المشاركة في المهمة منتصف سبتمبر الماضي، رافضًا السماح للمكتب الفرنسي بتنفيذ هذه الدراسات منفردًا.

وفي 29 ديسمبر الماضي، أعلنت اللجنة السداسية عن اتفاقها، الذي تضمن التأكيد على إعلان المبادئ الموقع من رؤساء الدول الثلاث في مارس 2015 بالخرطوم.

ونصت الوثيقة على قيام شركة “أرتيليا” الفرنسية بتنفيذ الدراسات الفنية مع شركة “بي آر إل” لتنفيذ الدراسات الفنية لسد النهضة الإثيوبى، والتزام إثيوبيا الكامل بما تضمنه البند الخامس من إعلان المبادئ، الذي يشترط الاتفاق على قواعد الملء الأول والتشغيل للسد.

قبول بالأمر الواقع
ويقول خبراء مياه، أن موقف مصر الضعيف افريقيا، وأمام اثيوبيا، دفعها لتغيير موقفها في الاتفاق بشأن المكتب الفني، والقبول بسياسة الأمر الواقع التي تصر إثيوبيا على فرضها منذ بدء المفاوضات، مشيرين لبدء مصر سياسة لترشيد المياه، والحديث عن بناء محطات لتحليه مياه البحر، كأمر واقع.

وكانت مصر قدمت تناولا اخرا بشأن فتحات السد الاثيوبي، حيث وثيقة الخرطوم تضمنت أيضا تشكيل لجنة فنية لبحث إمكانية زيادة عدد الفتحات الإضافية للسد، والتي طلبتها مصر، ولكن لم تمر أيام قليلة على توقيع الوثيقة حتى أعلنت إثيوبيا عن رفضها المقترح المصري بزيادة عدد الفتحات الموجودة في السد دون انتظار لنتائج عمل اللجنة التي تشكلت بموجب الوثيقة، ودون رد فعل مصري واضح.

وضمن سياسات الأمر والواقع استمر وزراء إثيوبيا في إطلاق التصريحات التي تتجاهل حقوق مصر المائية وتجاهل اعتراضها على بدء مل السد بالمياه أو الانتظار لحين اكتمال الدارسات الفنية لتشغيله.

ففي حوار صحفي أجراه مع صحيفة الشرق اﻷوسط السعودية أواخر مايو الماضي، قال وزير اﻹعلام والاتصالات اﻹثيوبي، غيتاشو رضا، إن بلاده “لم تعد بوقف عمليات بناء السد حتى اكتمال الدراسات الفنية، مستبقا نتائج الدراسات.

واعترف الوزير الإثيوبي أن “إثيوبيا انتهت من 70% من أعمال السد”، وتابع: “إذا كان هناك من يرى بعد إعداد الدراسات بأنه سيتضرر، فهذه ليست مشكلتنا في إثيوبيا”.

جولة نتنياهو تثير الشكوك
وجاء استقبال افريقيا ودول حوض النيل لرئيس الوزراء الاسرائيلي بحفاوة مقابل عدم استقبال أي مسئول رواندي للرئيس المصري السيسي خلال حضوره القمة الافريقية الحالية، ليثير التساؤلات مرة أخري حول دور تل ابيب في حصار مصر مائيا من افريقيا ونفوذها مقابل تأكل الدور المصري.
وزار رئيس الوزراء اﻹسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عدد من دول حوض النيل هي إثيوبيا وكينيا وأوغندا ورواندا اﻷسبوع الماضي، وعقد قمة جمعته مع 7 من زعماء الدول اﻷفريقية في مقر الاتحاد الأفريقي بالعاصمة اﻹثيوبية أديس أبابا، على الرغم من تحفظ المجموعة العربية داخل الاتحاد على استقباله في مقرها.

وأثيرت تكهنات حول عقد اتفاقات للطاقة والكهرباء والتمويل بين اسرائيل واثيوبيا، وألمحت صحف اسرائيلية بالمقابل، لأن القاهرة ربما تحاول توسيط نتنياهو مع اثيوبيا لحل مشكلة أزمة سد النهضة.

وقال نواب وخبراء مصريون إن الهدف الأول من زيارة إسرائيل وتوجهها صوب إفريقيا هو مياه نهر النيل، واعتبر الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في تصريحات صحفية أن زيارة نتنياهو تحمل دلالات قوية بسبب تزامنها مع موعد الانتهاء من بناء السد اﻹثيوبي.

تنازل أخر لمبادرة حوض النيل
تنازل اخر قامت به مصر في ملف المياه اثار تساؤلات، فبعد مقاطعة دامت ما يقرب من 6 سنوات، شاركت مصر مُمثلة في وزير الموارد المائية والري، محمد عبد العاطي، في الاجتماع الوزاري الـ 24 لوزراء المياه لدول مبادرة حوض النيل في العاصمة الأوغندية، كمبالا يوليه الجاري.

وكان الرئيس اﻷسبق حسني مبارك قد اتخذ قرارًا في 2010 بتعليق أنشطة مصر في المبادرة بعد قيام 6 دول بالتوقيع على اتفاقية إطارية جديدة لتقاسم المياه بينها دون موافقة مصر، وهي الاتفاقية التي سمحت لأثيوبيا لاحقا ببنا سد النهضة.

