رسالة من القائم بأعمال المرشد إلى الإخوان المسلمين

05_07_16_10_51_ew

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى إخواني وأخواتي..

– إلى الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح..
– إلى رئيسنا ومن معه من الذين صمدوا وصمدت الأمة بصمودهم, وعزَّت الثورة بهم, وصاروا قدوةً للعالمين..
– إلى الذين رابطوا في الشوارع، وعمروا المساجد، وأغاظوا الظالمين، وانطلقوا من بعد ذلك للعمل ونصرة دعوتهم..
– إلى الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق، وواصلوا عطاءهم لدينهم ووطنهم ودعوتهم..
– إلى الذين حبَّب الله إليهم الإيمان وزيَّنه في قلوبهم وكرَّه الله إليهم الكفر والفسوق والعصيان..
– إلى الذين صرف الله عن قلوبهم الشحناء والبغضاء وسوء الظن..
– إلى هذه القلوب التي لم تجتمع إلا على محبة ربها ولم تلتقِ إلا على طاعته..
– إلى الذين صاموا وقاموا إيمانًا واحتسابًا، واجتنبوا الزور وأهله.

هذه رسالتي إليكم جميعًا.. نذكر فيها نعمة الله التي لا نحصيها عدًّا، ولا ندرك لها قدرًا، وأجلُّ هذه النعم نعمة الإيمان، ثم نعمة الأخوَّة في الله؛ فهما نعمتان لا تنالان بمجهود ولا تشتريان بمال، ومِن شُكرنا لنعمة الله علينا أن نُسعد الناسَ بما أسعدَنا الله به؛ فنصلهم بربهم، فيحبنا ويحبهم، ونجاهد جميعًا في سبيله لا نخاف فيه لومة لائم، فلا جهاد بغير تضحية، ولا تضحية بغير إيمان وصبر.

وفي استقبال رمضان تواصينا على عمارة المساجد، والاجتماع على الطاعة، واجتناب الزور وأهله, واحتمال الأذى.

واليوم- ونحن نودع شهر القرآن شهر الفرقان- نقول:

– إلى الذين شدوا المئزر, وأيقظوا أهلهم، وجادوا بالخير، واعتزلوا الزور وأهله.. قد وفقكم الله لتكملوا العدة، ولتكبّروا الله على ما هداكم، وهذه هي الساعات الأخيرة، وإنما الأعمال بالخواتيم؛ فاجتهدوا واستكملوا ما أنتم عليه من الخير, وادعوا غيركم، واصبروا على من يسيء إليكم، واصدعوا بالحق الذي هداكم الله إليه, فإن تثبيت الله لكم وقبوله لأعمالكم مرهونٌ باعترافكم بفضله (بل الله يمنُّ عليكم أنْ هداكم للإيمان إن كنتم صادقين) (الحجرات: 17)، ومرهون بإشفاقكم من خشيته تبارك وتعالى (إنَّ الذين هم من خشية ربهم مشفقون* والذين هم بآيات ربهم يؤمنون* والذين هم بربهم لا يشركون* والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون) (المؤمنون- 57: 60).
فسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض, فإنه “لن ينجي أحدًا منكم عملُه”، قال رجل: ولا إياك يا رسول الله؟ قال: ولا إياي، إلا أن يتغمدني الله منه برحمة، ولكن سددوا”، وأبشركم بقول ربكم في الحديث القدسي: “ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه؛ فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه”.

ثم نبشر الذين صاموا إيمانًا واحتسابًا, ورتلوا ما تيسر من القرآن الكريم.. يقول ربنا: “ما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه”، فالصيام والقرآن يشفعان لكم عند ربكم، وينافحان عنكم بين يدي ربكم، يقول الصيام: منعته طعامه وشرابه وشهوته بالنهار، ويقول القرآن: منعته نومه وراحته بالليل, ويقول الحق تبارك وتعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، وأبشرهم بأن في الجنة بابًا يسمى باب “الريان” لا يدخل منه إلا الصائمون، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد بعدهم، فأخلِصوا النية فإنما الأعمال بالنيات، وإن لله عتقاء من النار في كل ليلة؛ فاحرصوا على أن تكونوا منهم ولا يمضي رمضان إلا وقد أعتق الله رقاب الصائمين جميعًا.

ثم أقول للذين خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا, والذين أسرفوا على أنفسهم, فلم يدَعوا قول الزور أو العمل به: لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا، وما زال المنادي ينادي فيما بقي من رمضان: “يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر”، وما زال الله قريبًا مجيبًا: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) (البقرة: 186).

وكما استقبلنا رمضان بفرحة نودعه بفرحة؛ فإن المؤمن لا يفرح إلا بفضل الله (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) (يونس: 58).. نفرح بإتمام العدة، ونكبّر الله على ما هدانا؛ فلا سعادة للبشرية جميعًا إلا بإقامة العدل وإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة؛ فما تعانيه البشرية من الفساد في البر والبحر إنما هو بما كسبت أيدي الناس، ولا أمل للبشرية إلا في فئة مؤمنة، هم ظاهرون على الحق لا يضرهم من خالفهم، ولا من ناوأهم حتى يأتي أمر الله.. هذه الفئة التي تجمع الأمة الإسلامية، وتوحّد صفها، وتمضي معها لأداء رسالتها وإسعاد البشرية جميعًا، وكما يقول الإمام البنا للإخوان: “فهذه منزلتكم، وتلك طبيعة دعوتكم، فلا تصغروا في أنفسكم فتقيسوا أنفسكم بغيركم، أو تسلكوا في دعوتكم سبيلاً غير سبيل المؤمنين، أو توازنوا بين دعوتكم التي تتخذ نورها من نور الله ومنهاجها من سنة رسول الله بغيرها من الدعوات التي تخلقها الضرورات وتذهب بها الحوادث والأيام”.
تقبل الله منا ومنكم، وأعاد الله هذه الأيام على الأمة وقد ارتفعت رايتها، وانتصرت ثورتها، واستعادت حقوقها وحريتها.

القائم بأعمال فضيلة المرشد

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

إدارة الأزمات في عهد سيدنا عمر بن الخطاب “عام الرمادة”

د. علي الصلابيمؤرخ وفقيه ومفكر سياسي تعرَّضت الدَّولة الإِسلاميَّة في عهد عمر رضي الله عنه ...