وهذه الاتفاقية الإطارية لا تضمن حقوق مصر المائية بينما اتفاقية تقاسم مياه النيل عام 1929، ثم الاتفاقية الثنائية بين مصر والسودان عام 1959، تحفظان لمصر النصيب اﻷكبر من مياه النهر.

فوفقًا لاتفاقية 1929، تحصل مصر على حصة 48 مليار متر مكعب، بنسبة 57% من مجموع مياه النيل، وتم توقيعها بين مصر وبريطانيا نيابة عن 3 من دول حوض النيل هي: أوغندا وتنزانيا وكينيا، وقت خضوعها إلى جانب مصر للاستعمار البريطاني. وتعطي الاتفاقية مصر حق الاعتراض (فيتو) على المشاريع التي تقام على النهر، وتسمح لمصر بعقد اتفاقيات ثنائية مع السودان فيما يتعلق بترتيبات الاستفادة المشتركة من مياه النيل.

أيضا اتفاقية 1959، التي عقدتها مصر مع السودان لتحتفظ بنسبتها، وتوزيع الفائدة المائية الناتجة من السد العالي على الدولتين، فرفعت نصيب مصر إلى 55.5 مليار متر مكعب بنسبة 66% من المياه.

وبعد استقلال دول حوض النيل (مصر والسودان وأوغندا وإثيوبيا والكونغو الديموقراطية وبوروندي وتنزانيا ورواندا وكينيا، وإريتريا لاحقًا) عن الاستعمار، طالبت بعض الحكومات بتعديل اتفاقيات تقاسم مياه النيل، بهدف السماح لهم بإقامة مشاريع على مجرى النهر دون تعقيدات الرجوع للحكومة المصرية من أجل التفاوض والتنسيق معها.

وقد اتفقت دول حوض النيل في فبراير 1999 على توقيع عشر دول على مبادرة حوض النيل، وأن تعمل المبادرة بشكل انتقالي مؤقت إلى أن تنتهي الدول اﻷعضاء من التوقيع على اتفاقية إطارية جديدة للتعاون تحدد بشكل دائم حصص اقتسام مياه النيل وإنشاء مفوضية تتولى آليات تطوير مشاريع تنموية على النهر.

وبعد أكثر من عقد، فشلت دول حوض النيل في عقد الاتفاقية الإطارية، وفي مقر سكرتارية المبادرة في “عنتيبي” بأوغندا، في مايو 2010، قررت أربع دول، إثيوبيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا، توقيع مقترح باتفاقية إطارية لتقاسم المياه، على أمل إقناع دول أخرى بالموافقة وتحقيق أغلبية داخل مبادرة حوض النيل تسمح بإقرار الاتفاقية بشكل نهائي. وبعد يومين، وقّعت كينيا على المقترح، لتصبح دول مبادرة حوض النيل العشر في انتظار انضمام دولة أخرى للاتفاقية لتحقيق الأغلبية بستة أعضاء.

وقد استنكرت مصر وقتها موقف الدول الموقعة، ورفضت مراجعة اتفاقيات نهر النيل، وأعلنت تجميد أنشطتها بالمبادرة، مؤكدة عدم التنازل عن حصتها التاريخية من مياه النيل، ولكن بالرغم من الرفض القاطع للاتفاقية، بدأت مصر في هذه الفترة الانتباه للمخاطر المحتملة التي يواجهها أمنها المائي بعد توقيع اتفاقية عنتيبي.

وفي مارس 2011، أعلنت بوروندي توقيعها على مقترح الاتفاقية الإطارية كسادس اﻷعضاء، وهو ما حقق اﻷغلبية (10 دول)، ولم يعد أمام الاتفاقية سوى أن يتم إقرارها من قبل برلمانات الدول الموقعة حتى تدخل حيز التنفيذ قبل أن يتم تفعيلها بغض النظر عن موافقة مصر.

وقامت 3 دول فقط منها بالتصديق على الاتفاقية في برلماناتها حتى اﻵن هي إثيوبيا وتنزانيا ورواندا.

وبعد شهر واحد من انضمام بوروندي، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل، ميليس زيناوي، عن نية بلاده الشروع في بدء تنفيذ سد النهضة اإثيوبيي الكبير.

واستمرت مصر على موقفها الرافض لاتفاقية عنتيبي، ومقاطعة اجتماعات المبادرة، لكن الموقف المصري لم يغير من حقائق اﻷرض شيئًا، استمرت إثيوبيا في بناء السد، وأعلنت منذ شهور قليلة عن اكتمال ما يقرب من 70% من عمليات البناء، وأعلنت دول أخرى عن نياتها البدء في مشروعات جديدة على مياه النهر، كان آخرها مشروع سد الكونغو، والذي يفترض أن يكون ثاني أكبر سدود العالم في مجال توليد الكهرباء.

وتأتي مشاركة مصر في اجتماعات مبادرة حوض النيل، وإنهاءها لمقاطعتها، كخطوة إضافية على طريق هذا التنازل والقبول بالأمر الواقع في الملف المائي.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...